ثورة الطاقة الخضراء في بريطانيا تواجه عدة عقبات (تقرير)
دينا قدري
يتمسك حزب العمال بثورة الطاقة الخضراء في بريطانيا، رغم الانتقادات الموجهة إلى هذه الخطة بوصفها طموحًا يصعب تحقيقه، في ظل البيروقراطية والاحتجاجات المحلية المستمرة.
وأثارت خطة حزب العمال لاقتراض 28 مليار جنيه إسترليني (35.6 مليار دولار أميركي) سنويًا من أجل "خطة الرخاء الأخضر"، توترات داخل فريق رئيس الحزب كير ستارمر، وفي صفوف المديرين التنفيذيين في مجال الطاقة، الذين سيتعين عليهم تنفيذها.
وتنص الخطة -التي وضعها النائب عن حزب العمال إد ميليباند- على خفض فواتير الطاقة المحلية والتجارية، وخلق مليون فرصة عمل، وتحويل بريطانيا إلى "قوة عظمى في مجال الطاقة النظيفة".
إلّا إن ستارمر وميليباند يواجهان -الآن- مجموعة من الأسئلة حول ما إذا كان ذلك ممكنًا، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
خطة الطاقة الخضراء في بريطانيا
تتمثل الركيزة الأساسية في خطة حزب العمال، بجعل شبكة الكهرباء في بريطانيا خالية من الكربون بحلول عام 2030، ما يعني إزالة أو تخفيف جميع انبعاثات الكربون.
وهذا هدف يقول العديد من المطّلعين على الصناعة، إنه أمر خيالي، وهو أكثر طموحًا بكثير من هدف الحكومة المتمثل في تحقيق الهدف نفسه بحلول عام 2035، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة، نقلًا عن صحيفة "ذا تيليغراف" البريطانية (The Telegraph).
ولتحقيق النجاح، سيتعين على ستارمر وميليباند الحدّ من التأخير في التخطيط، والبيروقراطية التي عاقت المحاولات السابقة للمضي قدمًا بشكل أسرع في ثورة الطاقة الخضراء في بريطانيا.
ويقول رئيس مجلس إدارة شركة الطاقة العملاقة آر دبليو إي (RWE) في المملكة المتحدة توم غلوفر: "هل أعتقد أن هذا محتمل؟ لا.. هل هذا ممكن من الناحية الفنية؟ نعم".
وأضاف رئيس الشركة -التي تُعدّ أحد أكبر مطوري مزارع الرياح البحرية في العالم-: "لكن الأمر سيتطلب جهدًا هائلًا".
إلّا إن شركة أورورا لأبحاث الطاقة (Aurora Energy Research)، التي تقدم المشورة للحكومة، تقول، إنه بناءً على معدلات النشر الحالية، فإن شبكة المملكة المتحدة لن تكون محايدة للكربون حتى أوائل أربعينيات القرن الـ21.
عقبات الطاقة الخضراء في بريطانيا
تواجه ثورة الطاقة الخضراء في بريطانيا -بقيادة رئيس حزب العمال كير ستارمر- عدّة عقبات، بحسب ما رصدته منصة الطاقة، نقلًا عن تقرير ذا تيليغراف.
ولعل أكبر هذه العقبات هو اعتماد بريطانيا الحالي على 32 محطة كهرباء تعمل بالغاز، والتي ولّدت نحو ثلث الكهرباء في العام الماضي (2023)، وفقًا للشبكة الوطنية.
وفي أوقات الشتاء الباردة، عندما تنخفض درجات الحرارة وسرعة الرياح، يُمكن أن يرتفع هذا الرقم إلى ما يصل إلى 65%، مع قيام محطات الكهرباء بإطلاق ما يقرب من 3 أطنان من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كل ثانية في فصل الشتاء.
وإزالة الكربون من الشبكة تعني استبدال كل هذه المحطات التي تعمل بالغاز، أو تحديثها بمعدّات لالتقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ودفنها تحت الأرض.
وقد تعهَّد ميليباند وستارمر بـ"إعادة ربط بريطانيا" بإجراءات جذرية، تشمل إنهاء الحظر الفعلي للرياح البرية في إنجلترا، وتسريع جولة جديدة من العقود لمطوري الطاقة المتجددة، وإنشاء "مكافأة الوظائف البريطانية" لتحفيز الشركات على بناء سلاسل التوريد الخاصة بها في المملكة المتحدة.
كما تشمل إنشاء هيئة مدعومة من الدولة، جي بي إنرجي (GB Energy)، لدعم التقنيات وإزالة المخاطر، مثل الهيدروجين الأخضر واحتجاز الكربون، وإنشاء صندوق الثروة الوطنية للاستثمار في البنية التحتية، وإصلاح قواعد التخطيط وعمليات الربط بالشبكة وسوق الكهرباء.
ويصرّ المقربون من وزير الطاقة في حكومة الظل على أن الحصول على شبكة كهرباء محايدة للكربون بحلول عام 2030 هو هدف ثابت، وليس مجرد طموح.
ومع ذلك، فإن التغييرات المطلوبة في مدّة تزيد قليلًا عن 6 سنوات، تُعدّ مذهلة.
طموحات الطاقة الخضراء في بريطانيا
تمتلك بريطانيا -اليوم- نحو 15 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية، لكن طموح حزب العمال هو 55 غيغاواط بحلول عام 2030.
ويتمثل الهدف الرسمي للحكومة في الوصول إلى 50 غيغاواط، وهو الرقم الذي يتطلب تركيب ما لا يقلّ عن توربين واحد أو اثنين كل يوم على مدى السنوات الـ7 المقبلة، الذي تكافح الصناعة من أجل تحقيقه.
ويريد حزب العمال -أيضًا- مضاعفة قدرة الرياح البرية في المملكة المتحدة إلى 35 غيغاواط، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة.
ومع ذلك، يشير المشغّلون، مثل إس إس إي (SSE) وآر دبليو إي (RWE)، إلى أن الرياح البرية أضعف، والتوربينات أصغر حجمًا، وتُحتلّ معظم المواقع الأفضل، كما تتسبب المخططات البرية في شكاوى من الأشخاص الذين يعيشون بالقرب منها.
وقد توفر الطاقة الشمسية المزيد من الفرص للتوسع المتسارع، ولكنها تخاطر بحدوث ردة فعل عكسية مماثلة.
وتتمثل خطة حزب العمال في زيادة القدرة الإنتاجية 3 مرات إلى 50 غيغاواط بحلول عام 2030، مع مثل هذا التوسع الذي يغطي ما يصل إلى 400 ألف فدان من الأراضي الزراعية بشكل رئيس، باستعمال الألواح الشمسية.
وسيرغب المطورون في وضع تلك المزارع جنوب إنجلترا، حيث تكون أشعة الشمس أقوى، وبالقرب من المدن التي ستشتري الكهرباء، وهذا سيضمن اعتراضات من دعاة حماية البيئة.
قد توفر الطاقة النووية شريان حياة محتملًا؛ إذ كان من المقرر إغلاق أقدم 4 محطات للطاقة النووية في المملكة المتحدة بين عامي 2026 و2028، لكن من الممكن الآن تمديد عمرها الافتراضي إلى ثلاثينيات القرن الحالي.
وهذا من شأنه أن يضيف ما يقرب من 5 غيغاواط من الكهرباء الخالية من الكربون إلى المزيج، وهو ما يكفي لتزويد أكثر من 6 ملايين منزل بالكهرباء.
ويبني حزب العمال -أيضًا- هدفه لعام 2030 على تقنيتين أُخريين؛ إذ يريد الحزب تشغيل ما لا يقلّ عن 10 غيغاواط من إنتاج الهيدروجين، إلى جانب احتجاز الكربون وتخزينه في محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز.
موضوعات متعلقة..
- مزارع الرياح تولد أكثر من نصف الكهرباء في بريطانيا خلال 30 دقيقة فقط
- أسعار كهرباء طاقة الرياح البحرية أقل 25% من المولّدة بالغاز في بريطانيا (تقرير)
- شبكة الكهرباء في بريطانيا تعرقل الاستفادة من الطاقة المتجددة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أمين عام أوابك: الدول المصدرة للنفط لا تملك الموارد الكافية للاستثمار
- ناقلات الغاز المسال القطرية تتوقف عن عبور قناة السويس مؤقتًا
- إنتاج الهيدروجين من الأقنعة الطبية.. تقنية واعدة تنتظر التطبيق
- أفضل 10 سيارات كهربائية في 2024.. المواصفات والأسعار (صور)