نفطالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسية

السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي.. هل يقنع بايدن الدول الصناعية الكبرى؟

داليا الهمشري

باتت خطة السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي أبرز الحلول التي يحاول من خلالها الرئيس الأميركي جو بايدن حلّ أزمة ارتفاع أسعار البنزين، التي تهدد شعبيته قبل انتخابات التجديد النصفي في عام 2022.

فبعد توجيه الاتهامات لشركات النفط بالتسبب في الأزمة، اقترح بايدن على بعض الدول الصناعية الكبرى التنسيق للسحب من الاحتياطي الإستراتيجي.

وطلبت إدارة الرئيس الأميركي من بعض أكبر الدول المستهلكة للنفط في العالم -بما في ذلك الصين والهند واليابان- النظر في السحب عن مخزونات النفط الخام، في جهد منسّق لخفض أسعار الطاقة العالمية، وفقًا لما ذكرته مصادر مطلعة لوكالة رويترز.

ويتزامن هذا الطلب غير المعتاد مع الضغوط السياسية التي يواجهها جو بايدن بشأن ارتفاع أسعار الوقود نتيجة انتعاش النشاط الاقتصادي بعد الانخفاض الحادّ الذي شهده خلال جائحة فيروس كورونا.

بايدن واحتياطي النفط الإستراتيجي

يعكس هذا التوجّه إحباط الولايات المتحدة من أعضاء منظمة البلدان المصدّرة للنفط وحلفائها في إطار تحالف أوبك+ الذين رفضوا الطلبات المتكررة من واشنطن لتسريع زيادة إنتاجهم.

"نحن نتحدث عن رمزية أكبر المستهلكين في العالم الذين يوجهون رسالة إلى منظمة أوبك، مفادها أنه يتعين عليك تغيير سلوكك"، هكذا علّق أحد المصادر لرويترز.

وذكرت مصادر أن بايدن وكبار مساعديه ناقشوا إمكان السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي، مع حلفاء مقربين، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية والهند، وكذلك مع الصين، خلال الأسابيع العديدة الماضية.

تحدٍّ غير مسبوق

هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها الولايات المتحدة إلى التنسيق مع حلفائها للسحب من احتياطي النفط الإستراتيجي، إذ قامت بذلك من قبل عام 2011، خلال الحرب في ليبيا العضو في منظمة (أوبك).

الاقتراح الحالي هذه المرة يمثّل تحديًا غير مسبوق لأوبك -التي تحكمت في أسعار النفط لأكثر من 5 عقود-، لأنه يضم الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم.

أديبك 2021 - أوبك+ وبايدن

أوضح مسؤول بوزارة الصناعة اليابانية أن الولايات المتحدة طلبت تعاون طوكيو في التعامل مع ارتفاع أسعار النفط، لكنه لم يستطع تأكيد ما إذا كان الطلب يتضمن السحب المنسّق من المخزونات.

وأكد المسؤول أنه بموجب القانون، لا يمكن لليابان السحب من المخزونات لخفض الأسعار، حسب رويترز.

الصين تطلق احتياطي النفط الإستراتيجي

أفاد مكتب الاحتياطات الحكومي الصيني، أنه يعمل على السحب عن احتياطيات النفط الخام، رغم أنه رفض التعليق على الطلب الأميركي.

ومن جانبها، قالت متحدثة باسم المكتب: "نقوم -حاليًا- بإطلاق احتياطي النفط الإستراتيجي، وسننشر بيانًا بالتفاصيل على موقعنا عبر الإنترنت".

وطرحت الصين -أكبر مستورد للنفط في العالم- أول مزاد علني لاحتياطيات الدولة من النفط الخام لمجموعة مختارة من المصافي المحلية في سبتمبر/أيلول من هذا العام، بهدف تثبيت أسعار الطاقة.

وتضمّن الإطلاق نحو 7.38 مليون برميل من النفط الخام، معظمها من الشرق الأوسط.

كما ذكرت بكين -في وقت سابق من هذا الشهر- أنها ستستغل احتياطياتها الحكومية من الوقود لخفض أسعار الديزل والبنزين المرتفعة.

كوريا الجنوبية ترفض الطلب الأميركي

تحافظ الصين على مستوى احتياطياتها الإستراتيجية سرًا، كان آخر تحديث علني في عام 2019، عندما كشفت إدارة الطاقة الوطنية أن مخزونات النفط في البلاد -بما في ذلك احتياطيات الدولة والمخزونات في شركات النفط والصهاريج التجارية- تكفي لمدة 80 يومًا.

وقدّرت شركة إنرجي آسبيكتس الاستشارية -في وقت سابق من هذا العام- احتياطيات النفط الحكومية في الصين بنحو 220 مليون برميل من النفط الخام، أي ما يعادل 15 يومًا من الطلب.

ومن جانبه، أوضح مسؤول كوري جنوبي أن الولايات المتحدة طلبت من سول سحب بعض احتياطيات النفط، حسب وكالة رويترز.

براميل نفط - مخزونات النفط

وقال المسؤول: "إننا ننظر في طلب الولايات المتحدة، ومع ذلك، فإننا لا نلجأ إلى السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي بسبب ارتفاع الأسعار، يمكننا أن نقوم بذلك -فقط- في حال اختلال توازن العرض، ولكن ليس استجابة لارتفاع أسعار النفط".

"يجب أن تكون حصة الولايات المتحدة في أيّ سحب محتمل للاحتياطيات ما بين 20 و30 مليون برميل للتأثير في الأسواق، ويمكن أن يكون هذا السحب في شكل بيع أو قرض من الاحتياطي النفطي الإستراتيجي الأميركي أو كليهما"، حسبما ذكر مصدر أميركي شارك في المناقشات لرويترز.

ولجأت الولايات المتحدة إلى الاحتفاظ باحتياطي النفط الإستراتيجي في السبعينيات، بعد حظر النفط العربي، لضمان وجود إمدادات كافية لمواجهة حالة الطوارئ.

انخفاض أسعار النفط

على الرغم من رفض البيت الأبيض التعليق على المحتوى التفصيلي للمحادثات مع الدول الأخرى بشأن السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي، فإنه بعد نشر تقرير رويترز حول مناقشات البيت الأبيض، انخفضت أسعار الخام بنحو 1%.

وكان خام برنت قد سجل ارتفاعًا بنسبة تصل إلى 69% هذا العام، وتراجع 0.4%، إلى 79.97 دولارًا للبرميل، اليوم الخميس.

كما تراجعت أسعار النفط الخام الخفيف الأميركي بنسبة 0.8%، ولمست أدنى مستوى لها في شهر.

أمين عام أوبك محمد باركيندو خلال مشاركته في أديبك 2021
أمين عامّ أوبك خلال مشاركته في أديبك 2021 (الصورة من صفحة أوبك على تويتر - 16 نوفمبر 2021)

ورفضت أوبك+ دعوات بايدن لتسريع زيادة الإنتاج، بحجة أن انتعاش الطلب قد يكون هشًا، إذ تحافظ أوبك+ على اتفاق لزيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميًا، في الشهر، حتى لا تغرق السوق بالإمدادات.

 

وتوقّع الأمين العامّ لمنظمة أوبك، محمد باركيندو، يوم الثلاثاء الماضي، ظهور فائض في المعروض العالمي خلال ديسمبر/كانون الأول.

وقال للصحفيين خلال مشاركته في مؤتمر ومعرض أديبك 2021: "هذه مؤشرات على أننا يجب أن نكون حذرين للغاية".

وأثار ارتفاع أسعار النفط مخاوف بايدن قبل انتخابات التجديد النصفي لعام 2022، والتي ستحدد ما إذا كان حزبه الديمقراطي سيحافظ على أغلبية ضئيلة في الكونغرس الأميركي أم لا.

تفاقم معدلات التضخم

بلغ متوسط ​​أسعار البنزين في الولايات المتحدة 3.41 دولارًا للغالون في الآونة الأخيرة، بزيادة أكثر من 60% من العام الماضي، مع انتعاش الاقتصاد من جائحة (كوفيد-19).

ويعزو العديد من مساعدي بايدن انخفاض مستويات شعبية الرئيس في الأشهر الأخيرة إلى تفاقم معدلات التضخم في الطاقة والغذاء وغيرها من المجالات.

وامتنعت وكالة الطاقة الدولية -التي تتخذ من باريس مقرًا لها- عن التعليق على إطلاق احتياطي النفط الإستراتيجي لأعضاء، من بينهم الولايات المتحدة واليابان ومعظم الدول الغربية.

وقد نسّقت وكالة الطاقة الدولية في الماضي إطلاق احتياطات النفط لعدّة دول.

احتياطي النفط الإستراتيجي
الرئيس الأميركي جو بايدن

التحقيق مع شركات النفط

في سياق جهوده المكثفة لحلّ أزمة ارتفاع أسعار الوقود، وجّه بايدن رسالة إلى رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية لينا خان، أمس الأربعاء، للمطالبة بالتحقيق بشأن ما إذا كانت شركات النفط والغاز الأميركية تقوم بممارسات تضر بمصلحة المستهلكين.

وجاء ذلك بعد طلب الإدارة الأميركية من لجنة التجارة، في أغسطس/آب الماضي، التحقيق في السلوك غير القانوني المحتمل وراء ارتفاع أسعار الغاز.

وذكر الرئيس الأميركي في رسالته أن هناك أدلة متزايدة على سلوك يضرّ بمصالح المستهلكين، تمارسه شركات النفط والغاز.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق