كهرباءتقارير الكهرباءرئيسية

أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا تطيح بالرئيس رقم 13 لشركة إسكوم المأزومة (تقرير)

الرئيس المستقيل يتهم السياسيين

عمرو عز الدين

أطاحت أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا بالرئيس التنفيذي رقم 13 لشركة إسكوم هولدنغ الحكومية، وسط اتهامات سياسية لوزراء في الحكومة بممارسة ضغوط من أجل إقالته أو استقالته.

وأعلن الرئيس التنفيذي لشركة إسكوم هولدنغ أندريه دي رويتر، استقالته من رئاسة أكبر شركة حكومية لإنتاج الكهرباء وتوزيعها في البلاد.

وألقى دي رويتر باللوم على ما سماه "قلة الدعم السياسي" لجهوده في إدارة شركة مأزومة منذ سنوات طويلة، وفقًا لتصريحات نقلتها وكالة رويترز.

وقال رويتر، إن قلة الدعم السياسي من قبل الحكومة والمعارضة تسببت في إضعاف موقفه في مواجهة تفاقم أسوأ أزمة كهرباء تمر بها جنوب أفريقيا منذ 15 عامًا متواصلة من الأزمات.

وأضاف في مؤتمر صحفي: "يعتمد موقعي على دعم الاقتصاد السياسي الأوسع للبلاد، واستنادًا إلى التقارير الإعلامية الأخيرة، فأنا في موقع لا يمكن الدفاع عنه، لذا قررت التراجع".

اتهامات دون إسهاب

لم يسهب دي رويتر في نقد من سماهم "السياسيين" أو تحديد أشخاصهم، كما لم يوضح أوجه خذلانهم له في أثناء أداء خدمته الممتدة 3 سنوات تقريبًا التي تُعد من أكبر المدد التي حظي بها رئيس تنفيذي لهذه الشركة على مدار 10 أعوام دأبت فيها على تغيير الرؤساء التنفيذيين تحت ضغط مسلسل الأزمات المتفاقمة.

كذلك لم يحدد التقارير الإعلامية التي حظيت بإشاراته ولومه في المؤتمر الصحفي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وكان وزير الموارد المعدنية والطاقة في جنوب أفريقيا قد شن هجومًا على رئيس إسكوم الأسبوع الماضي، لرفض الشركة خطة قطع التيار الكهربائي في مواجهة الأزمة المتفاقمة في جنوب أفريقيا.

وقال الوزير جويدي مانتاشي، إن موقف إسكوم الرافض للخطة المقدمة يمثّل تحريضًا على الإطاحة بالحكومة.

وفسّر البعض استقالة رئيس إسكوم بعد هذا التصريح من زاوية سياسية، بوصفها عملية تضحية بمسؤول أقل، مقابل الحفاظ على مسؤولين أكبر في أعلى هرم السلطة في البلاد.

يتصرف بصفته ضابط شرطة

أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا
وزير الموارد المعدنية والطاقة جويدي مانتاشي - الصورة من موقع نيوز 24

كان الوزير نفسه قد صرّح لموقع نيوز 24 المحلي في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بأن تصرفات رئيس إسكوم تشبه تصرفات شرطي، وليس رئيسًا تنفيذيًا لشركة كهرباء.

وقصد الوزير بهذا التصريح التهكم على تركيز رئيس إسكوم على ظاهرة الاحتيال وسرقة الكهرباء بوصفها من أبرز أسباب تفاقم مشكلة الانقطاعات المتكررة للكهرباء في جنوب أفريقيا.

كما طالب الوزير رئيس إسكوم بالاستقالة، واتهمه بقلة خبرته الفنية وافتقاره إلى المهارات التقنية اللازمة لمعالجة مشكلة الأحمال الزائدة في أكبر شركة حكومية مسؤولة عن توفير الكهرباء في البلاد.

خذلان وزير المشروعات العامة

التزم وزير المشروعات العامة الصمت إزاء هذا الهجوم الذي يشنه زميله في الحكومة ضد رئيس إسكوم رغم دفاعه عنه في السابق، ما أسهم في إضعاف القبول السياسي لدى رويتر ووضعه في موقف حرج، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

واتسمت علاقة الوزير برئيس إسكوم بالتوتر منذ العام الماضي على الأقل، إذ نشب بينهما خلاف حول خطة انتقال جنوب أفريقيا بعيدًا عن الفحم إلى مصادر الطاقة المتجددة.

وكان وزير الطاقة يشغل في السابق رئاسة اتحاد تعدين الفحم، ولم تكن آراؤه في انتقال الطاقة على وفاق مع رئيس إسكوم وبعض وزراء الحكومة المتبنين للاتجاه نفسه.

ووصف مانتاشي تحمُّس رئيس شركة إسكوم هولدنغ لإغلاق محطات الفحم والتحول إلى الطاقة المتجددة بالانتحار الاقتصادي.

وفي المقابل حذّر دي رويتر من دخول جنوب أفريقيا في عزلة، إذا ظلت متعلقة بالفحم بصورة رئيسة لتوليد الكهرباء.

وخطّطت إسكوم هولدنغ -تحت إدارة دي رويتر- لإغلاق 47% من محطات الفحم في جنوب أفريقيا بحلول عام 2030، وتوفير ما يعادل إنتاجها عبر الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وارتفعت الأصوات المطالبة باستقالة دي رويتر منذ دخول المرحلة السادسة من تخلص الأحمال حيز التنفيذ منذ أسبوعين، وفقًا لما رصدته صحيفة صنداي تايمز.

وأعلن رئيس مجلس إدارة إسكوم، مفو ماكوانا، قبول استقالة دي رويتر في 12 ديسمبر/كانون الأول، في إشارة إلى أن الاستقالة مقدمة منذ أيام قبل إعلانها في وسائل الإعلام.

من جانبه، قال دي رويترز، إنه سيظل في منصبه حتى 31 مارس/آذار 2023، لحين تسليم الرئاسة التنفيذية إلى آخر بصورة آمنة، مشيرًا إلى أنه لم يتلقَ عروض عمل في المستقبل القريب.

البحث عن رئيس

لا تخطط شركة إسكوم لجعل رئيس مجلس الإدارة الحالي مفو ماكوانا رئيسًا تنفيذيًا مؤقتًا، وإنما ستبحث عن شخص مؤهل لتولي المنصب في أقرب وقت، وفقًا لتصريحات نقلها موقع بيزنس تك المحلي في جنوب أفريقيا (businesstech).

ووصفت حركة عمالية مستقلة في جنوب أفريقيا، تُدعى "يونيون سولادرتي"، استقالة دي رويتر بأنها ستُسهم في تعميق أزمة إسكوم في الوقت الذي يبحث فيه الجميع عن حلول لتخفيفها.

وقالت الحركة، في بيان تعليًقًا على الاستقالة، إن أزمة الشركة الحكومية للكهرباء ليست في الإدارة التشغيلية أو الرئيس التنفيذي وإنما في الإدارة السياسية للحكومة.

وأضافت: "أفضل شخص في البلاد لا يمكنه منح هذا المنصب المزيد في ظل الحالة السياسية الراهنة، ما يجعل مهمة أي شخص مهما كانت عبقريته مستحيلة.. لقد بحثوا عن كبش فداء لإخفاء فشلهم ومارسوا ضغوطًا لا تُصدّق على دي رويتر.. لقد ضحى به السياسيون من أجل استمرار سياستهم".

وفي الاتجاه نفسه، أعلن حزب التحالف الديمقراطي المعارض تضامنه مع دي رويتر، واصفًا إقالته بـ"المذبحة"، متهمًا وزير الطاقة مانتاشي بالوقوف وراء حملة إقالته، وفقًا لموقع بيزنس تك.

أزمة إسكوم منذ 15 عامًا

الكهرباء في جنوب أفريقيا
أبراج كهرباء - الصورة من موقع شركة إسكوم

تواجه شركة إسكوم -أكبر منتج للكهرباء في جنوب أفريقيا- أزمة متصاعدة في توليد الكهرباء اللازمة لاحتياجات السكان والصناعة في البلاد منذ عام 2007، ما أدى إلى الإطاحة بـ13 رئيسًا تنفيذيًا، لم يستقر أكثرهم صبرًا أكثر من عامين، وفقًا لموقع بلومبرغ.

ويعمل في الشركة الحكومية للكهرباء أكثر من 42 ألف عامل وموظف وفني، وهي تعاني أزمات ديون متراكمة إلى جانب ضعف قدرتها المالية على تغطية تكاليف تشغيلها رغم استحواذها على 90% من إنتاج الكهرباء في البلاد.

واشتعلت أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا منذ العام الماضي، وبلغت ذروتها خلال الأشهر الماضية وما زالت مستمرة حتى ديسمبر/كانون الأول 2022.

وتشكو الشركة تفاقم الأعطال في محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم بسبب تقادمها وافتقارها إلى الصيانة والتحديث، ما أدى إلى تكرار انقطاع التيار في أغلب عموم البلاد.

وانقطع التيار الكهربائي في جنوب أفريقيا أكثر من 100 يوم منذ يناير/كانون الثاني 2022، وحتى سبتمبر/أيلول الماضي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ودفعت هذه الأزمة عدّة مدن رئيسة في جنوب أفريقيا -مثل "كيب تاون" و"جوهانسبرغ"- إلى طرح عطاءات مستقلة للحصول على إمدادات خاصة من الكهرباء بعيدًا عن الشركة الحكومية المأزومة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق