التقاريرتقارير النفطرئيسيةسلايدر الرئيسيةنفط

بعد قرار أوبك+.. هل تسعى أميركا لتحقيق استقلال الطاقة؟ (تقرير)

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • على مدى عقود، أكد العديد من الرؤساء الأميركيين أهمية "استقلال الطاقة" للولايات المتحدة
  • • تقلُّص العرض في السوق بشكل طفيف يمكن أن يؤثّر بالأسعار في أميركا
  • • بسبب تفوّق استهلاكها على إنتاجها، يتعين على أميركا شراء النفط من السوق العالمية
  • • حتى لو تطابق إنتاج أميركا تمامًا مع طلبها، ستظل تستورد النفط وتصدّره باستمرار

اتّسم ردّ فعل الولايات المتحدة بالفتور تجاه قرار تحالف أوبك+ (منظمة البلدان المصدّرة للنفط "أوبك" وشركائها) خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل من النفط يوم الأربعاء 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

ويرى البيت الأبيض القرار بأنه "قصير النظر"، وتعهد في الوقت نفسه بالبحث عن بدائل لإمدادات النفط، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأثار قرار تحالف أوبك+ بخفض النفط تساؤلات لدى المحللين، نظرًا لأن العديد من الرؤساء الأميركيين أكدوا أهمية "استقلال الطاقة" في الولايات المتحدة، على مدى العقود القليلة الماضية.

وادعى الرئيس السابق دونالد ترمب أن الولايات المتحدة -في عهده- حققت استقلال الطاقة، لكنها خسرته في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن.

وقد كانت الولايات المتحدة، منذ عام 2018، أكبر منتج للنفط والغاز في العالم ومصدِّرًا صافٍيًا - لأنها تصدّر أكثر مما تستورد.

أسعار النفط الأميركي

تُعدّ الإجابة عن سبب اعتماد أسعار النفط الأميركي على قرارات أوبك+ معقّدة، شأنها شأن سوق النفط العالمية، حسبما أشارت الكاتبة المتخصصة في شؤون المناخ لدى صحيفة واشنطن بوست (Washington Post) الأميركية شانون أوساكا.

أوبك+
سعر غالون البنزين يتخطى 8 دولارات في محطة وقود بمدينة لوس أنجلوس يوم الخميس 6 أكتوبر/تشرين الأول – المصدر: وكالة أسوشيتد برس

وقد أعطت نائبة رئيس أبحاث النفط في شركة الأبحاث والاستشارات العالمية وود ماكنزي، آن-لويس هيتل، إجابة أكثر وضوحًا، بقولها، إن طلب الولايات المتحدة لا يزال يفوق العرض لديها.

وأضافت أن الولايات المتحدة أكبر منتج في العالم، لكنها أكبر مستهلك في العالم أيضًا، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وأوضحت أنه بينما تنتج الولايات المتحدة 18.8 مليون برميل من النفط يوميًا، فإنها تستهلك أكثر من ذلك بقليل -20.5 مليون برميل يوميًا- ويستهلك العالم عمومًا نحو 100 مليون برميل يوميًا. ويعني هذا الاختلاف أنه يتعين على الولايات المتحدة شراء النفط من السوق العالمية.

على هذا الأساس، عندما يتقلص العرض في السوق بشكل طفيف، كما هي الحال جرّاء قرار أوبك+، يمكن أن يؤثّر ذلك بالأسعار في الولايات المتحدة.

ويرى المحللون أنه حتى لو تطابق الإنتاج الأميركي تمامًا مع الطلب الأميركي، فستظل الدولة تستورد النفط وتصدّره باستمرار.

وتؤثّر صفات النفط الخام الذي يمكن أن يكون ثقيلًا أو خفيفًا، حلوًا أو حامضًا، في مقدار الحاجة إلى تكريره وعلى الاستخدامات.

لذلك تقوم شركات النفط الأميركية باستمرار بتصدير النفط الخام واستيراد النفط المكرر، والعكس صحيح.

يوجد تفسير آخر أكثر تعقيدًا لتغيّر أسعار النفط في الولايات المتحدة.

وقال مؤسس ورئيس مجموعة رابيدان للطاقة، مؤلف كتاب "تقلب النفط الخام: تاريخ ومستقبل أسعار النفط المزدهرة، بوب مكنالي، عندما يتعلق الأمر بحماية الاقتصاد الأميركي من صدمات أسعار النفط العالمية، فإن كون البلاد منتجًا كبيرًا ليس مهمًا كثيرًا.

وأوضح أن القوة الحقيقية في سوق النفط تنبع من القدرة على تحقيق استقرار الأسعار.

الطاقة الإنتاجية الفائضة

يرى مؤسس ورئيس مجموعة رابيدان للطاقة، بوب ماكنالي، أن الأمر الأكثر أهمية لتحقيق استقرار أسعار النفط العالمية هو "الطاقة الإنتاجية الاحتياطية"، التي تُعرّف على أنها مقدار ما يمكن للمنتج زيادة إنتاجه من النفط في غضون 30 يومًا.

ويشير إلى أن هذه الطاقة الإنتاجية الفائضة تسمح للمنتج -مثل دول تحالف أوبك+- بزيادة أو إبطاء إنتاج النفط بشكل أساسي حسب الرغبة، ما يؤدي إلى تغيير الأسعار العالمية، وفقًا لما نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

تجدر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية تمتلك قدرًا هائلًا من الطاقة الإنتاجية الفائضة، يصل إلى نحو 2 مليون برميل من النفط يوميًا.

فيما مضى، كانت الولايات المتحدة تملك طاقة إنتاجية فائضة بإدارة لجنة تكساس للسكك الحديدية.

ونظرًا لصعوبة الوصول إلى النفط، وحلول النفط الصخري الذي يصعب الوصول إليه، محلّه، اختفت تلك الطاقة الإنتاجية الفائضة في الولايات المتحدة.

علاوة على ذلك، لا يمكن لمنتجي النفط الأميركيين، وكثير منهم مدين بالفضل لمساهميهم، الاحتفاظ بالطاقة الفائضة بالطريقة نفسها مثل نظرائهم في الشرق الأوسط.

وقالت نائبة رئيس أبحاث النفط في شركة الأبحاث والاستشارات العالمية وود ماكنزي، آن-لويس هيتل هيتل: "إن الحفاظ على الطاقة الإنتاجية الفائضة أمر مكلف، ولهذا السبب لا يحتفظ بها المنتجون الآخرون".

وأضافت أن المستثمرين في الولايات المتحدة لن يتحملوا أبدًا إنفاق رأس المال لتطوير الإنتاج ثم تركه في وضع الانتظار حتى تأتي الفرصة المناسبة.

دور أميركا في السوق العالمية

يرى بعض الباحثين أن الحكومة الأميركية يمكن أن تعد بشراء المزيد من النفط لدعم احتياطي النفط الإستراتيجي، وهو مخزون من مئات الملايين من براميل النفط التي من المفترض أن تساعد في حماية المستهلكين الأميركيين من صدمات أسعار النفط.

أميركا وقرار أوبك+
احتياطي النفط الإستراتيجي الأميركي - الصورة من بلومبرغ

وقد أمر الرئيس الأميركي جو بايدن في وقت سابق من هذا العام بسحب مليون برميل من النفط يوميًا في محاولة لخفض أسعار النفط.

ويقول الخبراء، إن احتياطي النفط الإستراتيجي أصبح مستنفدًا بشكل مقلق، وإنه ليس أداة قوية بما يكفي لمواجهة قرارات تحالف أوبك+.

وقال مؤسس ورئيس مجموعة رابيدان للطاقة، بوب ماكنالي، إن الأمر يشبه استخدام مسدس رش الماء في معركة بالأسلحة النارية مع رجال مسلحين.

وبيّن أنه إذا أصبح احتياطي النفط الإستراتيجي شديد النقص، فإن أسعار النفط سترتفع بشكل أسرع، ولن يكون هناك إجراء لحماية المستهلكين الأميركيين.

بدوره، حثّ الرئيس بايدن منتجي النفط في الولايات المتحدة لمزيد من التنقيب للمساعدة في خفض الأسعار، على الرغم من أن الرئيس لا يملك سلطة إصدار أوامر للشركات بإنتاج المزيد.

وأصبحت شركات النفط، المنهكة جرّاء انهيار الأسعار في بداية 2020، مترددة في تكرار الأخطاء نفسها.

وأشار ماكنالي إلى أن أفضل شيء يمكن للولايات المتحدة أن تفعله على المدى القصير هو ألّا تجعل الوضع يتفاقم.

وأكد أنه لا توجد عصا سحرية لمواجهة تقلّب الأسعار على المدى القصير، مشيرًا إلى الطريق وعرة باتجاه إيجاد بديل للنفط قابل للتطوير وبأسعار معقولة وموثوق به في قطاع المواصلات والنقل.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق