يشكّل نطاق السيارات الكهربائية إخفاقًا جديدًا للشركات المُصنّعة؛ إذ برهنت التجربة الواقعية أنه ينخفض عن المستويات التي تروّج لها الشركات، وعادة ما يخضع للظروف الجوية وحالة الطقس.
ويُعرف نطاق السيارات أو (المدى) بالمسافة التي تقطعها السيارة الكهربائية خلال شحنة واحدة للبطارية، قبل أن تحتاج إلى الشحن مرة أخرى، ويتباين حسب السرعة ودرجات الحرارة المحيطة.
ويؤثّر الطقس سلبًا بنطاق السيارات، فالمسافة المتوقعة من الشحنة الواحدة للبطارية تنخفض كلما انخفضت درجات الحرارة؛ إذ يحتاج الطقس البارد إلى بذل البطارية جهدًا أكبر للحفاظ على الكهرباء.
ووفق اختبار اطّلعت منصة الطاقة المتخصصة على نتائجه، تبيَّن وجود فجوة بين نطاق السيارات الفعلي والمعلَن من قبل الشركات، خلال حملات الترويج للبيع، أو في المواصفات المدرَجة لكل طراز.
فجوة بين الشركات والواقع
حددت الشركات المُصنّعة تقدير نطاق السيارات الكهربائية على أساس تجربتها في الطقس الدافئ ودرجات الحرارة المعتدلة، ما يُشير إلى أن ما توصلت إليه الشركات يعدّ صورة غير واقعية عن الأداء الفعلي لمدى البطارية.
وبعد التجربة الواقعية، تبيّن أن عمر البطارية ينخفض بما يصل إلى "الثُلث"، مقارنة بالمدى التي تعلنه الشركات خلال مرحلة ما قبل البيع، وفق نتائج استقصاء حديث أجرته مجلة وات كار (What car).
وأسفر الاستقصاء عن التوصل إلى ضرورة اختبار الشركات لمدى البطارية خلال ظروف الطقس المختلفة، على عكس إعلان الشركات سابقًا المواصفات الرسمية السيارة بعد اختبارها في طقس دافئ.
وجاء هذا الاستنتاج بعدما أثبت التحقيق الاستقصائي الذي أجرته المجلة تعرُّض البطارية للنفاد بمعدل أسرع وأكبر، لدى قيادتها في طقس بارد ودرجات حرارة منخفضة، حسب التفاصيل التي نشرتها صحيفة ديلي ميل (Daily Mail) عن الاستقصاء.
وقال المحرر في مجلة وات كار، ستيف هنتنغفورد، إن نتائج الاختبار الاستقصائي تكتسب أفضلية عن الإعلانات الرسمية للشركات؛ لاعتمادها على تجربة واقعية فعلية لنطاق السيارات الكهربائية ومدى بطارية عدد من الطرازات.
نتائج الاختبار
لقياس نطاق السيارات الكهربائية ومدى البطارية الفعلي، اختبرت المجلة أداء 12 طرازًا بإبقائها خارج مواقف الانتظار في مواجهة الطقس البارد طوال الليل، في تقليد لوضع طبيعي قد يتعرض له مالكو هذه السيارات.
وعقب انتظار السيارات في الطقس البارد ليلة كاملة في مقاطعة بيدفوردشير شرق إنجلترا، اختبر فريق الاستقصاء قيادة السيارات الـ12 لمسافة 60 ميلًا، لقياس مداها التي تستغرقه حتى تنفد بطارياتها بالكامل.
وكشفت التجربة الفعلية أن هناك تباينًا بين مدى البطاريات صيفًا وشتاء؛ نتيجة اختلاف درجات الحرارة، بفارق أداء وصل إلى 18%.
ومن جانب آخر، كان متوسط مدى البطاريات أقل بنحو 29.9% من المستوى الذي أعلنته الشركات، بما يقارب الثلث.
وتدفع نتائج الاختبار الفعلي إلى إعادة نظر المستهلكين في مصداقية المواصفات المعلنة من قبل الشركات، إذ يتباين نطاق السيارات الكهربائية ومدى البطارية طبقًا لحالة الطقس ودرجات الحرارة، بالإضافة إلى أساليب القيادة ذاتها ونوعية الطرق التي تسلكها السيارات.
وبعد رصد هذه الفجوة، يتعين على الشركات اتّباع النهج ذاته، وإجراء المزيد من الاختبارات للسيارات وفق أحوال الطقس المختلفة، قبل الإعلان عن المواصفات وتقديرات النطاق والمدى.
مقياس أداء السيارات
قد تتسبب بيانات نطاق السيارات الكهربائية ومدى البطاريات لشحنة واحدة، التي تعلنها الشركات المُصنّعة، في مفاجآت للسائقين خلال الرحلات الطويلة؛ إذ يعوّل بعضهم في توقّع أداء البطارية لشحنة واحدة على البيانات الرسمية للشركات.
وبالنظر إلى أن الشركات أسست مواصفات طرازاتها على اختبار مدى البطارية ونطاق السيارات الكهربائية في درجات الحرارة المعتدلة، فإن الشركات لم تنبّه عملاءها إلى مواجهة أداء سيئ في حالة برودة الطقس.
وعادةً ما تختبر الشركات سياراتها منذ عام 2017 وفق مقياس الاتحاد الأوروبي، وبالفعل طُبِّق المعيار على مبيعات السيارات الجديدة في القارة العجوز من عام 2018.
ووفق هذا المقياس، تُختبر السيارات لمدة نصف ساعة عبر تشغيل محركها لما يعادل 14.4 ميلًا، في درجة حرارة تعادل 23 درجة مئوية، بحسب تقرير نشرته ذا تيليغراف (The Telegraph).
ومقابل ذلك، قال معنيّون بالصناعة، إن نتائج الاختبار "مبالغ بها"، وأكد متحدث باسم شركة لكزس (Lexus) اليابانية أن تقدير كفاءة ونطاق السيارات الكهربائية للاستقصاء يختلف عن المواصفات التي توصلت إليها الشركة.
وأضاف أن شركته تُجري تحديثات لأحد طرازاتها، لتطوير نطاقه ومدى البطارية.
نتائج صادمة
كشف الاختبار الاستقصائي لمجلة "وات كار" الفجوة في نطاق السيارات الكهربائية لعدد من الطرازات، ما بين المعلَن رسميًا من قبل الشركات وبين المحاكاة الفعلية التي أجراها فريق المجلة لـ12 طرازًا من شركات عدّة، في الطقس البارد.
وأعلنت شركة لكزس اليابانية نطاق طراز السيارة لكزس يو إكس 300 إي (Lexus UX 300e) بما يعادل 273 ميلًا في الشحنة الواحدة، في حين رصد الاختبار المدى الفعلي بأقل من هذا الرقم بنحو 100 ميل.
أمّا الطراز "لكزس تاكومي أر زد 450 إي" من الشركة ذاتها (RZ 450e Takumi)، فقدّرت الشركة مدّه بنحو 251 ميلًا، لكن الاختبار الفعلي رصد عجزًا قدره 92 ميلًا في هذا التقدير.
وبالنسبة لطراز آي دي 7 برو ماتش لشركة فولكس فاغن (Volkswagen) الألمانية، فكان المدى الرسمي لبطاريتها 383 ميلًا، غير أنه بلغ فعليًا وفق الاستقصاء 254 ميلًا فقط.
وتكرر الأمر مع طراز إي كيو إي 300 الرياضي لشركة مرسيدس بنز (Mercedes Benz) الألمانية أيضًا، إذ بلغ مداه في الرسمي 380 ميلًا، وفي الاختبار الفعلي 300 ميل فقط.
ولم يسلم طراز 3 طويل المدى من شركة تيسلا (Tesla) الأميركية من الفجوة التي رصدها الاختبار في نطاق السيارات الكهربائية، إذ قدّرته الشركة رسميًا بـ390 ميلًا مقابل 293 ميلًا فقط، حسب محاكاة مجلة وات كار.
وامتدت الفجوة إلى طرازات من شركات: بي إم دبليو (BMW) الألمانية، وبي واي دي (BYD) الصينية، وإم جي (MG) البريطانية، وفولفو (Volvo) السويدية.
موضوعات متعلقة..
- السيارات الكهربائية.. أفضل 10 نماذج سعرًا مقارنة بنطاق القيادة (صور)
- السيارات الكهربائية.. بطارية جديدة تضاعف نطاق تيسلا طراز إس
- هل تغيّر بطاريات الحالة الصلبة مستقبل السيارات الكهربائية؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- مصر ترفع أسعار الوقود في أبريل (خاص)
- وزير الطاقة السوداني: فقدنا 7 ملايين برميل نفط بسبب الحرب.. وهذا موقفنا من صفقة أرامكو (حوار)
- فرص الهيدروجين الطبيعي.. ودولة أفريقية فقط في العالم تبدأ الإنتاج