تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود نظيف ينافس الهيدروجين
محمد عبد السند
- غاز ثاني أكسيد الكربون العامل الرئيس في ظاهرة الاحتباس الحراري.
- ارتفعت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية المقترنة بالطاقة بنسبة 0.9% في 2022.
- خلصت نتائج دراسة بحثية أخرى إلى أن ثاني أكسيد الكربون أكثر ضررًا مما كان يعتقده الباحثون.
- صمم فريق البحث خلية وقود في حجم الثلاجة تستعمل نسخة مسالة من الكهرباء المخزنة.
- الوقود المستخرج من ثاني أكسيد الكربون من الممكن أن يكون واعدًا بدرجة أكثر من الهيدروجين والميثانول لتوليد الكهرباء.
يبدو أن غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يُعَد الرقم الصعب في معادلة الحياد الكربوني، سيصبح نفسه أداة فاعلة لتسريع جهود تحول الطاقة، عبر تقنية طورها العلماء لتحويله إلى وقود نظيف.
ورغم أن هذا الغاز هو المسبب الرئيس لظاهرة الاحترار العالمي؛ فإنه يبقى تركيزه قليلًا نسبيًا في الغلاف الجوي؛ حيث يلامس قرابة 400 جزء في المليون بالهواء، وفق بيانات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي العام الماضي (2022) ارتفعت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية المقترنة بالطاقة بنسبة 0.9%، لتسجل رقمًا قياسيًا، غير أن تلك النسبة تظل أقل من المتوقع، بفضل تنامي استعمال المصادر الخضراء، وفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية.
وفي خطوة مناخية واعدة طوّر فريق من العلماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عملية ابتكارية لتحويل ثاني أكسيد الكربون، أحد أخطر الانبعاثات المهددة لكوكب الأرض، إلى وقود غير ضار على شكل مسحوق، يمكن تحويله -أيضًا- إلى كهرباء نظيفة، وفق ما أورده تقرير منشور على الموقع الرسمي للمعهد.
جهود جبارة
تلت تلك الطفرة جهودًا جبارة استمرت قرابة قرن من الزمان لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى وقود نظيف ورخيص التكلفة، وفق تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وعرّض الباحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الغاز إلى عوامل تحفيز، ثم إلى تقنية التحليل الكهربائي التي تحول الغاز إلى مسحوق يُطلق عليه فورمات الصوديوم، والتي يمكن تخزينها بأمان لمدة عقود.
وفورمات الصوديوم هو ملح الصوديوم المستخلص من حمض الفورميك، ويأتي في شكل مسحوق بودرة بلوري أبيض يمكن استخدامه منتَجًا نهائيًا، أو مادةً وسيطة لتصنيع منتجات كيميائية أخرى.
وقال البروفيسور الذي قاد فريق البحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يو لي: "أعتقد أننا بصدد إنجاز كبير هنا"، مضيفًا: "يمكنني أن أترك 10 أطنان من تلك المادة (فورمات الصوديوم) لحفيدتي لمدة 50 عامًا".
وسبق أن حوّل الباحثون غاز ثاني أكسيد الكربون إلى وقود يتطلب كميات هائلة من الكهرباء لإنتاجه، أو حتى يكون من الصعب تخزينه على المدى الطويل.
حلم يقترب من الحقيقة
تقترب العملية التي شرع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في تطويرها، من أن تتحول إلى واقع: تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون المحتجز إلى وقود نظيف يحل محل البطاريات التقليدية، ويخزن الكهرباء على مدار شهور أو حتى سنوات.
ومن شأن هذا أن يسد الفجوات في شبكات الكهرباء في البلاد، خلال تحوّلها بعيدًا عن الوقود الأحفوري، إلى طاقة الشمس والرياح.
كانت دراسة قد أجريت في عام 2018 قد وصفت ثاني أكسيد الكربون بأنه "جزيء خامل".
ثم بعد مضي عامين، خلصت نتائج دراسة بحثية منفصلة إلى أن الغاز غير المرئي "أكثر ضررًا" مما كان يعتقده الباحثون.
شكوك قادت إلى يقين
تعاون الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بقيادة يو لي، 48 عامًا، مع طالب الدكتوراه الشاب في كلية الهندسة بجامعة هارفارد داوي شي البالغ من العمر 27 عامًا، والذي كان متشككًا في كفاءة تحويل ثاني أكسيد الكربون المحتجز إلى وقود، وتوقّع أن تؤدي جهود الفريق إلى إنتاج وقود شديد الحموضة.
وقال لي: "كنا نتناقش في قضية الكيمياء الكهربائية الرئيسة"، مضيفًا: " قدم لنا (شي) الكثير من النصائح القيّمة بشأن كيفية تنفيذ تلك المهمة".
وقال شي إنه كان لديه يقين بأن العملية التي ينتهجها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ستصبح "غير متوازنة الحموضة"؛ ما يجعل المُنتَج عديم الفائدة بعد مدة قصيرة من الزمن، في تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي غضون شهر، وضع الثنائي أيديهما على المشكلة وعملا على ما ثبت لاحقًا في مختبر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أنه وسيلة فعالة للغاية لتحويل ثاني أكسيد الكربون المحتجز إلى وقود نظيف.
منتج تجاري آمن
يشبه المسحوق الناتج مُنتجًا تجاريًا استُعمِل بأمان لسنوات لإذابة الجليد على الطرق السريعة والمطارات.
وفي هذا الصدد أوضح قائد فريق البحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يو لي أن الغاز قد خُزِّن لمدة ألفي ساعة في خزانات دون أي علامات على التآكل.
وعلاوة على ذلك صمم فريق لي أيضًا خلية وقود في حجم الثلاجة تستعمل نسخة مسالة من الكهرباء المخزنة.
وقال لي إن تلك الآلية من الممكن أن تُنتِج الكهرباء للمنازل، دون تسرب الغاز إلى الغلاف الجوي، مشيرًا إلى أنه قد بدأ في مناقشة الأمر مع الشركات التجارية المهتمة بعملية معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وأنه يستكشف طرقًا قد تستعملها الصناعات الثقيلة لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية.
آلية التحويل
في نوفمبر/تشرين الثاني (2023)، نشر فريق لي دراسة في دورية سيل ريبورتس فيزيكال ساينس (Cell Reports Physical Science) العلمية، يوضح فيها آلية عملية تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود.
وقال المؤلف الرئيس للدراسة تشين زانغ: "تفسر التحسينات العديدة الكفاءة المعززة لتلك العملية"، مضيفًا أن هذا يُحسِّن آفاق استعمال ثاني أكسيد الكربون لتخزين الكهرباء على المدى الطويل.
وفي هذا الصدد قال البروفيسور يو لي إن الوقود المستخرج من الغاز المقصود من الممكن أن يكون واعدًا بدرجة أكبر من الهيدروجين والميثانول لتوليد الكهرباء.
وأوضح أن الميثانول "مادة سامة" وقد يتسبب تسربها في "مخاطر صحية جسيمة"، بينما يمكن أن يتسرب الهيدروجين من الأنابيب والمستودعات؛ ما يحول دون تخزينه على المدى الطويل.
موضوعات متعلقة..
- طفرة في خلايا الوقود تعتمد على ثاني أكسيد الكربون
- أول بطارية تخزين تعمل بثاني أكسيد الكربون في العالم.. تقنية رائدة (إنفوغرافيك)
- ثاني أكسيد الكربون يتحول إلى "منجم" للذهب والفضة والمعادن النادرة
اقرأ أيضًا..
- شركات السيارات الأميركية تفشل في تحقيق أهداف خفض الانبعاثات (تقرير)
- الطاقة الشمسية في أفريقيا تنعش 4 دول بمشروعات جديدة
- مفاجأة.. احتياطيات ضخمة من الغاز في ليبيا تتجاوز أي توقعات (خاص)