تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

شركات الطاقة الشمسية في أوروبا تهرب للخارج.. هل تنصفها أميركا؟

أسماء السعداوي

تواجه شركات الطاقة الشمسية في أوروبا تحديات تجعل استمرارها صعبًا في ضوء تخمة الواردات الصينية الرخيصة، وغياب الدعم الحكومي.

وكانت شركة ماير بيرغر السويسرية (Meyer Burger) آخر ضحايا الوضع "الخطير للغاية" على حدّ وصف وزارة الاقتصاد الألمانية، إذ أغلقت آخر مصانع الوحدات الشمسية في أوروبا تمهيدًا للانتقال إلى الولايات المتحدة.

وسبق ماير بيرغر شركات أخرى أغلقت مصانعها أو خرجت تمامًا من السوق الأوروبية، وقالت 10 شركات في العام الماضي (2023)، إنها تواجه صعوبات مالية.

وإلى الآن، لا توجد آلية دعم واضحة لإنقاذ الشركات الأوروبية، لكن محللين أشاروا إلى أن الأزمة تكمن في أن حجم تلك الشركات ضئيل بالمقارنة بنظيرتها الصينية والأميركية، بالإضافة إلى تشابك سلسلة التوريد العالمية؛ ما يجعل عدم الاعتماد على الصين أو غيرها أمرًا شبه مستحيل.

شركة ماير بيرغر

تسبَّب قرار شركة ماير بيرغر بإغلاق مصنعها الكائن في مدينة فرايبيرغ بخسارة 500 عامل وظائفهم، وقلّص إنتاج الألواح الشمسية الأوروبية بسبة 10% مرة واحدة.

وتعتزم ماير بيرغر إقامة مصنعين لإنتاج الوحدات الشمسية في أريزونا الأميركية ومصنع آخر لإنتاج الخلايا في كولورادو.

ووصف الرئيس التنفيذي للشركة، غونتر إرفورت، الانتقال من أوروبا إلى أميركا بالجريئة، وبرّرها بغياب أيّ دعم سياسي للصناعة بالقارة العجوز.

وكان متحدث باسم الشركة قد كشف محادثات مع الحكومة الفيدرالية في أواخر مارس/آذار لتأمين مستقبل المصنع المغلق، لكن لم تُكلل بالنجاح، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز.

من جانبها، قالت وزارة الاقتصاد، إنها على علم بالوضع الخطير للغاية، وتدرس تقديم خيارات تمويل مع مسؤولي الصناعة منذ أكثر من عام، ووافقت على منح شركة ماير بيرغر ضمان ائتمان للصادرات من الآلات ألمانية الصنع التي ستُستعمل في الولايات المتحدة.

روبوت داخل مصنع شركة ماير بيرغر
روبوت داخل مصنع شركة ماير بيرغر - الصورة من موقع الشركة

وعلى الخطى نفسها، علّقت شركة البطاريات فرير النرويجية (Freyr) الإنتاج في أحد مصانعها، وتركّز على خطط لإقامة آخر في ولاية جورجيا الأميركية.

وطلبت الشركة الدعم أولًا من الحكومات في النرويج وأوروبا، ثم "توصّلنا لحقيقة أن ذلك الشكل من الاستجابة على مستوى السياسات ليس وشيكًا"، على حدّ قول رئيسها التنفيذي بيرغر ستين.

أزمة شركات الطاقة الشمسية في أوروبا

تشهد إضافات قدرات الطاقة المتجددة في أوروبا زيادات بوتيرة قياسية، وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية.

لكن المصنّعون المحليين يتعرضون لمنافسة ساحقة من الصين والولايات المتحدة، بسبب الدعم الكبير الذي تحصلان عليه من الحكومات.

يضع ذلك الحكومات الأوروبية الحريصة على زيادة قدرات الطاقة المتجددة لمكافحة تغير المناخ في ورطة الاختيار بين تقديم المزيد من الدعم للمصانع المحلية للحفاظ على قدراتها التنافسية أو السماح بتدفق الواردات للإبقاء على وتيرة التركيبات المرتفعة حاليًا.

وسجّل إنتاج مكونات صناعة الطاقة الشمسية في الصين نموًا كبيرًا، ويستحوذ البلد على 80% من قدرات التصنيع العالمية، وهو ما انعكس على انخفاض تكلفة الإنتاج.

وتبلغ تكلفة إنتاج الألواح 12 سنتًا لكل واط، في مقابل 22 في أوروبا، وفق تقديرات شركة أبحاث الطاقة "وود ماكنزي" (Wood Mackenzie).

وفي الولايات المتحدة، قدّم قانون خفض التضخم إعانات تسمح لبعض مصنعي مكونات الطاقة المتجددة ومطوّري المشروعات بالحصول على إعفاءات ضريبية، وهو ما يجذب الشركات من أوروبا وخارجها.

ألواح شمسية
ألواح شمسية - الصورة من موقع المفوضية الأوروبية

تحركات للدعم

في محاولة لإنقاذ صناعة الطاقة الشمسية المتأزمة، سيعقد وزراء الطاقة اجتماعًا اليوم الإثنين 15 أبريل/نيسان، إذ ستكشف المفوضية النقاب عن ميثاق طوعي توقّع عليه الحكومات والشركات لدعم المصانع المحلية.

وقدّم عضو البرلمان الأوروبي من حزب الخضر مايكل بلوس طلبًا يدعو لإنقاذ مصنّعي الوحدات الشمسية من الأوروبيين، عبر إنشاء صندوق بقيمة 200 مليون يورو (213 مليون دولار) لشراء الألواح الشمسية أوروبية الصنع غير المستعملة.

لكنه قال: "في عناوين الصحف وخطب يوم الأحد.. نؤيد بشدّة إقامة صناعة طاقة شمسية خاصة بنا، لكن لا نتحرك بعد ذلك.. لا شيء يحدث".

وفي فبراير/شباط، اعتمد صنّاع السياسات قانون صناعة الحياد الكربوني الذي يتضمن هدف إنتاج 40% من احتياجات الاتحاد من تقنيات الطاقة النظيفة بحلول عام 2030.

وفي خطوة استثنائية، وافق الاتحاد الأوروبي على تقديم مساعدات بقيمة مليار دولار تقريبًا لشركة نورثقولت السويدية لإنتاج البطاريات (Northvolt) لمساعدتها في إقامة مصنع في ألمانيا، بعدما هددت بنقل المشروع إلى الولايات المتحدة.

لكن حجم تلك المساعدات مثار خلاف سياسي، وعمّا إذا كان من الممكن التصرف بالمثل مع شركة ماير بيرغر، قال متحدث باسم وزارة الاقتصاد الألمانية، إن الخطوة لن تكون قانونية إذا كانت الشركة لا ترى مستقبلًا في السوق.

هل الصين سبب الأزمة؟

تتراكم الألواح الشمسية المستوردة والرخيصة في المخازن الأوروبية منذ أكثر من عام، وقد تزيد تلك المخزونات مع خطط التوسع في إنتاج الشركات الصينية.

وسجلت شركة سولارواط الألمانية (Solarwatt) تكدُّس مخزونات الألواح الشمسية التي تنتجها منذ 9 أشهر تقريبًا، وقالت، إنها تعمل بُثلث طاقتها فقط.

كما حذّرت في نهاية يناير/كانون الثاني (2024) من إغلاق مصنعها بدريسدن في ألمانيا، بسبب المنافسة الصينية الشرسة.

ويقول محللون، إن شكل الدعم المطلوب لدعم شركات الطاقة الشمسية في أوروبا غير واضح، لأن شركات مثل ماير بيغر تنتج جزءًا صغيرًا مقارنة بما تنتجه نظيراتها في الصين والولايات المتحدة.

ويقول كبير المحللين في شركة الأبحاث "ريسيرش بارتنرز إيه جي" (Research Partners AG) يوجين بيرغر، إنهم (شركات الطاقة الشمسية) سيعانون بسبب الحجم، ليس مع المنتجين الصينيين فحسب، وإنما مع الأميركيين أيضًا.

يُضاف إلى ذلك تشابك صناعات الطاقة النظيفة عالميًا، ما يجعل من الصعب على مصانع أوربا إقامة سلسلة توريد مستقلة تمامًا.

وفي هذا الصدد، تقول شركة "نور صن" النرويجية لإنتاج الرقائق (NorSun)، إن الصناعة الصينية حاسمة لمصنعها في النرويج وآخر مقترح في أميركا، إذ ستأتي معظم المعدّات من الصين، لأنه لا يوجد خيار آخر.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق