تقارير النفطالتقاريررئيسيةسلايدر الرئيسيةنفط

السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي.. 8 خبراء يكشفون لـ"الطاقة" تأثيره في الأسواق

دينا قدري

أثار قرار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الإفراج عن احتياطي النفط الإستراتيجي جدلًا واسعًا في أسواق النفط، حول جدوى تلك الخطوة في مواجهة ارتفاع الأسعار المستمر.

إذ أعلنت وزارة الطاقة الأميركية، اليوم الثلاثاء، الإفراج عن 50 مليون برميل من المخزون الإستراتيجي، بالتنسيق والتزامن مع عدة دول أخرى، في محاولة لممارسة المزيد من الضغوط على تحالف أوبك+، الذي رفض الرضوخ إلى مطالب إدارة بايدن الأخيرة.

واتفق خبراء عالميون في أسواق النفط -في تصريحات خاصة إلى "الطاقة"- على عدم وجود تأثير حقيقي لهذه الخطوة في الأسعار، بوصفها مجرد تأخير لتوازن السوق ما بعد التعافي من جائحة فيروس كورونا.

خطوة بلا معنى

أوضح الخبير في أسواق النفط، مايكل لينش، أن إدارة بايدن استسلمت للضغوط السياسية، واتخذت خطوة ستكون بلا معنى إلى حدٍّ كبير، ما تسبّب في انخفاض مؤقت بأسعار النفط، ولكن ليس لها تأثير كبير في السوق على المدى الطويل.

وأضاف -في تصريح إلى "الطاقة"-: "من المؤكد أنه من المأمول ألا تتبنّى الحكومة سياسة التدخل في أسواق النفط بشكل مستمر".

أسباب ارتفاع الأسعار

من جانبه، فسّر مستشار تحرير "الطاقة"، الدكتور أنس الحجي، ارتفاع الأسعار بشكل كبير، رغم سحب حكومة بايدن ودول أخرى من الاحتياطي الإستراتيجي.

إذ أوضح أن أغلب الاحتياطي الذي جرى إعلان سحبه هو عملية إقراض فقط، أي أن الشركات ستقترض النفط، ثم تعيده عينًا مع زيادة، كأنه قرض بفائدة.

 

 

وهذا يعني أن عليها شراء النفط من السوق وشراء زيادة وإعادته إلى المخزون الإستراتيجي خلال 6 أشهر، ما يؤدي إلى رفع الأسعار في كل الحالات.

وأضاف أنس الحجي أن السحب الصيني كان محسوبًا ومعلنًا منذ نحو شهرين، وبالنسبة إلى الدول الأخرى هو متطلب من الشركات الخاصة، أي تخفيض المخزون التجاري في هذه الحالة، ما أسهم في ارتفاع الأسعار.

روبرت مكنالي يتحدث عن أسعار النفط
روبرت ماكنالي، الرئيس التنفيذي لشركة رابيدان

رد فعل التجار.. وأوبك+

صرّح رئيس شركة رابيدان إنرجي لاستشارات الطاقة، بوب ماكنالي، بأن التجار استجابوا إلى أخبار الإفراج عن احتياطي النفط الإستراتيجي، من خلال شراء العقود الآجلة للنفط الخام، التي ارتفعت بنسبة 2% تقريبًا اليوم الثلاثاء.

وشدد على أن كمية البراميل المفرج عنها من مخزون النفط الإستراتيجي تطابق إلى حدٍّ ما توقعات السوق، ويضع التجار في الاعتبار خطرًا يتمثل في رد فعل منتجي تحالف أوبك+ على الإطلاق غير المتوقع للبراميل عن طريق إبطاء أو إيقاف الزيادات التدريجية للإنتاج.

ترقب اجتماع أوبك+

أشار محلل السلع في بنك يو بي إس في سويسرا، جيوفاني ستانوفو، إلى أن الأنظار ستتجه الآن إلى اجتماع أوبك+ في 2 ديسمبر/كانون الأول.

سوق النفط - جيوفاني ستانوفو
محلل السلع في بنك يو بي إس في سويسرا جيوفاني ستانوفو

وأوضح أن هناك احتمالية أن تؤدي القيود الجديدة على التنقل في أوروبا إلى تشجيع التحالف على الانتظار وعدم زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميًا في يناير/كانون الثاني.

وقال: "مع استمرار توقع زيادة الطلب على النفط، واستمرار سيطرة تحالف أوبك+ على سوق النفط.. نكرر نظرتنا الإيجابية إلى أسعار النفط الخام".

تحرك له حدود

في السياق ذاته، أكدت مؤسِّسة شركة استشارات الطاقة فاندا إنسايتس في سنغافورة، فاندانا هاري، أن الإفراج عن احتياطي النفط الإستراتيجي -حتى وإن كان جماعيًا ومنسقًا- له حدوده عندما يتعلق الأمر بسوق تعاني نقص العرض هيكليًا.

وأوضحت -في تصريحاتها إلى "الطاقة"- أنه على الرغم من أن 5 دول أخرى تتعاون مع الولايات المتحدة في هذا الجهد، فإنه جرى إعلان رقم واحد فقط.

فاندانا هاري
فاندانا هاري

وهذا الرقم -50 مليون برميل في الولايات المتحدة- أربك السوق، خاصةً أن 32 مليون برميل تُعد "قرضًا"، ويجب إعادة الأحجام إلى الاحتياطي، وهو ما يعني ببساطة الشراء المؤجل من السوق.

وشددت هاري على أنه إذا كشفت الولايات المتحدة عن رقم مشترك، مع التزامات ثابتة ومحددة من ناحية الحجم والإطار الزمني من قبل بريطانيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند، فقد يكون لها التأثير المطلوب، على الأقل لمدة قصيرة.

وأكدت أن التهديد الخفي من أوبك+ بأنها قد تعوّض جهود الولايات المتحدة عن طريق كبح زيادة المعروض لا يساعد أيضًا.

وصرّحت بأن السوق رفضت هذا الجهد، مثلما أظهر ارتفاع أسعار النفط الخام استجابةً إلى الإعلان. ومع ذلك، من المحتمل أن يكون الاتجاه الصعودي محدودًا بسبب مخاوف الطلب المتزايدة بسبب عودة ظهور جائحة فيروس كورونا في أوروبا.

تأخير توازن السوق

صرّح مؤسس "كومودوتي كونتكست" واقتصادي السوق في "برايس ستريت"، روري جونسون، بأن الإفراج المنسق عن احتياطي النفط الإستراتيجي يسعى لخفض أسعار النفط الخام، ولكن من المحتمل أن يؤخر فقط عملية إعادة التوازن الطبيعي إلى سوق النفط بعد جائحة فيروس كورونا.

تأثير قرار بايدن على أسواق النفط
مؤسس "كومودوتي كونتكست" واقتصادي السوق في "برايس ستريت"، روري جونسون

إذ أكد أن هناك المزيد من الاستثمارات في الإنتاج من خارج أوبك مطلوبة لسوق ما بعد خفض أوبك+، وكان الانتعاش أبطأ بكثير مما كان متوقعًا، لا سيما بالنظر إلى الأسعار المرتفعة.

وشدد جونسون على أن تسطيح إشارات الأسعار هذه لن تؤدي إلا إلى إبطاء التعافي بشكل أكبر، والمخاطرة بأسعار أعلى بكثير وأكثر تقلبًا في المستقبل.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن حقيقة أن تحالف أوبك+ قد هدد بمواجهة هذه الخطوة عن طريق تأخير تخفيف التخفيضات المخطط لها، يضع مزيدًا من عدم اليقين والتقلب فيما كان قبل أخبار احتياطي النفط الإستراتيجي "مصدرًا نادرًا للاستقرار النسبي".

تفادي المواجهة.. واستنزاف الاحتياطيات

أوضحت إستراتيجية سوق الطاقة في "هيدج فاند تليميتري"، تريسي سوتشارت، أن إجمالي الإفراج المنسق من احتياطيات النفط الإستراتيجية يبلغ 50.83 مليون برميل، ما يعادل يومًا ونصف اليوم من إنتاج أوبك+.

إذ يبلغ حجم الإفراج من قبل الولايات المتحدة في الواقع 32 مليون برميل فقط، مع تسريع 18 مليون برميل مقررة بالفعل.

وتأتي مساهمة الهند بـ5 ملايين برميل، واليابان بـ4-5 ملايين برميل، والصين بـ7.33 مليون برميل، وبريطانيا بـ1.5 مليون برميل (بشكل طوعي من قبل الشركات ولن يخرج من احتياطي النفط الإستراتيجي الخاص بها).

وقالت سوتشارت: "في الواقع، هذا ليس ذا مغزى من ناحية الكمية، وتتفاعل السوق مع النفط بنسبة تزيد على 1.36% بشأن هذه الأخبار.. وعلى المدى الطويل، أظهرت الدراسات أن الإفراج عن احتياطي النفط الإستراتيجي في الولايات المتحدة له تأثير ضئيل على السوق".

تأثير قرار بايدن على أسواق النفط
إستراتيجية سوق الطاقة في "هيدج فاند تليميتري"، تريسي سوتشارت

وشددت على أن إدارة بايدن تحاول تفادي مواجهة الأزمة، إذ يجب "دفع" هذه البراميل مرة أخرى إلى احتياطي النفط الإستراتيجي على الأرجح بأسعار أعلى.

وأشارت سوتشارت إلى أن استنزاف احتياطيات النفط الأمريكية عند أقل من 80 دولارًا يفتقر إلى البصيرة وسوء التفكير، لأنه لا يفعل شيئًا لتغيير الطلب على الوقود الأحفوري.

وأضافت: "سيكون لهذا عكس النتيجة المقصودة، لأنه لا يعالج أيًا من المشكلات الحقيقية مثل 7 سنوات من انخفاض النفقات الرأسمالية. هذا يمكن أن يدفع النفط بسهولة إلى ما يزيد على 100 دولار خلال العام المقبل".

ومن المقرر أن يجتمع تحالف أوبك+ في 2 ديسمبر/كانون الأول، ومن المحتمل ألا يروا الإفراج عن احتياطي النفط الإستراتيجي هذا تهديدًا حقيقيًا موثوقًا لميزان العرض والطلب، حسبما أكدت سوتشارت.

كميات رمزية.. وضغوط تضخمية

من جانبه، أوضح الرئيس التنفيذي لشركة كومبليت إنتل في هيوستن، توني ناش، أن إفراج الإدارة الأميركية عن 50 مليون برميل من احتياطي النفط الإستراتيجي يمثل نحو يومين ونصف اليوم من استهلاك النفط في الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أن الكمية مشكوك فيها من الناحية القانونية (القانون يحدد الإفراج عند 30 مليون برميل)، فإن الأسواق قد خططت لسيناريو أكبر.

تأثير قرار بايدن على أسواق النفط
الرئيس التنفيذي لشركة كومبليت إنتل في هيوستن، توني ناش

وقال: "رغم أن هذا إفراج منسق عالميًا من الناحية الفنية، فإن المستويات خارج الولايات المتحدة هي كميات رمزية من الامتثال لإفراج إدارة بايدن، ولكنها لا تسيء إلى شركاء أوبك+".

وأضاف: "لقد بدأت أسعار النفط الخام في الارتفاع، وكان لذلك تأثير معاكس.. بعد ذلك، توقع من الإدارة أن تشوّه سمعة شركات النفط الدولية الغربية وشركات أوبك الوطنية في محاولة لخفض الأسعار".

وشدد ناش على أن الإدارة في موقف صعب، إما تواصل فتح الاقتصاد مع ضغوط تضخمية أعلى (بما في ذلك النفط الخام)، وإما أنها تدفع نحو عمليات إغلاق جائحة فيروس كورونا، في محاولة ساخرة لتقليل وتيرة التضخم.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق