روسيا تترقب تغيرات إستراتيجية بقطاع النفط والغاز في 2024 (مقال)
فيلينا تشاكاروفا - ترجمة: نوار صبح
- • روسيا وضعت خطة أولية لإنتاج النفط والمكثفات عند 523 مليون طن لعام 2024
- • بلغت توقعات إنتاج الغاز في روسيا لعام 2024، 667 مليار متر مكعب
- • قد يعكس النمو في إنتاج الغاز توقعًا لارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي
- • تواجه روسيا تحديات مستمرة فيما يتعلق بقضايا نقل صادرات النفط والدفع
يترقب قطاع النفط والغاز والتكرير في روسيا تعديلات إستراتيجية لهذا العام 2024، بما يتماشى مع التداعيات الأوسع نطاقًا لديناميكيات الطاقة العالمية على اقتصاد الطاقة في البلاد.
وتتميز أحدث التوقعات لإنتاج الوقود الأحفوري الروسي لعام 2024 بالدقة، حسبما أعلن وزير الطاقة نيكولاي شولغينوف، في أثناء انعقاد "المنتدى الروسي".
إنتاج النفط والمكثفات
بالنسبة إلى عام 2024، وضعت روسيا خطة أولية لإنتاج النفط والمكثفات عند 523 مليون طن، ويمثل هذا انخفاضًا طفيفًا عن 530 مليون طن جرى إنتاجها في عام 2023.
ويمكن أن يُعزى الانخفاض إلى مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، تخفيضات الإنتاج الإستراتيجي، وظروف السوق العالمية، وتأثيرات العقوبات، والانتقال المستمر نحو مصادر الطاقة المتجددة.
ويشير الانخفاض إلى نهج حذر، ربما يتأثر باتفاقات تحالف أوبك+، إذ تُعد روسيا لاعبًا رئيسًا، بهدف تحقيق استقرار أسعار النفط العالمية من خلال مستويات الإنتاج المُوجّه.
ويمثل هذا احتمال انخفاض أحجام إنتاج النفط للعام الثاني على التوالي، ويعود ذلك إلى التزام روسيا باتفاق تحالف أوبك+، الذي يتضمن تخفيضات طوعية في الإنتاج من جانب الدول الأعضاء على أساس الحصص المحددة.
توقعات إنتاج الغاز
بلغت توقعات إنتاج الغاز في روسيا، لعام 2024، 667 مليار متر مكعب، وهو ما يمثل زيادة كبيرة من 637-638 مليار متر مكعب المنتجة في عام 2023.
وقد تشير هذه الزيادة إلى نية روسيا للاستفادة من احتياطياتها الهائلة من الغاز، وتعزيز مكانتها بصفتها موردًا رئيسًا للغاز، خصوصًا إلى الأسواق الآسيوية.
وقد يعكس النمو في إنتاج الغاز توقعًا لارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي، الذي يُنظر إليه على أنه وقود انتقالي أنظف نسبيًا وسط التحول العالمي نحو مصادر الطاقة الأكثر مراعاة للبيئة.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية زيادة إنتاج الغاز الروسي إلى 664 مليار متر مكعب بحلول نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024.
وتشير التوقعات إلى زيادة كبيرة في إنتاج الغاز بنحو 30.3 مليار متر مكعب عن مستوى 2023، وهو ما يتماشى بصورة وثيقة مع توقعات وكالة الطاقة الدولية، وإن كانت أعلى قليلًا.
وتؤكد الزيادة المتوقعة في إنتاج الغاز تركيز روسيا على تعزيز إنتاجها من هذا الوقود، ربما لتلبية الطلب العالمي المتزايد وتأمين مكانتها بصفتها موردًا رائدًا للغاز الطبيعي.
إعادة التدوير وتكرير النفط
يُعدّ قطاع تكرير النفط، الذي عالج 275 مليون طن في عام 2023، عنصرًا حيويًا في إستراتيجية الطاقة الروسية، ما يؤثر في إمدادات الطاقة المحلية وصادراتها.
وتُعدّ قدرات التكرير وتحديث التكنولوجيا أمرًا محوريًا في تحديد جودة المنتجات النفطية وقدرتها التنافسية في السوق العالمية.
ومن المتوقع حدوث انخفاض في تكرير النفط في عام 2024، بسبب الإصلاحات غير المجدولة في المصافي، نتيجة لتعطل المعدات والهجمات الخارجية.
في المقابل، جرى الإبلاغ عن حوادث في العديد من المصافي، بما في ذلك الإغلاق الكامل أو الجزئي، وتشمل المصافي المتضررة مصفاة نيجني نوفغورود (نورسي) التابعة لشركة لوك أويل، ومصفاة إيلسكي النفطية، ونوفاتك في أوست لوغا، ومصفاة توابسي التابعة لشركة روسنفط.
جدير بالذكر أن مصفاة نورسي تُعدّ الوحيدة التي تنتج البنزين التجاري ووقود الديزل من فئة يورو-5 Euro-5.
وعلى الرغم من أن مصفاة النفط إيلسكي خارج نطاق الإصلاح، تتوقع مصفاة نيجني نوفغورود أن تستأنف قدرتها الكاملة في غضون بضعة أشهر.
واستأنفت شركة نوفاتك Novatek المعالجة في مجمع أوست لوغا Ust-Luga، ومن المتوقع أن تستمر الإصلاحات في مصفاة توابسي حتى نهاية الشهر على الأقل.
قطاع النفط والغاز في روسيا
تعكس التعديلات في خطط إنتاج الوقود الأحفوري في روسيا التوازن الإستراتيجي بين الاستفادة من موارد الطاقة الهائلة لديها، والتعامل مع المشهد المعقد لأسواق الطاقة الدولية، والعقوبات، والانتقال العالمي نحو مصادر طاقة أكثر استدامة.
وبالنسبة إلى روسيا، سيكون الحفاظ على موطئ قدم قوي في سوق الطاقة العالمية مع الاستثمار في تحديث قطاع الطاقة لديها واستكشاف سبل الطاقة المتجددة، أمرًا بالغ الأهمية.
ولمعالجة الزيادة الموسمية في الطلب على المنتجات النفطية وتحقيق التوازن في السوق، قد تعدل وزارة الطاقة الإصلاحات المخطط لها ومطالبة بعض المصانع بزيادة الإنتاج.
بالإضافة إلى ذلك، خفّضت روسيا صادراتها من البنزين، مع انخفاض صادرات البنزين من فئة "يورو 5" بنسبة 32%، على الرغم من عدم تحديد المدة المحددة لهذا التخفيض.
ديناميكيات الطاقة العالمية
تواجه روسيا تحديات مستمرة فيما يتعلق بقضايا نقل صادرات النفط والدفع، خصوصًا مع تركيا والهند، وأدى التهديد الأميركي بفرض عقوبات على الشركات المالية التي تتعامل مع روسيا إلى تعقيد إجراءات المدفوعات.
وعلى الرغم من هذه الصعوبات، فإن المناقشات مستمرة لحل مشكلات الدفع والحفاظ على صادرات النفط. وتتوقع وزارة الطاقة الروسية إجراء مناقشات مع المندوبين الباكستانيين بشأن عقود النفط طويلة الأجل، بعد إعراب باكستان عن اهتمامها بتأمين 0.7 إلى 1.0 مليون طن من النفط الروسي.
وتتميز توقعات قطاع النفط والغاز في روسيا في عام 2024 بانخفاض طفيف في إنتاج النفط، وزيادة في إنتاج الغاز، وتحديات في تكرير النفط بسبب الإصلاحات غير المجدولة والعوامل الخارجية.
وعلى الرغم من هذه التحديات، تنفذ الحكومة الروسية إستراتيجيات لضمان توازن السوق ومعالجة عقبات التصدير والنقل، مع استكشاف الفرص لإبرام عقود جديدة طويلة الأجل.
وتنطوي إستراتيجية الطاقة الروسية وتوقعات إنتاجها لعام 2024 على آثار أوسع في أسواق الطاقة العالمية. ويدلّ دور البلاد، بصفتها منتجًا رئيسًا للنفط، على أن مستويات إنتاجها وقدراتها التصديرية تؤثر بصورة كبيرة في أسعار الطاقة العالمية وأمن الإمدادات، ووتيرة تحول الطاقة.
في الختام، تؤكد توقعات إنتاج الوقود الأحفوري في روسيا لعام 2024 نهجًا إستراتيجيًا تشكله الضغوط الخارجية والطموحات الداخلية.
ويعكس الانخفاض الطفيف في إنتاج النفط والمكثفات، إلى جانب الزيادة في إنتاج الغاز، تكيّف روسيا مع اتجاهات الطاقة العالمية وديناميكيات السوق.
وبالنظر إلى تحرك المجتمع العالمي نحو مستقبل أكثر خضرة، فإن مدى قدرة روسيا على تحقيق التوازن بين ثروتها من الطاقة ومبادرات الاستدامة يظل مجالًا رئيسًا للاهتمام.
فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- إيرادات النفط والغاز الروسية في 2024.. قد ترتفع ولكن! (مقال)
- صناعة النفط والغاز الروسية.. 2023 عام الصمود والمرونة (مقال)
- إيرادات النفط والغاز الروسية بالموازنة تتراجع في ديسمبر (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: النفط الروسي لا يؤثر في الأسواق بعد عامين من غزو أوكرانيا
- تاريخ تأميم المحروقات في الجزائر.. 4 تحولات شكّلت قطاع الطاقة خلال 53 عامًا
- وزير النفط الليبي: حان الوقت لتستفيد أفريقيا من ثرواتها.. ومراعاة ظروفها واجبة