المقالاتالتغير المناخيرئيسيةمقالات التغير المناخي

غاز الميثان.. لماذا يجب أن يتصدر مناقشات قمة المناخ كوب 29؟ (مقال)

الدكتور عبدالله النعيمي

‏كان لقمة المناخ كوب 26، التي انعقدت في غلاسكو عام 2021، دور مهم في تسليط الضوء على أهمية السيطرة وخفض انبعاثات غاز الميثان؛ إذ وقّعت 119 دولة تعهدًا لخفض إنتاج هذا الغاز.

وتوضّح الإحصائيات أن الإنسان مسؤول عما يقارب 135 مليون طن من هذا الغاز خلال عام 2021، وأن تأثير هذا الغاز من حيث الاحتباس الحراري (GWP 100) يقارب 0.1 (1 من 10) من تأثير غاز ثاني أكسيد الكربون.

كما أن لغاز الميثان استعمالات متعددة، يأتي في مقدمتها توليد الكهرباء والحرارة، وذلك من خلال‏ الحرق في محطات الطاقة ‏والتوربينات، وكذلك يُستَعمل في التدفئة وتشغيل معدات الطبخ وسخانات المياه.

وتبقى استعمالات غاز الميثان ‏في صناعة المواد الكيماوية مثل الهيدروجين والميثانول ‏والأمونيا ‏والأسمدة الأكثر انتشارًا، كما أن الولايات المتحدة ‏والاتحاد الروسي وإيران وتركمانستان والمملكة العربية السعودية أكثر الدول المنتجة للميثان من النفط والغاز، وتمثل أكثر من 50% من استعمالاته الصناعية.

ولا بد من الإشارة إلى أن الجزء الأكبر من انبعاثات غاز الميثان يأتي من الماشية؛ إذ تبين التقديرات أن أكثر من 30% من هذا الغاز المسبب للاحتباس الحراري، مصدرها الماشية.

الدول تخل بالتزاماتها

‏بعد مرور عامين على الاتفاق الذي جرى خلال قمة المناخ كوب 26، لخفض انبعاثات غاز الميثان ‏في الغلاف الجوي، لم تُفَعِّل سوى 40 دولة فقط التزاماتها، من خلال سن التشريعات اللازمة وتقديم البدائل الممكنة.

وبقيت دول مثل الصين والهند وروسيا -وهي من المساهمين الرئيسين في انبعاثات الميثان- غير ملتزمة بالحد من هذه الانبعاثات؛ لذلك استمر الغاز في الارتفاع بمعدلات تصل إلى 10% سنويًا.

ومن المتوقع أن تصل انبعاثات غاز الميثان خلال العام الجاري (2024) إلى ما يقارب 150 مليون طن، وبهذه المعدلات فإن العقد المقبل سيشهد انقلابًا شديدًا في احتمالات الاحتباس الحراري الناتجة عن الميثان، خاصة إذا ما علمنا أن غاز الميثان تسبّب في 30% من أزمات المناخ، منذ الثورة الصناعية.

ولغاز الميثان قدرة على مفاقمة الاحتباس الحراري بمعدل يتجاوز 80 ضعف غاز ثاني أكسيد الكربون.

ويوضّح الجدول المرفق معدلات نمو تركيز الميثان في الغلاف الجوي، خلال السنوات الـ5 الماضية، حسب البيانات المتوافرة لدى الاتحاد الأوروبي لعلوم الأرض:

جدول تركيز الميثان في الغلاف الجوي

مخرج لخفض انبعاثات الميثان

‏لا بد من الإشارة إلى أن العمل على إيجاد مخرج يُسهِم في خفض معدلات انبعاث غاز الميثان في الغلاف الجوي كان حاضرًا بقوة في قمة المناخ كوب 28 التي استضافتها دولة الإمارات.

ففي دبي، وقّعت أكثر من 100 دولة تعهّد الميثان العالمي، الذي يهدف إلى خفض انبعاثات هذا الغاز بنسبة لا تقل عن 30% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2020.

كما أعلنت 50 شركة كبرى تعمل في مجال النفط والغاز، تعهدها بالعمل على خفض انبعاثات الميثان من عملياتها إلى 0.2% من إنتاج النفط والغاز الطبيعي بحلول عام 2030، علمًا بأن هذا القطاع يمثل المصدر الأكبر لانبعاثات الميثان الناجمة عن الأنشطة البشرية؛ إذ يمثل 35% من المجموع العالمي.

‏بلا شك، تُعَد هذه التعهدات خطوات إيجابية ومرحبًا بها لمعالجة تحدي الميثان، ولكنها بالطبع لا تكفي لتحقيق هدف الوصول إلى 1.5 درجة مئوية كما جاء في اتفاقية باريس، إلا أن ذلك من أهم الطرق فاعلية في الإبطاء التدريجي من الاحتباس الحراري والحد من ارتفاع درجات الحرارة.

‏إن تسليط الضوء والعمل على الحد من الانبعاثات الحرارية ‏لغازات الدفيئة يمثل أمرًا مهمًا، لكن يجب أن يكون ‏التركيز على غاز الميثان في مقدمة الجهود، وأن يكون محورًا أساسيًا لمؤتمرات الأطراف المقبلة؛ لأن معدلات تزايد هذا الغاز كبيرة.

انبعاثات غاز الميثان

كما أن تأثيره السلبي في البيئة لا يكون فقط بتسربه ‏خلال عمليات التنقيب، بل سرعة نموه واستعمالاته المختلفة تجعله أكثر خطورة من غازات الدفيئة الأخرى، خصوصًا إذا وضعنا معيار احتمالية القدرة على الاحتباس الحراري بعين الاعتبار.

والمبادرات العالمية المختلفة في زراعة وتخضير ملايين الكيلومترات المربعة من الغابات وأشجار المانغروف والبامبو ‏لا يمكنها امتصاص غاز الميثان وغازات الدفيئة الأخرى من الغلاف الجوي كما هو الحال مع تعاملها مع غاز ثاني أكسيد الكربون. كل ذلك بجانب انبعاثات الميثان في أثناء عمليات إنتاج غاز الهيدروجين، الذي يراه العالم وقود المستقبل.

كما أن الأحداث المناخية المتطرفة المدمرة التي نراها كل يوم تقريبًا في وسائل الإعلام المختلفة، تقدم لنا لمحة عن واقعنا المناخي الجديد.

إن الفيضانات في باكستان التي أثرت في أكثر من 33 مليون شخص والجفاف الشديد ومعدلات الحر التي اجتاحت أوروبا في الصيف الماضي، وحرائق الغابات في الولايات المتحدة وبلدان أخرى، هي بمثابة نداءات إنقاذ لنا جميعًا، بشأن ضرورة الاستعداد لكارثة محتملة، وواقع جديد لا بد من التعامل معه.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق