تقارير الهيدروجينالنشرة الاسبوعيةسلايدر الرئيسيةهيدروجين

فرص الهيدروجين الطبيعي.. ودولة أفريقية فقط في العالم تبدأ الإنتاج

هبة مصطفى

عندما يتبادر إلى الأذهان تساؤل: ما هو الهيدروجين الطبيعي، سيكون من المهم وقتها معرفة محاولات استكشافه والتنقيب عنه واستخراجه، التي لم تؤدِّ إلى نتائج تروي ظمأ الأسواق المتعطشة لإمدادات الطاقة النظيفة، ويبدو -حتى الآن- أن هذا النوع من الوقود لم يحظَ بالقدر الكافي من ثقة المستثمرين.

وشهدت الآونة الأخيرة إعلان تفاصيل اكتشاف ضخم في ألبانيا، وفتح الحديث حول المجال لقياس قدرة الهيدروجين على جذب استثمارات تهتم باستكشافه والتنقيب عنه.

وأوردت تقديرات حديثة أن ما يقرب من 5 تريليونات طن من الهيدروجين -الذي يُطلق عليه في بعض الأحيان الهيدروجين الأبيض أو الحر- لم تُستَكشَف بعد، وما زالت كامنة في الخزانات تحت الأرض، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

ويمكن الوصول إلى هذا النوع من الهيدروجين عبر عمليات حفر شبيهة باستكشاف النفط، ويوجد الغاز منخفض الانبعاثات والتكلفة بصورة طبيعية في طبقات الأرض.

ما هو الهيدروجين الطبيعي؟

عادةً ما يقترن وصف الهيدروجين بأحد الألوان وفق طريقة إنتاجه، ومن ضمن هذه المصطلحات: الهيدروجين الرمادي المنتج من مصادر الوقود الأحفوري، والأزرق الذي يُنتج بالمصادر ذاتها، لكن مع تقنيات لاحتجاز الكربون، وهناك الهيدروجين الأخضر الذي يعتمد على التحليل الكهربائي لجزيئات الماء بإمدادات مولدة من مصادر متجددة.

ورغم الزخم العالمي حول الهيدروجين وطموحات التوسع في إنتاجه بطرق نظيفة، فإن هناك نوعًا لم يحظَ بالزخم نفسه، وهو "الهيدروجين الطبيعي".

ويُطلق على هذا النوع من الوقود أسماء عدّة، من بينها: (الطبيعي والحر والأبيض والذهبي والجيولوجي، كونه يُستخرج من طبقات الأرض)، لكن لم يتفق المسوقون بعد على تحديد لون خاص به، وربما يعود ذلك إلى "محدودية" انتشاره.

ويستقر الهيدروجين الحر -الذي يتّسم بانخفاض انبعاثاته الكربونية- في القشرة الأرضية والطبقات الأعمق منها، إذ ينتشر في قشور طبقات المحيطات والقارات والغازات البركانية، وغيرها، وفق معلومات نشرها موقع جيوساينتست (GeoScientist).

وشهد الهيدروجين الأبيض تفاعلًا عالميًا معه في يونيو/حزيران عام 2021، في حدث هو الأول من نوعه، إذ شارك في مؤتمر عُقد حينها ما يزيد على 500 عالم جيولوجي ومهتم بالبيئة، بالإضافة إلى عدد من المستثمرين.

فرص الاستكشاف

بعد تعريف ما هو الهيدروجين الطبيعي، تُشير التقديرات إلى أن القشرة الأرضية تطلق إشارات ودلائل على وجود ما يصل إلى 23 ميغاطن من هذا النوع من الوقود تحت سطح الأرض، وفق بيانات رصدتها هيئة المسح الجيولوجية الأميركية.

ورغم الانتشار الواسع لدلائل وجود الهيدروجين الطبيعي، ظل معدل التدفق منخفضًا بقدر لا يمكن معه بدء الإنتاج تجاريًا، حسب تصريحات الجيولوجي والخبير في صناعة النفط والغاز، أرنوت إيفرتس.

(ميغاطن = مليون طن)

موقع لاستكشاف الهيدروجين الحر في مدينة نبراسكا السويسرية
موقع لاستكشاف الهيدروجين الحر في مدينة نبراسكا السويسرية - الصورة من Yale E360

وأضاف إيفرتس أن الجدوى التجارية للهيدروجين الطبيعي مرتبطة طرديًا بمواصلة الحفر بأسعار زهيدة، مشيرًا إلى صعوبة الاعتماد على الآبار منخفضة الضغط لتطوير المشروعات أو عقد اتفاقيات توريد الهيدروجين إلى المصانع ومحطات توليد الكهرباء.

واستبعد إيفرتس إمكان الاستغلال التجاري للغاز الأبيض على نطاق واسع في الآونة الحالية، مفندًا واقع عدد من الاستكشافات الأخيرة، بحسب ما ورد في مقابلة أجرتها منصة إنرجي نيوز (Energy News).

موقع أراغون الإسباني:

رغم التقديرات المتفائلة، لم تثبت حتى الآن نظرية حقول الهيدروجين التي يمكنها الإنتاج في حالات الضغط المرتفع والزائد.

ودلّل الخبير على ذلك بضرورة التيقن من بيانات مرحلة الحفر التقييمي لموقع الإنتاج الإسباني "أراغون"، ورصد ضغط إضافي في خزان الحجر الرملي المكسو بالأملاح السميكة.

موقع مالي:

قال أرنوت إيفرتس، إن إنتاج الهيدروجين الطبيعي من موقع في مالي الأفريقية قائم، لكن بمعدلات منخفضة تلائم الإنتاج المحلي المحدود فقط، وليس تدفقات قادرة على تزويد محطة كهرباء بالإمدادات.

وأوضح أن البئر الوحيدة المنتجة حاليًا لهذا النوع من الهيدروجين، وهي "بوغو"، تحتضنها دولة مالي، بمعدل تدفق منخفض يُقدَّر بنحو 1500 متر مكعب يوميًا (أو ما يعادل 3 براميل نفط مكافئ يوميًا).

موقع حوض لورين الفرنسي:

يختلف إنتاج الهيدروجين الطبيعي عن استغلاله أو الاستفادة من موارده، إذ يمكن لحوض لورين الفرنسي إنتاج هيدروجين ممتز في الفحم (الامتزاز هو تراكم الجزيئات والذرات على سطح مادة صلبة)، لكن استعماله تجاريًا يشبه إطلاق الميثان من الفحم.

وعادة ما يبدأ الإنتاج من آبار الهيدروجين بمعدل منخفض لضمان التخلص من المياه وفق الاعتبارات البيئية، ليُستخرج بعدها الهيدروجين من الفحم بعمق يتراوح بين 700 و800 متر، اعتمادًا على التكسير.

ويُشار هنا إلى أنه لم يسبق استخراج الغاز من الفحم بعمق أكثر من كيلومتر، لصعوبات تقنية.

زيمبابوي:

بالإضافة إلى المواقع التي ذكرها أرنوت إيفرتس في مقابلته مع إنرجي نيوز، تضمَّن اكتشاف الغاز المعلَن -مطلع مارس/آذار 2024- في زيمبابوي موارد من الهيدروجين الطبيعي أيضًا.

وكانت شركة إنفيكتوس إنرجي الأسترالية (Invictus Energy)، والنتائج المعملية التي أعلنها وزير الطاقة في زيمبابوي، قد أكدا وجود رواسب هيدوجين حر في موقع "موكويو"، مما يجعل زيمبابوي ومالي الدولتين الأفريقيتين المعلَن ضمّهما هذه الرواسب حتى الآن.

وفي حين لم تُختبر بعد رواسب الهيدروجين (الطبيعي) في زيمبابوي، فإن ما أثير حول عدم احتواء الرواسب على كبريتيد الهيدروجين، أو على نسب شوائب كبيرة (أقلّ من 2%)، يجعلها فرصة سانحة للتنقيب عن الهيدروجين الحر في طبقات الموقع الأرضية، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

وكان التنقيب في موقع موكويو بمنطقة موزراباني يخضع للتطوير من قبل شركة إكسون موبيل (Exxon Mobile) الأميركية، غير أنها توقفت عن العمل به في تسعينيات القرن الماضي.

وتتوافق نتائج التنقيب في بئر موكويو- 2 مع النماذج البيولوجية لحوض كابورا باسا، إذ يشكّل الحوض الأخير أحد أبرز المواقع لاستكشاف إمكان استخراج الهيدروجين الطبيعي من زيمبابوي، حسب تقرير منشور في موقع زيمبابوي إندبندنت (Zimbabwe Independent).

موقع لاستكشاف الهيدروجين تحت سطح الأرض
موقع لاستكشاف الهيدروجين تحت سطح الأرض - الصورة من PG

كيفية تقييم آبار الهيدروجين

تُقيّم نتائج آبار الهيدروجين الطبيعي بطريقة تقييم آبار النفط والغاز نفسها، عبر: اختبار التدفق لبئر واحدة للتيقن من جدوى استخراج غاز الهيدروجين، وتعزيز الخطوة الأولى بحفر إضافي ومسوحات زلزالية، ورصد ردة الفعل التجارية والسوقية ونطاق المشترين ومتوسط الأسعار.

ويلي ذلك: تقييم الفوائد الاقتصادية لتطوير الموقع وفق توقعات الإنتاج والتكلفة والأسعار، ووضع خطة تطوير حفر الآبار ونوعها وعددها، ثم يلجأ المطورون إلى استصدار الموافقات التنظيمية اللازمة وفق مراعاة اعتبارات السلامة، قبيل توقيع عقود بيع نهائية مع مشترين، بما يشمل الاتفاق على سعر التعاقد ومدته.

وتبدأ بعد هذه الخطوات مرحلة الدراسات الهندسية وتحديد التكلفة الإجمالية لاقتصادات المشروع، ليُعلن قرار الاستثمار النهائي بشأن المشروع، ويجري تنفيذه وتشغيله.

وتعكس هذه الخطوات أن الاستكشافات التي جرى إعلانها -حتى الآن- ما زالت في مرحلة الدراسة والاستكشاف الأولي، ولم تتواصل إلى الخطوات اللاحقة بعد.

ودفع ذلك الخبير أرنوت إيفرتس إلى استبعاد قابلية الاستغلال التجاري لاكتشاف لورين الفرنسي، لتركيزه على استخراج الهيدروجين من آبار اختبار الميثان والفحم، في حين إن الموارد الجيدة يجب أن تُستخرج من طبقات الأحجار الرملية حتى نتجنّب امتصاص الفحم لكميات كبيرة من الهيدروجين.

الاعتبارات البيئية والاستثمارات

لم تبتعد المخاوف من استخراج الهيدروجين الطبيعي كثيرًا عن المخاوف من الغاز الصخري، والميثان الموجود في الفحم.

وبحسب الخبير، هناك توقعات بإطلاق مياه مالحة وآثار هيدروكربونات وسوائل حفر خلال استخراج الهيدروجين الممتز في الفحم من موقع لورين الفرنسي، وكذلك خلال استخراج الهيدروجين المذاب بالماء في اكتشاف مالي.

وهناك أيضًا مخاوف بيئية مما تتطلبه عملية الإنتاج من خزانات غير جيدة أو الفحم على عمق أكبر، من عمليات تكسير مائي (هيدروليكي) أو استعمال محفزات للآبار.

وتطرَّق أرنوت إيفرتس إلى الاختلاف بين إنتاج الهيدروجين من الغاز الطبيعي واستخراجه من طبقات الأرض.

ويُعدّ الأول عملية كثيفة استهلاك الطاقة وتطلق انبعاثات كربونية، في حين إن الهيدروجين الطبيعي لم يُختبر بعد، لكن الدراسات النظرية تُشير إلى أنه يمكن عدّه موردًا متجددًا.

وبينما يتعلق بقدرة مشروعات الهيدروجين الأبيض (الطبيعي) على جذب الاستثمارات، أوضح إيفرتس أن "معدل التدفق" معيار رئيس لإقناع المشترين والمطورين بجدوى الاستثمار.

وقال، إن أيّ مشترٍ يحتاج إلى ضمان تسليمات متوسطة أو بعيدة الأجل، وهو ما يمكن تحقيقه بالنسبة إلى الغاز الطبيعي مثلًا، إذ تتعاقد محطة كهرباء أو مصنع صلب على حجم إمدادات يضمن عدم توقّفها.

وأضاف أن هذا المعيار غير متوفر في استثمارات الهيدروجين الطبيعي، إذ ما زالت المعلومات حول "الإنتاج المحتمل للآبار، والبنية التحتية الملائمة، وخطوط الأنابيب، والضواغط" غير واضحة حتى الآن.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
    إننا مهندس زراعى مصرى
    عندى فكرة ابتكار لإنتاج الأسمدة الكيماوية الخاصة بالزراعة بطريقة جديدة.
    عن طريق جهاز يعمل بالطاقة الشمسية فقط أو بالكهرباء أن كانت متوفرة صديق للبيئه حتى الانبعاثات الناتجة منه غير ضارة للبيئة.هذا الجهاز يكون على الارض بجوار المزرعة ويوفر أحد عناصر الإنتاج الزراعي وهى الأسمدة الكيماوية.
    هل ممكن لمنصة الطاقة أن تساعدني فى تحويل الفكرة إلى واقع عملى ملموس.
    شكرا لكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق