التقاريرتقارير الطاقة النوويةتقارير دوريةرئيسيةطاقة نوويةوحدة أبحاث الطاقة

كيف أصبح معدل بناء المفاعلات النووية في الصين الأسرع عالميًا؟ (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • أغلب المفاعلات النووية في الصين لم يستغرق بناؤها 7 سنوات منذ عام 2010
  • بناء محطات الطاقة النووية في أوروبا وأميركا يستغرق 10 سنوات فأكثر
  • الشركات الروسية والكورية لديها تجربة قريبة من الصين في البناء السريع للمفاعلات
  • الاقتصادات الناشئة يمكنها التعلم من تجربة الصين أكثر من الدول المتقدمة
  • المواقع الساحلية أكثر مناسبة لبناء محطات الطاقة النووية وأقل تكلفة

تسارعت معدلات بناء المفاعلات النووية في الصين خلال العقدين الماضيين بصورة ملحوظة حيرت الخبراء والمتخصصين الذين يعتقدون أن إنشاء المحطات النووية التقليدية قد يستغرق عقدًا من الزمن أو أكثر.

وأظهر تقرير تحليلي حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- نجاح الصين بكسر معادلة الزمن المستقرة في القطاع عالميًا مع قدرتها على إنجاز عمليات بناء المفاعلات النووية في غضون 7 سنوات أو أقل.

واستند التحليل إلى تتبّع عمليات بناء المفاعلات النووية في الصين منذ عام 2010، إذ وجد أن كل مشروع نووي دخل الخدمة منذ ذلك التاريخ لم يستغرق 7 سنوات في أعمال بنائه.

بناء المفاعلات النووية في الصين

أكملت الصين منذ بداية عام 2022 بناء 5 مفاعلات نووية تراوحت مدة إنجازها من أقل من 5 سنوات إلى ما يزيد قليلًا على 7 سنوات، بحسب التحليل المنشور على موقع معهد بريك ثرو (break through Institute)، وهو مركز أبحاث بيئي مقرّه في مدينة بيركلي بولاية كاليفورنيا.

وأسهم تسارع معدلات بناء المفاعلات النووية في الصين في الحفاظ على معدل نمو سنوي هائل لتوليد الكهرباء النووية مقارنة بمصادر الطاقة المتجددة الأخرى، التي واصلت النمو منذ عام 2010 وحتى الآن.

كما أظهر الممولون وشركات البناء الصينية قدرتهم على استكمال مشروعات المفاعلات النووية بالخارج في أطر زمنية جذابة نسبيًا، إذ نجحت الصين في بناء 6 مفاعلات في باكستان خلال مدة تتراوح من 5.5 إلى 6 سنوات لكل منها.

بناء المفاعلات النووية في الصين
بناء أحد المفاعلات النووية في الصين بمقاطعة شاندونغ - الصورة من bloomberg

وأسهمت معدلات البناء المتسارعة على يد الشركات الصينية في كسب ثقة مزيد من العملاء المحتملين مثل الأرجنتين، التي تعول على الصين في بناء المفاعلات بصورة أسرع، ما يفرض على المنافسين العالميين -وخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا- تحديات هائلة خلال السنوات المقبلة.

كما تتباهى الشركات الروسية والكورية بمعظم مشروعات الطاقة النووية الكبرى التي أكملتها في الخارج خلال السنوات الأخيرة، إذ تمتلك روسيا سجلًا جيدًا في تسليم المفاعلات الجاهزة في غضون 6 إلى 9 سنوات مع بعض الاستثناءات.

كما بنَت كوريا الجنوبية 3 مفاعلات في دولة الإمارات في أقل من 9 سنوات لكل منها، وسط توقعات بأن تكون مدة بناء مفاعل إضافي آخر في النطاق الزمني نفسه.

لماذا تُبنى المفاعلات بسرعة في الصين؟

تمثّل سرعة بناء المفاعلات النووية في الصين تحديًا كبيرًا لبعض المقولات السائدة في صناعة الطاقة النووية العالمية، إذ يسود اعتقاد بأن تقنية الطاقة النووية تظهر بطبيعتها صعوبة في البناء، إلى جانب الاعتقاد الراسخ بأن بناء المفاعلات يحتاج إلى عقد من الزمن أو أكثر لاستكماله.

وتُفسَّر سرعة البناء النووي في الصين بعدّة أسباب، من أبرزها: السهولة النسبية في الحصول على التمويلات اللازمة لمشروعات الطاقة النووية المعروفة بكونها كثيفة رأس المال بطبيعتها.

ويرجع ذلك جزئيًا إلى الدعم الواسع الذي تحصل عليه مشروعات بناء المفاعلات النووية في الصين من القطاع العام وحكومات المقاطعات، إلى جانب مشروعات تصنيع البطاريات وتكرير المغنسيوم ومعدّات الطاقة الشمسية الحاصلة على دعم واسع خلال السنوات الأخيرة.

وأدي النمو واسع النطاق للبنية التحتية الصناعية خلال العقود الماضية إلى اكتساب الصينيين خبرة كبيرة في إدارة المشروعات الضخمة وقدرات البناء في قطاع الطاقة النووية.

وتعلمت مشروعات القطاعين العام والخاص استهداف وفورات الحجم الكبير في مجال البناء من خلال التخطيط والاشتراك في مواقع متعددة لوحدات أو خطوط تصنيع متطابقة في الموقع نفسه.

واستفاد المطورون بقطاع المفاعلات النووية في الصين من سلسلة التوريد المشتركة في بعض جوانبها مع سلاسل توريد الصناعات الثقيلة، لا سيما في مجال معدّات الطرق الثقيلة المستعملة في بناء أوعية ضغط المفاعلات.

كما استفاد المطورون من دعم السياسات القوي الموجّه للطاقة النووية وتقنيات المفاعلات التقليدية والمتقدمة على المستوى المحلي ،بوصفها قطاعًا ذا أهمية إستراتيجية، إلى جانب إمكانات النمو وفرص التصدير الواعدة.

وأعطى القطاع النووي في الصين أولوية لتطوير سلسلة توريد محلية قوية لمكونات المفاعلات منذ انطلاق الموجة الحديثة لبناء المفاعلات عام 2005، وذلك عبر الاستفادة من التكنولوجيا الأجنبية وتجربة عديد من تصميمات المفاعلات الأميركية والأوروبية والروسية حتى خلال تطوير تقنيات المفاعلات المحلية الجديدة.

المواقع الساحلية الأنسب للطاقة النووية

رغم تسارع تركيبات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في الصين خلال السنوات الأخيرة، لكن الطاقة النووية ما زالت حاضرة في إستراتيجية الطاقة الوطنية، لا سيما في المقاطعات الساحلية الحضرية ذات الكثافة السكنية العالية والموارد المتجددة المحدودة.

وتتميز مشروعات الطاقة النووية الساحلية بانخفاض تكلفتها، إذ يمكنها تلقّي مواد البناء ومكوناتها عن طريق البوارج، كما يمكنها استعمال مبرد مياه البحر بدلًا من أبراج التبريد التي يبلغ ارتفاعها 600 قدم، مع تجنّب مخاطر الزلازل والفيضانات التي قد تتعرض لها المشروعات غير الساحلية.

وعادةً تُختار المواقع الساحلية وتخطيطها بطرق تسمح بمرحلتين إلى 4 مراحل متتالية من بناء المفاعلات في صورة أزواج بالموقع نفسه؛ ما يسمح بمرونة أكبر في عمليات البناء والتشغيل.

موقع محطة كراتشي للطاقة نووية المبنية بواسطة الصين في باكستان
موقع محطة طاقة نووية أنشأتها الصين في مدينة كراتشي-باكستان - الصورة من china daily

ويمكن لتجربة بناء المفاعلات النووية في الصين أن تلهم تجارب الاقتصادات الناشئة الأخرى سريعة النمو مثل الهند وبنغلاديش وإندونيسيا، بينما ستكون محاكاة التجربة في الولايات المتحدة وأوروبا صعبة للغاية، لاختلاف الظروف والبيئة والتجربة التاريخية والخبرات التقنية.

على الجانب الآخر، تستطيع الاقتصادات المتقدمة ذات الأسواق الحرة للكهرباء و الخبرات المتواضعة في القطاع النووي، أن تدرس التجربة الصينية للاستفادة بها في صياغة إستراتيجياتها المستقبلية لنشر الطاقة النووية بصورة متوازنة، مع معالجة نقاط الضعف المحلية الخاصة بها، بحسب تحليل معهد بريك ثرو (breakthrough Institute).

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق