التقاريرتقارير النفطروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةنفط

سقف أسعار النفط الروسي.. هل يضر بالشحنات إلى الصين والهند وتركيا؟

الدول المطبقة للقرار تعوّل على ضوابط التأمين والشحن بصفتها قيودًا تحجم الصادرات

هبة مصطفى

تُعَد الصين والهند الأكثر تضررًا من إقرار حد أقصى لسعر النفط الروسي، بصفتهما أكبر المشترين، لا سيما في الآونة الأخيرة، مع تكثيف وتيرة الشراء عقب غزو موسكو لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، للاستفادة من السعر المخفّض للشحنات التي لم تجد وجهة لها إثر العقوبات.

وكان الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الـ7 وأستراليا قد أعلنت -الجمعة 2 ديسمبر/كانون الأول- سقفًا لأسعار شحنات النفط المنقولة بحرًا من موسكو في نطاق 60 دولارًا للبرميل، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

ويبدو أن القرار استهدف بصورة مباشرة تحجيم الشحنات المنقولة إلى الصين والهند وتركيا، إذ إنه في ظل الحظر وتطبيق سقف الأسعار يتعيّن على كبار المشترين شراء شحنات الخام الروسي بما دون سقف السعر المقرر مؤخرًا، للحفاظ على خدمات النقل البحري كالشحن والتأمين، بحسب تقرير نُشر في ذي إيكونوميك تايمز (The Economic Times).

ومن المقرر أن يبدأ سريان القرار بدءًا من 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري على شحنات الخام، مع منح الشحنات المحملة قبل هذا التاريخ مدة قدرها 45 يوميًا، لتفريغها وبلوغها وجهتها النهائية قبيل 19 يناير/كانون الثاني من العام المقبل (2023).

مقايضة كبار المشترين

استخدمت أميركا والدول المؤيدة لقرار سقف أسعار النفط الروسي الحد الأقصى سلاحًا لتقييد نطاق الشراء لكل من الصين والهند وتركيا، إذ دعّمت نطاق الـ60 دولارًا للبرميل، بشرط يرمي إلى فرض قيود على خدمات التأمين والشحن التي تستحوذ أوروبا على غالبية شركاتها.

النفط الروسي
منصة روسية تتابع الأعمال النفطية في الجليد - الصورة من (The Arctic Institute)

وألزم القرار الدول الراغبة في شراء خامات موسكو النفطية بالالتزام بشحنات في نطاق 60 دولارًا للبرميل أو أقل إذا ما رغبت في التمتع بالخدمات اللوجستية المصاحبة كالشحن البحري والتأمين على التدفقات.

ويزيد ذلك من صعوبة الأمر على كبار المشترين في الدول الآسيوية وتركيا، إذ يشكل تحديًا جديدًا بالبحث عن مقدمي خدمات التأمين والشحن بأسعار ملائمة وغير خاضعين للعقوبات خارج النطاق الأوروبي.

وتوقع محللون مع بدء إعلان دراسة سقف الأسعار في سبتمبر/أيلول الماضي عدم التمكن من تطبيقه دون مشاركة الهند وتركيا، لا سيما بعدما منع الاتحاد الأوروبي شركات الشحن والتأمين من تقديم خدماتها إلى أي ناقلة تحمل تدفقات النفط الروسي إلى أي وجهة في العالم.

بيانات الشراء

كانت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، قد أكدت أن قرار وضع حد أقصى لسعر شحنات النفط الروسي المنقول بحرًا يأتي في صالح الصين والهند والمشترين، مشيرة إلى أن واشنطن لا تعارض شراءها الشحنات بسعر أعلى، وإنما على تلك الدول إدراك عدم تمتعها بالخدمات البحرية والتأمين في هذه الحالة.

وشكّلت تدفقات شحنات النفط الروسي مادة خصبة جذبت أنظار الصين والهند بصورة خاصة لانخفاض أسعارها مع عزوف موردي الأسواق عنها خوفًا من الوقوع تحت طائلة العقوبات.

وبصورة إجمالية، سجلت صادرات إمدادات الطاقة الروسية إلى الصين ما يقرب من 60 مليار دولار خلال 9 أشهر منذ اندلاع حرب أوكرانيا، في حين حظيت شحنات النفط من موسكو إلى بكين بقفزة بنسبة 16% خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول.

وسجلت شحنات الخام الروسي زيادة قدرها 9.5% على أساس سنوي، خلال 9 أشهر من يناير/كانون الثاني حتى أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وعززت تلك الشحنات عمل مصافي التكرير في بكين بعدما تمتعت بدعم حكومي سمح بزيادة حصتها من الوقود خلال العام الجاري (2022).

ويبدو أن وتيرة الشراء الصينية المتزايدة قد تتجه إلى منحنى هبوطي بالتراجع في ظل الضوابط الجديدة والقيود التي نظمها قرار سقف الأسعار، لا سيما أن هناك حالة من عدم اليقين حول كيفية تطبيق قرار الحد الأقصى بصورة فعلية ومصير خدمات الشحن البحري والتأمين.

ويكشف الرسم البياني التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- عن حجم صادرات النفط الروسي إلى دول الاتحاد الأوروبي، منذ شهر يناير/كانون الثاني العام الجاري (2022) حتى نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول، وفق بيانات الوكالة الدولية للطاقة.

صادرات النفط الروسي إلى الاتحاد الأوروبي

الصادرات إلى الهند

أما الهند، فكثفت خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وتيرة شراء النفط الروسي بصفتها ثاني أكبر مستوردي خام موسكو في آسيا، عقب الصين.

وركزت الهند على اهتمامها بدرجات خامي الأورال وإسبو، وكذا خام سوكول المنتج عبر حقل سخالين 1، وسجلت أسعاره انخفاضًا مع اقتراب موعد الحظر الأوروبي.

وفتح انخفاض أسعار شحنات الخام الروسي شهية شركات التكرير في نيودلهي للمزيد من الشحنات الشهر الماضي، وانطلقت ناقلات من طراز "سويس ماكس" العملاقة المحملة بالبراميل من موسكو إلى المواني الهندية لتغذي مصافيها.

كما أعلنت 4 شركات تكرير هندية مواصلة بحثها عن ناقلات تحمل النفط الروسي وتفريغه قبيل انتهاء المهلة المحددة في 19 يناير/كانون الثاني المقبل.

وحسمت الهند موقفها من شراء شحنات النفط الروسي عقب إعلان قرار مجموعة الدول الـ7 والاتحاد الأوروبي وأستراليا الجمعة 2 ديسمبر/كانون الأول مباشرة، إذ خرج مسؤول حكومي في نيودلهي يؤكد مواصلة بلاده شراء خامات موسكو.

وقال إن قرار السقف السعري اقترن بمرونة في الشراء مقابل عدم التمتع بالخدمات الغربية في مجال الشحن والتأمين.

قرار سقف الأسعار

يخضع خام الأورال -إحدى أبرز درجات النفط الروسي- للتسعير في مستوى 50 دولارًا للبرميل في الآونة الحالية، وهو مستوى ينخفض عن السقف المحدد بنحو 60 دولارًا للبرميل، ما يسمح بمتنفس لموسكو ويقلل خسائرها بصورة نسبية.

النفط الروسي
مصفاة تابعة لشركة إنديان أويل الهندية - الصورة من (The Economic Times)

وعقب إقرار مجموعة الدول الـ7 والاتحاد الأوروبي وأستراليا سقف الأسعار، الجمعة 2 ديسمبر/كانون الأول، طالبت أوكرانيا بخفضه إلى مستوى 30 دولارًا للبرميل، باعتبار أن العائدات النفطية تعد المغذي الأكبر لصندوق الحرب ضد كييف.

ورغم أن السقف السعري يفوق معدل تسعير خام الأورال الحالي، فإنه لم يحظَ بترحيب الحكومة الروسية التي تعهدت في وقت سابق بعدم تصدير خامها إلى الدول المُطبقة لسقف الأسعار.

واستمر الجدل حول السقف السعري أسابيع طويلة بعد تحفظ بولندا على مستويات التسعير غير أنها وافقت مؤخرًا على الانضمام، ما أسهم في حسم الموقف تمهيدًا لبدء التطبيق في 5 من الشهر الجاري.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق