التقاريرتقارير الغازرئيسيةسلايدر الرئيسيةغاز

أسعار الغاز.. 4 عوامل تُهدد أمن الطاقة في أوروبا خلال فصل الشتاء

أبرزها درجات الحرارة والموقف الروسي

هبة مصطفى

رغم تنوّع العوامل المؤثّرة في أسعار الغاز بشكل قياسي في الأسواق العالمية -خاصة الأوروبية- فإن درجات الحرارة تظل هي العامل المؤثر الأكبر بالأسعار في أسواق الطاقة.

وتجتمع حزمة من العوامل الأخرى المؤثّرة في ارتفاع أسعار الغاز، يتصدّرها انخفاض درجات الحرارة وتوقّف إمدادات عدد من المحطات لأسباب مختلفة، واحتمال عودة الإغلاقات تأثّرًا بمتحور أوميكرون، بالإضافة إلى مخاوف التوترات الروسية-الأوكرانية التي تؤثّر بصورة مباشرة في الإمدادات.

ويترقّب المتداولون مقياس درجات الحرارة وتأثير زيادة برودة الجو التي تتجه بأسعار الطاقة إلى الهبوط التامّ، بينما شهدت أسواق الطاقة الأسبوع الجاري عدّة متغيرات أثّرت في الأسعار، منها زيادة عدد الإصابات بالمتحور الجديد لفيروس كورونا "أوميكرون" الذي انتشر في أوروبا.

وأكدت وود ماكنزي للاستشارات أن مواقع تخزين الغاز في أوروبا تتجه لضمّ أقلّ مستوياتها على الإطلاق، متوقعةً احتواءها أقلّ من 15% من المخزون نهاية مارس/آذار المقبل.

تأتي توقعات وود ماكنزي غير المتفائلة حيال مخزونات الغاز في أوروبا، بافتراض استمرار صادرات الغاز الروسي عند مستوياته الحالية، وفي ظل ظروف جوّية معتدلة، وهما العاملان اللذان يصعب الاعتماد عليهما، إذ يواجه كل منهما سيناريوهات مختلفة.

وأشار رئيس أبحاث النفط والغاز في مصرف إنفستيك، ناثان بايبر، إلى أن هناك توقعات قوية تُرجّح امتداد ارتفاع أسعار الطاقة حتى نهاية فصل الشتاء، مع معاناة الأسواق من آثارها التي ربما تمتدّ لعامين مقبلين.

درجات الحرارة

تُشير توقعات الطقس إلى تصاعد حدّة البرودة خلال المدة المتبقية من الشهر الجاري، بشكل أكبر من المعتاد، واستمرارها شهر يناير/كانون الثاني المقبل، بانخفاض أقلّ من المتوسط خلال النصف الأول من الشهر، وفق شركة ماكسار تكنولوجيس الأميركية.

ورغم عدم بلوغ انخفاضات حرارة الطقس ذروتها المرتقبة خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط بعد، فإن أسعار الطاقة سجلت ارتفاعًا قياسيًا، خاصة في فرنسا وألمانيا.

ولتوضيح مدى تأثّر الأسواق بدرجات الحرارة، رأى المحللون أن الأسواق لا تحتاج إلى عاصفة جليدية مثل عاصفة سيبيريا الشتوية التي ضربت أوروبا عام 2018، إذ يكفي فقط انخفاض بسيط عن المعدل الطبيعي حتى تنهار الأسواق.

بدوره، أوضح المُحلل بشركة إينابسيز المحدودة للأبحاث، جين بول هاريمان، أن اعتدال درجات الحرارة واتجاهها نحو شتاء غير قوي، هو فقط ما يدفع لتخفيف الضغط على أسواق الطاقة.

التوترات الروسية الأوكرانية

جانب آخر يثير القلق حيال أمن الطاقة خلال فصل الشتاء في الدول الأوروبية، يتمثّل في التوترات الروسية الأوكرانية، كون الأولى دولة ذات إسهام كبير في تأمين إمدادات الغاز.

نورد ستريم 2
أحد مواقع مشروع نورد ستريم2

إذ رغم تراجع أسعار الغاز الطبيعي بعدما مدّت روسيا الأسواق به، مساء الجمعة الماضية، فإن الأسعار ظلت مرتفعة في مستويات قياسية.

ويزيد الموقف الروسي ومشروع الغاز نورد ستريم2، والوضع (الجغرافي-السياسي) للموقف الألماني والأوكراني المتعلق بالمشروع، بالإضافة إلى العوامل الأخرى السابق ذكرها، القلق حيال الاقتصاد الأوروبي والمستهلكين.

والتقى قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأسبوع الجاري، لبحث أمن الطاقة والإمدادات في ظل الاستعدادات والحشود العسكرية الروسية قرب أوكرانيا، وفق بلومبرغ كوينت.

ويخشى الأوروبيون تفاقم التوتر بين أوكرانيا وروسيا بما يصل إلى حدّ التأثير في أسواق الطاقة، باتخاذ روسيا مواقف من بينها خفض شحنات الغاز الروسي أو وقفها، فضلًا عن احتمال تأثّر بدء تشغيل مشروع خط الأنابيب نورد ستريم2، وتأخّره بأكثر من الوضع الحالي الذي يواجه عقبات.

وكانت عملاق الغاز الروسي غازبروم قد شاركت –الجمعة الماضية- في عمليات بيع بالمزاد العلني لشحنات غاز، للتسليم في الغرب من خلال بولندا.

وأثارت المشاركة الروسية بالمزاد -في الدقائق الأخيرة بعد إعلانها عدم المشاركة- قلق التُجّار، وأبدوا تخوّفهم من ضمان تسليم الإمدادات في ظل التوترات السياسية مع أوكرانيا.

متحور كورونا

يخشى محللون من العودة إلى الإغلاقات التي واجهها العالم قبل ما يقرب العامين إثر انتشار جائحة كورونا، خاصة مع توقعات تفاقم عدد الإصابات بمتحور أوميكرون في أوروبا منتصف الشهر القادم.

ويدفع ارتفاع أسعار الطاقة باتجاه التضخم وخفض إنتاج الصناعات المعتمدة على الغاز، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي وسط برودة الجو.

وتوقّع رئيس المشروعات في شركة أورورا إنرجي المحدودة للأبحاث، هانز كوينغ، أنه رغم توافر السعة المطلوبة حاليًا –حتى وإن كانت بأسعار مرتفعة- فإن نفادها خلال السنوات المقبلة يُحتَمَل أن يحدث بصورة أكبر من المتوقع.

وأطلق كوينغ جرس إنذار من ارتفاع معدل استهلاك الغاز ما يمكن أن يتحول لأزمة حقيقية تصل إلى نفاد المخزونات بنهاية فصل الشتاء.

وطرح وجهة نظر مغايرة للإغلاقات المتوقعة حال زيادة عدد الإصابات بمتحور أوميكرون، مشيرًا إلى أنها ربما تكون في صالح أزمة الطاقة بعد إغلاق الشركات والصناعات، ومن ثم خفض معدلات الاستهلاك.

واستشهد كوينغ بانخفاض الطلب على الكهرباء بنسبة 20% في بعض الدول الأوروبية، حينما بلغت عمليات الإغلاق ذروتها عام 2020.

أزمة الطاقة في أوروبا

محطات وشركات خارج الخدمة!

رغم أن فصل الشتاء لم تشتدّ ذروته إلى أقصاها بعد، تأثّرت صناعات عدّة بارتفاع أسعار الغاز وأنواع الطاقة الأخرى، إذ تعتزم شركة نايرستار المُنتج العالمي للزنك والمملوكة لشركة ترافيغورا غروب وقف الإنتاج من أحد المصاهر في فرنسا بداية الشهر المقبل، لارتفاع أسعار الكهرباء.

وترى شركة يونايدن غروب التجارية أن مواصلة تأثّر الشركات بارتفاع الأسعار العالمية للطاقة بهذه الصورة تؤثّر في القدرة التنافسية بين الشركات الفرنسية.

وتسبّبت أسعار الطاقة المتزايدة في رفع البنك المركزي الأوروبي سقف توقعات التضخم إلى 3.2% العام المقبل.

ودعم رفع أسعار الفائدة في أوروبا للمرة الأولى منذ 3 سنوات -قبل 3 أيام- تماسك معدلات التضخم أمام أسعار الطاقة المرتفعة.

الوضع الفرنسي أيضًا لا يبشّر، فالدولة التي كانت تُصدّر الطاقة للدول المجاورة في أوقات الأزمات، ستحتاج الآن لزيادة وارداتها بعد وقف إنتاج ثلث محطات الطاقة النووية مطلع الشهر المقبل؛ ما يوسّع دائرة التأثير في ارتفاع أسعار الطاقة.

وعززت الانقطاعات غير المتوقعة للكهرباء المُنتجة من محطات نووية في فرنسا الأسبوع الجاري، الذي تزامن مع انخفاض مخزونات الطاقة بالقارّة الأوروبية، من ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية.

وتنتظر ألمانيا إغلاق 3 محطات طاقة نووية أيضًا –نهاية الشهر الجاري- بالتزامن مع أكثر شهور العام انخفاضًا في درجات الحرارة، بالإضافة لخضوع محطات أخرى للصيانة لم تسنح الفرصة خلال مدة جائحة كورونا بإتمامها.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق