سلايدر الرئيسيةتقارير الغازتقارير الكهرباءعاجلغازكهرباء

أسعار الغاز.. كيف تسببت إجراءات بريطانيا في إفلاس شركات الطاقة؟

تعرفات الكهرباء الثابتة والرخيصة تفاقم خسائر مزوّدي الطاقة

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • أدى ارتفاع أسعار الجملة للغاز في جميع أنحاء العالم إلى اضطراب وارتفاع الأسعار
  • دفع تقلّب الأسعار واللوائح التنظيمية إلى إفلاس مزوّدي الطاقة وإفقار المواطنين في بريطانيا
  • تعتمد بريطانيا على الغاز فيما يقرب من 40% من توليد الكهرباء
  • النمو السريع هو نتيجة غير مقصودة لنظام إفلاس مزوّدي الطاقة الحالي

يهدف نظام تنظيم أسعار الطاقة الفريد في بريطانيا إلى إبقاء فواتير الطاقة بمتناول الجميع، وفي عام 2021، أتاح هذا النظام الفرصة لأسعار الغاز والكهرباء المرتفعة كي تستنفد هوامش الربح، مما تسبّب في إعلان 25 من المرافق العامة إفلاسها.

ويتوقع محللون أن يتكرر الوضع في عام 2022، ولكن بتكلفة أكبر للمستهلكين، وأن يوفر تحوّل الطاقة مخرَجًا من هذه الحالة.

وفي حين أدى ارتفاع أسعار الغاز بجميع أنحاء العالم إلى اضطراب وارتفاع الأسعار للمستهلكين في العديد من البلدان، دفع تقلّب الأسعار واللوائح التنظيمية إلى إفلاس مزوّدي الطاقة وإفقار المواطنين في بريطانيا، حسب تقرير نشره موقع "إنرجي مونيتور".

وبينما تستمر معاناة الشركات والمستهلكين، بدأ الهيئات التنظيمية والسياسيون في مناقشة طريقة إعادة تشكيل النظام، ولا يزال تصميم سوق الطاقة الجديد في بريطانيا غير مؤكد، ولكن يبدو أنه سيشهد تغييرًا.

محاصرة سوق الطاقة في بريطانيا

في عام 2019، أدخلت هيئة تنظيم قطاع الطاقة في بريطانيا "أوفجيم" حدودًا جديدة للرسوم على جميع فواتير الطاقة الاستهلاكية.

ويهدف الإجراء إلى منع المرافق من رفع أسعار التعرفات القديمة إلى ما هو أكثر من معدلات السوق؛ إذ تقوم الهيئة التنظيمية بمراجعة سقف التعرفة هذا كل 6 أشهر، وتغييره بما يتماشى مع معدلات السوق التي لوحظت سابقًا حسب الحاجة.

وتقول "أوفجيم"، إن هذا الإجراء يضمن أن تكون أسعار التعرفات الأساسية عادلة، وتعكس التكلفة.

وبحلول نهاية عام 2021، أدت مجموعة من العوامل المناخية والجيوسياسية بأسعار الغاز بالجملة الدولية وغاز النفط المسال إلى ارتفاعات شديدة وطويلة الأمد.

وارتفعت فواتير الطاقة في جميع أنحاء العالم لتتناسب مع تكلفة الأعمال، وتسبّب النظام المصمم لإبقاء الأسعار منخفضة في بريطانيا بمشكلة، ولم يعد بإمكان المرافق الاستفادة من خدمة عملائها عند ارتفاع الأسعار الفورية للغاز إلى ما بعد سقف التعرفة الاستهلاكية.

وقد تتسبّب طلبات جديدة للغاز في وقوع خسائر كبيرة، وتصبح أكثر تكلفة نتيجة ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء وزيادة استخدام الطاقة في أشهر الشتاء الباردة؛ إذ تعتمد بريطانيا على الغاز فيما يقرب من 40% من توليد الكهرباء، لذلك تزامن ارتفاع سعر الكهرباء مع نقص الغاز.

وحصلت الشركات على مهلة إعفاء طفيفة، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، عندما ارتفع سقف التعرفة كما هو مقرّر؛ ما سمح ذلك للشركات بنقل بعض التكاليف إلى المستهلكين، الذين تحمّلوا بعد ذلك أعباء تكاليف أسعار الغاز.

واستمرت تكاليف البيع بالجملة في الارتفاع، وسرعان ما تجاوزت الحدّ الأقصى الجديد للتعرفة.

ويتوقع المستهلكون، حاليًا، زيادة في فواتير الطاقة (أسعار الغاز والكهرباء) لمواكبة ارتفاع تكلفة المعيشة، وعبّر سكان بريطانيا الفقراء عن صعوبة توفير الطعام والتدفئة وضرورة الاختيار بينهما.

في الوقت نفسه، فإن الشركات التي تدفع السكان إلى الاستدانة تتجه هي نفسها نحو الإفلاس؛ لأن سوق الطاقة في بريطانيا أصبحت غير مربحة.

الكهرباء في بريطانيا
خطوط الكهرباء في بريطانيا - أرشيفية

نظام سقف التعرفة

يهدف نظام سقف التعرفة في الأصل إلى حماية المستهلكين الذين لا يتعاملون مع تعرفة جديدة، إلّا أن النظام أصبح سببًا للمشكلة الآن، وفقًا لما نشره موقع "إنرجي مونيتور".

ولا يستطيع معظم المستهلكين حاليًا تبديل التعرفات أو المورّدين، إذ تظل المرافق مترددة في قبول عملاء جدد أو تقديم فواتير أرخص.

ووفقًا للهيئة التجارية للطاقة في المملكة المتحدة، فإن عدد العملاء الذين قاموا بتبديل مورد الطاقة في ديسمبر/كانون الأول 2021 مثّل ما يقرب من ثلث عدد الذين فعلوا ذلك قبل عام واحد.

ومثّل هذا تحسنًا طفيفًا فقط عن الشهر السابق، الذي شهد أقلّ عدد من الأشخاص الذين بدّلوا مورّدي الطاقة منذ بدء السجلات في أكتوبر/تشرين الأول 2013.

وشهد المستهلكون، الذين تمكنوا من التبديل، ارتفاعًا في الفواتير بمقدار 360 جنيهًا إسترلينيًا (484 دولارًا) سنويًا في المتوسط​​، وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة الدعم الخيري (سيتيزنز أدفايس) البريطانية.

ويقدّر هذا التقرير أن فشل المورّدين منذ يناير/كانون الثاني 2021 سيكلف 2.6 مليار جنيه استرليني (3.5 مليار دولار) من أموال دافعي الضرائب.

وسيكلف الانهيار و"الإدارة الخاصة" لشركة "بالب إنرجي"، سابع أكبر مورّد للبلاد، 1.7 مليار جنيه إسترليني أخرى (2.3 مليار دولار).

الضوابط على الشركات

في المقابل، انتقدت مؤسسة الدعم الخيري عدم وجود ضوابط على الشركات التي تدخل السوق، قائلة، إنه من عام 2010 فصاعدًا، دخلت عشرات الشركات السوق بشيكات محدودة؛ وقدّمت بعضها خدمة جيدة للمستهلكين، لكن الباقي لم يكن لديه الاستعداد اللازم لذلك.

على الرغم من التحذيرات، لم تضع هيئة تنظيم قطاع الطاقة في بريطانيا "أوفجيم "قواعد جديدة لدخول السوق إلّا في عام 2019، بينما أجرت إصلاحات بطيئة جدًا لمنع الانهيار في عام 2021 لتحسين المرونة المالية.

وسمحت "أوفجيم" لشركات الطاقة غير الصالحة وغير المستدامة بالتداول مع فرض القليل من العقوبات، إلّا أنها فشلت في اتخاذ إجراءات حاسمة، على الرغم من معرفتها بالمشكلات المنتشرة في السوق.

ويشير التقرير إلى 3 ممارسات تجارية أدت إلى حالات الإفلاس: التحوط الضئيل، والصفقات طويلة الأجل التي تؤدي إلى الخسائر والنمو السريع، وأدى التحوط الضئيل إلى إفلاس شركة "بالب إنرجي"، وفقًا للمسؤولين.

ورغم أن الشركة حاولت التفاوض للحصول على خطوط ائتمان جديدة، فإن سوق الطاقة غير الجذابة وقفت ضدها؛ إذ تسمح "أوفجيم" للشركات بالإفلات من عقوبة انتهاك القواعد.

ويشير تقرير مؤسسة الدعم الخيري (سيتيزنز أدفايس) إلى عدم وجود خطط استمرارية العملاء، التي تهدف إلى حماية العملاء من إفلاس المورّدين.

وقد طلبت "أوفجيم" من المورّدين الحصول على هذه الخطط منذ مارس/آذار 2021، لكن من بين المورّدين الـ20 الذين تعطلت أعمالهم قبل منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، حصل مورّد واحد فقط عليها.

محطة دراكس لتوليد الكهرباء من الفحم في بريطانيا
محطة دراكس لتوليد الكهرباء في بريطانيا

النمو السريع

جذبت تعرفات الطاقة الرخيصة العملاء، وعززت النمو السريع، وازداد عدد العملاء الذين يستفيدون من الصفقة الجيدة.

بدوره، يعني ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء أن الصفقات استفادت من الشركات التي تعرضها، مما تسبّب في خسائر لم تأخذها المرافق في الحسبان، لأن النمو السريع هو نتيجة غير مقصودة لنظام إفلاس مزوّد الطاقة الحالي.

وعندما تعلن مؤسسة صغيرة إفلاسها، تحوِّل الهيئة التنظيمية للطاقة في بريطانيا "أوفجيم" عملاءها إلى "مورد الملاذ الأخير"، وهذا يشمل المورّدين الباقين الذين يقدمون أقلّ تعرفة ممكنة لمواجهة قاعدة العملاء السابقة للمورد المفلس.

إصلاح نظام الطاقة البريطاني

تعلن حكومة بريطانيا إنفاقها السنوي في 23 مارس/آذار، وأشار مجلس الوزراء إلى أن التغييرات الضريبية لا تزال غير مرجّحة قبل ذلك الحين.

من ناحيتها، تقول الهيئة التنظيمية للطاقة في بريطانيا "أوفجيم"، إنه يمكن أن يؤدي التصميم الحالي إلى ارتفاع التكاليف للمستهلكين على المدى الطويل ما لم يُعَدَّل بهدف السماح للمورّدين بتحسين إدارة المخاطر والتكاليف.

وتقترح مؤسسة الدعم الخيري (سيتيزنز أدفايس) إجراء مراجعة مستقلة لحالة السوق، ونهج "أوفجيم" لفرض اللوائح؛ كما تقترح "لوائح احترازية" جديدة بشأن الرسملة والتحوط.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق