تترقب أسواق الغاز المسال العالمية في 2024 دخول موريتانيا بصفتها إحدى الدول الرئيسة في مستقبل الإمدادات العالمية خلال السنوات المقبلة.
وكشفت بيانات تنشرها حصريًا منصة الطاقة المتخصصة، عن أن مشروع تورتو أحميم للغاز المسال، الذي سينطلق في وقت لاحق من العام الجاري، من المتوقع أن يضيف إلى الإمدادات العالمية نحو 2.5 مليون طن سنويًا من الغاز المسال في مرحلته الأولى.
وكان من المقرر بدء الإنتاج من مشروع تورتو أحميم للغاز المسال في أبريل/نيسان 2022، إلا أن عدة تحديات واجهت المشروع أدت إلى تأخير بدء الإنتاج إلى الربع الثالث من العام الجاري، فضلًا عن زيادة تكاليف عمليات تطوير المشروع.
مشروع تورتو أحميم للغاز المسال
من المتوقع أن يشهد عام 2024 دخول مشروعات إسالة جديدة جارٍ تنفيذها إلى حيز التشغيل في كل من الولايات المتحدة، والمكسيك، والكونغو، وموريتانيا، وروسيا، ستُسهم في إضافة نحو 21 مليون طن سنويًا إلى طاقة الإسالة العالمية.
جاء ذلك حسب التقرير، الذي أعدّه خبير الغاز والهيدروجين في منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول "أوابك" المهندس وائل حامد عبدالمعطي، بعنوان "تطورات الغاز الطبيعي المسال والهيدروجين على أساس ربع سنوي وحالة الصناعة لعام 2023".
ويجري تطوير مشروع تورتو أحميم للغاز المسال من خلال نظام تحت سطح البحر في المياه العميقة وسفينة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة في منتصف المياه، التي ستعالج الغاز وتزيل المكونات الهيدروكربونية الأثقل، وسيُنقل الغاز بعد ذلك إلى منشأة الغاز المسال العائمة.
واقتربت الوحدة العائمة لإنتاج الغاز وتخزينه من الوصول إلى موريتانيا، إذ ستخضع للفحوصات الفنية اللازم إجراؤها قبل بدء استغلالها ضمن منظومة منشآت مشروع تورتو أحميم للغاز المسال.
ويمثّل وصول سفينة إسالة الغاز إلى موقع الإنتاج ودمجها بصورة نهائية ضمن منظومة المنشآت لحظةً تاريخية في مشروع إنتاج الغاز من حقل السلحفاة أحميم الذي اكتمل بنسبة تفوق الـ90%، ووصل إلى مراحل متقدمة من تكامل مكوناته استعدادًا لبدء الإنتاج.
وستشهد المرحلة الأولى من المشروع إنتاج 2.5 مليون طن سنويًا من الغاز المسال، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 5 ملايين طن سنويًا خلال المرحلة الثانية، وما يصل إلى 10 ملايين طن سنويًا بعد الانتهاء من جميع المراحل الـ3 للمشروع.
ويرتكز مشروع تورتو أحميم للغاز المسال على حقلي غاز بحريين هما "تورتو" و"أحميم" المكتشفين في عامي 2015 و2016 على الترتيب، ثم حُفرت بئر "تورتو أحميم الكبير 1" في 2019، ويُقدر إجمالي احتياطيات الغاز بالمشروع بـ15 تريليون قدم مكعبة.
مشروعات غاز مسال مرتقبة
مع دخول عام 2023، بدأت موجة جديدة لاتخاذ قرار الاستثمار تطول عدة مشروعات للغاز المسال مقترحة داخل الولايات المتحدة، في ضوء توقعات نمو الطلب على الغاز المسال خلال المدة المقبلة، وسعي العديد من الأسواق نحو إبرام تعاقدات طويلة المدة لتأمين احتياجاتها لتحقيق أمنها الطاقوي.
إذ أعلنت شركة فنتشر غلوبال (Venture Global)، في شهر مارس/آذار 2023، اتخاذ قرار الاستثمار النهائي لتنفيذ المرحلة الثانية من مشروع بلاكماينز (Plaquemines LNG) في ولاية لويزيانا بطاقة 6.7 مليون طن سنويًا، بعد نجاحها في تأمين تمويل قدره 7.8 مليار دولار، ليرتفع التمويل الذي جمعته الشركة المطورة لتنفيذ المشروع بمرحلتيه الأولى والثانية إلى 21 مليار دولار، وهو أعلى تمويل يتم تأمينه لتنفيذ مشروع إسالة على الإطلاق، حسب بيان الشركة.
يُذكر أنه تم اتخاذ قرار الاستثمار النهائي لتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع في مايو/أيار 2022 بطاقة 13.33 مليون طن سنويًا، ومع تنفيذ المرحلة الثانية ستصل الطاقة الإجمالية للمشروع العملاق إلى 20 مليون طن سنويًا.
وفي شهر مارس/آذار 2023 نفسه، أعلنت شركة سيمبرا (Sempra Infrastructure) اتخاذ قرار الاستثمار النهائي لتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع بورت آرثر (Port Arthur)، التي ستضم وحدتين لإسالة الغاز بطاقة إجمالية 13 مليون طن سنويًا، بالإضافة إلى صهريجي تخزين، وتسهيلات لتحميل ناقلات الغاز الطبيعي المسال.
ومن المخطط أن تبدأ الأعمال التجارية لوحدة الإسالة الأولى في المشروع بحلول عام 2027، ولوحدة الإسالة الثانية بحلول عام 2028، بتكاليف استثمارية للمرحلة الأولى من المشروع بنحو 13 مليار دولار، ونجحت الشركة المطورة في إبرام تعاقدات ملزمة طويلة المدة، لبيع ما يصل إلى 10.5 مليون طن سنويًا من إنتاج المرحلة، التي أصبحت سارية المفعول بعد اتخاذ قرار الاستثمار النهائي.
كما اتخذت شركة نيكست ديكيد (Nextdecade) قرار الاستثمار النهائي في شهر يوليو/تموز 2023، لتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع ريو غراندي (RioGrande) في تكساس الذي تصل طاقته الإجمالية إلى 27 مليون طن سنويًا، بعد نجاحها في توفير التمويل اللازم للمشروع المقدر بنحو 18.4 مليار دولار، ستضم المرحلة الأولى 3 وحدات إسالة بطاقة إجمالية 17.6 مليون طن سنويًا.
وقال خبير أوابك وائل عبدالمعطي، إن إجمالي الطاقة التصميمية، التي تم اتخاذ قرار الاستثمار النهائي فيها حتى نهاية 2023، بلغ نحو 37.3 مليون طن سنويًا، وجميعها في الولايات المتحدة.
الإنفوغرافيك التالي من إعداد منصة الطاقة المتخصصة يستعرض تطورات قرارات الاسثمار النهائي في مشروعات الغاز المسال (2028-2023):
أسعار الغاز
شهدت أسعار الغاز الطبيعي في 2023 تراجعًا واضحًا في مختلف الأسواق، منقادة بظروف الشتاء المعتدل في أوروبا وآسيا، التي أسهمت في تخفيض الطلب على الغاز الطبيعي.
وأرجع تقرير أوابك تراجع أسعار الغاز إلى تبدد المخاوف من إمكان حدوث عجز في إمدادات الغاز خلال فصل الشتاء، بفضل توافر إمدادات الغاز المسال في الأسواق العالمية، وذلك بعد الارتفاعات غير المسبوقة والتاريخية للأسعار في عام 2022، التي كانت أشبه بسباق بين السوقيْن الآسيوية والأوروبية.
وفي السوق الأوروبية، تراجع متوسط أسعار الغاز الطبيعي حسب مركز "تي تي في" (TTF) في هولندا خلال عام 2023 إلى 13.72 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مقارنة بنحو 41.7 دولارًا عام 2022 بتراجع نسبته 67%.
وفي السوق الآسيوية، انخفضت أسعار الغاز الفورية في سوق شمال شرق آسيا (مؤشر شحنات الغاز المسال الفورية لمنطقة آسيا) على غرار نظيرتها الأوروبية، خلال عام 2023، لتسجل متوسط 14.4 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مقارنة بنحو 34.11 دولارًا خلال عام 2022 بنسبة تراجع 57.7%.
أما في أميركا الشمالية فقد استمرت أسعار الغاز الطبيعي -وفقًا لمركز هنري في الولايات المتحدة- في التراجع، إذ بلغ المتوسط نحو 2.53 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال عام 2023، مقارنة بنحو 6.45 دولارًا في 2022 بنسبة تراجع 60.7%.
اقرأ أيضًا..
- الجزائر تزيح نيجيريا من قائمة أكبر مصدري الغاز المسال في أفريقيا
- أكبر مصدري الغاز المسال إلى أوروبا في 2023.. خبير أوابك: دولتان عربيتان بالقائمة
- إنتاج مصر من الغاز الطبيعي يهبط إلى أقل مستوى منذ أبريل 2020
- شركات النفط والغاز في الشرق الأوسط تتحوط بصناعة البتروكيماويات ضد التوترات الجيوسياسية