مقالات النفطالمقالاترئيسيةنفط

الاعتماد على الفحم والنفط في الهند يعرقل أمن الطاقة (مقال)

أومود شوكري* - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • تحول الهند نحو مصادر الطاقة المتجددة يُعدّ أمرًا محوريًا لتنويع مصادر الطاقة لديها
  • اعتماد الهند الكبير على النفط المستورد يستلزم بذل جهود متواصلة لتعزيز أمن الطاقة
  • في عام 2024 ستتعاون الهند وأوبك بالعديد من المشروعات المهمة
  • الهند قادرة على تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة من تحول الطاقة

يعرقل الاعتماد الكبير على الفحم والنفط في الهند الاستدامة البيئية وأمن الطاقة، ويُعدّ تحول البلاد نحو مصادر الطاقة المتجددة أمرًا محوريًا لتنويع مصادر الطاقة لديها وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري التقليدي.

ويعتمد مزيج الطاقة في البلاد بشكل كبير، حاليًا، على الكتلة الحيوية الصلبة، والفحم والنفط، وهو ما يشكّل أكثر من 80% من الطلب على الطاقة.

ويأتي الفحم 46% في صدارة مزيج الطاقة في الهند، يليه النفط بنسبة 24%، والكتلة الحيوية بنسبة 20%، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

في المقابل، تتصدر الهند التغييرات التحويلية في نموذج أمن الطاقة لعام 2024، وسط مشهد طاقة عالمي يتطور ديناميكيًا.

وتسعى الدولة لمواجهة التحدي المزدوج المتمثل في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة والانتقال نحو مستقبل طاقة أكثر استدامة وأمانًا، يغذّيه النمو الاقتصادي السريع والتوسع الحضري.

وفي سياق الخلفية الجيوسياسية والبيئية سريعة التغير، فإن عام 2024 يسلّط الضوء على القضايا الحاسمة، مثل اعتماد الهند الكبير على الوقود الأحفوري المستورد، وسعيها الطموح لتوسيع استعمال الطاقة المتجددة. وتتعمق هذه الرؤية في الأبعاد متعددة الأوجه لبيئة أمن الطاقة في الهند، وتكشف أهدافها والفروق الدقيقة والضرورات الإستراتيجية.

وتُبذل الجهود الآن لزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة، مع توقعات تشير إلى زيادة كبيرة في قدرات الطاقة النووية والمتجددة خلال السنوات المقبلة.

وتتوقع الهند زيادة في استهلاك الطاقة، وتهدف إلى تعزيز قدرتها في مجال الطاقة المتجددة، مع التركيز على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وفي ظل أهداف طموحة مثل خفض كثافة الكربون بنسبة 45% بحلول عام 2030، وتحقيق 500 غيغاواط من قدرة الطاقة المتجددة بحلول العام نفسه، تسعى الهند إلى تعزيز أمن الطاقة لديها.

وعلى الرغم من الخطوات الملحوظة في مجال الطاقة المتجددة، فإن اعتماد الهند الكبير على النفط المستورد، الذي بلغ ما يقرب من 90%، يستلزم بذل جهود متواصلة لتعزيز أمن الطاقة وتخفيف التعرض لتقلّبات الأسعار.

الطاقة المتجددة

في عام 2024، تقف الهند على أعتاب فرص كبيرة لدعم وتعزيز قطاع الطاقة المتجددة، مع التركيز على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وتشير التوقعات إلى نمو غير مسبوق بقدرة الطاقة المتجددة في البلاد، بدعم من المبادرات الحكومية مثل برامج الحوافز المرتبطة بالإنتاجية لمنشآت الطاقة الشمسية، والاهتمام المتزايد من القطاعات الصناعية، باعتماد مصادر الطاقة المتجددة.

ويأتي المزيد من الدعم بموجب توجهات البعثة الوطنية للهيدروجين الأخضر ومخطط الحوافز المرتبطة بالإنتاج للتركيبات الكيميائية للبطاريات، ما يؤكد التزام الهند بتعزيز مستقبل الطاقة المستدامة.

وتتعزز طفرة الطاقة المتجددة في الهند من خلال الأطر التنظيمية التي تشجع الطاقة النظيفة، وانخفاض أسعار الطاقة الشمسية، والتوسعات المستهدفة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وعلى الرغم من التحديات التي تواجه تطوير البنية التحتية وتنفيذها، تظل الهند حازمة في سعيها لتحقيق مسار الطاقة المستدامة.

ومن المتوقع أن تؤمّن الطاقة الشمسية المركزة أكثر من 50% من مشتريات الطاقة المتجددة المقبلة في الهند أوائل عام 2024، ما يشير إلى اهتمام الحكومة المتجدد بمصادر الطاقة الشمسية طويلة الأمد.

وتؤكد هذه التطورات الإمكانات الهائلة لقطاع الطاقة المتجددة في الهند لإحداث توسّع ثوري، ورسم ملامح مشهد موارد الطاقة النظيفة في البلاد.

محطة للطاقة الكهروحرارية تعمل بالفحم بولاية أندرا براديش في الهند
محطة للطاقة الكهروحرارية تعمل بالفحم بولاية أندرا براديش في الهند – الصورة من بلومبرغ

من ناحية ثانية، تواجه الهند العديد من العقبات في التحول إلى مزيج الطاقة الأكثر مراعاة للبيئة، وتطرح البنية التحتية القديمة، التي تعاني من خسائر كبيرة في النقل والتوزيع، تحديات مالية، وتتطلب تحديثات شاملة من أجل التحول المستدام.

وتزيد العوائق السياسية، التي تغذّيها جماعات الضغط وإطار السياسات الضعيف، من عرقلة التقدم نحو المصادر المتجددة.

ويتطلب التنفيذ الناجح للحلول المتقدمة، مثل تكنولوجيا الفحم النظيف، واحتجاز الكربون، والهيدروجين، تطورات مالية وعلمية كبيرة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التكلفة المتصاعدة للسلع الأساسية تثير مخاوف بشأن القدرة على تحمّل التكاليف، ما يؤدي إلى تفاقم تعقيد تحول الطاقة في الهند.

على صعيد آخر، تواجه البلاد تحديات خطيرة لأمن الطاقة، تنبع في المقام الأول من اعتمادها على الغاز والنفط المستورد، ما يجعلها عرضة لتقلّبات الأسعار.

تحديات أمن الطاقة في الهند في عام 2024

سيشكّل اعتماد الهند الكبير (أكثر من 90%) على الغاز والنفط المستورد عقبات كبيرة أمام أمن الطاقة في البلاد في عام 2024.

وبسبب هذا الاعتماد المتزايد، أصبحت البلاد أكثر عرضة للتغيرات في ظروف السوق والأسعار، وما يزيد من التعقيد أن استهلاك الطاقة في الهند يرتفع بسرعة بسبب النمو الاقتصادي القوي والتوسع الحضري في البلاد.

ويتجلى التحدي الهائل الذي يواجهها في أنه لتلبية هذا الطلب المتزايد، يجب إنشاء شبكة كهرباء بحجم الاتحاد الأوروبي.

وتمثّل البنية التحتية التي تعاني من الصعوبات، وعبء المنظومات التي عفا عليها الزمن، والخسائر الكبيرة في النقل والتوزيع، والحاجة الملحّة إلى التحديث، عوائق كبيرة أمام التحول السلس للطاقة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التحول إلى مصادر الطاقة الأكثر مراعاة للبيئة يعوقه عقبات تشريعية، في ظل مشهد الإصلاح غير المكتمل، وإطار السياسات الضعيف.

ويمثّل نشر مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق يتراوح بين 50 إلى 100 غيغاواط سنويًا، جنبًا إلى جنب مع الصعوبات المرتبطة بحيازة الأراضي لجهود الطاقة المتجددة واسعة النطاق، عقبات تنفيذية هائلة تزيد من تعقيد الأمور، وتشكّل تهديدًا لأمن الطاقة في الهند.

وتواجه الهند العديد من المخاطر، بما في ذلك تلك المرتبطة بتدفّق الطاقة، والتعقيد التشغيلي، والمخاوف المالية، وضبابية الإستراتيجية.

وتزيد عوامل الخطر العديدة هذه من التعقيد وتحتاج إلى تطوير تدابير شاملة لتعزيز أمن الطاقة في الهند، لذلك، يتعين على الهند أن تتغلب على هذه العقبات المعقّدة حتى تتمكن من تلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة وتوفير مصدر طاقة موثوق ورخيص ومستدام لشعبها واقتصادها.

محطة عائمة للطاقة الشمسية في الهند
محطة عائمة للطاقة الشمسية في الهند – الصورة من مجلة بي في ماغازين

العلاقات بين أوبك والهند

من المتوقع أن ترتفع مشاركة الهند في الطلب العالمي على النفط من 4% إلى 9% بحلول عام 2040، ما يجعل تعاونها مع أوبك تحالفًا أكثر أهمية في عام 2024.

وتراقب منظمة أوبك بانتظام العلاقة بينها وبين الهند، التي تعززت نتيجة لمشاركة البلاد المتزايدة في شبكات التجارة العالمية والنمو في الطلب على الطاقة.

واعترافًا بالدور الحاسم الذي تؤديه الهند، يركّز الجانبان بشدّة على التواصل والتعاون المستمر بهدف مساعدة المنتجين والمستهلكين وتعزيز أمن الطاقة العالمي والقدرة على تحمّل التكاليف وخفض الانبعاثات.

وفي عام 2024، ستتعاون الهند وأوبك في العديد من المشروعات المهمة، مثل تعزيز أمن الطاقة الدولي، والحفاظ على استقرار السوق، وضمان استقرار سوق النفط، وإجراء محادثات متعلقة بالطاقة، ومعالجة قضايا القدرة على تحمّل التكاليف والاستدامة.

من جهتها، لفتت الهند الانتباه إلى الدور الرائد لمنظمة أوبك في الحفاظ على استقرار أسعار النفط، وهو ما يعكس الرغبة المتبادلة في الاستقرار والقدرة على التنبؤ في الاقتصاد العالمي.

وقد تجلّى الالتزام بتعاون أوثق في الاجتماع السادس رفيع المستوى لحوار الطاقة بين أوبك والهند، الذي ركّز على المسائل المهمة المتعلقة بأسواق النفط والطاقة.

ومن المتوقع أن تتأثر التطورات المستقبلية في قطاع الطاقة بشكل كبير بالتعاون المستمر بين الهند ومنظمة أوبك، إذ يعمل العالم لتحقيق القدرة على تحمّل تكاليف الطاقة، وزيادة أمن الطاقة العالمي، وخفض الانبعاثات.

خلاصة القول، سيكون وضع الطاقة في الهند في عام 2024 حاسمًا، مع معالجة القضايا، بما في ذلك الاعتماد على الوقود الأجنبي، وارتفاع استهلاك الطاقة، والحاجة إلى تحديث البنية التحتية القديمة.

وتعتمد الهند بنسبة 90% تقريبًا على الغاز والنفط المستوردين، وهو ما يُظهر مدى تعرُّض البلاد للتقلبات والتغيرات في الأسعار العالمية.

هنا، تبرز الحاجة إلى إستراتيجية معقّدة تتضمن تغييرات ذكية في السياسات، وزيادة الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة، والتحول بشكل أسرع إلى تكنولوجيا الطاقة النظيفة لمعالجة هذا الاعتماد وتوفير أمن الطاقة، وعلى الرغم من هذه العقبات، فإن الهند قادرة على تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة من تحول الطاقة، مع إمكان إنشاء سوق للتكنولوجيا منخفضة الكربون بقيمة تصل إلى 80 مليار دولار.

ويضع هذا التغيير الثوري الهند دولةً رائدة محتملة في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتطورة منخفضة الكربون، بما يتماشى مع التطلعات البيئية العالمية.

ومن أجل اجتياز هذا التحول بنجاح، ستحتاج البلاد إلى إظهار البراعة والعمل الجماعي والالتزام القوي ببناء مستقبل طاقة موثوق وآمن ومستدام.

* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق