المقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةعاجلغازمقالات الغاز

نكسة غازبروم المالية.. هل تؤثر في خطط صادرات الغاز الروسي؟ (مقال)

فيلينا تشاكاروفا* – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • غازبروم تخطط لزيادة إمدادات الغاز إلى الصين عبر خط أنابيب الغاز باور أوف سيبيريا
  • غازبروم خفضت موازنة نفقات تشغيل أعمال الغاز لدى الشركات التابعة لها
  • غازبروم ملتزمة بالمشروعات الإستراتيجية طويلة المدى، خصوصًا في السوق الآسيوية
  • خط أنابيب "باور أوف سيبيريا" شريان حياة حيوي لصادرات الغاز الروسية

واجهت شركة غازبروم الروسية العملاقة نكسة مالية لم تتعرض لها منذ ربع قرن، إذ أدت أسباب عديدة، أبرزها تقلبات السوق والإضرابات السياسية واستمرار الحرب في أوكرانيا، إلى تراجع كبير في الأرباح.

وضعت الشركة في البداية أمالًا طموحة على عام 2023، متوقعة أن تتجاوز إيرادات مبيعات الغاز نحو 4 تريليون روبل (44 مليار دولار)، وأن تأتي 3.4 تريليون روبل (37 مليار و840 مليون دولار) إضافية من الأنشطة الأخرى، وفقًا لنائب رئيس مجلس الإدارة، فاميل صادقوف.

يأتي ذلك على الرغم من البيئة الاقتصادية الصعبة التي تميزت بانخفاض أسعار الغاز، وتراجع حجم الصادرات مقارنة بعام 2022.

وكان من المتوقع أن تصل الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك للمجموعة إلى 2.2 تريليون روبل (24 مليار و200 مليون دولار)، إذ أرجع صادقوف التوقعات القوية في المقام الأول إلى تزايد إمدادات الغاز إلى الصين.

وكان التوجه الإستراتيجي الذي تبنّته شركة غازبروم نحو السوق الآسيوية قد أتى بثماره، إذ عوّض عن انخفاض الطلب في الأسواق الأوروبية التقليدية، وأكد هذا التحول قدرة الشركة على التكيف بسرعة مع الحقائق الجيوسياسية والاقتصادية المتغيرة.

وفي قطاع النفط، كان من المتوقع أن تحقق مجموعة غازبروم أرباحًا كبيرة قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك تتجاوز تريليون روبل (10 مليارات و790 مليون دولار) بحلول نهاية عام 2023.

ضبط التكاليف

ساعد النهج المنضبط للمجموعة في إدارة التكاليف وتدفقات الإيرادات المتنوعة على التخفيف من ظروف السوق المعاكسة، وأكد صادقوف أن شركة غازبروم ظلت يقظة في السيطرة على نفقات التشغيل في أعمالها الخاصة بالغاز، قائلًا: "مقارنة بالخطة الأصلية، نتوقع خفض التكاليف بأكثر من تريليون روبل، حتى مع دفع ضرائب كبيرة".

* الروبل الروسي = 0.011 دولارًا أميركيًا.

وفي عام 2023، توقعت غازبروم أن يصل إجمالي مدفوعات الضرائب من قبل شركتها الأم إلى 2.5 تريليون روبل، بما في ذلك 600 مليار روبل من مستحقات ضريبة استخراج المعادن الإضافية.

وتعكس هذه المساهمات الضريبية الكبيرة امتثال الشركة للمتطلبات المالية الوطنية والتزامها بدعم الاقتصاد الروسي.

دون النظر في استبدال السندات، طرحت شركة "غازبروم كابيتال" سندات ذات قسيمة ثابتة وسعر فائدة متغير يصل إلى إجمالي 245 مليار روبل في عام 2023.

محطة أورينبورغ لمعالجة الغاز التابعة لشركة غازبروم بمنطقة أورينبورغ في روسيا
محطة أورينبورغ لمعالجة الغاز التابعة لشركة غازبروم بمنطقة أورينبورغ في روسيا– الصورة من رويترز

بالإضافة إلى ذلك، جُمِعت 270 مليار روبل من خلال السندات الدائمة، خُصِّص جزء منها لمشروعات التغويز الإقليمية وحمل ضمان الدولة لمدفوعات القسيمة.

وأضاف صادقوف: "اسمحوا لي أن أذكّركم بأن السندات الدائمة، وفقًا لقواعد المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية، لا تزيد من عبء ديون الشركة"، مؤكدًا أن الحجم الإجمالي للقروض يتوافق مع حجم السداد المخطط له.

على صعيد آخر، دمجت شركة غازبروم، خلال عام 2023، السيولة المجانية لجميع الشركات التابعة لها في منظومة واحدة.

وذكَر صادقوف أنه "بفضل هذا، بحلول نهاية عام 2023، سيكون لدينا أكثر من 420 مليار روبل من النقد تحت تصرّفنا، لتكون بمثابة الأساس للقوة المالية لشركة غازبروم للعام المقبل".

من جهة ثانية، كانت موازنة غازبروم لعام 2024 متحفظة ومتوازنة إلى حدّ ما، بناءً على توقعات مالية واقتصادية من وزارة التنمية الاقتصادية الروسية.

وقال صادقوف: "بموجب العقد، نخطط لزيادة إمدادات الغاز إلى الصين عبر خط أنابيب الغاز باور أوف سيبيريا"، وأكد أن الشركة خفضت موازنة نفقات تشغيل أعمال الغاز لدى الشركات التابعة بمقدار 206 مليار روبل لعام 2024.

ومن المتوقع أن تتماشى القروض المالية لعام 2024 مع سداد الدين، بما في ذلك إعادة تقييم العملة، إذ أوضح صادقوف: "نتيجة لذلك، نتوقع ألّا يتغير إجمالي ديون مجموعة غازبروم العام المقبل بشكل كبير مقارنة بعام 2023".

ومن شأن معايير الموازنة المعتمدة وبرنامج الاستثمار لعام 2024 أن تمكّن شركة غازبروم من تلبية جميع خطط الإنتاج والتزامات المقاولين.

وخلص صادقوف إلى أنه "إضافة إلى ذلك، نخطط لإنهاء العام المقبل بصندوق احتياطي يزيد عن 180 مليار روبل من السيولة المالية في حسابات الشركة".

أول خسارة صافية منذ 1999

أعلنت شركة غازبروم، عملاقة الطاقة الروسية، تسجيلها في 2023 أول خسارة سنوية صافية لها منذ عام 1999، ما يعكس البيئة الاقتصادية المضطربة وتقلبات السوق خلال العام الماضي.

وبلغت الخسارة المنسوبة إلى المساهمين في شركة غازبروم 629.1 مليار روبل، وهو تناقض صارخ مع تسجيل أرباح بقيمة 1.23 تريليون روبل في العام السابق، حسبما هو موضح في تقارير الشركة، وفقًا للمعايير الدولية لإعداد التقارير المالية.

وكانت آخر مرة أعلنت فيها شركة غازبروم خسارة صافية في عام 1999، عندما تكبدت الشركة خسارة قدرها 95.2 مليار روبل.

وشكلت نتائج عام 2023 خروجًا كبيرًا عن ربحية العام السابق، ما يؤكد الظروف الصعبة التي واجهتها الشركة، إذ انخفضت الأرباح الأساسية لغازبروم، أو الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك، إلى 618.38 مليار روبل العام الماضي، انخفاضًا من 2.79 تريليون روبل في عام 2022، وفقًا لحسابات رويترز.

وكانت الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك للعام بأكمله البالغة 7.2 مليار دولار هي الأسوأ منذ 22 عامًا، منذ أن أعلنت الشركة 7.6 مليار دولار في عام 2002، ووفقًا لحسابات رويترز، انخفضت إمدادات غازبروم من الغاز الطبيعي إلى أوروبا بنسبة 55.6% إلى 28.3 مليار متر مكعب في العام الماضي.

الإيرادات والمصروفات التشغيلية

تراجعت إيرادات غازبروم لعام 2023 بنسبة 27%، لتصل إلى 8.54 تريليون روبل، ويعزى هذا التراجع الكبير إلى انخفاض أسعار الغاز وحجم الصادرات، وتجاوزت الإيرادات النتيجة المتوقعة البالغة 7.4 تريليون روبل.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة للتحكم في التكاليف، انخفضت نفقات التشغيل بنسبة 8% فقط، لتصل إلى 8.58 تريليون روبل، وهي ما تزال تتجاوز الإيرادات وتسهم في صافي الخسارة.

وارتفعت الاستثمارات الرأسمالية لشركة غازبروم في عام 2023 بنسبة 11%، لتصل إلى 2.4 تريليون روبل، ما يعكس التزام الشركة بالمشروعات الإستراتيجية طويلة المدى، خصوصًا في السوق الآسيوية.

توزيع أرباح غير المؤكدة

واجهت شركة غازبروم، شركة الطاقة الروسية العملاقة، تحديات مالية وإستراتيجية كبيرة في عام 2023، التي ألقت بظلالها على جاذبيتها الاستثمارية وتوقعاتها المتعلقة بتوزيع الأرباح.

وفقًا لسياسة توزيع أرباح الشركة، يجب ألّا تزيد نسبة صافي الدين إلى الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك عن 2.5 مرة لتخصيص 50% من صافي الربح المعدل للدفع.

لذلك، أثارت النتائج المالية الضعيفة وظروف السوق مخاوف بين المستثمرين والمحللين.

وفي أعقاب نشر التقارير المالية لشركة غازبروم في 3 مايو/أيار، خسرت أسهم الشركة أكثر من 5% من قيمتها، وانخفضت إلى 154 روبل للسهم الواحد، وجرى تداول الأسهم عند 154.6 روبلًا، خلال تعاملات يوم 6 مايو/أيار الجاري،

حقل غازبروم تشاياندينسكوي للنفط والغاز والمكثفات بجمهورية ساخا في روسيا
حقل غازبروم تشاياندينسكوي للنفط والغاز والمكثفات بجمهورية ساخا في روسيا– الصورة من بلومبرغ

مخاوف الاستثمار

أشار المحللون إلى عدّة أسباب تجعل أسهم غازبروم غير جذابة للاستثمار حاليًا، بجانب النتائج المالية الضعيفة لعام 2023:

أولًا، انخفاض أسعار الغاز المتوقعة: أدى انخفاض أسعار الغاز العالمية إلى تراجع كبير في إمكانات أرباح شركة غازبروم، وخصوصًا في سوق التصدير المتقلصة.

ثانيًا، برنامج استثماري ضخم وأعباء ديون مرتفعة: زيادة الاستثمارات الرأسمالية بنسبة 11% إلى 2.4 تريليون روبل في عام 2023، وكان الجمع بين برنامج الاستثمار الضخم ومستويات الديون المرتفعة سببًا في إلقاء ظلال قاتمة على الاستقرار المالي لشركة غازبروم.

ثالثًا، آفاق النمو غير المؤكدة في آسيا: على الرغم من تحول شركة غازبروم نحو آسيا، وخصوصًا الصين، فإن احتمالات زيادة إمدادات الغاز بشكل كبير تظل غير مؤكدة.

وقد برز خط أنابيب "باور أوف سيبيريا"، الذي موّلته بالكامل شركة غازبروم من الأرباح الفائضة التي تحققت في السوق الأوروبية، بعَدِّه شريان حياة حيويًا لصادرات الغاز الروسية.

ومن المتوقع أن يصل خط الأنابيب إلى قدرته التصميمية البالغة 35 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا بحلول عام 2025، ما يشير إلى خطوة مهمة إلى الأمام في إستراتيجية التوسع الآسيوية لشركة غازبروم.

وقالت المحللة لدى شركة الخدمات المالية الروسية "في إي بي فنتشر"، آنا كريلوفا، إن أسهم غازبروم حاليًا في المنطقة الحمراء بنسبة 10% خلال العام.

وتعتقد كريلوفا أن انتعاش أسعار أسهم شركة غازبروم سيتطلب زيادة كبيرة في أسعار الغاز وإحياء سوق المبيعات.

وعلى الرغم من أن الشركة يمكنها سداد المدفوعات من صافي الربح المعدل، فإنه لا ينبغي للمستثمرين أن يتوقعوا أرباحًا عالية بسبب عدم وجود محركات إيجابية واضحة.

سياسة توزيع الأرباح

من المتوقع أن تتراوح قاعدة أرباح غازبروم، التي تأخذ في الحسبان صافي الخسارة مطروحًا منه انخفاض قيمة الأصول الثابتة، وفروق أسعار الصرف، والبنود غير النقدية الأخرى، بين 641 و724 مليار روبل لعام 2023، وفقًا لكبير المحللين في بنك ألفا، نيكيتا بلوخين، ويتضمن التقدير توزيعات أرباح تتراوح من 13.53 إلى 15.3 روبلًا للسهم الواحد.

ومع ذلك، فإن حجم الأرباح النهائية وحقيقة دفعها سيعتمد إلى حدّ كبير على موقف مجلس الإدارة، الذي قد يجتمع في نهاية شهر مايو/أيار الجاري.

وأشار بلوخين إلى أن مجلس الإدارة قد يوصي المساهمين برفض توزيع أرباح العام، بسبب الوضع المالي غير المستقر للشركة.

حدود البنية التحتية القائمة

على الرغم من هذا التقدم، فإن خط الأنابيب الحالي وحده غير كافٍ لاستعادة حجم الصادرات الروسية، وتحتاج شركة غازبروم إلى إنشاء خط أنابيب رئيس ثانٍ، وهو خط أنابيب سيبيريا-2، من أجل تعزيز صادراتها إلى الصين بصورة كبيرة، لكن الوضع معقّد لهذه الأسباب:

أولًا، تردد الصين: على الرغم من أن شركة غازبروم تحتاج إلى خط أنابيب باور أوف سيبيريا 2 لتوسيع صادراتها، فإن الصين تظل صامتة فيما يتعلق بطلبها، الأمر الذي يزيد من الضبابية بشأن آفاق المشروع.

ثانيًا، الجدول الزمني للبناء على المدى الطويل: قد يستغرق بناء خط أنابيب باور أوف سيبيريا-2 عقدًا من الزمن، مما يزيد من غموض جدواها بصفته حلًا قصير الأمد.

ثالثًا، آفاق التصدير غير المؤكدة: يتباطأ النمو الاقتصادي في الصين، ويظل استهلاكها للطاقة على المدى الطويل غير مؤكد.

منشأة لمعالجة الغاز تابعة لشركة غازبروم في روسيا
منشأة لمعالجة الغاز تابعة لشركة غازبروم في روسيا– الصورة من ساوث تشاينا مورنينغ بوست

الأسواق البديلة

بعيدًا عن الصين، تستكشف شركة غازبروم إمكان تصدير الغاز إلى الهند، إلّا أن هذا المشروع يواجه تحديات كبيرة:

أولًا، العوائق الجيوسياسية: تشكّل جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق في آسيا الوسطى وإيران عقبات لوجستية وجيوسياسية أمام تصدير الغاز مباشرة إلى الهند.

ثانيًا، التصدير غير المباشر عبر آسيا الوسطى: قد يتضمن البديل تصدير الغاز الروسي إلى الصين عبر خطوط الأنابيب في قازاخستان وأوزبكستان، لكن هذا يظل احتمالًا معقدًا وغير مؤكد.

حقائق السوق الأوروبية

في نهاية المطاف، لن يتمكن أيّ من هذه المشروعات من الحلول محل سوق غازبروم الأوروبية بالكامل، ويبدو أن عصر الأرباح المرتفعة للغاية من صادرات الغاز إلى أوروبا قد انتهى، على الأقل في الوقت الحالي، إذ إن العودة إلى السوق الأوروبية أمر بالغ الأهمية بالنسبة لشركة غازبروم لاستعادة مكانتها بصفتها واحدة من أهم شركات الطاقة في العالم.

لكن هذه العملية قد تستغرق عدّة سنوات، وحتى ذلك الحين، يبقى السؤال: من سيحتاج إلى الغاز؟

لن تعوّض القدرة المشتركة لخطّ ترك ستريم والغاز المسال الروسي بصورة كاملة الخسارة المحتملة لطريق العبور الأوكراني وإمدادات خطوط الأنابيب الأوروبية الأخرى.

فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ في هذا المقال..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق