ربط شبكات الكهرباء بين إيران وتركيا والاتحاد الأوروبي.. تطلعات وتحديات (مقال)
أومود شوكري* – ترجمة: نوار صبح
- المسؤولون الإيرانيون أعلنوا إمكان الربط بين إيران وتركيا وكذلك الاتحاد الأوروبي
- الديناميكيات السياسية والعوامل الجيوسياسية قد تؤثّر في جدوى ربط الشبكات
- الشبكات المترابطة تدعم دمج مصادر الطاقة المتجددة، ما يساعد على التخفيف من تغير المناخ
- قدرة إيران على إنفاق مبالغ كبيرة في تحديث البنية التحتية لشبكتها محدودة للغاية
تفيد التقارير أن إيران وتركيا والاتحاد الأوروبي تستكشف إمكان ربط شبكات الكهرباء لديها، إذ أعلن المسؤولون الإيرانيون إمكان الربط بين إيران وتركيا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق، وُقِّع اتفاق بين إيران وتركيا لتسهيل ربط الشبكات، مع تأكيد تعزيز العلاقات الثنائية في قطاع الكهرباء.
وتسلّط الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى تركيا الضوء على المناقشات والتعاون في مجال الطاقة، بما في ذلك ربط شبكات الكهرباء المحتمل.
وعلى الرغم من عدم تقديم تفاصيل محددة وجدول زمني لهذا الربط، فإن المناقشات والاتفاقات الجارية تعكس الجهود المبذولة لتعزيز التعاون وربط مصادر الطاقة في المنطقة.
من ناحيته، اقترح وزير الطاقة الإيراني، علي أكبر محرابيان، فكرة بناء خطوط ربط كهربائية بين إيران وتركيا والاتحاد الأوروبي عبر تركيا.
وفي معرض أقيم مؤخرًا، سلّط محرابيان الضوء على استكمال خطوط نقل الكهرباء المهمة بين إيران وتركيا، ما يسمح لمنتجي الطاقة المتجددة بالوصول غير المقيد إلى تصدير الكهرباء دوليًا، ويفتح هذا التطور الباب أمام تصدير الكهرباء إلى تركيا، وربما إلى أوروبا عبر هذه الخطوط.
منافع ربط شبكات الكهرباء في إيران وتركيا والاتحاد الأوروبي:
تعزيز أمن الطاقة: يمكن للشبكات المترابطة أن تعزز أمن الطاقة من خلال تسهيل المساعدة المتبادلة في أوقات ارتفاع الطلب أو نقص العرض، ما يضمن إمدادات كهرباء أكثر موثوقية واستقرارًا.
الاستعمال الأمثل للموارد: يتيح ربط شبكات الكهرباء الاستعمال الأمثل لموارد الطاقة المتنوعة المتاحة في مناطق مختلفة، بما في ذلك الاستعمال الفعال لمصادر الطاقة المتجددة لتوفير إمدادات كهرباء موثوقة ومستدامة.
تعزيز موثوقية الشبكة: تعمل الشبكات المترابطة على تحسين اعتماد الشبكة من خلال تزويد المستعمِلين بإمكان الوصول إلى مجموعة أوسع وأكثر تنوعًا من إمدادات الطاقة، ما يضمن بنية تحتية للطاقة أكثر موثوقية.
الفوائد البيئية: تدعم الشبكات المترابطة دمج مصادر الطاقة المتجددة، ما يساعد على التخفيف من تداعيات تغير المناخ عن طريق الحدّ من انبعاثات الكربون والإسهام في تكوين بيئة طاقة أكثر صديقة للبيئة واستدامة.
التعاون الجيوسياسي: يساعد إنشاء شبكة الربط البيني على تعزيز التعاون الجيوسياسي، وتقوية العلاقات الدبلوماسية بين الدول المشاركة، وتعزيز الاستقرار والتعاون في المنطقة.
تحديات الربط الكهربائي
هناك عدّة تحديات تحتاج إلى دراسة متأنية عند ربط شبكات الكهرباء في إيران وتركيا والاتحاد الأوروبي، وهي:
التوافق الفني والبنية التحتية: يُعدّ ضمان كون البنية التحتية لكل دولة متقدمة تقنيًا تكفي لتسهيل الربط البيني للشبكات تُعدّ مهمة رئيسة تتطلب تخطيطًا دقيقًا والتزامًا ماليًا.
الإطار السوقي والتنظيمي: يتطلب تنسيق الأطر السوقية والتنظيمية عبر الشبكات المرتبطة تنسيقًا دقيقًا للقضايا المتعلقة بأساليب التسعير، وأنظمة السوق، وتجارة الكهرباء عبر الحدود.
العوامل السياسية والجيوسياسية: الجهود الدبلوماسية ضرورية لنجاح التعاون، إذ قد تؤثّر الديناميكيات السياسية والعوامل الجيوسياسية في جدوى ربط شبكات الكهرباء.
مخاوف تتعلق بالأمن والموثوقية: تثير الشبكات المترابطة مخاوف تتعلق بالأمن والموثوقية، ما يستلزم وجود نظام مرن للحدّ من المخاطر.
الاستثمار والتمويل: هناك حاجة إلى استثمارات كبيرة من أجل الربط البيني للشبكات، ما يفرض تحديات في ضمان ترتيبات عادلة لتقاسم التكاليف بين الأطراف المعنية.
التأثيرات المجتمعية والبيئية: قد يكون لربط الشبكات تأثيرات اجتماعية واقتصادية وبيئية تتطلب تقييمًا وإدارة دقيقة.
المحادثات والمبادرات المستمرة حول ربط شبكات الكهرباء
تُظهر المحادثات والمبادرات المستمرة حول ربط شبكات الكهرباء في إيران وتركيا والاتحاد الأوروبي رغبة مستمرة وملتزمة في إنشاء هذه الشبكة المترابطة.
وينبع هذا الاهتمام المستمر من تحقيق الفوائد المحتملة، التي تركّز، أساسًا، على تحسين كفاءة استعمال الموارد، والتعاون الجيوسياسي، وأمن الطاقة.
وتتمثل إحدى الفوائد الرئيسة التي تدعم إمدادات طاقة أكثر موثوقية واستقرارًا بإمكان المساعدة المتبادلة في أوقات ارتفاع الطلب على الطاقة أو نقصها.
إضافة إلى ذلك، هناك فرصة لإنشاء بنية تحتية قوية ومستدامة للطاقة من خلال إمكان الاستعمال الأمثل لمجموعة متنوعة من مصادر الطاقة، مع التركيز الإستراتيجي على مصادر الطاقة المتجددة.
ويتيح ربط شبكات الكهرباء ميزة مهمة أخرى هي التعاون الجيوسياسي، الذي يعزز العلاقات الدبلوماسية والاستقرار في المنطقة.
وعلى الرغم من هذه الفوائد المشجعة، تصبح تعقيدات المشروع واضحة عند النظر في العقبات المختلفة، وتحتاج الاعتبارات الفنية، بما في ذلك التأكد من عمل البنية التحتية معًا، إلى تخطيط دقيق واستثمار مالي كبير.
ومن الصعب للغاية تنسيق السوق والأنظمة التنظيمية، ما يستلزم التعاون الدقيق في تجارة الكهرباء عبر الحدود وإستراتيجيات التسعير.
على صعيد آخر، يزداد التعقيد بفعل المتغيرات السياسية والجيوسياسية، الأمر الذي يستدعي بذل جهود دبلوماسية لمعالجة القضايا الأكثر أهمية.
وتتجلى الصعوبة المالية في المخاوف بشأن الأمن والموثوقية بالإضافة إلى ضرورة القيام باستثمارات كبيرة، ولكي تكون الشبكة المترابطة قابلة للاستمرار، من الضروري تقاسم التكاليف بشكل عادل والاهتمام بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، ويشير الاهتمام المستمر، في جوهره، إلى معرفة الفوائد المحتملة؛.
ويتطلب نشر مثل هذه الشبكة المتطورة المترابطة بشكل صحيح والتعامل مع القضايا المعقّدة، التخطيط والتعاون الشاملين.
وفي الختام، فإن الاعتراف بالصعوبات القائمة الآن يشكّل ضرورة أساسية لجني المنافع المحتملة للتكامل في الشبكة الكهربائية بين إيران وتركيا والاتحاد الأوروبي بشكل كامل.
في المقابل، تُبرز مشكلة انقطاع التيار الكهربائي الملحّة في إيران الضوء الحاجة إلى حلول سريعة، وتطرَح فكرة ربط الشبكات نفسها بصفتها وسيلة عملية للتعامل بشكل مشترك مع هذه القضايا المتعلقة بالطاقة.
تجدر الإشارة إلى أن قدرة إيران على إنفاق مبالغ كبيرة على تحديث البنية التحتية لشبكتها محدودة للغاية، بسبب العقبات الهائلة التي تفرضها العقوبات الاقتصادية.
ويتطلب الأمر إستراتيجية تفكير تراعي بعناية الإجراءات المالية والقوانين الحكومية والتحسينات التكنولوجية لاجتياز هذه البيئة المعقّدة بشكل صحيح.
لقد أصبح التعاون والمناقشات الدبلوماسية والمساعدة الخارجية المحتملة عوامل أساسية في معالجة الصعوبات الناجمة عن القيود الخاصة بإيران.
وستحدد القدرة على تطوير حلول إبداعية تحقق التوازن بين القيود الجيوسياسية والاقتصادية المطبقة وواقع تطوير البنية التحتية للطاقة مدى نجاح هذا المشروع الجريء.
وعلى الرغم من أن إمكان ربط شبكات الكهرباء توفر وسيلة لحلّ مشكلات الطاقة في إيران، فإن تحقيق هذه المنافع يتطلب إستراتيجية شاملة تعترف بالقيود التي تفرضها العقوبات الاقتصادية وتعالجها.
وتتطلب متابعة تنفيذ مشروع ربط شبكات الكهرباء التخطيط الإستراتيجي والتعاون عبر الحدود والسعي الدؤوب إلى تطوير حلول مرنة تناسب الديناميكيات المعقّدة للمنطقة والجغرافيا السياسية العالمية.
* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- قروض الطاقة الشمسية تنتهي في المحاكم.. تحقيق يوثق عمليات نصب وخداع
- قطاع الكهرباء في الشرق الأوسط.. توقعات الطلب ومزيج التوليد بـ5 دول (تقرير)
- أنس الحجي يفضح أكاذيب التغير المناخي.. هكذا يُضلل بايدن والغرب العالم (صوت)