المقالاترئيسيةطاقة نوويةمقالات الطاقة النووية

طموحات توسع تركيا في الطاقة النووية.. هل تتغلب على المخاوف والعقبات؟ (مقال)

أومود شوكري* – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • محطة أكويو للطاقة النووية هي الأولى في تركيا بقدرة متوقعة تبلغ 4.8 غيغاواط
  • تركيا تستكشف إمكان دمج المفاعلات المعيارية الصغيرة في مزيج الطاقة لديها
  • المفاعلات الصغيرة والمتوسطة تتمتع بتصميم معياري يجعل من الممكن توسيع القدرة تدريجيًا
  • المفاعلات الصغيرة والمتوسطة تساعد تركيا على تحقيق أهدافها في خفض الانبعاثات

تعتزم تركيا دعم الطاقة النووية لديها ببناء محطتيها الثانية والثالثة؛ من أجل توسيع هذا القطاع بشكل إستراتيجي، وتنويع وتعزيز إمداداتها من الطاقة.

من ناحيتها، تبني الشركة النووية العملاقة "روساتوم"، المملوكة للدولة في روسيا، حاليًا، أول محطة للطاقة النووية في البلاد، وهي محطة أكويو النووية، في محافظة مرسين.

ومن المتوقع أن يؤدي هذا المشروع، عند اكتماله، إلى تقليل اعتماد تركيا على مصادر الطاقة الأجنبية بشكل كبير.

وتعطي السياسة الشاملة والإطار التنظيمي الأولوية للسلامة والأمن وعدم انتشار الأسلحة النووية بموجب خطة الطاقة النووية التركية.

وتشرف "هيئة التنظيم النووي" التركية على السلامة والأمن النوويين، وتلتزم البلاد بالمعايير الدولية من خلال توقيعها اتفاق باريس بشأن مسؤولية الطرف الثالث، والحفاظ على علاقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

الطاقة النووية في تركيا

تشمل المشروعات النووية التركية محطة أكويو للطاقة النووية، وهي أول محاولة للطاقة النووية في تركيا، بقدرة متوقعة تبلغ 4.8 غيغاواط.

بالإضافة إلى ذلك، هناك خطط جارية لبناء محطات للطاقة النووية في مدينة سينوب ومنطقة تراقيا، مع شركاء دوليين من الصين وكوريا الجنوبية وروسيا المشاركين في المفاوضات.

وتستكشف تركيا إمكان دمج المفاعلات المعيارية الصغيرة في مزيج الطاقة لديها، نظرًا لمرونتها وقابليتها للتوسع وفعاليتها من حيث التكلفة مقارنة بالمفاعلات التقليدية.

ومن المقرر أن تستضيف محطة الطاقة النووية الثانية في مدينة سينوب، الواقعة بالقرب من البحر الأسود، 4 وحدات للطاقة النووية بمفاعل الماء المضغوط، بقدرة مركبة مجمّعة تبلغ 4560 ميغاواط.

ويُبرز هذا المشروع، الذي من المتوقع أن يجتذب استثمارات بقيمة 40 مليار دولار، مشاركة روسيا وكوريا الجنوبية، إذ تقترح شركة كوريا للطاقة الكهربائية (كيبكو) بناء 4 مفاعلات.

بدوره، يؤكد رئيس شركة روساتوم الروسية موافقة الرئيس التركي على هذا المشروع، ومن المرجح أن يكون موقعه في مدينة سينوب.

ويشير الدبلوماسي التركي السابق، سنان أولجن، إلى العواقب الإستراتيجية المترتبة على قرارات محطة الطاقة النووية، والمخاطر المرتبطة بنموذج "البناء والامتلاك والتشغيل" (BOO)، ويؤكد أهمية النظر في الأمن الإقليمي بشكل شامل عند اتخاذ مثل هذه القرارات.

من ناحية ثانية، ينطوي سعي تركيا للحصول على الطاقة النووية على تعاون دولي واسع النطاق، وهو ما يتجلى في المناقشات والاتفاقيات مع مختلف البلدان.

وتتوافق هذه المساعي مع هدف تركيا المتمثل في تنويع مصادر الطاقة وزيادة نسب الطاقة المتجددة وتعزيز أمن الطاقة.

ويتيح الاستثمار في المفاعلات الصغيرة والمتوسطة بموجب نموذج "البناء والامتلاك والتشغيل" فرصًا لتركيا لتوسيع قدرتها في مجال الطاقة بكفاءة وأمان، كما يتضح من نجاح مشروع أكويو.

محطة أكويو النووية في تركيا
محطة أكويو النووية في تركيا - الصورة من شركة روساتوم الروسية

مزايا المفاعلات الصغيرة والمتوسطة لتركيا

المرونة وقابلية التوسع: تتمتع المفاعلات الصغيرة والمتوسطة بتصميم معياري يتيح توسيع القدرة تدريجيًا.

وبالنظر إلى أن تركيا تستطيع، حاليًا، توسيع إنتاجها من الطاقة النووية استجابة للطلب المتزايد على الطاقة دون الاضطرار إلى القيام بالاستثمارات الأولية المرتبطة بمفاعلات نووية أكبر، فإن هذه المرونة مفيدة للغاية للبلاد.

انخفاض الإنفاق الأولي: بالمقارنة مع المفاعلات النووية التقليدية واسعة النطاق، فإن الحجم الأصغر للمفاعلات النووية الصغيرة والتصميم المعياري يستلزم إنفاقًا رأسماليًا أوليًا أقلّ.

ونظرًا لهذه الميزة، تُعدّ المفاعلات الصغيرة والمتوسطة بديلًا مرغوبًا بالنسبة لتركيا، التي تسعى إلى تنويع مصادر الطاقة لديها دون وضع عبء مالي ثقيل على مواطنيها أو حكومتها.

https://attaqa.net/2023/04/30/267243/

تدابير السلامة المعززة: صُمِّمَت المفاعلات الصغيرة والمتوسطة باستعمال تدابير السلامة المتطورة لتقليل احتمال وقوع حوادث مؤسفة.

وتُعالَج مخاوف الجمهور بشأن القضايا البيئية والسلامة المرتبطة بالطاقة النووية من خلال حجمها الأصغر وتصميمها المبتكر، ما يضيف إلى فوائد السلامة الكامنة فيها.

مرونة الموقع: نظرًا لأن المفاعلات الصغيرة والمتوسطة تأخذ مساحة أصغر من محطات الطاقة النووية الأكبر، فقد تُوضَع في مواقع غير مناسبة لها.

وبسبب هذه المرونة، يمكن وضع المفاعلات في مواقع إستراتيجية لتلبية متطلبات الطاقة المحلية، أو للاستفادة من المواقع الجغرافية المفيدة.

الفوائد الاقتصادية والاجتماعية: من خلال تحويل المخاطر التشغيلية والمالية إلى المطور، يعمل نموذج "البناء والامتلاك والتشغيل" على تقليل العبء المالي على الحكومة التركية، عن طريق إزالة متطلبات الضمانات العامة أو التمويل.

وتسهم هذه المفاعلات بترسيخ أمن الطاقة في تركيا، من خلال ضمان إمدادات ثابتة وموثوقة من الطاقة.

الفوائد البيئية: تساعد المفاعلات الصغيرة والمتوسطة تركيا على تحقيق أهدافها المتمثلة في خفض انبعاثات غازات الدفيئة ومعالجة تغير المناخ، لأنها توفر كمية كبيرة من الطاقة منخفضة الكربون.

وعند مقارنتها بالوقود الأحفوري، فإن محطات الطاقة النووية، بما في ذلك المفاعلات الصغيرة والمتوسطة، لا تصدر أيّ انبعاثات دفيئة أو تلوث الهواء خلال تشغيلها، ما يجعلها مصدرًا مستدامًا للطاقة.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مواصفات محطة أكويو النووية التركية:

الطاقة النووية في تركيا

تعزيز أمن الطاقة

حددت تركيا التزامًا طويل المدى بتعزيز أمن الطاقة، وتنويع مصادر الطاقة لديها، والانتقال إلى نظام طاقة أكثر استدامة من خلال برنامجها وإستراتيجيتها للطاقة النووية.

وبحلول عام 2050، تهدف تركيا إلى توسيع قدراتها النووية بشكل كبير، ومن ثم تعزيز أهدافها المتمثلة في استقلال الطاقة والحياد الكربوني، وسيُسَهَّل هذا المسار من خلال الشراكات الإستراتيجية والتطورات التنظيمية والاستثمارات في كل من محطات الطاقة النووية التقليدية والتقنيات المبتكرة، مثل المفاعلات الصغيرة والمتوسطة.

في المقابل، هناك مخاوف كبيرة بشأن الأمن الوطني وأمن الطاقة في تركيا، خصوصًا إذا استمرت البلاد في الاعتماد بشكل كبير على مصادر الطاقة الروسية.

وللتخفيف من هذه المخاطر، يجب على تركيا استكشاف مسارات الطاقة البديلة، بما في ذلك زيادة الاستثمار في المفاعلات المعيارية الصغيرة، التي توفر العديد من المزايا.

ويتوافق الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة بموجب إطار "البناء والامتلاك والتشغيل" مع أهداف تركيا في مجال الطاقة والاقتصاد والبيئة.

تمثّل المفاعلات الصغيرة والمتوسطة حلًا مرنًا وقابلًا للتطوير لتلبية متطلبات تركيا المتزايدة من الطاقة، مع معالجة المخاوف المتعلقة بالسلامة والبيئة المرتبطة بمحطات الطاقة النووية التقليدية.

إضافة إلى ذلك، يعمل نموذج "البناء والامتلاك والتشغيل" على تقليل المخاطر التشغيلية والمالية التي تتحملها الحكومة التركية، ما يجعله إستراتيجية قابلة للتطبيق لتوسيع قدرة تركيا في مجال الطاقة النووية.

ومن خلال تبنّي التقنيات المتقدمة، مثل المفاعلات الصغيرة والمتوسطة وتنويع محفظة الطاقة لديها، تستطيع تركيا تعزيز أمن الطاقة لديها وتمتين موقفها الأمني الوطني.

 

* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

 

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق