تراجع إمدادات الغاز الإيراني يزيد معاناة العراق وتركيا
ويرفع استهلاك الوقود محليًا لمستويات قياسية في طهران
الطاقة
تصاعدت أزمة الغاز الإيراني، خلال الأيام الأخيرة، مع تزايد الاستهلاك المحلي، وهو ما وضع الدول المستوردة، وفي مقدمتها العراق وتركيا، في أزمة.
ودفع نقص إمدادات الغاز من إيران إلى تفاقم أزمة الكهرباء في العراق، وزيادة عدد ساعات انقطاع التيار، بالتزامن مع موجة البرد الشديدة التي تتعرض لها البلاد.
وحمّل المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد موسى، أزمة انحسار إمدادات الغاز الإيرانية المسؤولية عن تراجع ساعات التجهيز؛ الأمر الذي أدّى إلى توقف محطات توليد بكاملها.
تأتي أزمة الكهرباء في العراق بالتزامن مع تراجع إمدادات الغاز الإيراني كذلك إلى تركيا؛ إذ خفّضت طهران صادراتها من الغاز إلى أنقرة بنسبة 70%، نتيجة خطأ مع وصول الطلب إلى ذروته في فصل الشتاء.
صادرات الغاز الإيراني
تراجعت صادرات الغاز الإيراني إلى كل من العراق وتركيا بصورة كبيرة، خلال العام المالي الحالي؛ إذ انخفضت بنسبة 72%، خلال الأشهر الـ8 الأولى من العام الفارسي (بدأ في 21 مارس/آذار 2022)، مقارنة بالمدة نفسها من 2021.
يرجع السبب الرئيس وراء تراجع صادرات إيران من الغاز إلى زيادة الاستهلاك محليًا، وهو ما دفع وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، إلى وصف الزيادة السنوية في استعمال الغاز الطبيعي من قِبل الأسر والشركات في البلاد بأنها "غير مسبوقة".
وشهد الطلب على الغاز في إيران زيادة بمقدار 60 مليون متر مكعب يوميًا، على الرغم من أن إنتاج البلاد من الغاز لم يزِد سوى 25 مليون متر مكعب يوميًا في منتصف ديسمبر/كانون الأول، مقارنة بالعام الماضي.
ويُعَد الغاز الإيراني ثاني أكبر مورد للطاقة إلى تركيا بعد روسيا؛ إذ لامست شحنات الغاز القادمة من طهران إلى أنقرة حاجز الـ9.43 مليار متر مكعب في عام 2021، وفق بيانات صادرة عن هيئة تنظيم الطاقة التركية.
وجاءت انقطاعات إمدادات الغاز الإيراني إلى تركيا هذا العام، في المواعيد نفسها التي انقطعت فيها خلال يناير/كانون الثاني (2022)، عندما أقدمت طهران على قطع صادراتها من الغاز إلى تركيا لنحو أسبوعين بدعوى حدوث تسرب؛ ما أجبر تركيا على تقليص إمدادات الطاقة لقطاع الصناعة الحيوي لديها.
إمدادات الغاز إلى العراق
يعتمد قطاع الكهرباء في العراق على جزء كبير من احتياجاته على الغاز الإيراني لتوفير الوقود لمحطات التوليد؛ إذ تسبب انحسار الإمدادات، في أوقات كثيرة خلال العام الماضي، إلى تصاعد أزمة انقطاعات التيار.
وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد موسى، إن الخلافات السياسية جعلت ملف الكهرباء ككرة اللهب التي يريد كل طرف رميها على الآخر، في حين أنه ينبغي تأكيد أن المسؤولية تخص الجميع، بحسب ما ذكره موقع قناة الرافدين.
وأشار موسى إلى وضع خطط زمنية من أجل تعديل إخفاقات الكهرباء، مؤكدًا أن تأخر إقرار الموازنة زاد من أزمة الكهرباء التي يعيشها العراق.
وواجه العراق، خلال الأشهر الماضية، عدّة أزمات جراء تراجع إمدادات الغاز الإيراني مع خفض طهران عمليات الضخ بسبب وجود ديون على حكومة بغداد.
وأدى عدم دفع مستحقات الغاز الإيراني عن عام 2020 من قِبل العراق إلى تقليص حجم الواردات إلى 8.5 مليون متر مكعب يوميًا، من أصل 50 مليونًا خلال الشتاء، و70 مليون متر مكعب في الصيف، وهو ما أفقد منظومة الكهرباء نحو 7 آلاف و500 ميغاواط.
وعملت وزارة الكهرباء العراقية، خلال المدة الماضية، على تسوية الأزمة؛ وإعادة ضخ الغاز الإيراني، والذي صعد إلى نحو 20 مليون متر مكعب يوميًا، لكن تراجعت الإمدادات مرة أخرى مع تزايد الطلب محليًا في طهران.
حلول أزمة الكهرباء في العراق
أعلنت وزارة الكهرباء، اليوم الثلاثاء 10 يناير/كانون الثاني 2023، توجهها للربط مع 4 دول مجاورة، وحددت مسارات الربط، وكشفت عن وضع خطتين؛ إحداهما من 7 محاور استعدادًا للصيف المقبل.
وقال المتحدث باسم الوزارة، أحمد موسى، إن كل توجهات الوزارة نحو تنويع الطاقة عبر مشروعات الربط الكهربائي، مبينًا أن العمل جار مع الأردن لإنشاء خط يربط محطة القائم بمحطة ريشة داخل المملكة، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء العراقية.
وأضاف أنه جرى تحديد نقاط الربط مع السعودية ومسارات الخطوط؛ إذ حددت الآلية وكميات الطاقة التي ستدفع عبر الربط المشترك، مشيرًا إلى إنجاز اتفاقية الربط النهائية مع تركيا لدفع 300 ميغاواط الى المحافظات الشمالية، وأُنشِئت محطة تحويلية بطاقة 400 ميغاواط، إلا أن ارتفاع أسعار الطاقة في تركيا دفع العراق إلى التريث في تنفيذ الاتفاقية.
ولفت موسى إلى إنجاز جملة من مراحل الربط مع الخليج، موضحًا أن بلاده تناقش مع هيئة الربط الخليجي إنشاء خط يربط محطة الفاو التي أنجزت بمحطة الوفرة داخل الكويت.
وذكر أن المرحلة الأولى من الربط ستجهز 500 ميغاواط إلى محافظة البصرة.
وأكد موسى أن "هناك خطتين عُرِضَتا أمام مجلس الوزراء استعدادًا للصيف المقبل؛ الأولى تحقيق استقرارية الـ24 ألف ميغاواط"، موضحًا أن ذلك سيزيد ساعات تجهيز جديدة للمواطنين.
وأضاف أن الخطة الثانية هي المضي بمشروعات معجلة تتضمن فك الاختناقات وإنشاء الخطوط الناقلة وتهيئة المحطات التحويلية وتدعيم قطاع توزيع ونصب محطات ثابتة بمراكز الحمل، إضافة إلى استحداث المغذيات وتأهيل شبكات التوزيع.
زيادة استهلاك الوقود في إيران
لم تقف أزمة الغاز الإيراني عند تسببها في أزمات في كل من تركيا والعراق، بل ضاعفت الأزمة محليًا من خلال زيادة استهلاك الوقود.
وفي هذا الإطار، قال نائب وزير النفط والرئيس التنفيذي للشركة الوطنية لتكرير وتوزيع المنتجات النفطية الإيرانية، جليل سالاري، إن اختلال توازن الغاز في البلاد جعل استهلاك إيران يزيد بنحو ملياري لتر (12.579 مليون برميل) من الوقود السائل خلال الأشهر الـ9 الماضية.
وأضاف نائب وزير النفط الإيراني، خلال اجتماع مديري أمن الشركات التابعة للبلاد المنعقد في مصفاة بندر عباس: "تستحوذ هذه الأيام محطات الكهرباء والسيارات التي تعمل ضمن أراضي البلاد على حصة عالية من الوقود؛ إذ استحوذت محطات الكهرباء على نحو 30% من إجمالي الاستهلاك، وتستهلك السيارات أيضًا 16 لترًا من الوقود لكل 100 كيلومتر".
وأشار سالاري إلى أنه بعد انحسار جائحة كورونا زادت كمية استهلاك الوقود في البلاد ما نسبته 20%، أي 105 ملايين لتر من الاستهلاك يوميًا، ومن ناحية أخرى، أدى اختلال توازن الغاز في البلاد إلى جعل إيران تستهلك أكثر من ملياري لتر من الوقود السائل هذا العام (بدأ في 21 مارس/آذار 2022) أكثر من العام الماضي، بحسب ما ذكرته وكالة إيسنا الإيرانية.
كان وزير النفط الإيراني قد هدد مؤخرًا بفرض غرامات باهظة على ما يقرب من 30% من عملاء المنازل والشركات الذين وصفهم بأنهم مستهلكون كثيفون للغاز الطبيعي في إيران.
موضوعات متعلقة..
- صادرات الغاز الإيراني تضع تركيا في ورطة بعد تراجعها 70%
- انخفاض إيرادات صادرات الغاز الإيراني 2.6 مليار دولار في 8 أشهر
اقرأ أيضًا..
- أزمة الطاقة في أوروبا لم تخرج من دائرة الخطر.. و2023 عام الاختبار (تقرير)
- نتيجة صادمة لاستكشاف النفط بأحدث بئر في منطقة امتياز أبوسنان المصرية
- الغاز النرويجي يغزو أوروبا في 2023 رغم ثبات الإنتاج.. هل تواصل الجزائر المنافسة؟