شركات تصنيع توربينات الرياح في أوروبا تعلن خسائر متزايدة أمام تنامي المنافس الصيني (تقرير)
نوار صبح
- مشكلات صانعي توربينات الرياح الأوربيين تنبع من سلسلة التوريد المتعثرة ومنافسة الشركات الصينية
- سيمنس جاميسا أعلنت خسائر سنوية قدرها 965 مليون دولار
- فيستاس ويند سيستمز أعلنت خسائر بنحو 151 مليون دولار في الربع الثالث
- يخشى بعض مصنّعي التوربينات الغربيين تكرار التجربة المريرة مع الألواح الشمسية
- الأداء المالي الضعيف يثير تساؤلات بشأن مستقبل صناعة الرياح في الغرب
تتوالى إعلانات شركات تصنيع توربينات الرياح في أوروبا خسائر متزايدة، وعزمها تسريح نسبة ملحوظة من قوّتها العاملة، وذلك في ظل مشكلات سلسلة التوريد المتعثرة ومنافسة المُصنّعين الصينيين، في الوقت التي تحتاج فيه دول القارة إلى تنويع المصادر لمواجهة أزمة الطاقة الراهنة.
منذ مدة طويلة، دعمت الحكومات الأوروبية، الساعية إلى تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة، مشروعات الرياح البحرية، التي أصبحت حاجة ملحّة لدول القارة، حسبما نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية (New York Times) في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وتسارعت هذه الجهود منذ أن بدأت روسيا في قطع شحنات الغاز الطبيعي بعد اندلاع حربها ضد أوكرانيا، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
في أغسطس/ آب الماضي، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: "نحتاج إلى الطاقة النظيفة الأرخص ثمنًا، ونحتاج إلى توليد الكهرباء محليًا".
في الوقت ذاته، يعلن صانعو توربينات الرياح في أوروبا، والشركات الرائدة بصناعة الطاقة الخضراء في المنطقة التي تُعدّ مصدرًا لخبرة التصنيع، خسائرهم، ويسرّحون العمال.
وترجع مشكلات هذه الشركات، جزئيًا، إلى اضطراب سلسلة التوريد المتعثرة، ومنافسة الشركات المصنّعة الصينية، وقد تعوق هذه المشكلات طموحات أوروبا، وحتى في العالم، لتطوير مصادر للوصول السريع إلى طاقة خالية من الانبعاثات.
خسائر شركات تصنيع توربينات الرياح
هذا الشهر، أعلنت شركة سيمنس جاميسا رينيوبل إنرجي، الرائدة في تصنيع توربينات الرياح البحرية، ومقرّها العاصمة الإسبانية مدريد، خسارة سنوية قدرها 965 مليون دولار.
على ضوء ذلك، أعلنت الشركة برنامجًا لخفض التكاليف قد يؤدي إلى فقدان 2900 وظيفة، أو ما يقرب من 11% من قوتها العاملة.
وأعلنت شركة فيستاس ويند سيستمز الدنماركية، أكبر صانع للتوربينات في العالم، مؤخرًا، خسارة قدرها نحو 151 مليون دولار في الربع الثالث.
بدورها، واجهت شركة جنرال إلكتريك، وهي شركة كبرى لتصنيع توربينات الرياح في الولايات المتحدة وأوروبا، صعوبات في تنفيذ أعمال الطاقة النظيفة لديها.
وأفادت الشركة، الشهر الماضي، أن وحدة الطاقة المتجددة لديها من المرجح أن تسجل خسائر بقيمة ملياري دولار هذا العام.
ويوجد العديد من المشكلات التي تعصف بالصناعة، بما في ذلك ارتفاع تكاليف المواد والشحن، فضلًا عن العراقيل اللوجستية، وبعضها ناجم عن تداعيات تفشّي وباء كوفيد-19.
نتيجة لذلك، فإن الأسعار المتفق عليها سابقًا للتوربينات، التي تكلّف كل منها ملايين الدولارات، ويمكن أن تضيف ما يصل إلى مئات المليارات لمزارع الرياح البحرية الكبيرة، يمكن أن تؤدي إلى خسائر فادحة للمصنّعين عند تسليمها.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة فيستاس، هنريك أندرسن: "في كل مرة نبيع فيها توربينًا، نخسر 8%"، حسب بيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
على صعيد آخر، فإن السباق لإنشاء توربينات أكبر وأكثر قوة يعني أن الشركات المصنّعة تنفق مئات الملايين من الدولارات على نماذج جديدة، ولكنها لا تبيع ما يكفي من الآلات لاسترداد التكاليف.
منافسة الشركات الصينية
بدأت المخاوف تلوح في الأفق بشأن المنافسة المتزايدة من الصين، إذ بدأ صانعو التوربينات المحلّيون الذين أمضوا سنوات في تلبية احتياجات السوق الصينية ببيع أجهزتهم في الخارج. لذلك، يخشى بعض مصنّعي التوربينات الغربيين تكرار التجربة المريرة مع الألواح الشمسية، وهي تقنية طُوِّرَت لأول مرة في الغرب، وتهيمن عليهاـ حاليًا، وإلى حدّ كبير- الصين وغيرها من الشركات المصنّعة الآسيوية.
وقال كبير محللي الرياح في شركة الاستشارات وود ماكنزي، إندري ليكو، عن مصنّعي التوربينات الغربية: "إنهم يواجهون مأزقًا، مشيرًا إلى خسارة فادحة للصناعة،" حسبما نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية (New York Times) في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
في المقابل، يثير الأداء المالي الضعيف تساؤلات بشأن مستقبل صناعة الرياح في الغرب، وما إذا كان من الممكن تحقيق الخطط الطموحة لدى الحكومات وشركات الطاقة لتطوير مزارع الرياح التوسعية في أوروبا والولايات المتحدة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس جاميسا، يوخن إيكهولت، إن الصناعة بحاجة إلى جني الأموال لتطوير وبناء وتركيب التوربينات، بما في ذلك قبالة الساحل الشرقي للولايات المتحدة، التي من شأنها أن تساعد البلدان على تحقيق الأهداف المناخية للحدّ من انبعاثات الكربون.
وأضاف أن "صناعة توربينات الرياح لدينا بحاجة إلى أن تكون مربحة بشكل معقول، لكننا لسنا كذلك الآن،" وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
بعد تأثّرها بالخسائر الأخيرة، تعرض شركة سيمنس جاميسا شراء ما يقرب من ثلث شركة تصنيع التوربينات التي لا تمتلكها، في محاولة لخفض التكاليف وتشديد الضوابط.
من ناحيتهم، انتقد المسؤولون الأوروبيون أجزاء من قانون خفض التضخم لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي يشجع الاستثمار المحلي، وأعربوا عن قلقهم من أن الحوافز الكبيرة للقانون للطاقة النظيفة ستدفع المصنّعين بعيدًا عن القارة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة فيستاس، الشركة المصنّعة لهذه التوربينات بالقرب من كوبنهاغن، يوخن إيكهولت: "إن المنافسين كانوا يبيعون بخسارة للحصول على الطلبات".
وأضاف إيكهولت: "إن من الحكمة لأوروبا أن تسنّ تدابير مماثلة"، موضحًا أنه "من الأهمية بمكان في أوروبا أن نحافظ على المعرفة الفنية ذات الصلة، وكذلك قاعدة التصنيع والعمالة".
وعلى الرغم من أن المصنّعين الصينيين حققوا نجاحات متواضعة خارج وطنهم، يقول المحللون، إنهم استعملوا الكميات الكبيرة من المبيعات في الصين لصقل مهاراتهم التصنيعية وتدريب القوى العاملة الكبيرة.
وأشار المحللون إلى أن الشركات المصنّعة لتوربينات الرياح في الصين يمكنها تسليم التوربينات بأسعار أقلّ بكثير من تلك التي يطلبها منافسوهم الغربيون.
ويقول المسؤولون التنفيذيون، إن الضرائب المفاجئة على أرباح محطات توليد الكهرباء، بما في ذلك مشغّلي مزارع الرياح، التي أُعلِنت مؤخرًا في بريطانيا، واقترحها الاتحاد الأوروبي، تخلق مزيدًا من الضبابية لعملائهم.
اقرأ أيضًا..
- شروط سقف أسعار النفط الروسي قبل ساعات من اجتماع الاتحاد الأوروبي (تقرير)
- باحث فرنسي يتراجع عن هجومه على الغاز المغربي وجدوى الاكتشافات
- 4 عوامل تؤثر في معنويات سوق النفط على المدى القصير (مقال)