تقارير الطاقة المتجددةتقارير الغازتقارير الكهرباءرئيسيةطاقة متجددةعاجلغازكهرباء

فقر الطاقة.. إسبانيا تتخوف من تأثير سياسات المناخ في مواطنيها البسطاء (تقرير)

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • وصلت أسعار الكهرباء على أساس يومي في إسبانيا إلى مستويات قياسية في الأشهر الماضية.
  • إسبانيا إحدى أكثر دول الاتحاد الأوروبي تضررًا من أزمة الطاقة الحالية.
  • لا يزال الغاز الطبيعي يشكل نحو ربع مزيج الطاقة في إسبانيا.
  • إسبانيا تهدف إلى الاستغناء عن الفحم بحلول عام 2030.
  • مستويات فقر الطاقة في إسبانيا مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بأرقام البطالة المرتفعة.

تحتل إسبانيا المرتبة السادسة من حيث فقر الطاقة في الاتحاد الأوروبي، بعد بلغاريا (27.5%)، وليتوانيا (23.1%)، وقبرص (20.9%)، والبرتغال (17.5%)، واليونان (16.7%)، ووصلت أسعار الكهرباء على أساس يومي في إسبانيا إلى مستويات قياسية في الأشهر الماضية.

وتُعَد إسبانيا إحدى أكثر دول الاتحاد الأوروبي تضررًا من أزمة الطاقة الحالية؛ إذ شهدت أكبر زيادة في عدد المواطنين المعرضين لخطر فقر الطاقة في الاتحاد الأوروبي في عام 2020.

ونتيجة ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء حاليًا؛ تشعر إسبانيا بقلق متزايد بشأن تأثير سياسات المناخ في مواطنيها الفقراء، حسبما نشره موقع "إنرجي مونيتور".

تُجدر الإشارة إلى أن استمرار ارتفاع أسعار الطاقة في الضغط على ملايين الأسر في أوروبا دفع الحكومات في جميع أنحاء القارة إلى دق ناقوس الخطر.

الاحتباس الحراري

يأتي ذلك في وقت يتفاوض فيه الاتحاد الأوروبي بشأن تشريع جديد وهو حزمة "لائق بنسبة 55%" التي ينبغي أن تخفض ما لا يقل عن 55% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030.

وأشارت بيانات المديرية العامة للإحصاء في الاتحاد الأوروبي "يوروستات" إلى أن 10.9% من المواطنين في إسبانيا لم يتمكنوا من توفير التدفئة الكافية لمنازلهم في عام 2020، ارتفاعًا من 7.5% في عام 2019.

وأوضحت نائبة رئيس الوزراء الإسباني ووزيرة البيئة، تيريزا ريبيرا، في الاجتماع الأخير لوزراء البيئة في الاتحاد الأوروبي في 20 ديسمبر/كانون الأول 2021، أن من المهم النظر إلى تحول الطاقة على أنه "منهج لإتاحة الفرص ويراعي ظروف المواطنين".

منجم الفحم في مقاطعة أستورياس "أشتورية" شمال غرب إسبانيا
منجم الفحم في مقاطعة أستورياس "أشتورية" شمال غرب إسبانيا

أزمة الطاقة في إسبانيا

لا يزال الغاز الطبيعي يُشَكِّل نحو ربع مزيج الطاقة في إسبانيا على الرغم من زيادة الطاقة المتجددة في جميع أنحاء البلاد.

وهذا يُفسِّر إلى حد كبير سبب كون إسبانيا واحدة من أكثر البلدان تضررًا من ارتفاع أسعار الغاز في أسواق الطاقة الهامشية في الاتحاد الأوروبي، تولد جميع مصادر الطاقة الكهرباء بالسعر نفسه، ولكن الغاز -أغلى مصدر لتوليد الكهرباء- هو الذي يفرض هذا السعر.

تُجدر الإشارة إلى أن إسبانيا تهدف إلى الاستغناء عن الفحم بحلول عام 2030 والتخلي عن الطاقة النووية بعد 5 سنوات فقط، ومن المحتمل أن تظل معتمدة على الغاز المستورد، إما من شمال أفريقيا وإما من خلال محطات الغاز الطبيعي المسال الـ6، لسنوات عديدة.

وتقدّر الخطة الوطنية الإسبانية للطاقة والمناخ (إن إي سي بي) أن توربينات دورة الغاز المركبة ستمثل نحو 17% من قدرتها المركبة على توليد الكهرباء في عام 2030.

وتوضح إسبانيا المخاطر التي تواجهها الفئات الفقيرة في تحول الطاقة؛ إذ تهدف حزمة الاتحاد الأوروبي (لائق بنسبة 55%) إلى جعل حرق الوقود الأحفوري أكثر تكلفة بشكل ملحوظ.

وقال مدير شركة "بي بارتليت" الاستشارية الإسبانية، رامون ماتيو، إن التكاليف الفعلية لتحول الطاقة لم تكن واضحة، حتى الآن، على الرغم من أن فرص تحول الطاقة كانت واضحة منذ البداية.

وأضاف أن الخطاب السياسي كان طموحًا قبل أزمة الطاقة، وأنه ما دامت استمرت عملية تحول الطاقة؛ فسوف تظل إسبانيا تعتمد على الوقود الأحفوري، وعلى هذا النحو، ستتعرض لمخاطر جيوسياسية واقتصادية.

مكافحة فقر الطاقة

تُعدّ مؤسسة البيئة والتنمية "إي سي أو دي إي إس" منظمة غير ربحية مقرها في سرقسطة، خامس أكبر مدينة في إسبانيا، إحدى المنظمات غير الحكومية التي تكافح للحد من فقر الطاقة على أرض الواقع.

وأطلقت المؤسسة في عام 2013، مبادرة (لا أسرة دون طاقة)، الهادفة إلى تقديم الدعم المباشر إلى المواطنين المحتاجين من خلال مساعدتهم على تحمل جزء من فواتير الطاقة لديهم أو توضيح طريقة التقدم للحصول على الدعم المالي وتوفير مجموعات كفاءة الطاقة.

وأعلنت المؤسسة أن عدد العائلات التي تطلب المساعدة قد زاد بشكل كبير.

وقال مسؤول الطاقة والأفراد لدى المؤسسة، خافيير توبياس، إن هناك قلقًا متزايدًا بشأن ارتفاع أسعار الكهرباء؛ إذ تتولى وسائل الإعلام تغطية الوضع الحالي على نطاق واسع.

وأضاف أن المؤسسة تساعد العائلات في شرح طريقة خفض فواتير الطاقة وأنواعها من خلال عقود الكهرباء الأرخص تكلفة، مبيّنًا أن أزمة الأسعار المستمرة تزيد من صعوبة أداء المؤسسة لأعمالها.

فقر الطاقة في إسبانيا

جدير بالذكر أن فقر الطاقة ليس ظاهرة حديثة في إسبانيا، فقد وجدت جمعية العلوم البيئية ومقرها مدريد أن مستويات فقر الطاقة في إسبانيا مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بأرقام البطالة المرتفعة في البلاد والارتفاع العام لمعدلات الفقر.

وأفاد مدير شركة "بي بارتليت" الاستشارية الإسبانية، رامون ماتيو، بأن العديد من الدراسات يشير إلى أن الحكومة في إسبانيا لا تفعل شيئًا يُذكر لإعادة توزيع الثروة، وتفتقر إلى الأدوات المحددة والمكملة لمعالجة قضايا مثل فقر الطاقة.

ومن ناحية ثانية، تبنت الحكومة الإسبانية إستراتيجية وطنية لمواجهة فقر الطاقة مدتها 5 سنوات في عام 2019.

وتهدف الإستراتيجية إلى تقليل عدد المواطنين المعرضين لفقر الطاقة بنسبة 25% على الأقل بحلول عام 2025، والعمل على تحقيق انخفاض بنسبة 50% على المدى الطويل، من خلال مزيج من السياسة الاجتماعية وتدابير توفير الطاقة.

أسعار الكهرباء والغاز في أوروبا - الاتحاد الأوروبي - أسعار الغاز- بريطانياإستراتيجية لمعالجة أزمة الطاقة

قال مسؤول الطاقة والأفراد لدى مؤسسة البيئة والتنمية "إي سي أو دي إي إس"، خافيير توبياس، إن منظمات المجتمع المدني أشادت بالإستراتيجية باعتبارها انتصارًا، ولكن بعد مرور عامين تبيَّنَ أن التقدم مخيب للآمال.

وأكد أن هناك العديد من القضايا المعلقة، مشيرًا إلى أنه "عندما تمت الموافقة على الإستراتيجية، كانت تمثل وثيقة طموحة ومتماسكة، ولكن بعد مرور عامين، لم يتم حتى البدء في نصف الإجراءات، وأُنجِز نحو ربعها فقط في الموعد المحدد،" بحسب موقع إنرجيمونيتور.

وأضاف أنه قبل إصدار الإستراتيجية، كان الإجراء الرائد في البلاد لمعالجة فقر الطاقة هو "الخدمة الاجتماعية الجيدة"، وهو معدل خصم يُطبق على فواتير الكهرباء للأسر المحتاجة.

وبيّن أنه قبل أزمة الطاقة، كانت الأسر المحتاجة تحصل على خصم بنسبة 25% على فواتيرها، وخصم بنسبة 40% للأسر شديدة الفقر، وقد رُفِعَت هذه المعدلات إلى 40% و70% على التوالي مع اندلاع الأزمة.

وقالت كبيرة المستشارين في مشروع المساعدة التنظيمية (آر إيه بي)، لويز ساندرلاند، إن التدابير غير الكافية الموجهة للحد من فقر الطاقة ليست مشكلة في إسبانيا فقط، موضحة أن تعقيد تجربة فقر الطاقة يعني أن تصميم معايير أهلية فاعلة لمواجهة الأزمة أمر صعب للغاية.

ويقول المحللون إن إسبانيا تسعى جاهدة لزيادة توفير الطاقة في مبانيها بوصفها نقطة ارتكاز في حربها ضد فقر الطاقة.

وأشارت الحكومة الإسبانية في الخطة الوطنية الإسبانية للطاقة والمناخ (إن إي سي بي) إلى أنها تعتزم تحسين كفاءة استخدام الطاقة بنسبة 39.5% من توقعات خط الأساس بحلول عام 2030.

ووفقًا لدراسة أعدها تحالف الشركات الأوروبي لكفاءة الطاقة في المباني "يورو إيه سي إي" يُعَد نحو 84% من المباني في إسبانيا غير فعال في استخدام الطاقة.

وانضمت إسبانيا إلى موجة التجديد في الاتحاد الأوروبي لتسريع تجديد المباني، وتعتزم استخدام 6.82 مليار يورو في صندوق مرفق التعافي والمرونة التابع للاتحاد الأوروبي لتحقيق ذلك.

سوق الطاقة في الاتحاد الأوروبي

في ذروة الأزمة الحالية، قادت إسبانيا تحالفًا من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي طالب بمزيد من الإجراءات على مستوى الاتحاد وإصلاح فعّال لسوق الكهرباء في أوروبا لمعالجة الآثار المترتبة على ارتفاع أسعار الطاقة.

وقالت المفوضية الأوروبية لدى استعراض "صندوق أدوات" أسعار الطاقة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مهيأة أفضل من الاتحاد الأوروبي للتعامل مع الأزمة على المدى القصير.

وأشارت إسبانيا -قبل اجتماع لوزراء الطاقة في 26 أكتوبر/تشرين الأول- إلى أنها قد تغادر سوق الطاقة بالجملة في الاتحاد الأوروبي، لتكون قادرة على تحديد أسعار الكهرباء على أساس توليد الطاقة المتجددة الأرخص تكلفة.

وقد حذر مفوض شؤون الطاقة في الاتحاد الأوروبي، كادري سيمسون، من المخاطر التي تهدد القدرة على التنبؤ والقدرة التنافسية، وتساءل عما إذا كان مثل هذا النظام سيكون بديلًا أفضل لتصميم السوق الحالية.

ومن جهتها، سلطت وكالة الاتحاد الأوروبي التعاونية لمنظمي الطاقة (إيه سي إي آر) الضوء على أهمية الربط الكهربائي البيني في بلدان الاتحاد.

وأشار تقرير صدر مؤخرًا عن وكالة الاتحاد الأوروبي التعاونية منظمي الطاقة إلى أن الدول التي تتميز بأعلى أسعار للكهرباء ليست فقط تلك التي تعتمد بشكل كبير على الغاز، وإنما الدول التي لديها مستويات ربط محدودة للغاية.

وفي حالة إسبانيا، وجد التقرير أن 4% فقط من إجمالي الطلب على الكهرباء في إسبانيا غُطِّي من خلال الواردات.

الأرباح المفاجئة

حددت الحكومة الإسبانية، في الصيف الماضي، خططًا لاسترداد "الأرباح المفاجئة" التي حققتها شركات الطاقة الإسبانية نتيجة لتصميم سوق الكهرباء في الاتحاد الأوروبي.

ويحدد الغاز الطبيعي أسعار الكهرباء -وتشمل هذه الأسعار نحو 90 يورو للطن من انبعاثات الكربون في الاتحاد الأوروبي- مع أن مصادر الطاقة المتجددة والمولدات النووية تستفيد منها بالمقدار نفسه.

وقال رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، إن شركات الكهرباء الإسبانية تستطيع تحمل تكاليفها، وقد دخل إجراء استرداد "الأرباح المفاجئة" حيز التنفيذ في سبتمبر/أيلول 2021، ومن المقرر أن يستمر حتى مارس/آذار من هذا العام، وتعتزم الحكومة استخدام الإيرادات لخفض فواتير الكهرباء.

وفي مفاوضات المناخ الأخيرة في الاتحاد الأوروبي، وضعت إسبانيا نفسها واحدة من أكثر الدول الأعضاء طموحًا، إذ دعمت منذ البداية هدف خفض الانبعاثات بنسبة 55% حدًا أدنى لعام 2030، ودعت إلى استبعاد الغاز من تصنيف الاتحاد الأوروبي الجديد للاستثمارات المستدامة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق