التغير المناخيالمقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات التغير المناخي

أزمة تغير المناخ تهدد مستقبل الاقتصاد التركي (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • السلطات التركية نادرًا ما تتعامل مع الكوارث البيئية بصفتها تداعيات لتغير المناخ
  • • بسبب الجفاف، تضررت سبل عيش الناس، وازداد خطر المرض والوفاة
  • • عدد حرائق الغابات في تركيا ازداد بشكل مطّرد في السنوات الأخيرة
  • • كانت تركيا بطيئة للغاية في مواءمة سياساتها مع الاقتصاد الأخضر
  • • تركيا ستواصل جميع الإجراءات اللازمة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2053

في العام الماضي (2021)، شهدت تركيا أحداثًا قاسية نتيجة تغير المناخ، تمثلت في جفاف البحيرات، وظهور العوالق النباتية والحيوانية البحرية ونفوق طيور النُحام، التي عُدَّت رسائل تحذيرية بشأن الأزمة المناخية في البلاد.

وأشارت التقارير إلى أن عام 2020 كان "ثالث أدفأ عام" في تاريخ تركيا بعد سنة 1971، وتعرَّضت السياسات البيئية الحكومية لانتقادات بسبب عدم كفاية استجابتها ومعالجتها للتحديات.

إزاء ذلك، نادرًا ما تتعامل السلطات التركية مع الكوارث البيئية بصفتها تداعيات تغير المناخ، وغالبًا ما تبحث عن حلول قصيرة المدى للتعامل معها.

وتسبَّّب الجفاف في تضرُّر سبل عيش الناس، وازدياد خطر المرض والوفاة، وتعرُّض أمن المياه والغذاء للخطر، إذ تتسبب جميع هذه العوامل المهمة في الهجرة الجماعية.

وستُحَدَّث إستراتيجية التكيف مع تغير المناخ وخطة العمل، قبل نهاية العام، بما يتماشى مع الأهداف المتوسطة والطويلة الأجل لعامي 2030 و 2053، وسيُحَدَّث بيان المساهمة الوطنية المزمعة بحلول نهاية العام، بما يتماشى مع هدف 2053.

وشأنها شأن بقية دول العالم، تتأثر تركيا تأثُّرا عميقًا بالآثار السلبية لتغير المناخ.

وتمثّل الفيضانات في مدن أنقرة، غيرسون، ريزا، أرتوين، كاستامونو، بارتين وسينوب في الأشهر الأخيرة، وفيضان المجاري في مدينة قونية، وحرائق الغابات في مدينتَي أنطاليا وموغلا، والعوالق النباتية والحيوانية في بحر مرمرة، آثارًا سلبية لتغير المناخ.

تغير المناخ في تركيا

انتقلت تركيا إلى مرحلة جديدة في مكافحة أزمة تغير المناخ، من خلال الخطوات التي اتخذتها مؤخرًا.

فقد اتخذت الدولة في 2021، وهذا العام (2022)، خطوات مهمة، على رأسها التصديق على اتفاقية باريس للمناخ، التي تهدف إلى الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى ما دون 1.5 درجة، بحلول نهاية هذا القرن.

تغير المناخ في تركيا
سدّ ديفي غيتشيدي الجاف جزئيًا شمال غرب مدينة ديار بكر في تركيا – المصدر: رويترز

ووافق البرلمان التركي "الجمعية الوطنية الكبرى" على اتفاقية باريس للمناخ في 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

بعد قمة المناخ كوب 26، في مدينة غلاسكو الإسكتلندية، نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ستُدرَج تركيا في قائمة البلدان التي تلتزم باتخاذ تدابير صارمة للحدّ من غازات الاحتباس الحراري.

وأشار مستشارو المناخ وكبار المفاوضين الأتراك، مرارًا وتكرارًا، إلى مدى تأثير تغير المناخ في الوصول إلى الغذاء وعدم كفاية مياه الأنهار لريّ الأرض وتعطيل الزراعة وتربية الحيوانات.

وبما أن جهود الحكومة المحلية لا تركّز على زيادة وعي الناس بآثار تغير المناخ، يجب أن يوضع في الحسبان أن عدد حرائق الغابات قد ازداد بشكل مطّرد في السنوات الأخيرة، إذ تزيد التغيرات المناخية من خطر نشوب حرائق، وتجعل من الصعب منع اندلاعها السريع.

وكانت تركيا، بوصفها اقتصادا ناميًا يعتمد بشكل كبير على البناء، بطيئة للغاية في مواءمة سياساتها مع الاقتصاد الأخضر.

الطاقة المتجددة والوقود الأحفوري

خلال العقد الماضي، تضاعف إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة في تركيا 3 مرات تقريبًا، وفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية في مارس/آذار 2020.

على الرغم من ذلك، لا تزال البلاد تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري، ويبدو أنه خلال الحوادث البيئية المقلقة، ارتفع مستوى الوعي العامّ بقضايا المناخ في تركيا.

تتمثل سياسة تغير المناخ في تركيا بكون الدولة، التي بدأت التصنيع في القرن الـ20، لا تتحمل أيّ مسؤولية تاريخية عن زيادة معدل غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.

وستقوم بدورها في إطار "المسؤوليات المشتركة، ولكن المتمايزة، التي يتعين تطويرها بالتوازي مع إسهام كل دولة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ولم ترغب تركيا في اتّباع سياسات فعالة لمكافحة التغيرات المناخية العالمية منذ التسعينيات.

وقال نائب وزير البيئة والتوسع الحضري وتغير المناخ في تركيا، محمد أمين بيربينار، إن معدل عدد الأشخاص الذين يعتقدون بتأثير تغير المناخ في تركيا ارتفع إلى 85%.

ومن خلال تقديم أمثلة على انعكاسات تغير المناخ في تركيا والعالم أجمع، صرّح بيربينار بأن أنقرة بدأت العمل على البنية التحتية "لقانون المناخ" ضمن نطاق "إعلان الاستنتاج بشأن مكافحة التغيرات المناخية" المنشور.

بدوره، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستواصل جميع الإجراءات اللازمة لمكافحة التغيرات المناخية تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2053.

وأشار أردوغان إلى أن الكوارث البيئية وتلوث الهواء وسلامة المياه وفقدان الغذاء والتنوع البيولوجي ستصل إلى نقاط لا رجعة فيها، إذا لم تُتَّخَذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب.

وأوضح أنه من المهم للغاية أن تتحمل تركيا مسؤولياتها وأن تسهم بأكبر قدر ممكن في القتال لتفادي المزيد من الضرر للطبيعة.

وبحسب أردوغان، فقد وصلت تركيا إلى المركز الخامس في أوروبا، والمركز الثاني عشر في العالم، بمجال الطاقة المتجددة.

من خلال زيادة أصولها الحرجية إلى 23 مليون هكتار، أصبحت أكثر دولة زادت أصولها الحرجية في أوروبا.

وتهدف تركيا، في هذا الصدد، إلى اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2053.

الاستهلاك المفرط للمياه الجوفية

بسبب الاستخدام المفرط للمياه الجوفية، تعرضت الآبار لتهديد ملحوظ في سهل قونية وسط تركيا، الذي شهد مشكلة جفاف متزايدة في السنوات الأخيرة، وتُعدّ قونية أهم منطقة إنتاج زراعي في تركيا.

تغير المناخ في تركيا
العوالق النباتية والحيوانية تطفو على سطح مياه بحر مرمرة في يونيو 2021 - المصدر: رويترز

ويواجه مستقبل الزراعة في هذه المنطقة المخاطر بسبب انخفاض مستوى المياه الجوفية والأنشطة الزراعية المكثفة، التي تتطلب الكثير من استهلاك المياه، ولا تتوافق مع الظروف المناخية للمنطقة.

ذكرت شركة أبحاث الطاقة التركية "شورى" أن هناك حاجة إلى استثمار سنوي قدره 5.3 إلى 7 مليار دولار سنويًا حتى عام 2030، لتطوير تحول الطاقة في تركيا، التي جلبت 5.8 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر، في عام 2019.

على ضوء ذلك، يجب على تركيا معالجة اعتمادها على الوقود الأحفوري، ودراسة طريقة تطبيق الإعانات على الصناعة، إذا أرادت تركيا أن تنجح في إزالة الكربون من اقتصادها.

ويجب على الحكومة التركية أن تنظر في طرق لجعل الاستثمار في إصلاح الطاقة التركي أكثر جاذبية، إذا كانت تريد جذب استثمارات كافية في الطاقة لتطوير موارد طاقة الوقود غير أحفورية، ويجب على أنقرة أن تبحث في طرق سحب الأموال والاتفاقيات لعمليات تحوّل الطاقة.

وينبغي على تركيا أن تبدأ على الفور في تحويل اقتصادها وتحقيق المزايا المرجوّة، إذا أرادت تركيا أن تصل إلى أهدافها لعام 2053. وستساعد زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر في ذلك، لكن يجب على أنقرة صياغة خطة تفصيلية واضحة لجذب المستثمرين المحتملين.

ومن المحتمل أن تؤدي حرائق الغابات المحلية في الصيف الماضي إلى زيادة الوعي بالمخاطر الناجمة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض، فقد زاد عدد حرائق الغابات بشكل مطّرد في السنوات الأخيرة.

ونظرًا لارتفاع مستوى سطح البحر، قد تُغمر القصور الواقعة بجانب الماء على مضيق البوسفور الشهير بحلول نهاية القرن.

ختامًا، لا يزال هناك العديد من الأسئلة المتعلقة باستجابة تركيا لتغير المناخ، ولكن يبدو أن الحاجة إلى العمل في هذا البلد تزداد يومًا بعد يوم.

الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق