المقالاتروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةمقالات النفطنفط

تركيا لن تتوقف عن شراء النفط الروسي رغم "سقف الأسعار" (مقال)

أومود شوكري – ترجمة: نوار صبح

أتاح غزو روسيا لأوكرانيا، والحظر المفروض على صادرات الطاقة الروسية، فرصة جيدة لتركيا لاستيراد النفط الروسي الرخيص؛ فقد باعت موسكو النفط بخصم كبير لبعض الدول الآسيوية وتركيا؛ للحد من تأثير العقوبات على صادراتها النفطية.

وفي العقود الـ4 الماضية، أدت روسيا دورًا مهمًا في أمن الطاقة التركي، وكانت أكبر مورد للغاز الطبيعي لتركيا، حتى العام الماضي.

تجدر الإشارة إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وروسيا قد ازدهر، منذ هذا الربيع، عندما لم تُمْنَع الشركات التركية من التداول مع نظيراتها الروسية، وعملت هذه الشركات على ملء الفراغ الذي أحدثته الشركات الأوروبية التي تغادر روسيا بعد بدء حرب أوكرانيا.

وأدت الطاقة دورًا مهمًا في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين.

مشتريات تركيا من النفط الروسي

أظهرت البيانات الصادرة، الصيف الماضي، أن شركة التكرير الرئيسة في تركيا "توبراش" ومصفاة سوكار الأذربيجانية في مدينة إزمير التركية زادت بشكل كبير من مشترياتها من نفط الأورال الروسي والنفط السيبيري الخفيف هذا العام.

النفط الروسي
ميناء نفطي في روسيا - الصورة من The Moscow Times

يأتي ذلك مع خفض تركيا مشترياتها من نفط بحر الشمال والعراق وغرب أفريقيا.

في السنوات القليلة الماضية، ونتيجة لارتفاع أسعار الخام الروسي، زادت مصفاة ستار مشترياتها من النفط العراقي وحقل يوهان سفيردروب النرويجي، القريب من نفط الأورال الروسي من حيث الجودة.

وعلى الرغم من أن تركيا استوردت النفط الروسي الرخيص في الأشهر الماضية؛ فإن بعض خبراء الطاقة الأتراك يعتقدون أن الزيادة في استيراد الخام الروسي الرخيص لم يظهر تأثيرها في سعر البنزين في تركيا، ولا يزال المستهلكون النهائيون في تركيا يشترون البنزين بسعر مرتفع.

تقلبات أسعار الغاز الطبيعي والنفط

لا تزال التقلبات في أسعار الغاز الطبيعي والنفط، التي بدأت مع اختلال التوازن بين العرض والطلب بعد الوباء واستمرت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، قائمة.

وتؤثر هذه التقلبات بشكل مباشر في تركيا، التي تُعَد من أكبر مستوردي الطاقة في المنطقة، وقد بدأ تسعير الخام الروسي بخصم 25-30% من قيمته، بعد فرض الدول الغربية سلسلة من العقوبات عليه.

ولا تزال تركيا أكبر مشترٍ لنفط الأورال الروسي في البحر الأبيض المتوسط؛ حيث اشترت 15% من الشحنات المُصدَّرة من المواني الروسية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بلغ إجمالي حجم شحنات نفط الأورال من المواني الروسية للشهر 7.5 مليون طن، باستثناء كميات جاءت من قازاخستان، وفقًا لحسابات أجرتها وكالة رويترز بناء على تقديرات شركة ريفينيتف الأنجلو-أميركية وبيانات التجار.

ولا يزال النفط الروسي يُباع بخصم 23 دولارًا للبرميل، وانخفض سعر برميل خام الأورال الخفيف إلى أقل من 60 دولارًا؛ حيث تحقق الهند وتركيا ربحًا كبيرًا منه.

وشكّلت عمليات التسليم إلى تركيا، في نوفمبر/تشرين الثاني، نحو 1.125 طنًا من جميع صادرات نفط الأورال البحرية، وفقًا لإحصاءات رويترز.

واردات النفط ومشتقاته

ارتفعت واردات الخام، الذي يشكل العنصر الأكبر في إجمالي واردات تركيا من النفط، بنسبة 4.96% وبلغت 2 مليون و984 ألفًا و449 طنًا، بحسب آخر تقرير صادر عن هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية (إيمرا)، في سبتمبر/أيلول.

خلال هذه المدة، استوردت تركيا مشتقات نفطية أخرى، ومثّل وقود الطائرات والوقود البحري، والبنزين وزيت الوقود، ومنتجات أخرى الجزء المتبقي من الواردات.

بذلك ارتفع إجمالي الواردات بنسبة 9.16%، في سبتمبر/أيلول، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، وبلغت 4 ملايين و348 ألفًا و338 طنًا.

وجاء أعلى استيراد للنفط الخام والمشتقات النفطية من روسيا بواقع 2 مليون و41 ألف طن، بينما جاء العراق بمليون و76 ألف طن، تليه قازاخستان بـ262 ألفًا و293 طنًا.

وارتفعت مبيعات البنزين في تركيا بنسبة 2.95%، في سبتمبر/أيلول، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، وأصبحت 307 آلاف طن، وانخفضت مبيعات الديزل بنسبة 9.44% لتصل إلى 2 مليون و189 ألفًا و885 طنًا.

وانخفض إجمالي مبيعات المشتقات النفطية بنسبة 6.98% وسجل 2 مليون و642 ألفًا و196 طنًا.

في المقابل، ارتفع إجمالي الواردات من النفط والمنتجات النفطية بنسبة 5.6%، في أغسطس/آب، مقارنة بالشهر المماثل من العام السابق، ليبلغ 4 ملايين و338 ألفًا و242 طنًا.

ومثّل استيراد النفط الخام، الذي يشكل العنصر الأكبر في إجمالي واردات تركيا من النفط، 3% من الواردات، وارتفع إلى 2 مليون و942 ألفًا و495 طنًا، بحسب "تقرير قطاع سوق البترول" الصادر عن هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية لشهر أغسطس/آب.

ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- حجم إنتاج النفط في روسيا من عام 2019 حتى العام المقبل (2023)، وفق توقعات الوكالة الدولية للطاقة:

إنتاج النفط الروسي

المشتقات النفطية

في هذه المدة، انخفض استيراد منتجات الديزل بنسبة 3.53% إلى مليون و28 ألفًا و866 طنًا، وشكَّل وقود الطائرات والوقود البحري والبنزين وزيوت الوقود ومنتجات أخرى الجزء المتبقي من الواردات.

بذلك ارتفع إجمالي الواردات بنسبة 5.6%، في أغسطس/آب، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، وبلغ 4 ملايين و338 ألفًا و242 طنًا.

وعلى الرغم من أن أعلى استيراد للنفط الخام والمنتجات النفطية كان من روسيا؛ حيث بلغ مليونًا و802 ألف طن؛ فقد تجاوزه العراق بمليون و99 ألفًا و476 طنًا؛ تليه قازاخستان بزيادة 1161 طنًا.

على صعيد آخر، انخفضت مبيعات البنزين بنسبة 4.04% مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق إلى 341 ألفًا و427 طنًا، وانخفضت مبيعات الديزل بنسبة 5.67% لتصل إلى 2 مليون و321 ألفًا و871 طنًا، وسجلت 2 مليون و805 آلاف و673 طنًا.

علاوة على ذلك، تسبب شراء الخام الروسي الرخيص في زيادة صادرات المشتقات النفطية التركية، في الأشهر القليلة الماضية، بينما تراجعت قليلًا صادرات المشتقات النفطية بنسبة 57.6%، وزادت صادرات وقود الطائرات التركية بنسبة 60.8% إلى 464 ألفًا و815 طنًا في أغسطس/آب.

في الفترة المذكورة، زادت صادرات الوقود البحري بنسبة 28.06% لتصل إلى 106 ألف 628 طناً. ارتفع إجمالي الصادرات مع المنتجات الأخرى في سوق النفط بنسبة 57.6% لتصل إلى مليون و229 ألفًا و585 طنًا.

في أغسطس/آب، انخفض إنتاج زيت الديزل بنسبة 3.99% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، وزاد إنتاج الغازولين بنسبة 26.2% إلى 493 ألفًا و182 طنًا، وزاد إنتاج وقود الطائرات بنسبة 26.1% إلى 501353 طنًا.

النفط الروسي
الرئيسان الروسي والتركي - الصورة من ديلي صباح

تحديد سقف أسعار النفط الروسي

وفقًا لقرار أوروبا تحديد سقف أسعار النفط الروسي، يبدو أن تركيا، مثل غيرها من العملاء الآسيويين، ستزيد من استيراد النفط الروسي الرخيص.

ويمكن لتركيا إنتاج وتصدير البنزين والمشتقات النفطية الأخرى باستخدام النفط الروسي الرخيص في المصافي ومنشآت البتروكيماويات.

وستستفيد تركيا من الخام الروسي الرخيص بطريقتين، على الرغم من أن الشعب التركي لا يستفيد كثيرًا من النفط الروسي الرخيص.

وعلى الرغم من استمرار شراء النفط الروسي الرخيص؛ فإن سعر البنزين في محطات الوقود التركية لم ينخفض​​.

وستستفيد الحكومة التركية والجماعات المعنية من استمرار العقوبات على صادرات النفط الروسية؛ فهي ستشتري النفط الروسي بسعر رخيص وتبيع المشتقات النفطية.

السؤال المطروح هنا، لماذا لن يقلل استيراد النفط الروسي الرخيص من سعر البنزين في تركيا؟ يبدو أن الحكومة التركية ستستثمر الفوائد السياسية والجيوسياسية للنفط الروسي الرخيص، وستتفاعل روسيا -بدورها- مع السياسة الخارجية لتركيا في بعض القضايا الإقليمية.

* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق