أهداف الحياد الكربوني في بريطانيا تصطدم بعقبة الفولاذ.. ما القصة؟
محمد عبد السند
- تستطيع بريطانيا توسيع سعة الطاقة المتجددة وسلاسل إمدادات الشبكة الكهربائية
- تلقى خطط التوسع في مزارع الرياح البحرية معارضة في المناطق الريفية
- التوسع في عدد توربينات الرياح يتطلب توسعًا في شبكة النقل الكهربائي
- تُسهم خطة حزب العمال في إتاحة طلب هائل على المواد الخام مثل الفولاذ
- يخطط حزب العمال لرفع الحظر المفروض على مزارع الرياح البرية بهدف تركيب الآلاف من توربينات الرياح الإضافية عبر بريطانيا العظمى
تواجه أهداف تحقيق الحياد الكربوني في المملكة المتحدة تهديدًا وجوديًا يتمثل في إمكان نفاد مخزون الصلب في البلاد واللازم لبناء عدد هائل من مزارع الرياح البحرية؛ ما يهدد أهداف تحول الطاقة في البلد الأوروبي.
وبمقدور بريطانيا أن تعزز سعة الطاقة المتجددة وسلاسل إمدادات الشبكة الكهربائية؛ ما يمكن أن يدرّ ما قيمته 92 مليار جنيه إسترليني (نحو 117 مليار دولار أميركي) على الاقتصاد الوطني بحلول عام 2040، عبر دعم نمو سلسلة إمدادات طاقة الرياح البحرية وحدها.
غير أنه من المرجح أن تَلقى خطط التوسع في مزارع الرياح البحرية معارضة من قبل السكان المحليين في المواقع المقترحة لإنشائها إلى جانب احتياج تلك المنشآت إلى كميات هائلة من الفولاذ، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
(الجنيه الإسترليني = 1.28 دولارًا أميركيًا).
خطة "ستارمر" طموحة.. ولكن
حذّر الخبراء من أن حزب العمال البريطاني سيحتاج إلى بناء مزارع رياح بحرية بمعدلات غير مسبوقة، في إطار مساعيه الرامية لتحقيق أهداف الحياد الكربوني، وفق ما نشرته صحيفة تليغراف البريطانية.
وتتطلب خطة السير كير ستارمر لتحقيق الحياد الكربوني في بريطانيا بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، زيادة 5 أضعاف في تركيبات توربينات الرياح، وتوسّعًا ضخمًا في سعة المواني، بحسب تقرير سرّي أعدّه كبار المحللين في شركة أورورا إنرجي (Aurora Energy) العاملة في تحليلات أسواق الطاقة.
وحذّر التقرير من أن نطاق التوسع في توربينات الرياح في بريطانيا طموح جدًا إلى الحد الذي من الممكن أن يهدد بنفاد مخزون الفولاذ المستعمل لخطوط النقل الكهربائي البحري في المملكة المتحدة وربطها بالشبكة.
ومنذ عام 2015 نمت سعة طاقة الرياح البحرية في بريطانيا بنحو 1.4 غيغاواط سنويًا، ما يعادل قرابة 150 إلى 200 توربين تُرَكَّب سنويًا.
وتعني أهداف حزب العمال، بخصوص الحياد الكربوني، زيادة سعة التركيبات السنوية لتوربينات الرياح البحرية إلى 7.5 غيغاواط أو ما يعادل 750 توربينًا، وهي مهمة ضخمة في حد ذاتها.
وحذّرت الدراسة من أن "هدف حزب العمال المتمثل بنشر سعة 60 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية بحلول 2030، سيتطلب توسعًا كبيرًا في شبكة النقل الكهربائي، إلى جانب توسّع سريع في سلاسل الإمدادات"، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
وأضافت الدراسة: "تركيب طاقة رياح سعة 60 غيغاواط بحلول 2030 سيتطلب زيادة معدل النشر السنوي بمعامل 5× خلال المدة بين 2024 و 2030، في وقت تزداد فيه القيود على سلاسل الإمدادات نتيجة التداعيات الناجمة عن تفشّي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وارتفاع الطلب العالمي".
العمال والمحافظون.. تشابه سياسات
تُعدّ الدراسة التي أعدّتها شركة أورورا من بين أوائل التحليلات التي تتناول سياسة الطاقة التي يتبنّاها حزب العمال البريطاني منذ أن أعلن السير كير ستارمر أن الحزب يخفض خطط الإنفاق على المشروعات الخضراء من 28 مليار جنيه إسترليني سنويًا إلى 4.7 مليار جنيه إسترليني.
وأشارت الدراسة إلى أن سياسات حزب العمال مشابهة جدًا لنظيرتها التي يتبنّاها حزب المحافظين، غير أن الاختلاف الرئيس يكمن في خطط وزير الطاقة في حكومة الظل إد ميليباند لتنفيذها بسرعة قياسية.
وتعهّد وزير الطاقة في حكومة الظل ميليباند والسير كير ستارمر بتوليد الكهرباء النظيفة بنسبة 100% بحلول عام 2030 على أساس زيادة ضخمة في طاقة الرياح البحرية، ما يعادل إضافة 20 محطة طاقة نووية كبيرة بحجم مفاعل هينكلي بوينت سي.
ويخطط حزب العمال لرفع الحظر المفروض على مزارع الرياح البرية بهدف تركيب الآلاف من توربينات الرياح الإضافية عبر بريطانيا العظمى، إلى جانب تحويل منطقة ريفية تزيد مساحتها على مقاطعة ميدلسكس جنوب شرق إنجلترا إلى محطات طاقة شمسية؛ ما يُسهم في تسريع جهود الحياد الكربوني في بريطانيا.
عقبات رئيسة
قال التقرير الممول بوساطة صناعة الطاقة، إن التمويل والمهارات وسلاسل الإمدادات وأوقات التخطيط ستكون عقبات رئيسة أمام تحقيق مستهدف حزب العمال بإنجاز الحياد الكربوني في قطاع الطاقة بحلول عام 2030".
وقالت أورورا، إن الخطط من المرجح أن تثير ردود فعل عنيفة في المناطق الريفية، غير أنها أوضحت أن حزب العمال قد يكون قادرًا على تجاهل مثل هذه الاعتراضات، شريطة أن يحصل على أغلبية كبيرة كافية.
وفي هذا الصدد قالت أورورا: "مع وجود قاعدة ناخبين يهيمن عليها السكان الحضريون، فإن حزب العمال في وضع يسمح له بتنفيذ تغييرات جوهرية على سياسة التخطيط في بريطانيا العظمى".
وأضافت: "مشروعات البنية التحتية الضخمة لا تحظى عادة بشعبية بين الناخبين في المناطق الريفية، الذين يشكّلون أغلبية قاعدة دعم المحافظين"، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتابعت: "قد يكون حزب العمال، الذي يجذب معظم ناخبيه من المناطق الحضرية، أكثر استعدادًا لتنفيذ التغييرات، مثل تخفيف الموافقة الصارمة على التخطيط المحلي لخطوط النقل الكهربائي والرياح البرية".
وأشارت أورورا إلى أن المستهلكين يمكن أن يستفيدوا –كذلك- من خطط حزب العمال، مردفةً أن "النشر الأسرع لشبكة النقل الكهربائي يمكن أن توفر للمستهلكين 2.6 مليار جنيه إسترليني، وتقلّص الانبعاثات بواقع 10 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا".
معضلة الريط الكهربائي
ستؤدي خطة حزب العمال بخصوص تحقيق الحياد الكربوني إلى زيادة هائلة في الطلب على المواد الخام، مثل الفولاذ اللازم لصنع خطوط النقل الكهربائي وتوربينات الرياح وغيرها من المعدّات، في الوقت الذي يشهد فيه إنتاج الصلب في بريطانيا تراجعًا.
وحذّرت أورورا من أن خطوط الربط الكهربائي ذات الجهد العالي وحدها ستحتاج إلى 1.5 مليون طن إضافي من الفولاذ، بالإضافة إلى مواد أخرى.
وواصلت: "ستحتاج 4 آلاف كيلومتر من خطوط النقل الكهربائي الجديدة بحلول عام 2030 زيادة بنسبة 250% على الأقل في المواد الخام، غير أن إنتاج الصلب في المملكة المتحدة لامس مستوى قياسيًا منخفضًا عند 5.6 مليون طن في عام 2023، وجاء نصف هذا من مصانع الصلب في ميناء تالبوت، التي ستغلق أبوابها في عام 2024."
موضوعات متعلقة..
- 5 توجهات ترسم آفاق الحياد الكربوني.. والشرق الأوسط بقعة مضيئة (مسح)
- الحياد الكربوني في بريطانيا "ذريعة" لعمليات احتيال
- دراسة تنسف خطط الحياد الكربوني في بريطانيا.. "بياناتها غير واقعية"
اقرأ أيضًا..
- نواب أميركيون يفضحون تحيزات وكالة الطاقة الدولية ضد النفط والغاز.. خطاب رسمي
- مخاوف عالمية من تكلفة إنتاج الهيدروجين.. ورسائل سعودية وأميركية
- اكتشاف نفطي في مصر يحقق إنجازًا مهمًا