التقاريرتقارير الغازرئيسيةغاز

صادرات الغاز المسال الأميركية تهجر قناة السويس والبحر الأحمر

وفق بيانات حتى 17 يناير الجاري

هبة مصطفى

يبدو أن توترات البحر الأحمر والأحداث الراهنة دفعت نحو تغيير مسار صادرات الغاز المسال الأميركية، التي فضّلت خلال شهر يناير/كانون الثاني 2024 طريق رأس الرجاء الصالح الأطول، حسب بيانات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وكشفت البيانات أرقامًا صادمة حول مرور الشحنات الأميركية عبر قناة السويس حتى أمس الأربعاء 17 يناير/كانون الثاني، إذ لم تمرّ أيّ شاحنات عبر هذا الطريق خلال هذه المدة.

وتوافقت هذه البيانات مع ما أعلنته هيئة القناة في 12 من الشهر الجاري، بعدما أكد رئيسها، الفريق أسامة ربيع، هبوط إيرادات القناة خلال الأيام الـ11 الأولى من العام بنسبة 40%، مقارنة بالمدة ذاتها العام الماضي 2023.

وكانت قناة السويس الممر الرئيس لعبور صادرات الغاز المسال الأميركية إلى آسيا، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وتغيرت هذه المسارات مع هجمات الحوثيين على بعض السفن في البحر الأحمر والرد الدولي عليها بقيادة أميركية.

بيانات الصادرات

بلغ حجم صادرات الغاز المسال الأميركية -حتى 17 يناير/كانون الثاني- 4.55 مليون طن متري، وفق تقديرات ستاندرد أند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights).

وتفصيليًا، اتخذ 280 ألف طن متري من إجمالي هذه الصادرات قناة بنما وجهة للشحن، في حين حظي طريق رأس الرجاء الصالح الأكثر طولًا بنصيب الأسد، إذ نُقل عبره ما يصل إلى 530 ألف طن متري.

إحدى ناقلات صادرات الغاز المسال الأميركية
ناقلة أميركية محمّلة بالغاز المسال - الصورة من Marine Link

ولم تكشف بيانات صادرات الغاز المسال الأميركية حتى 17 من الشهر الجاري عن مسار توجّه شحنات الأطنان المتبقية، غير أنها أكدت عدم مرور أيٍّ منها عبر قناة السويس.

وتشكّل هذه التغيرات ضغطًا على الإيرادات المصرية التي تعدّ قناة السويس موردًا رئيسًا بها، إذ تخطّت عائداتها حاجز 10 مليارات دولار في 2023، وكانت الوجهة المفضلة لوجهات الشحن العالمية، نظرًا لتوفيرها مليون دولار كانت تكلّفها كل ناقلة حال مرورها بطريق رأس الرجاء الصالح الأطول.

ولم يتأثر مسار صادرات الغاز الأميركية فقط، لكن الأحداث المتصاعدة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، تسببت في تغيير خريطة الشحن الملاحي بصورة عامة، ما يحمل دلالات مهمة لأسواق الطاقة ومستويات الأسعار.

مسار الشحنات

يختلف مسار شحنات صادرات الغاز المسال الأميركية منذ بداية عام 2024 حتى 17 يناير/كانون الثاني، عن مسار شحنات الشهرين السابقين.

وبلغت الصادرات الإجمالية لشهر ديسمبر/كانون الأول نهاية العام الماضي 8.82 مليون طن متري، كان نصيب قناة السويس منهم 360 ألف طن متري فقط، في حين استقبلت قناة بنما 790 ألف طن متري، وحافظَ طريق رأس الرجاء الصالح على الحصة الكبرى بنحو 1.23 مليون طن متري.

وقبيل تصاعد حدّة التوترات، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، كان مسار الشحن البحري يُشير إلى العزوف عن المرور في قناة بنما بفعل عوامل الجفاف، وبلغت شحنات صادرات الغاز المسال الأميركية في هذا الشهر 430 ألف طن متري، بانخفاض من مستويات شهر أكتوبر/تشرين الأول السابق له، البالغة 930 ألف طن متري.

وكانت قناة السويس المصرية الممر الملاحي الأبرز لصادرات الغاز المسال من أميركا في الشهر ذاته بنحو 1.22 مليون طن متري، مقابل 500 ألف طن متري مرّت عبر طريق رأس الرجاء الصالح.

وبلغت صادرات الغاز المسال الأميركية عبر قناة السويس قدرها 710 ألف طن متري في أكتوبر/تشرين الأول 2023، مقابل 580 ألف طن متري عبر طريق رأس الرجاء الصالح.

ماذا بعد؟

تُشير التقديرات إلى أن طريق رأس الرجاء الصالح -المعروف اختصارات باسم كيب (Cape)- سيستضيف المزيد من شحنات صادرات الغاز المسال الأميركية خلال الأيام المتبقية من الشهر الجاري.

وأُسست هذه التقديرات على استمرار هجمات الحوثيين على سفن البحر الأحمر، واحتمالات تصاعد الأحداث، وردود أفعال التحالف الذي تقوده أميركا، ونفَّذ بالفعل ضربة جوية لمواقع قد تكون مقرًا لشنّ الهجوم على السفن.

ويكشف الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم صادرات الغاز المسال الأميركية، من عام 2019 حتى عام 2023:

صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال

ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل يعكس مسار الرحلات الأطول عبر طريق "كيب" المخاوف من تراجع عدد الناقلات المتوفرة للتحميل والشحن، خاصة أن رحلة الناقلات عبر هذا الطريق تستغرق أسبوعين أطول من مدة الشحن عبر قناة السويس.

وتُلقي المسافات الإضافية والمدة الزمنية الأطول لرحلات الناقلات بظلالها على أسعار الشحن، إذ أثارت اضطرابات حركة الشحن في البحر الأحمر مخاوف شركة ميرسك الدنماركية (Maersk)؛ نظرًا لما قد تفرضه من تداعيات اقتصادية وتضخمية هائلة، بعد أن اضطرت إلى تحويل خط سير السفن.

وتوقّع رئيس شركة "ميرسك" الدنماركية، فانسان كليرك، ارتفاع فواتير الوقود بنسبة 50% إثر تغير مسار الشحنات وسلوكها مسافة أطول، مشيرًا إلى أن عدم استقرار الأوضاع يهدد الخدمات اللوجستية وسلاسل التوريد، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

أسواق الطاقة

بخلاف تغير مسار شحنات صادرات الغاز المسال الأميركية، شهدت أسواق الطاقة تداعيات إضافية مع تصاعد التوترات في البحر الأحمر.

وسجلت أسعار النفط ارتفاعًا، خلال الأسبوع الثالث من شهر ديسمبر/كانون الأول نهاية 2023، وأبدى مستشار تحرير منصة الطاقة خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، قلقه من إمكان ارتفاع أسعار النفط رغم أن هجمات الحوثيين حينها اقتصرت على سفن شحن دول بعينها دون المساس بناقلات النفط والغاز.

وأوضح -خلال إحدى حلقات "أنسيات الطاقة"، بعنوان "أسواق النفط في 2024 ودور السعودية وروسيا" على منصة إكس- أن الإعلان الأميركي عن تشكيل تحالف عسكري لحماية الملاحة في البحر الأحمر أدى إلى ارتفاع أسعار النفط.

وقال الحجي، إن هناك عوامل مؤثرة في أسواق الطاقة مؤخرًا، إذ إن أساطيل التحالف المشترك بقيادة أميركا تحيط بقناة السويس شمالًا وجنوبًا، بالإضافة إلى أن تجاوز تداعيات الجفاف على حركة المرور بقناة بنما يستغرق وقتًا طويلًا.

وأشار إلى أن أسعار النفط قد ترتفع في ظل استمرار عزوف الناقلات عن المرور بقناة السويس، خاصة مع اضطرار الناقلات إلى المرور من طريق رأس الرجاء الصالح، ما يرفع تكلفة الرحلات، بجانب استمرار حالة الجفاف في قناة بنما.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق