سياراتتقارير السياراترئيسية

السيارات الكهربائية في ألمانيا.. أهداف غير واقعية تتحدى الطلب والأسعار

أسماء السعداوي

تحمل السيارات الكهربائية في ألمانيا حلم الحكومة لتسيير 15 مليون سيارة كهربائية على الطرق بحلول عام 2030، بوصفها سبيلًا مثاليًا للتخلص من انبعاثات الكربون بقطاع النقل، وصولًا لهدف الحياد الكربوني في 2045.

وتعرّض القطاع الذي يُوصف بأنه "أهم الصناعات الألمانية" لعدة صدمات؛ ما يُنذر بتراجع كبير في حجم الطلب خلال هذا العام (2024)؛ نتيجة لعدة أسباب كان آخرها إلغاء الدعم الذي يمنح المشترين آلاف اليوروهات؛ لأن الحكومة "لم يعد لديها ما يكفي من الأموال المتاحة"، على حد تبريرات متحدث الحكومة، التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

ومنذ عام 2016 تحظى السيارات الكهربائية في ألمانيا بالدعم المالي، هو ما حفّز الإقبال على الشراء، لكن الآن أصبح بيع سيارة كهربائية أصعب في ضوء ارتفاع أسعار الطرازات الكهربائية وأسعار الكهرباء وقلة عدد محطات الشحن.

ورغم الدعم السخي والاهتمام السياسي؛ فما زالت السيارات الكهربائية تشكل 2% فقط، كما أن وتيرة إقامة محطات الشحن بحاجة للمضاعفة 3 مرات.

ومن المتوقّع أن تتراجع مبيعات السيارات الكهربائية في ألمانيا بنسبة 14% خلال العام الجاري، ويهدد استمرار ذلك الاتجاه النزولي بالدخول في حالة ركود طويلة تهدد بضياع استثمارات بالمليارات.

الطلب على السيارات الكهربائية في ألمانيا

يقول رئيس شركة بيريلز ستراتيجي أدفيسورز (Berylls strategy advisers) المتخصصة في استشارات السيارات جان بورغارد: "في ألمانيا، لا يبدو الطلب على السيارات الكهربائية جيدًا هذا العام".

وأضاف أن الشريحة العليا من السوق (ذات الأسعار الأعلى) متخمة تقريبًا، وهناك القليل من المعروض في الشريحة الدنيا عند مستوى 25 ألف يورو (27 ألف دولار).

(اليورو = 1.08 دولارًا أميركيًا).

وبعد مرور سنوات على انطلاق ثورة السيارات الكهربائية، تعترض مسيرة السيارات الكهربائية في أوروبا والولايات المتحدة عقبات البنية الأساسية (محطات الشحن) والأسعار؛ ما يعوق انتشارها وتحقيق الأهداف المناخية، وفق ما جاء في تقرير لوكالة بلومبرغ.

وعلى نحو خاص، أصبحت الحوافز السخية لقطاع السيارات الكهربائية تختفي شيئًا فشيئًا، وفي الولايات المتحدة لم يعد سوى عدد قليل من الطرازات الجديدة مؤهل للحصول على ذلك الدعم.

ومن المتوقع أن تنخفض مبيعات السيارات الكهربائية في ألمانيا بنسبة 14%، خلال العام الجاري، نتيجة لقرار الحكومة في ديسمبر/كانون الأول المنصرم (2023)، بإلغاء الدعم، في أول انخفاض للمبيعات منذ عام 2016، وفق تقديرات الرابطة الألمانية لصناعة السيارات (VDA).

وعلى صعيد السوق العالمية، خفّض مراقبون توقعاتهم بشأن نمو المبيعات في ضوء حقيقة أن السيارات الكهربائية أغلى من السيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي، على الرغم من حرب الأسعار التي أطلقتها شركة تيسلا الأميركية (Tesla).

محطات الشحن

خلال حفل عُقد في برلين ضم خبراء ومسؤولي صناعة السيارات الكهربائية في ألمانيا، يوم 1 فبراير/شباط (2024)، رد وزير النقل فولكر ويسنغ، على سؤال بشأن ما على الحكومة فعله لتعزيز السوق، قائلًا: "البنية الأساسية للشحن".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، طرح ويسينغ إستراتيجية طموحة لاستثمار 6.3 مليار يورو (9.2 مليار دولار) لزيادة عدد محطات الشحن إلى مليون بحلول عام 2030، لكن هذا المخطط لم يسر بالسرعة المرجوة.

سيارة فولكسفاغن في أثناء عملية الشحن
سيارة فولكسفاغن في أثناء عملية الشحن - الصورة من وكالة أسوشيتد برس

وحتى سبتمبر/أيلول 2023، بلغ عدد المحطات العاملة قرابة 105 آلاف، وبناء على ذلك الوضع، ستحتاج ألمانيا إلى مضاعفة وتيرة البناء بمقدار 3 مرات لتحقيق هدف 2030، وفق تقديرات الرابطة الألمانية لصناعة السيارات.

لكن سؤال من يدفع الأموال مقابل بناء محطات شحن السيارات الكهربائية في ألمانيا؟ ما زال لا يجد إجابة شافية بعد سنوات عديدة من قرار التحول بعيدًا عن السيارات التقليدية العاملة بالوقود الأحفوري.

وخلال الحفل، اتفق صناع وممثلو الشركات العاملة بالقطاع على أن محطات الشحن هي المفتاح لإشعال جذوة الاهتمام مجددًا بالسيارات الكهربائية، لكن لم يحددوا مَن المسؤول عن تمويل هذا التوسع أو كيف.

أسعار السيارات الكهربائية

يقع قطاع السيارات الكهربائية في ألمانيا حاليًا بين مطرقة تحقيق هدف نشر 15 مليون سيارة كهربائية بحلول 2030، وسندان تفويت أهداف الانبعاثات الملحّة.

وبالإضافة لعقبات التوسع في بناء محطات الشحن، تبرز الأسعار بوصفها التحدي الرئيس الآخر لزيادة حصة السيارات الكهربائية.

وحتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني (2023) بلغ عدد السيارات الكهربائية بالكامل نحو مليون فقط أو 2% من كل سيارات ألمانيا.

ويقول بعض الخبراء إنه دون تقديم المزيد من الإعانات، سيكون هدف 2030 تحديًا للحكومة.

بدوره، يرى رئيس شركة بيريلز الاستشارية جان بورغارد، أن هدف 2030 "غير واقعي" من منظور الأرقام الحالية.

في ضوء هذا المشهد، قررت شركة أودي (Audi) التابعة لفولكسفاغن الألمانية (Volkswagen) خفض وتيرة طرح السيارات الكهربائية، نتيجة لتراجع الطلب، كما تأخذ فولكسفاغن خطوة للوراء من خطط بيع حصص في شركة إنتاج البطاريات التابعة لها.

 سيارة أودي Q4 40 e-tron
سيارة أودي Q4 40 e-tron - الصورة من موقع الشركة

وإذا استمر تباطؤ المبيعات ليتحول إلى حالة ركود طويلة، سيقوض ذلك استثمارات بالمليارات، وهو ما يعني أن صناع السيارات لن يتمكنوا من اللحاق بركب اللوائح الخاصة بخفض الانبعاثات.

وبالإضافة إلى ذلك، أصبح طريق تبني السيارات الكهربائية الذي يزداد طولًا يشجع على التمسك بسيارات البنزين لمدة أطول.

في سياق متصل، يرى الرئيس التنفيذي لشركة "بي إم دبليو" أوليفر زيبس، أن التركيز فقط على إنتاج السيارات الكهربائية العاملة بالبطارية سيترك أهم الصناعات الألمانية في خطر.

ولسنوات، حمل زيبسي تلك الرؤية الداعمة للإنتاج المرن للسيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي والهجينة والعاملة بوقود الهيدروجين، لكن ذلك الوقف كان سببًا في الهجوم عليه.

والآن يبدو أن زيبسي قد استشرف المستقبل قبل سنوات؛ إذ إن تبنّي السيارات الكهربائية يتباطأ، كما أن السيارات الهجينة القابلة للشحن تعود للمشهد.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق