تقارير الكهرباءالتقاريرتقارير الغازرئيسيةغازكهرباء

أزمة الطاقة تهدد أوروبا بتراجع تاريخي في إمدادات الغاز والكهرباء

مع دخول فصل الشتاء

داليا الهمشري

تهدد أزمة الطاقة في أوروبا -خاصة ما يتعلق بنقص إمدادات الغاز- بتأزم الوضع إلى حد قد يضع مبادئ التضامن الأوروبية على المحك، مع قرب دخول فصل الشتاء.

وبينما تؤكد قطر أنها تنتج الغاز بكامل طاقتها، لا تزال أوروبا تتعنت في الموافقة على تشغيل خط الأنابيب الروسي نورد ستريم2 الذي بإمكانه التخفيف من حدة الأزمة الحالية.

ومع قرب اجتياح الموجة الباردة أوروبا، يزداد احتمال انقطاع التيار الكهربائي واحتدام الصراعات بشأن الإمدادات.

وحطمت أسعار الطاقة في أوروبا الأرقام القياسية مرارًا وتكرارًا حتى قبل حلول فصل الشتاء، ومن المتوقع أن تبدأ إحدى أكثر الأزمات شدة في التاريخ مع بدء درجات الحرارة في الانخفاض.

كورونا والطلب على الكهرباء والفحم - مصارف

متحور كورونا

أجبر الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة في المملكة المتحدة، الشهر الماضي، بعض الشركات الصناعية على خفض الإنتاج وطلب المساعدة من الدولة.

ويُعد هذا مؤشرًا لما يمكن أن يحدث على نطاق واسع في أوروبا في الوقت الذي تحاول فيه السيطرة على الأوضاع في ظل ظهور متحور جديد لفيروس كورونا، حسب وكالة بلومبرغ.

وبالنسبة للحكومات، قد يعني ذلك توترًا مع الدول المجاورة من خلال التحرك لحماية الإمدادات.

أما بالنسبة للأسر؛ فسيُطلب منهم تقليل استهلاك الكهرباء أو حتى الاستعداد لانقطاع التيار الكهربائي.

ثبات حجم الإمدادات

تكمن المشكلة في أنه من غير المرجح توافر إمدادات جديدة في المستقبل القريب، في ظل ثبات كمية الإمدادات الروسية، وتأكيد قطر أنها تنتج كل ما تستطيع إنتاجه.

وقال المحلل في شركة ريستاد إنرجي للأبحاث والاستشارات، فابيان روينينجين: "لقد بدأت الأزمة -بالفعل- على مدى الشهرين الماضيين، وفي العديد من الصناعات، ومن المرجح أن تستمر بل تزيد".

وزادت التوقعات تشاؤمًا في أوروبا مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19)، وانتشار المخاوف من المتحور الجديد الذي ظهر في جنوب أفريقيا ليغزو العالم.

وبينما تُشَدد القيود في بعض البلدان، تقلصت الميزانيات المعيشية للأسر بسبب ازدياد التضخم.

علاوة على ذلك، قد يعني الطقس المتجمد انطفاء الأنوار، والعودة إلى الإغلاق كما هو الحال في النمسا، والذي من شأنه أن يساعد في الحد من الطلب على الكهرباء، ولو أن قلة من الحكومات ترغب في ذلك.

إنتاج الكهرباء من فرنسا

مخاوف فرنسا

تُعد فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، أكثر عرضة للخطر بشكل خاص، نظرًا لاحتمال حدوث صقيع في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط؛ ما يثير القلق لدى مشغل الشبكة في البلاد.

وأشار تقرير صادر في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إلى انخفاض توليد الكهرباء في المحطات النووية -التي تمثل العمود الفقري لنظام الطاقة الفرنسي- نتيجة تأخر صيانة بعض المفاعلات بسبب الوباء.

وقد بلغت أسعار الطاقة في فرنسا مستوى قياسيًا مع اجتياح الموجة الباردة، وسط توقعات بزيادة الطلب في الشتاء القارس.

في الشتاء الماضي، ناشدت شركة تشغيل شبكة الكهرباء، الأسر الحد من استخدام الكهرباء في أوقات الذروة، وفعَّلت بعض عقود خفض الطلب مع الشركات المصنعة عندما تفاقمت الأزمة.

ومن المتوقع أن تتمثل الخطوة التالية في خفض الجهد عبر الشبكة، ثم تمديد انقطاع التيار الكهربائي لمدة ساعتين لكل منطقة.

أزمة للدول المجاورة

"إذا كانت هناك موجة برد شديدة ولم تكن هناك رياح؛ فقد تتأزم الأمور نظرًا لقلة توافر الكهرباء المتولدة من المحطات النووية"، حسب أحد كبار المديرين المسؤولين عن الطاقة في كولومبوس للاستشارات في باريس، نيكولاس غولدبيرغ.

وتمثل فرنسا -أيضًا- مصدرًا رئيسًا لإمدادات الكهرباء إلى الدول المجاورة؛ ما يعني أن الأزمة سيتردد صداها في ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا.

ومن المتوقع أن يبلغ الحد الأقصى للطلب 79.6 غيغاواط، غدًا الإثنين، وهو لا يزال بعيدًا عن الرقم القياسي الذي بلغ 102 غيغاواط في فبراير/شباط 2012.

ويرجح أن يكون الوضع مأساويًا للغاية في أوائل فصل الشتاء بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الغاز الطبيعي، كما انخفضت مخزونات الوقود المستخدم لتدفئة المنازل وتوليد الكهرباء عن المعتاد.

وحذر محللون من أن مخزونات الغاز قد تنخفض إلى الصفر هذا الشتاء إذا عزز الطقس البارد الطلب.

وحذر الرئيس التنفيذي لمجموعة ترافيغورا (شركة سويسرية لتجارة السلع الأساسية)، جيريمي وير، في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، من احتمال انقطاع التيار الكهربائي.

ومن جانبه، قال الشريك في مؤسسة "هارتري بارتنرز إل بي" التجارية، آدم لويس: "إذا كان الطقس باردًا في أوروبا، فلن يكون هناك حل سهل لتوفير مزيد من الإمداد؛ لذا سنحتاج إلى حل لتقليل الطلب".

بوتين - الرئاسة الروسية - أوبك+
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

روسيا لديها الحل

يرى محللون أن روسيا لا تزال تملك المفتاح لحل أزمة الإمدادات.

وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد أوضح أنه سوف يساعد أوروبا بمزيد من الإمدادات لتحقيق الاستقرار في السوق.

وعلى الرغم من زيادة الإمدادات بعد الركود في بداية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، فإنها لا تزال منخفضة مقارنة بالعام الماضي.

فيما يظل حجم الغاز الذي سوف ترسله روسيا إلى أوروبا في ديسمبر/كانون الأول المقبل، يمثل لغزًا كبيرًا؛ إذ يستطيع خط أنابيب نورد ستريم2 -الذي طال انتظاره- عند تشغيله أن يمد ألمانيا بالغاز القادم من روسيا؛ ما سيخفف من أزمة الطاقة التي تعانيها القارة.

وقد انتهى المشروع بالفعل، لكنه لا يزال يواجه عقبات تنظيمية، وليس من الواضح متى ستبدأ التدفقات.

واتهم وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، -الأسبوع الماضي- الدول الغربية بقيادة أميركا بفرض قيود أحادية الجانب، مدعومة بدوافع سياسية على مشروع نورد ستريم2، مشيرًا إلى أن الشركات الروسية تعمل -حاليًا- في ظروف صعبة.

وكانت الوكالة الفيدرالية الألمانية قد علّقت -منتصف الشهر الجاري- آلية الترخيص للمشروع مؤقتًا، في حين كانت تُعوّل روسيا على المشروع لمد إمدادات الغاز إلى أوروبا في ظل أزمة الطاقة التي ألقت بظلالها مؤخرًا على الأسواق الدولية.

وبالتزامن مع الموقف الألماني، تقدّمت الخارجية الأميركية بطلب رسمي لفرض عقوبات على المشروع الروسي نورد ستريم2 والشركات المتعاونة.

قطر تنتج بكامل طاقتها

تؤكد قطر -أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم- أنها تنتج الغاز بالفعل بكامل طاقتها.

وطلبت الدولة الخليجية -التي تتمتع بتكاليف إنتاج منخفضة بفضل وفرة الوقود سهل الاستخراج- 6 سفن أخرى للغاز الطبيعي المسال من كوريا الجنوبية بالإضافة إلى 4 ناقلات اشتُرِيَت من الصين في أكتوبر/تشرين الأول.

ومن المتوقع إذا ساءت الأمور، أن تلجأ الدول إلى الحد من مبيعات الغاز الطبيعي إلى مناطق أخرى، بل هناك سيناريو أكثر تطرفًا يتمثل في وقف تدفق الغاز والطاقة عبر الدول؛ ما يشعل شرارة صراعات سياسية ويضرب الاقتصادات في مقتل، حسب وكالة بلومبرغ.

اجتماع سابق لقادة الاتحاد الأوروبي - أرشيفية
اجتماع سابق لقادة الاتحاد الأوروبي - أرشيفية

التضامن الأوروبي على المحك

إن الاتحاد الأوروبي لديه ما يطلق عليه "مبادئ التضامن" التي من المفترض أن تمنع أي دولة من عرقلة تصدير الطاقة أو الغاز وترك عضو آخر يعاني العجز، خاصة عندما يتعلق الأمر بالإمدادات اللازمة للأسر.

ولكن لم يُختبر هذا التضامن أبدًا في أزمة واسعة النطاق مثل أزمة الطاقة الحالية.

ويقول مشغلو الشبكات إنه يُسمح لهم بإيقاف أو تغيير تدفقات الطاقة عبر الكابلات بين الدول إذا كانت لديهم مشكلات تتعلق بالإمداد.

"إن الوضع الحالي يوضح مدى تعرض نظام الطاقة في أوروبا للتقلبات، وعلى المدى القصير، ليس هناك الكثير الذي يمكن القيام به"، حسب المحلل في شركة ريستاد إنرجي للأبحاث والاستشارات، فابيان روينينجين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق