التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسيةقمة المناخ كوب 27

نقاط الخلاف في قمة المناخ كوب 27 تنذر بمصير مؤتمر غلاسكو (تقرير)

جدل حول التمويل والوقود الأحفوري

عمرو عز الدين

دخلت قمة المناخ كوب 27، المنعقدة في مدينة شرم الشيخ المصرية، أسبوعها الثاني، وسط خلافات تنذر بمصير النسخة الماضية المنعقدة في مدينة غلاسكو الإسكتلندية.

وبدأت وفود حكومية ممثلة لـ200 دولة في العالم محادثات الوصول لاتفاق قانوني حول التزامات المناخ، وسط خلافات معتادة بين الدول المشاركة حول حدود هذه الالتزامات ونطاقها وآليات تنفيذها، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويناقش بعض المندوبين تمديد القمة، التي تنتهي الجمعة (18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022)، لمدة يوم أو أكثر، بسبب حالة التعثر في الوصول إلى اتفاق نهائي على خلفية بعض القضايا العالقة، لا سيما قضية تمويل الدول النامية في مكافحة تغير المناخ والتكيف معه، وفقُا لوكالة رويترز.

اقتراح صندوق المناخ

اقترحت مجموعة الـ77 للدول النامية ومندوب الصين المشارك في قمة المناخ كوب 27 إنشاء صندوق للخسائر والأضرار، يختص بتوفير الأموال للدول التي تضرّرت بالفعل من كوارث المناخ، بحسب مسودة اقتراح اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وتُعَد هذه المرة الأولى التي يُدرج فيها مثل هذا الموضوع على جدول الأعمال الرسمي لقمة المناخ، بعد سنوات من مقاومة ورفض الدول الغنية المعنية التي تخشى تحميلها مسؤولية ضخمة في التسبب بالجزء الأكبر من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تاريخيًا.

ويقول مفوض مصر الخاص في قمة المناخ كوب 27، وائل أبوالمجد، إن النقاط العالقة ما تزال قائمة، لكن يتعيّن على الدول إبرام اتفاق.

وأضاف أبوالمجد: "مستقبل البشرية -دون مبالغة- على المحك، لكن ما يمكننا فعله هو دفع جميع الوسائل والآليات المتاحة وتشجيعها، لكنها مرهونة بموافقة 190 شخصًا في نهاية المطاف".

قمة المناخ كوب 27
إحدى جلسات قمة المناخ في شرم الشيخ

ترقب لقمة العشرين

يراقب بعض مندوبي الدول المشاركة المفاوضات الجارية بالتوازي مع قمة مجموعة العشرين المنعقدة في مدينة بالي بإندونيسيا، إذ اتفق الرئيس الصيني شي جين بينغ، ونظيره الأميركي جو بايدن، على استئناف التعاون بشأن تغير المناخ ضمن موضوعات أخرى جرى تداولها بين زعماء أكبر دولتين تلويثًا للبيئة في العالم.

وتقول وزيرة البيئة والتغير المناخي في جزر المالديف أمينات شونا، إن الإشارات القوية القادمة من مجموعة العشرين يمكنها أن تشكّل حافزًا إيجابيًا لمؤتمر المناخ كوب 27 بشرم الشيخ.

وعبّرت الوزيرة المالديفية عن أملها في أن يتمكن قادة مجموعة العشرين من تجاوز الاختلافات السياسية، وإجراء حوار جاد حول قضايا المناخ المصيرية التي تتوحّد حولها البشرية.

وتتضمّن مسودة الاتفاق الحفاظ على هدف منع ارتفاع درجات الحرارة العالمية بأكثر من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، تجنبًا لأسوأ آثار مناخية يمكن أن تحدث للكوكب، وفقًا لتقديرات أغلب علماء المناخ.

وشددت مصر على ضرورة اتخاذ إجراءات ملحة للحفاظ على هذا الهدف، ووفقًا لمسودة خطوط أولية غير رسمية من صفحتين يأمل الوفد المصري في أن يجتمع حولها مندوبو الدول، على أمل تطويرها للوصول إلى اتفاق نهائي في ختام القمة المقررة الجمعة (18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022).

وترأس مصر نسخة قمة المناخ هذا العام (كوب 27) بمدينة شرم الشيخ خلال المدة من 6 إلى 18 نوفمبر/تشرين الثاني (2022).
يُشار إلى أن درجات الحرارة العالمية قد ارتفعت بالفعل بمقدار 1.1 درجة مئوية مع مؤشرات خطيرة تؤكد تصاعدها، ما يثير حساسية علماء المناخ وذعرهم من إمكان تجاوز مستوى 1.5 درجة في غضون عقود قليلة، ما قد يهدّد الكوكب بكوارث مناخية ذات قدرات تدميرية مضاعفة عن الوضع الحالي.

ويقول رئيس نسخة مؤتمر العام الماضي التي انعقدت في إسكتلندا (كوب 26)، ألوك شارما: "يمكننا ألا نخسر هدف الـ1.5 درجة مئوية في مؤتمر الأطراف هذا العام".

إشارات طفيفة إلى الوقود الأحفوري

تتضمّن ورقة مصر إشارات طفيفة إلى مسألة حرق الوقود الأحفوري، المسبب الرئيس للاحتباس الحراري في العالم، التي كانت محل جدل ضخم في نسخة العام الماضي.

وركزت الورقة بدلًا من ذلك على إقرار آليات تضمن حصول الدول الفقيرة على أموال لدعم جهودها في خفض الانبعاثات ضمن خططها الوطنية.

ورغم انطلاق القمة منذ 9 أيام، فإن مسار فاعليتها حتى الآن لا يبشّر بالوصول إلى اتفاق كبير، كما يأمل علماء المناخ الذين يتابعون اللحظات الأخيرة لمؤتمرات المناخ كل عام بآمال وطموحات عالية لا تلبث أن تتحول إلى حالة إحباط.

ويقول مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون البيئة فيرجينيوس سينكيفيسيوس: "كل شيء يتلخص في الأيام الماضية.. ما زلنا بعيدين جدًا عن النتيجة التي نود تحقيقها".

وتتبادل وفود الدول المشاركة مسودات اتفاق متنوعة فيما بينها، لكنها ليست مستعدة لنشرها على الملأ حتى الآن، ما يثير قلق المراقبين حول النتائج المرجوة.

الهند تغيّر الإستراتيجية

فاجأت الهند بعض الدول الأسبوع الماضي بالضغط من أجل التوصل لاتفاق ينص على التخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري، بدلًا من الفحم فقط الذي اتفقت عليه الدول في نسخة العام الماضي كوب 26.

وقال مسؤول سياسة المناخ في الاتحاد الأوروبي فرانس تيمرمانز، إن الاتحاد يدعم فكرة الهند إذا صِيغت بطريقة لا تُضعف الاتفاقيات السابقة بشأن الحد من استخدام الفحم.

وتُعَد الهند من بين أكبر مستخدمي الفحم عالميًا، ومن شأن اقتراحها أن يعمل على توسيع نطاق تركيز الجهود العالمية للتخلص من الوقود الأحفوري، لكن يبدو أن كبار منتجي النفط والغاز في العالم ليسوا متحمسين لهذا التوسع.

السعودية تخشى انحراف المحادثات

مؤتمر المناخ كوب 27
مفوض السعودية في قمة المناخ، خالد أبوالليف

قال مفوض المملكة العربية السعودية في قمة المناخ كوب 27، خالد أبوالليف، إن بلاده قلقة من انحراف محادثات المناخ النهائية إلى مسار قد يشوّه صناعة الوقود الأحفوري.

وتُعَد المملكة العربية السعودية أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بمعدل يقترب من 11 مليون برميل يوميًا، وفقًا لآخر تحديث رصدته منصة الطاقة المتخصصة عن شهر أكتوبر/تشرين الأول (2022).

وأما بالنسبة إلى اقتراح تمويل البلدان النامية المتضررة، فليس من الواضح ما إذا كانت الدول الكبرى ستوافق على إنشاء صندوق مخصص لذلك، أم ستراوغ باقتراحات أخرى أخف، وسط إشارات حذرة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ولم تفِ الدول الغنية بتعهدات سابقة بتقديم 100 مليار دولار لتمويل البلدان النامية سنويًا، ما أثار الغضب في السنوات الأخيرة ورفع من شأن الشكوك حول جدية الدول الكبرى.

وعد لمدة عام فقط

دفعت الدول الغنية قرابة 83 مليار دولار العام الماضي (2021) لتحقيق هذا الهدف، كما وعدت بالوفاء بمبلغ الـ100 مليار دولار خلال عام 2023 فقط، أما التزامها تجاه أعوام ما بعد 2023 فما يزال غامضًا.

وشُوهد أحد كبار مبعوثي الأمم المتحدة للمناخ الدكتور محمود محيي الدين (وزير الاستثمار المصري الأسبق)، مرتديًا شارة صدر حمراء كُتب عليها "دبليو تي إف"، التي تعني "أين التمويل؟!".

وتصرخ رئيسة وزراء جزيرة "ساموا" فيامي نعومي ماتافا من تنصل الدول المتقدمة قائلة: "لا يمكننا تحمل المزيد من تآكل الثقة بين البلدان المتقدمة والنامية.. دعونا نجعل من كوب 27 نقطة تاريخية في تحويل السراب إلى حقيقة".

وتقع جزيرة ساموا في المحيط الهادئ، وهي جزيرة صغيرة ونائية وتُصنّف مع 8 جزر أخرى في المحيط الهادئ ضمن أكبر 20 دولة تعاني آثار الكوارث البيئية في العالم بحسب الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويراهن الخبراء على مخرجات قمة العشرين للوصول إلى صيغة اتفاق معقول بين الوفود الحاضرة في قمة شرم الشيخ، وفقًا لمحلل السياسات في مركز أبحاث "إي 3 غي" توم إيفانز.

ويقول إيفانز، إن العديد من القضايا التي ألمح إليها في مسودة شرم الشيخ، تُناقش في قمة قادة العشرين في بالي، متوقعًا أن ما سيقرره القادة في إندونيسيا يمكن أن يقود إلى نتيجة في شرم الشيخ خاصة في مسألة التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.

ماذا حدث في غلاسكو؟

قمة المناخ كوب 27
رئيس قمة المناخ كوب 26، ألوك شارما

يخشى علماء المناخ تكرار ما حدث في قمة غلاسكو للمناخ كوب 26 نوفمبر/تشرين الثاني (2021)، إذ اختلفت دول العالم الكبرى حول صياغة المسودة النهائية لاتفاقية القمة، فالبعض كان يريد تضمين صيغة التعهد لفظ "التخلص من الفحم" فقط، في حين أراد البعض كتابة "التخلص التدريجي من الفحم".

وتشير العبارة الأولى إلى تعهد مطلق من الدول الموقعة بـ"التخلص من الفحم"، دون التزامها بأجل زمني محدد؛ ما يجعلها في سعة من أمر خططها المحلية للطاقة على حسب أحوالها وظروفها.

بينما يشير اللفظ الآخر إلى درجة من التقييد، ترتب على الدول شبه التزام بالتخلص من الفحم في أجل زمني محدد، وإن كان طويلًا.

وتتخذ أغلب دول العالم الصناعية الكبرى موقف التهرب من الصيغ الإلزامية في أي اتفاقيات مناخية منذ توقيع بروتوكول كيوتو للمناخ عام 1997، واتفاقية باريس للمناخ 2015، بل إن بعضها يهدد بالانسحاب من حين لآخر، كما فعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

وتندّر أحد الخبراء من جدل قمة غلاسكو بإسكتلندا قائلًا: "يبدو أن المصطلح الأنسب لهذا التهرب هو زيادة إنتاج الفحم!.. يبدو أن مسار قمة شرم الشيخ لن يبتعد كثيرًا عن تلك التعليقات ما لم يتفق الكبار في إندونيسيا على خطوات جادة".

ويقول المحلل في مركز أبحاث المناخ البريطاني "إيمبر" داف جونز، إن أي رؤية جادة لتخفيض الانبعاثات الكربونية خلال هذا العقد لا بد أن تستهدف قطاع الطاقة التقليدية بالأساس.

وأضاف جونز: "الأمر أعقد من مجرد صورة عابرة لزعماء مجتمعين بشأن المناخ. هذه لحظة يجب على الحكومات أن تتحلى فيها بروح الجدية".

وبذل رئيس مؤتمر غلاسكو للمناخ (كوب 26) ألوك شارما، جهودًا مضنية خلال العام الماضي لحث قادة العالم على إرسال الفحم إلى أرشيف التاريخ، لكن يبدو أن هذه المسألة ما زالت أعقد من مجرد المناشدة والتحذير من كوارث المناخ المقبلة على كوكب الأرض.

وقُوبل اقتراح شارما بإدراج عبارة "التخلص التدريجي" من الفحم في ختام مؤتمر غلاسكو بالرفض من بكين ونيودلهي، واضطر في نهاية المؤتمر لتخفيف الصيغة والاعتذار لمندوبي الدول الأخرى وهو يبكي، في مشهد إنساني صعب يؤكد أن العواطف وحدها لا تكفي لإثناء الدول عن مسألة الفحم.

وكان من المفترض أن يكون العام الماضي (2021) نقطة انطلاق عالمية باتجاه التخلص التدريجي من الفحم بعد انخفاض استهلاكه عامي 2019 و2020.

لكن رياح الصين والهند وأوروبا وروسيا وأوكرانيا أتت بما لا تشتهيه سفن أنصار المناخ، فانقلبت دفة الخطط الحكومية رأسًا على عقب في زيادة الاعتماد على الفحم مرة أخرى، وفقًا لخطط حديثة اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق