التقاريرتقارير الغازتقارير الكهرباءتقارير النفطتقارير الهيدروجينروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةغازكهرباءنفطهيدروجين

كيف تستفيد الأسواق من أزمة الطاقة عقب غزو أوكرانيا؟ وود ماكنزي تُجيب

وحلول للتوازن بين الطلب على الطاقة والأهداف المناخية..

هبة مصطفى

اقرأ في هذا المقال

  • خفض الطلب على الوقود الأحفوري سبيل انتقال الطاقة الحقيقي
  • أوروبا تعتمد على روسيا بنسبة 35% للغاز و18% للنفط و15% للفحم
  • الكهرباء الأحفورية تفوّقت على المتجددة بحصة توليد 60% في 2021
  • الطاقة النووية وتقنيات التخزين والهيدروجين تدعم أمن الطاقة
  • لتحقيق الحياد الكربوني في 2050.. التخلص من 5 مليارات طن سنويًا من الكربون
  • 5 دورس كشفت عنها أزمة الطاقة عقب كورونا وغزو أوكرانيا

عادت أزمة الطاقة إلى السطح من جديد، بعدما هددت الأزمات المتوالية -مؤخرًا- أمن الإمدادات، فمن جائحة كورونا إلى الغزو الروسي لأوكرانيا ظل هناك عامل مشترك يتمثّل في قلب معايير الأسواق واضطراب الإمدادات ومعدلات الأسعار.

وكانت أزمة الطاقة الأخيرة بالأسواق العالمية الأشد نوعًا ما، إذ إنها دفعت أسعار النفط والغاز والفحم للصعود إلى مستويات قياسية، لكن كان لها وجه آخر، إذ كشفت عن نقاط ضعف أنظمة الطاقة العالمية منذ سنوات وعقود.

وحدّد تقرير صادر عن مؤسسة وود ماكنزي لأبحاث الطاقة -لشهر أبريل/نيسان- 5 دروس مستفادة من أزمة الطاقة التي تعانيها الأسواق حاليًا، ودور الحكومات والمستثمرين والشركات لتجاوزها، بما يضمن عدم الإخلال بالتعهدات المناخية.

الوقود الأحفوري

أثبت اضطراب الأسواق -عقب جائحة كورونا وغزو أوكرانيا- أن انتقال الطاقة الحقيقي يجب أن يبدأ من العمل على خفض الطلب، بدلًا من خطط خفض المعروض.

فتعرُّض الأسواق لعوامل: خفض المعروض، وزيادة الطلب، ونقص الاستثمارات في أصول النفط والغاز، قد يدفع أسعار الطاقة نحو الصعود إلى مستويات قياسية.

أزمة الطاقة
أزمة الطاقة في أوروبا - الصورة من موقع نيو ستيتسمان

وطرح التقرير سبلًا للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري تسمح بخفض الطلب عليه بصورة حقيقية في 3 قطاعات.

  • النقل: يمكن دعم نشر استخدام السيارات الكهربائية، والاعتماد على الوقود الحيوي.
  • توليد الكهرباء: نشر تقنيات الهيدروجين، والطاقة المتجددة، والطاقة النووية.
  • التدفئة: يمكن الاعتماد على المضخات الحرارية.

ورغم أن أزمتي جائحة كورونا وحرب أوكرانيا كانتا وراء أبرز الهزات التي تعرضت لها أسواق فإن تأثيرهما كان مختلفًا، إذ استشهد التقرير بالانخفاض الذي سجلته أسعار النفط خلال وقت الجائحة، بالتزامن مع الإغلاقات التي دعّمت انخفاض الطلب بنسبة 20% في أبريل/نيسان عام 2020.

في المقابل، دفع الصراع الجيوسياسي بين روسيا وأوكرانيا وانتهى بغزو الأخيرة في 24 فبراير/شباط الماضي، نحو ارتفاع أسعار الطاقة (أسعار النفط، والغاز، والفحم) -خاصة في أوروبا- في ظل اضطراب الإمدادات والعقوبات المفروضة على موسكو.

وظهر للأسواق العالمية جليًا مدى اعتماد القارة الأوروبية على إمدادات الطاقة الروسية، وما تبعه من تداعيات تُشير إلى فقر البدائل قصيرة الأجل المطروحة.

الغاز المسال

دفع ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا -خلال الربع الأخير من العام الماضي، إثر انخفاض الواردات الروسية عقب التعافي من جائحة كورونا وزيادة الطلب ومخاوف نقص المخزون خلال فصل الشتاء- نحو رفع أسعار الغاز في السوق الآسيوية.

وقلب الغزو الروسي لأوكرانيا معدلات أسعار الغاز بالأسواق الأوروبية رأسًا على عقب بصورة تفوق ارتفاعات أسعار النفط والفحم، نظرًا إلى مدى اعتماد القارة العجوز على الواردات الروسية بما يصل إلى 35% للغاز، و18% للنفط، و15% للفحم، ما أشعل أزمة الطاقة من جديد.

وأثرت أسعار الغاز الأوروبية في الأسواق العالمية كافة فور الغزو الروسي لأوكرانيا قبل ما يزيد على الشهرين، ما يُعد دلالة على تكامل أسواق الغاز واندماجها.

ويتطلّب التعامل مع هذا الاندماج دعم مرونة العرض والطلب بصورة أكبر، لتجنّب تأثيرات أزمات الطاقة الكبرى، وطرح التقرير مجموعة من الإجراءات التي يمكّنها تعزيز ذلك من ضمنها التوسع في مصادر المعروض والواردات بموجب العقود طويلة الأجل، وتعزيز البنية التحتية اللازمة لذلك، بجانب مرونة أسواق الكهرباء.

وأسهمت محطات الكهرباء العاملة بالفحم في أوروبا والعاملة بالنفط في آسيا في كبح الارتفاع الجنوني لأسعار الغاز بطرح نفسها بدائل لتوليد الكهرباء، لكن السياسات المناخية قلّصت من طموح تلك البدائل.

وفي غضون السنوات الـ10 الأخيرة، زادت حصة الغاز المسال ضمن حصص التجارة العالمية من 35% عام 2010 إلى 50% العام الماضي.

كما ظهر الغاز المسال الأميركي خلال تلك المدة مصدرًا ثانويًا للواردات، لكنه أسهم في ظبط التسعير ما بين الأسواق الأميركية والأوروبية والآسيوية.

أكبر مصدري الغاز المسال إلى أوروبا في 2021

الكهرباء.. الأمان والموثوقية

تحديات المصادر المتجددة

أظهرت أزمات الطاقة التي ضربت الأسواق -مؤخرًا- ضرورة ضمان مرونة إمدادات الكهرباء وأمانها، ورغم التوسع في إنتاج المصادر المتجددة (الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح)، فإن إنتاج الكهرباء عبر مصادر الوقود الأحفوري أثبت تفوّقه بنسبة 60% من إمدادات الأسواق العام الماضي.

ورغم أن المصادر المتجددة أكثر نظافة، فإنها تفتقر إلى تحقيق أمن الإمدادات، والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة خير مثال على ذلك، إذ إنهما عكفا على تطوير 428 غيغاواط منذ بداية القرن الجاري عبر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لكن في الوقت ذاته ارتفع اعتمادهما على واردات الوقود الأحفوري من 44 إلى 60% خلال المدة ذاتها.

ويُعزى ذلك للحاجة إلى تقنيات تضمن أمن وموثوقية الكهرباء المتجددة خاصة أن التوليد عبر المصادر المتجددة يخضع لعوامل طبيعية متعلقة بالطقس، ومن ضمن تلك التقنيات طرق تخزين الكهرباء المُبتكرة باستخدام بطاريات الليثيوم أيون.

الطاقة النووية بديل ملائم

تختلف تلك التقنيات في مدى قابلية تطبيقها، إذ إنها غير ملائمة لأوروبا وأميركا الشمالية خلال مدة تعرُّض بعض المناطق لغياب سطوع الشمس.

وتبرز هنا معضلة تواجه مصادر الطاقة المتجددة، فرغم انخفاض تكلفة توليد الكهرباء منها فإن الحفاظ على أمن وموثوقية استقرار الشبكة والإمدادات قد يتطلب تكلفة باهظة.

وعوّل تقرير وود ماكينزي على الطاقة النووية باعتبارها قد تُسهم في تجاوز أزمة اضطراب إمدادات الكهرباء خاصة في المملكة المتحدة وفرنسا، غير أن هذا الحل -أيضًا- قد لا يكون منطقيًا فيما يتعلق بتكلفة إنشاء محطات جديدة في أوروبا وأميركا.

وخلص التقرير إلى أنه وإن أثبتت أزمة الطاقة الأخيرة أهمية البحث عن مصادر متنوعة لتوليد الكهرباء، إلا أن الدعم وخفض الضرائب أمر مهم لتجاوز الأزمة الفورية.

الاتحاد الأوروبي - أزمة الطاقة

التقنيات المبتكرة.. التخزين والهيدروجين

تجاوز أزمات الطاقة بالتوازي مع مراعاة السياسات المناخية، وتوليد الكهرباء منخفضة الكربون، يتطلب الاعتماد على تقنيات مبتكرة من ضمنها المفاعلات النووية المعيارية صغيرة الحجم التي تتغلّب على تكلفة إنشاء محطات نووية كبرى، وكذلك التوسع في الاعتماد على الطاقة الحرارية، والتخزين طويل الأجل للطاقة، والهيدروجين والأمونيا.

ويُعد الهيدروجين خيارًا جذابًا ومنخفض الانبعاثات لتوليد الكهرباء النظيفة خاصة في ظل ارتفاع أسعار الغاز، ويمكن للدول كافّة إنتاجه على الصعيد المحلي أو استيراده.

وخططت المفوضية الأوروبية لاستيراد 10 ملايين طن منخفض الكربون بحلول عام 2030، جنبًا إلى جنب مع 10 ملايين طن إضافية تُنتج محليًا.

ومن جانب آخر، لتحقيق الحياد الكربوني في ظل أزمة الطاقة الحالية تبرز أهمية التوسع في تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، وتسمح تلك التقنية بالتمهيد لخطط انتقال الطاقة دون الاستغناء عن الوقود الأحفوري بصورة فورية في تلك الآونة التي تشهد اضطرابًا في إمدادات الطاقة العالمية.

ويتطلب تحقيق الحياد الكربوني العالمي بحلول عام 2050 وصول سعة التخلص من الكربون 5 مليارات طن سنويًا بحلول عام 2035، وفق تقديرات وود ماكينزي.

وحول التدفئة، يمكن التوسع في الاعتماد على المضخات الحرارية أكثر كفاءة وتطوير أنظمة العزل.

وبصورة إجمالية، التقنيات المبتكرة يجب ألا تقتصر على التطور الذي يحرزه القطاع الخاص، نظرًا إلى أن الإطار الزمني المطروح عالميًا لمكافحة التغيرات المناخية يتطلب دفعًا حكوميًا بدور رئيس وفاعل.

تغيير ملامح الأسواق

ربما تُحرّك أزمة الطاقة التي لحقت بالأسواق العالمية مؤخرًا المياه الراكدة بها، وتعيد رسم خريطة الأسواق وتكتلات التعاون مرة أخرى.

ورغم تأثير الصراعات الجيوسياسية في إمدادات الطاقة، فإنها قد تدفع نحو تطوير الإنتاج المحلي -عالميًا- لتحقيق الاكتفاء الذاتي، في محاولة لإدارة مخاطر الاعتماد على الواردات الخارجية التي قد تكون سلاحًا ضمن الصراعات السياسية.

ودعا تقرير وود ماكينزي إلى الاستفادة من خريطة الأسواق خلال جائحة كورونا وحرب أوكرانيا وإشعالهما أزمة الطاقة بالأسواق، سواء مخاطر الاعتماد على الوقود الأحفوري أو حتى التقنيات منخفضة الكربون.

وتوقع التقرير تسبُّب أزمة الطاقة في تغيير ملامح وخريطة التعاون بين الأسواق، بما يسمح للصين بالتوسع بصورة أكبر في إنتاج بطاريات الليثيوم أيون والوحدات الشمسية وتوربينات الرياح، خاصة أن سلاسل التوريد الخاصة بها تتسم بالتكلفة المنخفضة مقارنة بمثيلاتها.

وأكد أن العلاقات الأوروبية والروسية لن تعود كسابق عهدها قبل غزو أوكرانيا، خاصة أن الاتحاد الأوروبي يسعى لإنهاء الاعتماد على واردات النفط والغاز والفحم من روسيا بحلول عام 2027.

ومن غير المرجح توقف روسيا عن البحث عن أسواق ومشترين جدد، وقد تظهر الصين بديلًا للمشترين الأوروبيين من إمدادات روسيا، وعلى النقيض تتجه الأسواق الأوروبية إلى الغاز المسال الأميركي بالتوازي مع زيادة إنتاج الغاز الطبيعي والهيدروجين محليًا.

ما حلول أزمة الطاقة؟

لتجاوز أزمة الطاقة بصورة فعلية، اقترح التقرير إعادة توجيه صانعي القرار (الحكومات، والمستثمرون، والشركات) إلى الجهود المطروحة حاليًا بصورة أكثر تأثيرًا.

الحكومات:

دعا التقرير الحكومات إلى دمج الخطط المناخية ضمن الخطط طويلة الأمد للدول خلال رحلتها نحو انتقال الطاقة، ما يجعل تحركها مدروسًا وليس مجرد رد فعل لضغوط أزمة الطاقة ذات المدى القصير.

أزمة الطاقة
روشتة تجاوز الدول أزمة الطاقة دون الإخلال بالالتزامات المناخية - الصورة من يورونيوز

وبجانب ذلك، يتعيّن على الحكومات إدارة الطلب بعيدًا عن الوقود الأحفوري، إذ إن التحكم في الطلب وخفضه يُعد مسارًا أفضل من خفض المعروض.

ومن ضمن الأدوات التي يمكن أن تعتمد عليها الحكومات تذليل التحديات أمام استثمارات مصادر الطاقة ذات الكربون المنخفض، وتحديد السياسات اللازمة لتجنب تقلب أسعار الوقود الأحفوري خلال رحلة انتقال الطاقة، وفق تقرير وود ماكينزي.

المستثمرون:

طالب تقرير وود ماكينزي المستثمرين بإجراء مراجعات للخطط المناخية في ظل مخاوف أمن الطاقة، وعدم الانخراط في استثمارات الوقود الأحفوري دون غيرها.

وأكد التقرير أن التركيز على استثمارات الوقود الأحفوري يهدد أمن الطاقة، وكذلك يصيب مستهدفات الحياد الكربوني بالارتباك.

واعتبر التقرير أن أزمة الطاقة تُعد فرصة مهمة للمستثمرين للاستفادة من تقنيات ضمان أمن إمدادات الطاقة منخفضة الانبعاثات.

الشركات:

أما بخصوص الشركات فاعتبر تقرير وود ماكينزي أن أزمة الطاقة عززت الحاجة إلى زيادة الاستثمارات، وقدر حجم الاستثمار المطلوب لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050 بما يقارب 60 تريليون دولار أميركي.

ويتطلب ضمان أمن الطاقة إجراءات فورية للشركات، من ضمنها التوسع في البنية التحتية منخفضة الكربون، بالتوازي مع تخصيص حجم إنفاق على استثمارات الوقود الأحفوري لمواكبة الطلب.

وشدد التقرير على أن الشركات في المرحلة المقبلة يجب أن تتلقى دعمًا من الحكومات لتحقيق التوازن بين ضمان أمن الطاقة والخطط المناخية، وهو ما تضمنته التقنيات المبتكرة كتخزين إنتاج الطاقة المتجددة والهيدروجين.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق