الفحم الحراري الموزمبيقي يجذب الشركات الهندية وينافس المنتجين الكبار

محمد عبد السند

2022-12-22

0 1٬602

تتهافت الشركات الهندية على شراء الفحم الحراري الموزمبيقي، مفضّلة إياه على نظرائه من أسواق عالمية كبرى، بفضل جودة وتنافسية أسعار هذا الوقود الأحفوري المنتج في البلد الأفريقي.

وتتزايد معدلات الطلب على شراء الفحم الحراري الموزمبيقي من قِبل الشركات الهندية، بفضل أسعار السلعة التنافسية في البلد الواقع جنوب شرق أفريقيا، مقارنة بنظيرتيها في جنوب أفريقيا وأستراليا، حسبما صرحت مصادر مطلعة إلى موقع "إس أند بي جلوبال كوموديتي إنسايتس" S&P Global Commodity Insights.

وزاد حجم تجارة الفحم الحراري المتداولة بين موزمبيق والهند، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني (2022) وديسمبر/كانون الأول (2022)، عن نظيره الذي تستورده نيودلهي من جنوب أفريقيا، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

فقد بلغ حجم الفحم الحراري الذي استوردته الدولة الآسيوية من موزمبيق، في نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، ما يقرب من 600 ألف طن متري، بينما وصل حجم كمية الفحم الحراري التي تلقتها الهند من مابوتو منذ بداية العام الجاري (2022) حتى الآن إلى 3.7 مليون طن متري.

في المقابل بلغ حجم ما استوردته الهند من الفحم الحراري الجنوب أفريقي، في نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، 1.3 مليون طن متري، بحسب التقديرات الصادرة عن "إس أند بي جلوبال كوموديتي إنسايتس"، ونتائج مؤشرات مشابهة مستقاة من لاعبين في السوق.

وفي العام الماضي (2021) وحده، لامس حجم شحنات الفحم الحراري الآتية من موزمبيق إلى الهند 2.5 مليون طن متري.

تراجع التجارة بين الهند وروسيا

يأتي هذا الازدهار في بيانات تجارة الفحم الحراري بين مابوتو ونيودلهي في وقت تراجعت فيه تجارة الفحم بين الأخيرة وروسيا تراجعًا طفيفًا، على مدار الشهرين الماضيين (أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2022)؛ لأسباب لوجستية، وزيادة الإنتاج المحلي.

وقال أحد التجار، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة: "بالنسبة لبلد يأخذ بعين الحسبان مسألة التكلفة، يكون من المجدي استيراد الفحم من أي مكان يتمتع فيه بثمن رخيص، مع استيفائه الشروط المطلوبة في الوقت ذاته".

وأضاف: "علاوة على ذلك يتشابه الفحم الحراري الموزمبيقي في جوانب عدة مع الفحم الذي يحتوي على قيمة حرارية عالية".

وذكر تجار آخرون أن شركات صناعة الأسمنت ومعها الصناعات الكيماوية، تستخدم الفحم غالبًا، وهو ما ينطبق -أيضًا- على شركات توليد الكهرباء.

ويشتمل الفحم الحراري الموزمبيقي، الذي يُشحن عادةً من ميناء مابوتو، على نسب عالية من الكبريت، كما أنه يُستخرج في شكل أقرب إلى المسحوق؛ ما يجعله أكثر جاذبية في صناعة الحديد الإسفنجي، والصناعات المعدنية، وفقا ما ذكرته مصادر، واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

والحديد الإسفنجي هو الحديد المختزل مباشرة بانتزاع جزيئات الأكسجين.

وفي هذا الصدد، ذكرت شركة متخصصة في تجارة الفحم ومقرها الهند، أن شركات الأسمنت يمكنها أن تستخدم الفحم الحراري الموزمبيقي بفضل محتواه العالي من الكبريت، إضافة إلى كونه بديلًا جيدًا لفحم الكوك.

الجودة وتنافسية الأسعار

يتمتع الفحم الموزمبيقي بدرجة عالية من القيمة الحرارية التي تتراوح من 5 آلاف و800 كيلوكالوري/كيلوغرام إلى 6 آلاف كيلوكالوري/كيلوغرام، قياسًا بنظيره من جنوب أفريقيا الذي تصل قيمته الحرارية إلى 5 آلاف و500 كيلوكالوري/كيلوغرام، وأيضا الفحم المنتج في مدينة نيوكاسل شرق أستراليا، الذي ينتج عن احتراقه نسب عالية من الرماد.

وفي هذا الشأن ذكرت شركة أخرى متخصصة في تجارة الفحم ومقرها الهند، أن المشترين في الهند لا يجدون أدنى مشكلة في تغيير درجة ومنشأ الوقود بسرعة إذا ما كان من الممكن استخدامه بكفاءة في صناعتهم، وفي حال كان السعر تنافسيًا أيضًا.

وأضافت: "مستخدمون كُثر للفحم يمزجون الوقود، ويستخدمونه نظرًا إلى أن تنافسية الأسعار في الهند هي العامل الأول الذي يؤخذ في الحسبان".

ويبلغ سعر الفحم الموزمبيقي المنشأ ذي القيمة الحرارية 6 آلاف كيلوكالوري/كيلوغرام، من نحو 167 إلى 175 دولارًا/طن متري.

وفي المقابل، يصل سعر الفحم المنتج في مدينة ريتشاردز باي الجنوب أفريقية، الذي تلامس قيمته الحرارية 6 آلاف كيلوكالوري/كيلوغرام، إلى 205 دولارات/طن متري، أما الفحم المنتج في مدينة نيوكاسل الأسترالية ذو القيمة الحرارية 5 آلاف و500 كيلوكالوري/كيلوغرام فيتراوح سعره من 140 إلى 150 دولارًا/طن متري، وفقا لتقديرات "إس أند بي جلوبال كوموديتي إنسايتس".

ضعف الطلب على الفحم الروسي

يُعزى تراجع الطلب على الفحم الحراري الروسي إلى توافر البديل المتمثل في نظيره الموزمبيقي ذي الجودة العالمية، بالإضافة إلى قيود الإمدادات المفروضة على الفحم الروسي، وفقًا لما ذكرته مصادر، واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وأضافت المصادر أن محطات توليد الكهرباء كانت تستخدم الفحم الموزمبيقي عبر مزجه بالوقود الإندونيسي.

وفي هذا الشأن توضح شركة ثالثة متخصصة في تجارة الفحم ومقرها الهند أنه ربما يكون من الصعب استخدام الفحم بشكل مباشر نتيجة انخفاض المادة المتطايرة به، بيد أن الشركات الكبرى تستخدم هذا الوقود الأحفوري في محطات الطاقة.

ويتراوح إجمالي ما تستورده نيودلهي من شحنات الفحم الحراري في عام واحد من 150 إلى 180 مليون طن متري، بينما يبلغ إجمالي ما تنتجه من السلعة نفسها من 750 مليونًا إلى 800 مليون طن متري.

تزايد الطلب المحلي في الهند

تسرّع الدولة الآسيوية وتيرة إنتاجها المحلي من الفحم الحراري بغية سد احتياجاتها المتنامية للطاقة، وفطم نفسها عن اللجوء إلى الفحم العالمي الذي يشهد تقلبات في الأسعار، في أعقاب تفشي جائحة كورونا واندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية في 24 فبراير/شباط (2022).

وهبطت واردات الفحم الهندية بنسبة 20% على أساس سنوي لتصل إلى 17.32 مليون طن متري، بينما ارتفعت وارداتها خلال المدة من أبريل/نيسان إلى أكتوبر/تشرين الأول (2022) إلى 14%، لتستقر عند 149 مليونًا و23 طنًا متريًا.

في غضون ذلك قفز إنتاج الهند من الفحم بنسبة 12% على أساس سنوي، خلال نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، إلى 76 مليون طن متري.

وكان وزير الفحم الهندي، برالهاد جوشي، قد صرّح، في يوليو/تموز (2022)، بأن إنتاج بلاده سيتجاوز على الأرجح 920 مليون طن متري في العام المالي 2022-2023 (أبريل/نيسان إلى مارس/آذار)؛ ما سيمثل نموًا سنويًا نسبته 18%.

وتستهدف نيودلهي زيادة إنتاجها المحلي من الفحم بواقع 1.2 مليار طن متري بحلول العام المالي 2023-2024.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..