تقارير السياراترئيسيةسيارات

السيارات الكهربائية تضع أوروبا في مأزق الضرائب.. كيف تجني 160 مليار دولار؟

دينا قدري

إن طموح أوروبا الهائل بنشر أكبر عدد من السيارات الكهربائية، يخاطر بفقدان الاقتصادات الكبرى لإيرادات ضرائب الوقود، التي تمكّنها من تمويل مختلف القطاعات.

ووافقت أوروبا العام الماضي (2023) على أنه بحلول عام 2035، ستكون جميع السيارات المبيعة في المنطقة خالية من الانبعاثات، ما أثار تساؤلات حول النظام الجديد الذي سيحلّ محلّ رسوم الوقود، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويرجع ذلك إلى أن مركبات البنزين والديزل هي عمل تجاري عظيم، ليس فقط للشركات التي تنتجها، والشركات التي تعمل على تكرير الوقود، بل إنها مفيدة أيضًا لقطاع آخر غالبًا ما يُتجاهَل: الحكومات الأوروبية، التي حولت محركات الاحتراق الداخلي على مدار الـ50 عامًا الماضية إلى آلات ضريبية.

وكلما طال التأخير، وطال أمد بقاء السيارات الكهربائية غير خاضعة للضريبة إلى حدّ كبير، أصبح من الصعب تقديم نظام جديد.

إيرادات الضرائب على الوقود

في العام الماضي (2023)، كسبت الاقتصادات الأوروبية الـ5 الكبرى أكثر من 150 مليار يورو (163 مليار دولار أميركي) من رسوم الوقود، أو نحو 2% من إجمالي تحصيلها للضرائب، وهذه الأموال تموّل الكثير من المستشفيات والمدارس وما شابه.

وفي المملكة المتحدة وحدها، من المتوقع أن تجمع رسوم البنزين والديزل 24.3 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار) في 2023-2024، أكثر مما تحصل عليه الحكومة البريطانية من رسوم الكحول والتبغ مجتمعة، أو من ضريبة الأرباح الرأسمالية، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة، نقلًا عن مقال نشرته وكالة بلومبرغ.

ورأى الكاتب خافيير بلاس، في مقاله الذي نشرته وكالة بلومبرغ، أنه حال نجاح الحكومات الأوروبية في خططها الخضراء، فإن جزءًا كبيرًا من هذا الدخل سيختفي في غضون 25 عامًا؛ لذا، فإن التخطيط للنظام البديل يجب أن يبدأ على الفور، ليس فقط بسبب المبالغ الكبيرة المطلوبة، ولكن -أيضًا- بسبب تعقيد أيّ بديل.

ومن الواضح أن هناك تكاليف أخرى تتحملها الحكومات، على سبيل المثال، خسارة الإيرادات من ضرائب التسجيل (التي لا تدفعها السيارات الكهربائية غالبًا في أوروبا)، بالإضافة إلى التكاليف المباشرة للإعانات والمنح المباشرة للسيارات الكهربائية في بعض الدول.

ولكن هناك إيجابيات أيضًا؛ إذ انخفض التلوث الناجم عن حرق البنزين والديزل، ما يقلل من تكاليف الصحة والتكيف مع تغير المناخ.

تاريخ الضرائب على الوقود

سرد الكاتب خافيير بلاس، تاريخ فرض الضرائب على الوقود الذي يعود إلى أكثر من قرن من الزمان.

ففي المملكة المتحدة، فُرضت أول رسوم على البنزين في 1908-1909، بهدف تمويل التوسع الهائل في الطرق الممهدة والطرق السريعة التي تحتاج إليها السيارات الجديدة.

ولم تتحول الأولوية نحو تحسين كفاءة استهلاك الوقود إلّا بعد أزمتي النفط المزدوجتين في السبعينيات، ولم تتحول إلى المعركة ضد تغير المناخ إلّا في الآونة الأخيرة.

أيًّا كان استعمالها النهائي، فإن الضرائب على الوقود تتمتع اليوم بـ5 مزايا مميزة للحكومات، فهي تنشئ رابطًا مباشرًا بين استعمال الطرق والدفع، وتجمع الكثير من المال، وتُعدّ قليلة ورخيصة في إدارتها، ويتقبلها دافعو الضرائب إلى حدٍّ كبير بوصفها عادلة، وأخيرًا، يصعب التهرب منها.

المأزق الأكبر هو أنها ضرائب تنازلية، بحيث ينخفض متوسط معدل حساب الضريبة مع زيادة حجم المبلغ الخاضع للضريبة.

ويُعدّ توقيت استبدال الضرائب على الوقود حاسمًا، لأن الحوافز الضريبية ما تزال ضرورية لاستيعاب السيارات الكهربائية، كما أن أيّ تحرُّك لتعويض النقص عن طريق زيادة معدلات رسوم الوقود سيكون تنازليًا إلى حدّ كبير، نظرًا لأن الأسر الأكثر ثراءً تتبنّى السيارات الكهربائية بسرعة أكبر من الأسر الفقيرة.

إحدى نقاط شحن السيارات الكهربائية
إحدى نقاط شحن السيارات الكهربائية - الصورة من منصة "أوتوموتيف نيوز يوروب"

بدائل الضرائب على الوقود

ذكر الكاتب خافيير بلاس -في مقاله- أن أحد بدائل الضرائب على الوقود هو التخلي عن الضرائب على القيادة بشكل كامل، وبدلًا من ذلك زيادة الإيرادات لصيانة الطرق والبناء في أماكن أخرى، على سبيل المثال، من خلال ضرائب الدخل، والميزة هي أن ضريبة الدخل تصاعدية.

ومع ذلك، فإن مثل هذا التحول سيكون له تأثير ضار؛ فهو سيكسر الارتباط بين القيادة والضرائب، وسيتعين على الجميع أن يدفع، بغضّ النظر عن مقدار استعمال السيارة، وفق المقال الذي اطّلعت منصة الطاقة على تفاصيله.

وأشار الكاتب إلى أنه حتى الضريبة التي تركّز بشكل كامل على ملكية السيارة، وليس استعمالها، لن تنجح، ودون تحديد سعر للأميال المقطوعة، فمن المرجّح أن يزداد الازدحام، وسيختفي الحافز لاستعمال وسائل النقل العام أو شراء سيارات أكثر كفاءة.

ويُعدّ فرض الضرائب على الكهرباء هو أحد الخيارات، ولكنه سيجعل النظام تنازليًا، فعادةً، تمتلك الأسر الأكثر ثراءً ممرات خاصة لشحن الكهرباء في المنزل، ومن ثم يمكنها الاستفادة بسهولة أكبر من أسعار الكهرباء الأرخص، أو حتى تركيب الألواح الشمسية المخصصة إلى حدٍّ كبير لخدمة السيارات الكهربائية.

وعلى نحو معاكس، قد ينتهي الأمر بأولئك الأفضل حالًا إلى دفع ضرائب أقل بكثير، كما ستحتاج المنازل إلى عدادات كهرباء قادرة على قياس استهلاك نقاط الشحن الخاصة بها، بحسب الكاتب.

وقال بلاس، إن الخيار الأكثر عدالة هو فرض ضريبة على الاستعمال الفعلي للطريق، وهو نوع من رسوم الدفع خلال القيادة، ولا يختلف كثيرًا عن رسوم الطرق السريعة الحالية المطبّقة في بعض الدول، ولكنه يغطي شبكة الطرق بأكملها.

وهناك طرق متعددة لتحقيق ذلك، مثل قياس إجمالي عدد الأميال المقطوعة مرة واحدة في العام، مع توزيع الدفع على مدار العام التالي، ويمكن ربط ذلك بالفحص السنوي الذي تفرضه معظم الدول الأوروبية على السيارات.

وهناك خيار آخر يتمثل في الاستفادة من أنظمة تحديد المواقع العالمية (GPS) المنتشرة في كل مكان، إذ تُفرض الضرائب على مقدار ومكان القيادة في الوقت الفعلي، وبطبيعة الحال، فإن هذا يأتي مع قضايا الخصوصية.

وحذّر بلاس من أن كلا النظامين الضريبيين المعتمدين على الأميال قد يواجهان تهربًا أعلى بكثير من رسوم الوقود الحالية، إذ يتلاعب المتهربون من الضرائب بعدّادات المسافات أو أنظمة تحديد المواقع.

كما أن تكلفة البنية التحتية اللازمة للحكومة لتحصيل الضرائب ستكون أعلى بكثير من التكلفة الحالية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق