دعم الوقود في مصر.. كيف تحرك في 6 سنوات مع تراجع الجنيه؟

سامر أبو وردة

2024-03-21

0 650

يُعدّ دعم الوقود في مصر أحد البنود ذات التكلفة المرتفعة بالموازنة العامة للدولة، وسط مطالبات من صندوق النقد الدولي بإلغائه، وحرص الحكومة على استمراره لتخفيف تبعات التحول الاقتصادي على ذوي الدخل المنخفض.

إصلاح دعم الطاقة وتصحيح أسعارها، ولا سيما الوقود، كان في مقدمة أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، الذي انطلق عام 2016، من خلال برنامج زمني تدريجي، لكنه تأثّر بأزمة كورونا، ومن بعدها الحرب الروسية الأوكرانية، ومؤخرًا حرب غزة.

ووفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، فإنه على الرغم من ارتفاع قيمة مخصصات دعم الوقود في مصر في الموازنة العامة بالعملة المحلية، خلال السنوات الأخيرة، فإن الانخفاض المتسارع في الجنيه مقابل الدولار يُظهر انخفاضًا فعليًا في قيمة الدعم.

رحلة دعم الوقود في مصر

أعلن وزير المالية محمد معيط تخصيص أكثر من 147 مليار جنيه مصري (3.063 مليارات دولار أميركي) لدعم الوقود في مصر، بموازنة العام المالي القادم 2024- 2025 (يبدأ في 1 يوليو/تموز)، بزيادة نحو 27.58 مليار جنيه عن العام الجاري 2023- 2024.

* الدولار يعادل 47 جنيهًا مصريًا.

وقال معيط، إن سبب هذه الزيادة ارتفاع أسعار النفط عالميًا وأثر تغير سعر صرف الجنيه المصري، مضيفًا أن هذا يُعدّ تحديًا كبيرًا للمالية العامة للدولة، بحسب وزارة المالية المصرية.

وبلغت مخصصات دعم الوقود في مصر للعام المالي الحالي 2023-2024 نحو 119.4 مليار جنيه، التي قُدِّر فيها سعر النفط عند 80 دولارًا للبرميل.

ووصل دعم الوقود في مصر إلى 58 مليار جنيه خلال العام المالي 2022-2023، في حساب الموازنة الختامي المبدئي، بزيادة بلغت نحو 28 مليار جنيه عن المستهدف، إذ كانت الحكومة المصرية تستهدف عدم تجاوزه الـ 28 مليار جنيه.

وسجلت فاتورة دعم الوقود في مصر في الحساب الختامي لميزانية 2021-2022 نحو 59.8 مليار جنيه، بينما بلغت قيمته 18.9 مليار جنيه، خلال العام المالي 2020-2021.

رغم ما تُظهره البيانات من زيادة في مخصصات دعم الوقود في مصر بالعملة المحلية، فإن واقع الحال يُظهر تقلُّص مخصصات هذا الدعم عند تقويمه بالدولار الأميركي، لا سيما مع التراجع الكبير الذي تشهده قيمة العملة المحلية منذ سنوات.

الجدول التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، يستعرض كيف تحركت قيمة دعم الوقود في مصر خلال 6 سنوات بالعملة المحلية، ومقارنتها بالدولار الأميركي:

قيمة دعم الوقود في مصر

منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2016، شهدت سوق الصرف تغيرات كبيرة بالتزامن مع إعلان الحكومة تعويم الجنيه مقابل الدولار، ليسجل سعر الصرف زيادة بنسبة 131%، بعد ارتفاع سعر الدولار إلى 18 جنيهًا مقابل 7.80 جنيها قبل قرار التعويم، بخلاف السعر الاسترشادي الذي حدّده البنك المركزي المصري، آنذاك، عند 13 جنيهًا للدولار.

وفي مارس/آذار 2022، خفضَ البنك المركزي المصري قيمة الجنيه بنسبة 25% من 15.77 جنيهًا للدولار إلى 19.7 جنيهًا للدولار، وفي أكتوبر/تشرين الأول، خُفِض الجنيه مرة ثانية بنسبة 25.4%، من 19.7 جنيهًا للدولار إلى 24.7 جنيهًا للدولار.

وفي يناير/كانون الثاني 2023، خُفِضَت قيمة الجنيه بنسبة 30%، من 24.7 جنيهًا للدولار، إلى قرابة 31 جنيهًا للدولار.

وفي 6 مارس/آذار 2024، قرر البنك المركزي المصري تطبيق آلية سعر صرف مرن للجنيه، ويُتداوَل عند قرابة 47 جنيهًا للدولار.

موقف دعم الوقود

تتبنّى القاهرة توجهًا لرفع الدعم عن الوقود في مصر مستقبلًا؛ للحدّ من استمرار تحميل الموازنة العامة للدولة المزيد من الأعباء المالية.

وأوصى صندوق النقد الدولي الحكومة المصرية، في العديد من المراجعات الدورية للاقتصاد، بإلغاء دعم المشتقات النفطية في مصر نهائيًا، وأن يقتصر على السولار "الديزل"، كونه محركًا لعمليات الإنتاج والنقل.

وتتجه الحكومة إلى الأخذ بتوصيات صندوق النقد الدولي، برفع دعم المشتقات النفطية، وتوجيه الدعم فقط للسولار؛ لكبح جماح التضخم وتحقيق الاستقرار المالي بالموازنة العامة، والعمل على خفض نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي.

وتتوقع مصادر في وزارة البترول والثروة المعدنية أن يُقرّ الاجتماع المقبل للجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية، المقرر في مارس/آذار 2024، تحريك أسعار البنزين، مع الإبقاء على أسعار السولار "الديزل".

وتتوقع المصادر أن تكون الزيادة القادمة في سعر البنزين في مصر بنسبة 10%، لتتراوح بين جنيه واحد و1.25 جنيهًا للّتر، وفي حال إقرارها، ستكون التاسعة منذ بدء تطبيق قرار رئيس مجلس الوزراء بتحرير أسعار الوقود، في يوليو/تموز 2019.

ويُتداوَل الوقود في مصر، حاليًا، وفق الأسعار التي حددتها لجنة التسعير التلقائي في 3 نوفمبر/تشرين الثاني (2023)، على النحو التالي: