طاقة نوويةتقارير الطاقة النوويةرئيسية

تقنية الاندماج النووي تدخل عصرًا جديدًا بعد توليد كهرباء نظيفة لا محدودة

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • يُعوّل على تقنية الاندماج النووي في تسريع وتيرة تحول الطاقة
  • الاندماج النووي يقترب من تغيير الصورة النمطية المأخوذة عن الطاقة النووية
  • ميكروسوفت من بين الشركات التي تضخ استثمارات في تلك التقنية
  • يُقصد بالاندماج النووي تلك العملية التي تندمج خلالها نواتان ذريتان خفيفتان لتكوِّنا نواة ذرية واحدة أثقل وزنًا
  • الانشطار النووي هو عملية انقسام نواة ذرّة ثقيلة إلى قسمين أو أكثر

تتعاظم الآمال في استعمال تقنية الاندماج النووي لتوليد كميات لا نهائية من الكهرباء النظيفة، تسهم في تعزيز أمن الطاقة وتحقيق أهداف الحياد الكربوني في إطار اتفاقية باريس للمناخ 2015.

وتوشك تلك التقنية أن تغير الصورة النمطية المأخوذة عن الطاقة النووية التي طالما اقترن اسمها لعقود بالدمار والكوارث، عبر تحويلها إلى مصدر لتوليد الكهرباء النظيفة اللازمة لتعزيز التنمية المستدامة للدول.

وفيما يُعدّ خُطوة واعدة، نجح العلماء في استعمال تقنية الاندماج النووي للمرة الأولى بتوليد كميات غير محدودة من الكهرباء النظيفة -تقريبًا-، وفق تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ويُقصد بالاندماج النووي تلك العملية التي تندمج خلالها نواتان ذرّيتان خفيفتان لتكونا نواة ذرّية واحدة أثقل وزنًا، وتلك التقنية هي المصدر للطاقة في الشمس وفي النجوم.

ويختلف الاندماج النووي عن الانشطار النووي الذي يشير إلى عملية انقسام نواة ذرة ثقيلة إلى قسمين أو أكثر، وبهذه العملية يتحول عنصر معين إلى عنصر آخر، وينتُج عن عملية الانشطار نيوترونات وفوتونات عالية الطاقة.

نتائج هائلة

حقق فريق الباحثين في مرفق الإشعال الوطني بمختبر لورانس ليفرمور (the Lawrence Livermore National Laboratory) في ولاية كاليفورنيا الأميركية تفاعل اندماج نووي في ديسمبر/كانون الأول (2022)، ليحقق حينها زيادة في صافي الطاقة للمرة الأولى على الإطلاق.

ولاقت تلك الخطوة إشادة بالغة من قبل علماء الفيزياء، غير أن علماء مرفق الإشعال الوطني بمختبر لورانس ليفرمور قد نجحوا في تكرار هذ الإنجاز مؤخرًا، لكن بزيادة قدرها 3 مرات في صافي الطاقة، وفق نتائج بحث نشرته مجلة نيتشر العلمية.

واستعان المعمل بمرفق الإشعال الوطني لحرق 192 شعاع ليزر على حُبيبة مجمدة من النظائر الموجودة داخل كبسولة ألماس معلّقة في أسطوانة ذهبية.

وقد كرر التفاعل الناتج العمليات الطبيعية الموجودة داخل الشمس، وأدى إلى زيادة قياسية في معدل الطاقة بنسبة 89%، وفق تقرير رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وكانت كمية الطاقة تلك كافية لتسخين المياه في غلاية إلى درجة الغليان، ومع ذلك فإن توسيع نطاق هذا المفهوم قد يكون بمثابة إعلان "عصر جديد" للطاقة.

وقال عالم الفيزياء الذي قاد برنامج الاندماج بحصر القصور الذاتي (Inertial confinement fusion) في مرفق الإشعال الوطني: "أشعر بسعادة غامرة، وأعتقد أنه ينبغي علينا جميًعا أن نكون فخورين بهذا الإنجاز".

ويشير الاندماج بحصر القصور الذاتي إلى تقنية يجري فيها الاندماج النووي الذي يُحفّز برفع درجة حرارة قطرة الوقود وضغطها بدرجة عالية جدًا، وتتكون قطرة الوقود من مخلوط من الديوتيريوم والتريتيوم، وفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

الاندماج النووي

كوب 28

طُرِحت تقنية الاندماج النووي في خطة مؤتمر المناخ كوب 28 أوائل شهر ديسمبر/كانون الأول (2023)؛ إذ وافقت حكومات العالم على تسريع وتيرة الجهود الرامية إلى تطوير تلك التقنية الواعدة في مجال الطاقة.

وفي هذا الصدد، قال مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون المناخ جون كيري: "نحن نقترب كثيرًا من واقع يعمل بتقنية الاندماج النووي، وفي الوقت ذاته، لا تخلو تلك المسألة من تحديات علمية وهندسية كبيرة"، خلال تصريحات أدلى بها في قمة المناخ كوب 28، التي عُقدت مؤخرًا في دبي، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأضاف كيري: "التفكير المتأني والسياسة الرشيدة المدروسة ستؤدي دورًا حاسمًا في هذا الخصوص".

استثمارات بالمليارات

تضخ الصين واليابان والاتحاد الأوروبي استثمارات ضخمة في بحوث الاندماج النووي، مع تخطي حجم تلك الاستثمارات 6 مليارات دولار حتى الآن، وفق تقديرات جمعية صناعة الاندماج النووي (Fusion Industry Association) - جمعية تجارية مستقلة غير ربحية مسجلة في الولايات المتحدة، وتُعنى بصناعة الاندماج النووي العالمية.

ومن بين الشركات التي تضخ استثمارات في تلك التقنية عملاقة البرمجيات الأميركية ميكروسوفت، التي كشفت إبرام أول اتفاقية شراء بهذا المجال في العالم، أوائل العام الحالي (2023).

ولم يستطع مختبر آخر تكرارَ التجربة الناجحة التي نفّذها مرفق الإشعال الوطني بمختبر لورانس ليفرمور، رغم وجود مشروع مشترك بين الاتحاد الأوروبي واليابان، الذي افتتح رسميًا مفاعل اندماج نووي يتألف من 6 طوابق في أوائل ديسمبر/كانون الأول (2023).

مفاعل "جيه تي-60 إس إيه"
مفاعل "جيه تي-60 إس إيه" - الصورة من AFP/Getty

ويستهدف أكبر مفاعل تجريبي للاندماج النووي في العالم الذي يحمل اسم "جيه تي-60 إس إيه" (JT-60SA) استكشاف مدى جدوى استعمال تقنية الاندماج النووي على نطاق واسع، بوصفه مصدر طاقة آمنًا وخاليًا من الانبعاثات الكربونية؛ إذ تزيد كمية الكهرباء المولّدة عن المستعملة في إنتاجها.

وصُمم هذا المفاعل في حظيرة طائرات ضخمة تتحمل درجات الحرارة المرتفعة، وتقاوم التآكل والأعاصير، في مدينة ناكا شمال العاصمة اليابانية طوكيو.

ويحوي المفاعل الأيقوني وعاء توكاماك (Tokamak) بشكل كعكة مُعدّة خصوصًا لاحتواء بلازما دوامية تُسَخَّن إلى 200 مليون درجة مئوية.

والتوكاماك عبارة عن جهاز تجريبي مصمم لتحقيق الاستفادة القصوى من الطاقة الناجمة عن الاندماج النووي؛ وتُمتص الطاقة الناتجة عن اندماج الذرّات داخل هذا الجهاز، بشكل حرارة، بوساطة جدران الوعاء الحاوي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق