انخفاض صادرات الديزل السعودي والكويتي يعمق المأزق الأوروبي
وفق بيانات حتى 17 يناير الجاري
هبة مصطفى
سجّلت صادرات الديزل السعودي والكويتي إلى أوروبا انخفاضًا، منذ مطلع الشهر الجاري حتى يوم الأربعاء 17 يناير/كانون الثاني 2024، إثر مواصلة توترات البحر الأحمر فرض المزيد من القيود على حركة الملاحة والشحن البحري.
ويهدد هذا الانخفاض مخزونات القارة العجوز التي تعتمد على واردات المنتجات النفطية من الشرق الأوسط في تلبية حصة كبيرة من إمداداتها، حسب بيانات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وبذلت أميركا جهودًا لتعويض نقص مخزونات أوروبا من الديزل بتصدير براميل إضافية، لكن يبدو أن هذا الاتجاه لن يدوم طويلًا في ظل الالتزام بالجدول الزمني المعلن سلفًا لصيانة مصافي التكرير؛ ما يعمّق من مأزق القارة العجوز الذي يشهد طلبًا متزايدًا خلال موسم الشتاء.
الواردات الأوروبية
انخفضت صادرات الديزل السعودي والكويتي إلى أوروبا، بنسبة 15% و43% على التوالي، منذ مطلع يناير/كانون الثاني حتى 17 من الشهر ذاته، حسب بيانات ستاندرد أند بورز غلوبال كومودتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights) البحرية.
وبلغت شحنات المنتجات النفطية بما يشمل الديزل والديزل الأحمر الرديء "gasoil" من السعودية إلى أوروبا -خلال الـ17 يومًا- ما مقداره 147 ألف برميل يوميًا، وهو معدّل ينخفض عن صادرات شهر ديسمبر/كانون الأول 2023 التي بلغت 293 ألف برميل يوميًا.
الأمر ذاته تكرر مع الشحنات الكويتية إلى القارة العجوز؛ إذ سجلت 28 ألف برميل يوميًا، تراجعًا من 147 ألف برميل يوميًا في الشهر السابق.
وتسبّب التراجع في صادرات المنتجات النفطية من الشرق الأوسط إلى أوروبا في تهديد لمخزوناتها، ولا سيما أن القارة العجوز تعتمد على واردات المنطقة لتوفير "ثُلث" إمداداتها من الديزل.
ولم يقتصر الأمر على انخفاض صادرات الديزل السعودي والكويتي إلى أوروبا، بل عانت القارة أيضًا انخفاض وارداتها من الهند؛ إذ هبطت بنسبة 31% خلال المدة ذاتها.
وحتى 11 يناير/كانون الثاني الجاري، قُدرت المخزونات الأوروبية من الديزل بانخفاض 257 ألف برميل عن متوسط مخزونات السنوات الـ5 الفائتة.
عزوف هندي.. ودعم أميركي
يبدو أن توترات البحر الأحمر ستعدل من خريطة الشراء الأوروبية؛ إذ تكشف تحميلات الشهر الجاري عن عزوف الهند عن شحن أي براميل من المشتقات النفطية للقارة العجوز، وفضلت توجيه شحناتها إلى الخليج العربي ودول آسيوية أخرى هروبًا من تكلفة الشحن المرتفعة مع تغير مسار حركة الملاحة.
ويثير هذا الاضطراب، سواء من انخفاض صادرات الديزل السعودي والكويتي إلى أوروبا أو العزوف الهندي الكامل عن إرسال أي شحنات مكررة، المخاوف من تأجج أزمة الطاقة الأوروبية من جديد، خاصة أن هذه الوجهات كانت البديل الأمثل لتعويض غياب إمدادات الطاقة الروسية منذ عقوبات ما بعد الحرب الأوكرانية.
وعوضت واردات أوروبا من الديزل والديزل الأحمر الرديء الأميركي نسبيًا انخفاض صادرات الديزل السعودي والكويتي للقارة خلال الشهر الجاري؛ إذ قدرت الشحنات الأميركية بنحو 237 ألف برميل يوميًا.
ورغم أن الشحنات الأميركية في يناير/كانون الثاني انخفضت قليلًا عن شحنات الشهر السابق له البالغة 246 ألف برميل يوميًا، لكنها كانت أعلى من متوسط شحنات العام الماضي (2023) التي قدرت بنحو 155 ألف برميل يوميًا.
وسعت أميركا لاحتواء الطلب الأوروبي؛ إذ حمّلت 416 ألف برميل من الديزل والديزل الأحمر الرديء خلال الشهر الجاري تمهيدًا لتصديرها إلى القارة العجوز، في أعلى مستوى لها منذ ما يزيد على 6 سنوات.
ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم صادرات الديزل من الشرق الأوسط إلى أوروبا، من أكتوبر/تشرين الأول 2022 حتى يناير/كانون الثاني 2024، ومن بينها صادرات الديزل السعودي والكويتي:
مأزق القارة العجوز
شهدت حركة الملاحة والشحن في البحر الأحمر اضطرابًا من منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وبدأ يتصاعد تدريجيًا مع استمرار الحوثيين في استهداف بعض السفن والرد من قبل تحالف تقوده الولايات المتحدة.
واضطرت بعض سفن إلى تعديل مسارها وهجرت تدريجيًا مسار البحر الأحمر قرب باب المندب وكذلك قناة السويس، لتتخذ طريق رأس الرجاء الصالح الأطول والأكثر تكلفة من حيث الشحن ومدة وصول الشحنات.
وتأثرت واردات أوروبا من المشتقات النفطية خلال شهر يناير/كانون الثاني الجاري بالمسارات الطويلة وارتفاع الأسعار وخفض الإمدادات؛ إذ قلّصت -بالفعل- شركات مثل "شل" و"شركة النفط البريطانية" و"ريلاينس الهندية" من شحناتها.
ومع انخفاض أحجام صادرات الديزل السعودي والكويتي إلى أوروبا خلال الشهر الجاري، وعزوف الهند عن تحميل أي شحنات للقارة، واستمرار توترات البحر الأحمر، باتت المخزونات الأوروبية من المشتقات النفطية والديزل تواجه خطرًا.
وقد يمتد خطر انخفاض صادرات الديزل السعودي والكويتي إلى الاعتماد على الواردات الأميركية أيضًا، في ظل تزامن توترات البحر الأحمر مع موسم الصيانة المعتاد للمصافي الأميركية؛ إذ تستعد مصفاة بي بي إف (PBF) لإصلاحات تمتد 45 يومًا، بالإضافة إلى صيانة مصافي: تورانس في كاليفورنيا، وموتيفا التابعة لأرامكو السعودية وفاليرو في بورت آرثر بتكساس.
وفي الوقت ذاته، تستعد مصافي التكرير الأوروبية إلى إجراء عمليات صيانة خلال فصل الربيع المقبل، وفق خطط زمنية جرى تأجيلها من موسم خريف 2023.
موضوعات متعلقة..
- صادرات الديزل من الشرق الأوسط إلى أوروبا تنخفض لأدنى مستوى منذ 11 شهرًا
- أسعار الوقود في السعودية.. أرامكو ترفع الديزل 53%
- صفقة رابحة.. واردات أوروبا من الديزل الكويتي تنتظر قفزة ضخمة في 2023
اقرأ أيضًا..
- شحنات النفط عبر قناة السويس قد تنخفض بمقدار الثلثين بنهاية يناير (تقرير)
- خبير مصرفي: أزمة قناة السويس تمس العالم.. وكارت ضغط ضد المصالح العربية (صوت)
- خبير: صراع البحر الأحمر يمهد لأهداف خفية.. وأميركا تقتحم المنطقة الملتهبة (صوت)