الطاقة الشمسية في أوروبا تحتاج إلى التخزين.. ما قصة الأسعار السلبية؟
هبة مصطفى
زاد إنتاج الطاقة الشمسية في أوروبا خلال الأشهر الـ5 الأولى من العام الجاري (2024)، ويبدو أن معدل الزيادة كان فائقًا إلى حد الإضرار بالموردين والمنتجين.
ومع زيادة المعروض بصورة لافتة للنظر شهد الطلب تراجعًا، ما دفع مستويات الأسعار إلى الهبوط والتراجع في ظل وفرة الإمدادات.
وبحسب معلومات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، كان التوليد الزائد عن الحد "نقمة" على المنتجين على غير المتوقع، إذ اضطروا إلى طرح الكهرباء الفائضة بأسعار سلبية في السوق الفورية، لكنه ومن جانب آخر يشكل "نعمة" بدق ناقوس الخطر لضرورة التركيز على "التخزين".
وتعرف الأسعار السلبية بأنها أنظمة تسعير تظهر لدى انخفاض الطلب، أو زيادة المعروض إلى حد نمو رغبة المطورين والمنتجين في التخلص من الإمدادات ببيعها دون مكاسب أو حتى الدفع مقابل التخلي عنها.
أداء أوروبي
سجلت الطاقة الشمسية في أوروبا نموًا مضاعفًا خلال المدة من 2019 إلى 2023، إذ قفزت القدرة المركبة لدول الاتحاد الأوروبي إلى 263 غيغاواط.
وشهد العام الماضي وحده، تثبيت ما يصل إلى 306 آلاف لوح شمسي إضافي بصورة يومية، وفق بيانات صادرة عن جمعيات وهيئات معنية بالأمر ونقلتها رويترز.
وكانت توسعات الطاقة الشمسية هائلة رغم تسبب الطاقة الكهرومائية والنووية في زيادة المعروض، إذ استفاد المطورون من توسعات اتفاقيات شراء الكهرباء وفق معدل أسعار متفق عليه للاتفاقيات طويلة الأجل.
وأدى ذلك إلى زيادة قدرة المشروعات مع توافر مخصصات الإنفاق من عوائد هذه الاتفاقيات، مع التخلي التدريجي عن الإعانات والدعم الحكومي.
ومع هذه الوفرة انخفضت أسعار كهرباء الطاقة الشمسية في أوروبا إلى حد كبير، ورغم أن هذا التوسع قد يوحي بتداعيات إيجابية؛ فإن المستهلك الأوروبي لم يشعر به بالقدر الكافي حتى الآن، نظرًا إلى التزام الموردين بالأسعار الثابتة للاتفاقيات طويلة الأجل.
التسعير السلبي!
مع ارتفاع قدرة توليد الطاقة الشمسية في أوروبا وعدم التناغم بين العرض والطلب، سجلت القارة العجوز عددًا قياسيًا من "الأسعار السلبية" للكهرباء.
وخلال الأشهر الـ5 الأولى من العام الجاري (من يناير/كانون الثاني، حتى نهاية مايو/أيّار)، شهدت أسواق الكهرباء بالجملة في غالبية الاقتصادات الرئيسة بالقارة عددًا قياسيًا من أسعار في مستوى صفري/ساعة.
وتطور الأمر إلى اضطرار عدد من المنتجين إلى الدفع مقابل التخلص من إمدادات الكهرباء الفائضة، أو غلق محطات التوليد، ما يدفعهم للعودة والمطالبة بالدعم والإعانات الحكومية مرة أخرى.
وفي ألمانيا (صاحبة أكبر قدرة لتوليد الطاقة الشمسية في أوروبا) لم تكن أنظمة أسعار الكهرباء السلبية حديثة العهد بالصناعة، لكن على النقيض من ذلك شهدت إسبانيا هذا التطور للمرة الأولى خلال العام الجاري.
من جانبه، أكد مسؤول الاستشارات في منصة بيكسابارك (Pixapark) لتسعير اتفاقيات شراء الكهرباء "ينس هولستاين" أن منتجي ألمانيا وإسبانيا اضطروا إلى بيع إمدادات الكهرباء بخصومات قوية رغم أن الدولتين رائدتين في إنتاج الطاقة الشمسية في أوروبا واتفاقيات الشراء.
وقال مهتمون إن التسعير السلبي أو الصفري لا يمثل تخوفًا في الآونة الحالية، لكن الأزمة الحقيقة في تكراره مستقبلًا خاصة في ظل تراجع عقود شراء الكهرباء المتجددة.
ما الحل؟
يبدو أن التوسع بـ"تخزين" فائض الطاقة الشمسية في أوروبا بات الحل الأمثل لتحقيق أقصى قدر من الاستفادة للمطورين، تجنبًا للوقوع تحت طائلة التسعير السلبي والاضطرار للبيع بأسعار مخفضة أو الدفع مقابل التخلص من الإمدادات في بعض الأحيان.
ولن تقتصر فوائد التخزين على المطورين فحسب، إذ سيستفيد المستهلك منها أيضًا، خاصة أن تلقيه الإمدادات كان وفق اتفاقيات شراء بتسعير ثابت، ولم تنعكس الأسعار السلبية المخفضة على فواتيره بعد.
ويتيح توجيه الاستثمارات إلى حلول التخزين ضمان الإمدادات لدى أوقات ذروة الطلب ونقص المعروض، وفق ما ألمحت إليه وكالة الطاقة الدولية في تقاريرها السنوية.
وسبق أن حذرت الوكالة من تعرض المطورين إلى خسائر في الأرباح وتراجع للاستثمارات، إذ لم تقترن مشروعات الطاقة الشمسية والرياح ببطاريات تخزين.
وتوافقت رؤية الوكالة مع تقدير الاتحاد الأوروبي بالحاجة لزيادة قدرة التخزين إلى ما يزيد على 3 أضعاف المعدل الحالي، حتى تلبي دول الاتحاد مستهدف رفع حصة الطاقة المتجددة ضمن مزيج الكهرباء إلى 69% بحلول نهاية العقد.
وفي ظل التقلبات الحالية، فضّلت شركة ستيت كرافت (Statkraft) التخلي عن بعض أصول الرياح والطاقة الشمسية في أوروبا، مقابل الاحتفاظ بأصول بطاريات التخزين.
ويرى البعض أن البطاريات توفر وسيلة لضمان عوائد المطورين، بالتخزين خلال انخفاض أسعار الطاقة الشمسية وإعادة البيع مرة أخرى مع ارتفاع الأسعار.
موضوعات متعلقة..
- شركات الطاقة الشمسية في أوروبا تهرب للخارج.. هل تنصفها أميركا؟
- نمو توليد الطاقة الشمسية في أوروبا قد يتجاوز أي مصدر آخر خلال 2024
- أهداف الطاقة الشمسية في أوروبا قد تتحقق بـ23 دولة قبل 2030 (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- اتفاقية البترودولار.. أنس الحجي يكشف حقيقة محضر اجتماع سعودي أميركي قبل 50 عامًا
- مصر من بينها.. إنرجيان تبيع أصولها في 3 دول للتركيز على المغرب وإسرائيل
- أكبر 10 حقول غاز حامض في العالم.. 7 منها بدول عربية