أزمة الطاقة في بنغلاديش.. خبراء يطالبون باستغلال احتياطيات الفحم
أحمد أيوب
عانى قطاع الطاقة في بنغلاديش على مدار العقود الماضية من تحديات كبيرة مع تزايد الطلب على الوقود، سواء لاستهلاك الأُسر أو لقطاع الشركات.
وفي الوقت نفسه، فإن البلد الأسيوي يتحمل فاتورة كبيرة لاستيراد الوقود للوفاء باحتياجات الاستهلاك المحلي، وهو ما يثير الكثير من الانتقادات للحكومة، إذ تستنزف هذه الواردات احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي، وفقًا لما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وطالب خبراء بقطاع الطاقة في بنغلاديش بالاعتماد على مصادر الوقود المحلية، حتى لو استلزم الأمر توسيع نطاق الاعتماد على الفحم أو الغاز أو النفط، وفقًا لتقرير نشره موقع "ذا بيزنس ستاندرد" المحلي (The Business Standard)، في 23 ديسمبر/كانون الأول 2023.
وفي الوقت نفسه، أكد الخبراء أن الاعتماد على الوقود الأحفوري يمكن أن يحدث بالتوازي مع نشر محطات الطاقة المتجددة على نطاق واسع، خاصة في القطاع الصناعي .
ملامح الأزمة
قبل عقدين من الزمن، كانت بنغلاديش تنتج 90% من احتياجاتها من الكهرباء من الوقود المحلي، وتضاءل الرقم لنحو 50% حاليًا، في حين تُدبَّر الكميات الأخرى عبر الاستيراد.
وتشير التوقعات إلى أن استعمال الوقود المحلي لتوليد الكهرباء سيشهد انخفاضًا إلى 10% بحلول عام 2030، وهو ما يُعمّق أزمة الطاقة في البلاد.
وبسبب الاعتماد الكبير على الاستيراد، تكافح شركة بنغلاديش بتروليوم The Bangladesh Petroleum Corporation (BPC) وشركة بتروبانغلا Petrobangl لسداد الديون المستحقة عليهما.
وتواجه بنغلاديش صعوبة في تلبية الطلب على الكهرباء الذي يتراوح بين 13 ألف و14 ألف ميغاواط، على الرغم من امتلاكها قدرات مُركبة تزيد على 28 ألف ميغاواط، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
يقول الرئيس السابق لجمعية منتجي الطاقة المستقلة في بنغلاديش، كريم عمران، إن نحو ألفي ميغاواط من الكهرباء تُنتج من محطات غير فعّالة يجب التخلص منها؛ لأنها تهدر الوقود باهظ الثمن.
وأوضح المتحدثون أن أزمة الطاقة في بنغلاديش ستستمر حتى عام 2026 على الأقلّ، إذ إنه لن تزيد سعة الغاز المسال قبل هذا التاريخ، كما أن جهود التنقيب عن الغاز واستخراجه في الوقت الحالي ستستغرق من 8 إلى 9 سنوات للحصول على نتائج فعلية.
وأشاروا إلى أن عدم كفاءة نقل وتوزيع الوقود يكلف البلاد الكثير، إذ يبلغ الفاقد من الغاز في خطوط الأنابيب 12%، و14% من كهرباء الشبكة، إمّا بسبب التسرب أو السرقة.
زيادة أنشطة الوقود الأحفوري
أكد عدد من الخبراء بمجال الطاقة في بنغلاديش أن أزمة الطاقة يكمن حلّها في استغلال احتياطيات الفحم الكبيرة في البلاد، إلى جانب تحقيق المزيد من الاستكشافات في مجالي النفط والغاز، فضلًا عن توسيع نطاق مشروعات الطاقة المتجددة.
جاء ذلك خلال مائدة مستديرة نظّمتها صحيفة "ذا بيزنس ستاندرد" المحلية، بعنوان "أزمة الطاقة المستمرة في بنغلاديش وحلولها" يوم الثلاثاء الماضي.
وفي غضون ذلك، أوضح مستشار الطاقة الدولي، خوندكار عبدوس سالك، إمكان استغلال الفحم من المناجم المحلية لتوليد كميات أكبر من الكهرباء.
وأشار إلى أن استعمال الفحم في توليد الكهرباء -على مستوى العالم- ما يزال عند مستويات عام 1973، مُشددًا على ضرورة استخراج الفحم من أجل توليد الكهرباء بما يضمن كفاءة استمرارها.
وأوضح أنه من خلال التعدين السطحي، يمكن لاحتياطيات الفحم المتوفرة بالبلاد الحفاظ على قدرة توليد كهربائية تبلغ 10 آلاف ميغاواط لمدة 50 عامًا.
وأعرب "ساليك" عن استيائه من حقيقة أن نحو 70% من الأراضي ما تزال غير مستغلة للتنقيب عن النفط والغاز، بما يسهم في توفير المزيد من إمدادات الطاقة في بنغلاديش.
وقال -بالإضافة إلى ذلك- لا توجد مبادرات خلال السنوات الـ12 الماضية لاستكشاف موارد الغاز البحرية.
وتابع: "عدم استخراج الفحم، وترك 70%من الأراضي غير مستكشفة، وعدم التنقيب عن النفط والغاز في المناطق البحرية لأكثر من عقد من الزمن، كان بمثابة فشل وطني، خاصة عندما بدأت احتياطيات الغاز المؤكدة في النضوب".
سياسات وطنية ناجعة
يتزايد اعتماد قطاع الطاقة في بنغلاديش على الواردات، ما يثير المخاوف بين الخبراء، ويدفعهم للمطالبة بضرورة تبنّي إستراتيجية وطنية ناجعة للاستفادة من مصادر الطاقة المحلية.
وخلال المائدة المستديرة، أرجع أستاذ هندسة البترول والموارد المعدنية في جامعة بنغلاديش للهندسة والتكنولوجيا، إم تميم، أزمة الطاقة في بنغلاديش إلى السياسات المعيبة المعتمدة على الاستمرار في سياسات التوسع بالاستيراد، في وقت يتزايد فيه معدل الطلب المحلي.
وقال، إن قطاع الطاقة يحتاج إلى إرادة سياسية قوية للخروج من الأزمة، ودعوة واضحة لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت البلاد ستتبنّى نموذج اقتصاد السوق أم لا، مضيفًا أنه يجب إغلاق المحطات غير الفعّالة.
وأشار المتحدثون إلى أن الاعتماد المتزايد على الغاز المسال المستورد أدى إلى نتائج عكسية خاصة مع تقلبات سوق الطاقة العالمية، وهو ما نتج عنه استنزاف احتياطيات العملات الأجنبية في البلاد، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي هذا السياق، قال مستشار الطاقة الدولي، خوندكار عبدوس سالك، أن حكومة بنغلاديش تفتقر إلى الإرادة والكفاءة في تأمين صفقات جيدة لاستيراد الغاز المسال في سبيل تحقيق أمن الطاقة.
وقال الرئيس السابق لجمعية منتجي الطاقة المستقلة في بنجلاديش، عمران كريم: "إذا لم نرفع كفاءة توليد الكهرباء وواصلنا الاعتماد على الوقود المستورد، فإن تكلفة الطاقة ستكون مرتفعة للغاية".
موضوعات متعلقة..
- بنغلاديش تقترض لسداد ديون الطاقة.. وتهديد يواجه مستحقات قطر وعُمان
- بنغلاديش تتبنى الطاقة المتجددة للخروج من أزمة الكهرباء الخانقة
- واردات بنغلاديش من الغاز المسال تنتعش بصفقة جديدة لمدة 15 عامًا
اقرأ أيضًا..
- أمينة بنخضرة: المغرب يتفاوض لبيع الغاز من الأنبوب النيجيري.. ومفاجأة حول موعد التدشين (حوار)
- خبير أوابك: تكلفة إنتاج الهيدروجين 7 أضعاف الغاز.. والدول العربية تملك 4 مميزات
- تويوتا تقاوم السيارات الكهربائية وتسقط في اختبار حماية المناخ