التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيرئيسية

استمرار زيادة معدلات الاحترار العالمي بعد بلوغ مرحلة الحياد الكربوني (دراسة)

أحمد أيوب

ما يزال حلم خفض معدلات الاحترار العالمي إلى مستويات الـ1.5 درجة مئوية هو التحدي الأكبر أمام دول العالم مجتمعة، لاسيما مع استمرار زيادة الانبعاثات الكربونية المتسببة في ارتفاع درجات الحرارة.

ومع كل هذا الزخم والتحركات الدولية في محاولات مُضنية لبلوغ مستهدفات الحياد الكربوني، برز نقاش جدلي مُهم حول جدوى الوصول إلى المستويات صفرية الانبعاثات بعد صدور دراسة تشير إلى أن الأضرار البيئية والمناخية ربما تظل مستمرة حتى بعد بلوغ مستويات الحياد الكربوني، وفقًا لما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وصدرت الدراسة المُشار إليها خلال الأسبوع الجاري، للتحقق من جدلية مستقبل التغيرات المناخية بعد الوصول لمرحلة استقرار معدلات الاحترار العالمي المتوقع لها أن تحدث في غضون العقود المقبلة، وفقًا لمقال للكاتب بوب بوروين، نشره موقع إنسايد كلايمت نيوز (Inside Climate News).

وما تزال الانبعاثات الكربونية تمضي في اتجاه خاطئ، إذ أظهر تقرير صدر في 15 نوفمبر/تشرين الثاني عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن غازات الدفيئة وصلت مرة أخرى إلى مستويات قياسية خلال العام الماضي 2022.

وبلغت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تركيزات أعلى بنسبة 50% لأول مرة مقارنة بمستويات ما قبل عصر الصناعة.

موضوع الدراسة

تشير أفضل التقديرات -حتى الآن- إلى أن درجات الاحترار العالمي ستستقر في غضون بضعة عقود، لكن الورقة البحثية الجديدة المنشورة في مجلة "فرونتيرز إن ساينس" (Frontiers in Science) تتحقق من أوجه عدم اليقين المحيطة بهذا الاستنتاج.

وتدرس الورقة البحثية كيف يُمكن للأنظمة الرئيسة التي تمتص ثاني أكسيد الكربون من كوكب الأرض -مثل الغابات والمحيطات- أن تستجيب لهذه التقديرات الخاصة باستقرار درجة حرارة الأرض في غضون العقود المقبلة.

تجدر الإشارة إلى أن دراسة أخرى أُجريت في أغسطس/آب 2023 أظهرت وجود اتجاه هبوطي خلال العقود المقبلة في كمية ثاني أكسيد الكربون التي يمكن أن تمتصها المحيطات.

وتشير أبحاث حديثة أخرى إلى أن العديد من النظم البيئية للغابات، بما في ذلك حوض الأمازون البالغ الأهمية، بدأت في إصدار المزيد من الكربون مقارنة بما تمتصه، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

احتراق الغابات بسبب التغيرات المناخية - الصورة من إنسايد كلايمت نيوز
احتراق الغابات بسبب التغيرات المناخية - الصورة من إنسايد كلايمت نيوز

ووجد الباحثون أن هناك احتمالًا بمقدار السدس لاستمرار معدلات الاحترار العالمي في الارتفاع، مع وجود خطر واضح يتمثل في زيادة معدلات الاحترار العالمي بمقدار عدّة أعشار درجة مئوية بعد الوصول لمستويات الحياد الكربوني، وفقًا للمؤلف المشارك، عالم المناخ في إمبريال كوليدج بلندن، جويري روجيلج.

وقال "روجيلج"، إن هناك احتمالًا لا يمكن إغفاله يتعلق باستمرار ظاهرة الاحتباس الحراري بعد الوصول إلى مستويات الانبعاثات الصفرية، كما يمكن أن تتفاقم ظاهرة التغيرات المناخية إلى مستويات خطرة.

ناقوس خطر

يقول المؤلف المشارك في الورقة البحثية، جويري روجيلج، إن خطط خفض الانبعاثات العالمية تتجاهل خطر زيادة معدلات الاحترار العالمي بعد الوصول إلى الحياد الكربوني، مؤكدًا أن هذا الأمر ينبغي معالجته عاجلًا في مؤتمر المناخ COP28.

وأشارت المؤلفة الرئيسة للدراسة، طالبة دكتوراه في مركز سياسة البيئة في إمبريال كوليدج، صوفيا بالازو كورنر، إلى أن صُنّاع السياسات في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، الذي يبدأ نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بحاجة إلى معرفة الإجراءات الإضافية اللازمة لتحقيق أهداف اتفاق باريس المتمثلة في الحدّ من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية أو أقلّ بكثير من درجتين مئويتين قدر الإمكان.

وأضافت أن فهم المخاطر المرتبطة بحالة عدم اليقين هذه أمر بالغ الأهمية، ليس فقط على صعيد إجراءات التخفيف، ولكن أيضًا للتكيف مع تأثيرات المناخ، لأنه في الوقت الذي يمكن فيه أن تستقر درجات الاحترار العالمي حتى مع عدم وجودة زيادة في الانبعاثات- فإن تغيرات مناخية أخرى ربما تستمر في الظهور.

تأثيرات مستقبلية مُروِّعة

في إشارة إلى احتمال استمرار تأثيرات الاحترار العالمي، قالت المؤلفة الرئيسة للدراسة، صوفيا بالازو كورنر: "المثال الشهير على ذلك هو ارتفاع مستوى سطح البحر، والذي سيستمر استجابة لارتفاع درجة الحرارة الذي تسبّبنا فيه بالفعل".

وعلى مدار العقود القليلة الماضية، أدت غازات الدفيئة إلى تسخين الأرض بالوتيرة التي توقّعها معظم النماذج المناخية، لكن شدة التأثيرات الناجمة عن هذا الاحترار تجاوزت التوقعات.

"إن ارتفاع معدلات الاحترار العالمي إلى مستويات كبيرة والأمطار الغزيرة وغيرها من التأثيرات في البيئة مثل انقراض بعض السلالات التي كان من المتوقع حدوثها في أواخر القرن تحدث الآن"، وفقًا لكاتب المقال بوب بوروين.

وتتوقع دراسة جديدة في مجلة لانسيت الطبية، تضاعُف الوفيات السنوية الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة 3 مرات بحلول عام 2050.

ويُظهر تقرير الأمم المتحدة حول فجوة التكيف، الصادر في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 قبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، أن معظم بلدان العالم ليست مستعدة لأيٍّ من هذا.

ماذا بعد انخفاض درجات الحرارة

قبل العصر الصناعي، استطاعت الطبيعة تحقيق توازن بين معدلات الانبعاثات الكربونية وامتصاصها عبر المحيطات والغابات، لكن الأمر اختلف تمامًا مع ظهور الوقود الأحفوري.

وأدى الوقود الأحفوري إلى اختلال هذا التوازن، وصاحب ذلك احتمال أن تستمر تأثيرات الاحترار العالمي لعدّة قرون بعد وصول الانبعاثات إلى مستويات صفرية، وفقًا لما تضمّنه المقال، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر الدول المُصدِرة للانبعاثات الكربونية بحلول عام 2030:

انبعاثات الكربون

وعمدت الدراسة المنشورة في مجلة "فرونتيرز إن ساينس" إلى قياس كيفية تأثير درجة حرارة الأرض في المستقبل، وتقييم تلك التأثيرات على أوقات مختلفة، تمتد إلى قرون، بل إلى آلاف السنين.

وتطرقت الدراسة أيضًا إلى ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي الذي يمكن أن يتسبب في زيادة معدلات الاحترار العالمي بعد وصول البشرية إلى مستويات الحياد الكربوني.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق