سلايدر الرئيسيةالتقاريرتقارير النفطعاجلنفط

احتياطي النفط الإستراتيجي.. ماذا يخبرنا التاريخ عن السحوبات السابقة؟ (رسوم بيانية)

المقاطعة النفطية العربية أسهمت في إنشاء المخزون الإستراتيجي

وحدة أبحاث الطاقة - سالي إسماعيل

أثار قرار الرئيس الأميركي بايدن السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي زوبعة من الانتقادات والتكهنات، الأمر الذي أدى إلى شيوع القضية في وسائل الإعلام، وأصبح مثيرًا للجدل بين فريق يدافع عن الخطوة لتهدئة أسعار الخام، وآخر يوجه انتقادات لاذعة.

ولعل أحد أسباب اهتمام الناس ووسائل الإعلام بقرار السحب من الاحتياطي الإسترايتجي هو فشل إدارة بايدن في إقناع تحالف أوبك+ بزيادة الإمدادات النفطية فوق الكميات المقررة، ومن ثم فإن قرار السحب كان ردّة فعل على قرار أوبك+، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وجاء قرار السحب من مخزون النفط الإستراتيجي بالتنسيق مع عدد من الدول، من بينها اليابان والهند والصين وكوريا الجنوبية، ثم انضمت لها بريطانيا بكميات رمزية في قرار يندرج تحت مظلة الدعم.

أديبك 2021 - أوبك+ وبايدن

وجرى السحب من الاحتياطي أو المخزون الإستراتيجي عدّة مرات في السابق، بعضه بالتنسيق مع دول أخرى، وبعضه كان خاصًا بالولايات المتحدة، والسؤال في هذا السياق: ماذا يخبرنا التاريخ عن السحوبات من مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي؟ وما أثار ذلك في أسعار النفط؟

لكن قبل الحديث عن الأمر تاريخيًا، ينبغي معرفة ماهية احتياطي النفط الإستراتيجي؟ ومتى تكون هذا الاحتياطي؟، وكم يبلغ حجمه حاليًا؟، بحسب وحدة أبحاث الطاقة.

احتياطي النفط الإستراتيجي (SPR)

احتياطي النفط الإستراتيجي أو Strategic Petroleum Reserve (SPR) عبارة عن إمدادات نفطية تعمل الحكومة على تخزينها في مناطق مخصصة من أجل استخدامها في حالات الطوارئ وانقطاع الإمدادات.

براميل نفط - مخزونات النفطويوجد الاحتياطي الإستراتيجي في مجمع حكومي أميركي مكون من 4 مواقع، تحتوي على كهوف تخزين ضخمة من الملح، وعميقة كذلك، إذ تمتد تحت الأرض على طول سواحل تكساس ولويزيانا في خليج المكسيك.

ويضمن احتياطي النفط الإستراتيجي، تحقيق أمن الطاقة للولايات المتحدة، كما يقلل من تداعيات اضطراب الإمدادات النفطية المحتملة في الدولة صاحبة أكبر اقتصاد عالميًا.

ومثلما يمتلك الرئيس الأميركي صلاحية إصدار قرار السحب من المخزون الإستراتيجي للنفط في أوقات اضطراب الإمدادات، فإن لديه كذلك خيار ملء هذا الاحتياطي الإستراتيجي من النفط في أوقات يتعرض لها الطلب لاضطرابات، وذلك تفاديًا لفكرة وقف إنتاج الخام الأميركي.

وبموجب برنامج وكالة الطاقة الدولية، فإنه يجب أن تحتفظ الدول الأعضاء باحتياطيات نفطية تعادل استهلاك 90 يومًا من صافي واردات النفط والخام والمشتقات النفطية.

لماذا كُوِّن المخزون الإستراتيجي؟

جاءت فكرة تكوين احتياطي النفط الإستراتيجي بعد المقاطعة النفطية التي تعرضت لها الولايات المتحدة عام 1973، وذلك لمواجهة انقطاع إمدادات النفط التجارية التي يُحتمل أن تُشكّل تهديدًا للاقتصاد الأميركي.

وسبب الحظر النفطي الذي فرضته عدّة دول عربية على الولايات المتحدة -بالإضافة لدول مثل هولندا والدنمارك- تأييد هذه الدول لإسرائيل ومساعدتها عسكريًا خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، رغم الوعود الأميركية بأن تبقى على الحياد.

والشائع أن حظر النفط ذاك أثار أزمة طاقة دفعت الاقتصاد الأميركي إلى حالة من الركود الاقتصادي، وهو ما دفع الرئيس الأميركي، جيرالد فورد، حينذاك، للتوقيع على قانون سياسة الطاقة والحفاظ عليها لعام 1975، والذي بموجبه أُنشأ احتياطي النفط الإستراتيجي.

إلّا أن هناك أدلة كثيرة تشير إلى أن أزمة الطاقة كانت موجودة خلال العامين السابقين للمقاطعة، وأثر المقاطعة في الأزمة بسيط، إلّا أن الساسة الأميركيون وجدوا في المقاطعة النفطية ضالّتهم المنشودة لينقلوا اللوم إلى الدول العربية.

احتياطي النفط الإستراتيجي - أميركا

كم يبلغ حجم الاحتياطي الإستراتيجي؟

تصل سعة تخزين النفط بصفته احتياطيًا إستراتيجيًا لقرابة 713.5 مليون برميل، وذلك في 4 مواقع، وهي: موقع تخزين ويست هاكبيري (West Hackberry) وبايو شوكتو (Bayou Choctaw)، وكلاهما في لويزيانا، أمّا ولاية تكساس فتضمّ موقعي تخزين بيغ هيل (Big Hill) وبريان ماوند (Bryan Mound).

ومع ذلك، كان مخزون النفط الإستراتيجي في الولايات المتحدة قبل قرار السحب الأخير يقف أعلى قليلًا 600 مليون برميل من النفط الخام.

أميركا - مخزون النفط الإستراتيجي

وعادةً، يكون احتياطي النفط الإستراتيجي في حالة تأهّب دائم للسحب، ما يعني إمكان ضخّ النفط الخام إلى الأسواق في غضون 13 يومًا، عقب صدور القرار الرئاسي.

وحتى 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، كان إجمالي احتياطي النفط الإستراتيجي في الولايات المتحدة يقف عند 604.5 مليون برميل، من بينهم 352 مليون برميل من النوع الحامض (أو 58.2%) ونحو 252.5 مليون برميل من النوع الحلو (ما يعادل 41.8%).

مخزون النفط الإستراتيجي - أميركا

السحوبات على مرّ التاريخ

جرى السحب من المخزون الإستراتيجي مرّات عديدة تاريخيًا منذ السبعينات وحتى الآن، من بينها 4 مرّات طارئة بموجب أمر رئاسي، بما في ذلك القرار الصادر في 2021.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته "الطاقة"- التغيرات في أسعار خام غرب تكساس الأميركي مع أبرز عمليات سحب من المخزون الإستراتيجي منذ أوائل التسعينات وحتى العام الجاري.

أسعار-خام-غرب-تكساس-و-سحوبات-احتياطي-النفط-الإستراتيجي-الطارئة

الأول: يناير/كانون الثاني عام 1991، عندما اندلعت الحرب في الخليج العربي، انضمت الولايات المتحدة إلى حلفائها لضمان كفاية إمدادات النفط العالمية.

وأُعلِنَ بيع طارئ للنفط الخام من احتياطي النفط الإستراتيجي في اليوم الذي اندلعت فيه الحرب، وهو ما جاء في سياق جهود دولية لتقليل اضطرابات سوق النفط العالمية.

الثاني: سبتمبر/أيلول 2005، أعقب وقوع إعصار كاترينا، والذي تسبّب في إلحاق الضرر بإنتاج النفط وتوزيعه وصناعة التكرير في منطقي لويزيانا وميسيسيبي، وهو ما جاء بموجب قرار من الرئيس الأميركي الأسبق، جورج دبليو بوش.

واستُلِمت أول طلبات لقروض النفط الطارئة حينذاك من مصافي التكرير، وجرت الموافقة عليها في غضون 24 ساعة من وصول إعصار كاترينا إلى اليابسة، كما جاءت الخطوة جزءًا من استجابة طوارئ منسّقة مع وكالة الطاقة الدولية لإتاحة 60 مليون برميل من النفط الخام والمنتجات المكررة.

الثالث: يونيو/حزيران 2011، عندما أعلنت الولايات المتحدة وشركاؤها في وكالة الطاقة الدولية تحرير 60 مليون برميل، استجابةً لانقطاع إمدادات النفط الخام في ليبيا ودول أخرى.

وبموجب هذا الإعلان، الذي أصدره الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، كان الالتزام الأميركي يبلغ نحو 30 مليون برميل، وبحلول أغسطس/آب من العام ذاته، جرى تسليم 30.6 مليون برميل من النفط.

الرابع: نوفمبر/تشرين الثاني 2021، عندما أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن قرارًا بتحرير 50 مليون برميل من مخزون النفط الإستراتيجي مع الصعود الحادّ في أسعار النفط، على أن تحدث هذه العملية بمرحلتين.

وتشمل المرحلة الأولى بيع ما يصل لنحو 32 مليون برميل في هيئة قروض تستردّها وزارة الطاقة في غضون 3 أعوام مع فائدة عينية (أو كمية إضافية من النفط الخام بالإضافة لكمية النفط المقترضة).

أمّا المرحلة الثانية، فمن المخطط أن تشهد بيع 18 مليون برميل أخرى من النفط الخام، وفق تفويض من الكونغرس الأميركي.

 

 

ويجرى الإفراج عن كميات النفط من الاحتياطي الإستراتيجي لأغراض أخرى، غير الطوارئ، إمّا عن طريق التبادل، كما كانت الحال في وقت سابق من هذا العام، عند مواجهة تداعيات إعصار آيدا.

وهناك حالات أخرى في السنوات السابقة، شهدت السحب من الاحتياطي الإستراتيجي عبر عملية التبادل، أغلبها تكون في أعقاب الأعاصير التي تضرب خليج المكسيك، مثلما الحال في أكتوبر/تشرين الأول لعام 2002، تزامنًا مع إعصار ليلى.

وفي سبتمبر/أيلول لعام 2004، دفع إعصار إيفان وزارة الطاقة في الولايات المتحدة لتبادل نحو 5.4 مليون برميل من الخام الحلو؛ بسبب الاضطرابات في خليج المكسيك والناجمة عن إعصار إيفان.

وتكرر الأمر ذاته في سبتمبر/أيلول من أعوام 2005 و2008 و2012، الأول كان بعد إعصار كاترينا، والثاني بعد إعصار جوستاف وآيك، أمّا الأخير فكان في أعقاب إعصار إسحاق، والذي وصل خليج المكسيك أواخر أغسطس/آب من العام نفسه.

أمّا في يونيو/حزيران 2006، فقد أجرت وزارة الطاقة الأميركية عملية تبادل من الاحتياطي الإستراتيجي لنحو 750 ألف برميل من الخام الحامض، وذلك عند إغلاق قناة كالكاسيو للسفن لعدّة أيام أمام حركة النقل البحري سبتمبر/أيلول عام 2008.

وتجدر الإشارة إلى أن عملية السحب من مخزون النفط الإستراتيجي يمكن أن تحدث عن طريق القروض، وهي عملية تشهد ردّ الكمية المستلمة من النفط وكمية إضافية بصفة فائدة، أو عن طريق البيع المباشر.

وفي بعض الأحيان، يجري السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي بهدف تحديث النفط أو تخفيض العجز في الموازنة، مثلما حدث في كل من أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول من عام 1996.

أوبك - أوبك+ - مخزون النفط الإستراتيجي

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق