مقالات النفطالمقالاتروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةنفط

العقوبات الغربية على النفط الروسي.. واقعها الحالي ومدى تأثيرها بالإيرادات (مقال)

فيلينا تشاكاروفا* – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • متوسط سعر خام الأورال في نوفمبر/تشرين الثاني بلغ 72.48 دولارًا للبرميل
  • السوق تستعد حاليًا لفائض نفطي محتمل في أوائل عام 2024
  • غياب الانسجام داخل أوبك+ خصوصًا بين الدول الأفريقية المعارضة للتخفيضات الإضافية كان واضحًا
  • العقوبات المفروضة على ناقلات النفط قد لا تؤثّر في حجم صادرات النفط الروسية مباشرةً

مع استمرار العقوبات الغربية على النفط الروسي، شهدت أرض الواقع تطورًا حديثًا، إذ اختار تحالف البلدان المصدّرة للنفط (أوبك+) عدم تغيير التوجيهات الحالية لخفض إنتاج النفط في عام 2024، وقد يتماشى هذا القرار بشكل ملحوظ مع أهداف الدول التي تفرض عقوبات على روسيا.

وفي أعقاب اجتماع أوبك+ في الأول من ديسمبر/كانون الأول، ردّت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على 3 ناقلات تنقل النفط الروسي بأسعار تتجاوز سقف 60 دولارًا للبرميل.

بالإضافة إلى ذلك، واجهت 3 شركات مشاركة في عملية النقل هذه، واحدة من ليبيريا واثنتان من الإمارات العربية المتحدة، عقوبات.

وتواصل تشديد العقوبات الغربية على النفط الروسي، فقد أصدرت الولايات المتحدة رسائل إلى الهيئات التنظيمية في ليبيريا وبنما وجزر مارشال، تحثّ فيها على تشديد التدقيق على الناقلات التي ترفع أعلامها، وتنقل في الغالب النفط الروسي، لضمان الالتزام بسقف الأسعار.

نتيجة لذلك، فإن جميع مالكي السفن المشاركين في النقل البحري للسلع الروسية يواجهون، حاليًا، خطر الإدراج في قوائم عقوبات وزارة الخزانة الأميركية.

في هذا السياق، يعمل النقص المستمر في إمدادات السوق على تعقيد عملية الفرض الصارم لسقف أسعار النفط والمنتجات النفطية الروسية.

وقد أدى هذا الوضع إلى فرض رسوم مخاطر على مالكي السفن؛ ما أدى إلى خصم على سعر النفط الروسي، على الرغم من أن سعره ظل أعلى من السقف.

سعر "الأورال" في ظل العقوبات الغربية على النفط الروسي

أشارت وزارة المالية الروسية إلى أن متوسط سعر خام الأورال في نوفمبر/تشرين الثاني بلغ 72.48 دولارًا للبرميل.

ومن المهم أن نلاحظ أن هذا السعر يُحسَب على أساس تسليمات السوق الأوروبية، إذ لم تشحن روسيا النفط عن طريق البحر لأكثر من عام.

بعد العقوبات الأميركية الأولية ضد ناقلات النفط الروسية في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، انخفض سعر خام الأورال إلى 60 دولارًا للبرميل، وأحيانًا أقلّ من ذلك؛ ما أدى إلى اتّساع الخصم على النفط الروسي من 10 إلى 15-20 دولارًا للبرميل.

وتستعد السوق حاليًا لفائض نفطي محتمل في أوائل عام 2024، ولو وافق تحالف أوبك+ رسميًا على مزيد من تخفيضات الإنتاج، لكان أشار إلى عزمه منع مثل هذا الفائض وانخفاض الأسعار، ومع ذلك، فإن هذا لم يحدث.

وعلى الرغم من الالتزامات الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا، فإن هناك شكوكًا بشأن الوفاء بها، كما أن حصص الإنتاج الخاصة بالتحالف بالكاد تتوافق مع أرقام الإنتاج الفعلية، وكان غياب الانسجام داخل تحالف أوبك+ -خصوصًا بين الدول الأفريقية المعارضة للتخفيضات الإضافية- واضحًا، وهو ما يتناقض مع موقف روسيا والمملكة العربية السعودية، زعيمتي الاتفاق.

سقف سعر النفط الروسي
ناقلة نفط روسي - أرشيفية

العقوبات المفروضة على ناقلات النفط

قد لا تؤثر العقوبات المفروضة على ناقلات النفط في حجم صادرات النفط الروسية مباشرًة، لكنها قد تزيد بشكل كبير من الخصم على السلع الروسية.

وتزيد الوفرة العالمية للناقلات والاكتتابات البحرية من التعقيد، إذ يمكن للسفن أن تنتقل بين الشركات، واستُعمِلَت في بعض الحالات السفن الخاضعة للعقوبات لنقل النفط غير الروسي دون عواقب.

وتهدف إجراءات العقوبات هذه في المقام الأول إلى تسليط الضوء على المخاطر المرتبطة بمعاملات النفط الروسية، ما يؤدي حتمًا إلى تخفيضات أكبر على النفط الروسي.

ويعتقد الخبراء أن روسيا سوف تضطر إلى تقديم تخفيضات كبيرة، ومع ذلك، كان العامل الرئيس في انخفاض خصومات النفط الروسي هو النقص في السوق الناجم عن قرار المملكة العربية السعودية بخفض الإنتاج بمقدار مليون برميل يوميًا بدءًا من يوليو/تموز 2023.

وبما أن العقوبات المفروضة على ناقلات النفط الروسية تشجع على الالتزام الصارم بسقوف الأسعار، فإن متوسط خصم سعر الأورال بالمقارنة مع برنت قد يرتفع إلى 13-15 دولارًا للبرميل بحلول نهاية ديسمبر/كانون الأول.

ومن المتوقع أن يظل متوسط سعر النفط الروسي أعلى من 60 دولارًا للبرميل، ومع حلول العام المقبل، من المتوقع أن يستقر الخصم مرة أخرى، ويرجع ذلك جزئيًا إلى التحديات في مراقبة حركة الناقلات.

صادرات الوقود الروسية

في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وصلت صادرات وقود الديزل والديزل الأحمر الروسية إلى 2.8 مليون طن، وحصلت البرازيل على الحصة الأكبر.

ويمثّل هذا زيادة بنسبة 8.5% في الصادرات المنقولة بحرًا من المواني الروسية مقارنة بالشهر السابق، وهي زيادة أرجعها العديد من التجّار لرفع الحظر المفروض على الإمدادات الأجنبية إلى روسيا.

وخلال الأسابيع الـ3 الأولى من نوفمبر/تشرين الثاني، شهد إنتاج وقود الديزل في المصافي الروسية ارتفاعًا كبيرًا يقارب 11% مقارنة بمتوسط الإنتاج اليومي في أكتوبر/تشرين الأول، الذي بلغ 238 ألف طن.

ومن الجدير بالذكر أن معظم هذا الإنتاج المتزايد كان موجهًا إلى البرازيل.

وأُرسِل ما لا يقلّ عن 930 ألف طن من وقود الديزل من المواني الروسية، معظمها من ميناء بريمورسك على بحر البلطيق، في طريقها إلى البرازيل.

على صعيد آخر، فإن السياق الاقتصادي الأوسع يُظهر تحولًا بالمشهد المالي في روسيا.

على مدار العقد الماضي، انخفضت مساهمة عائدات النفط والغاز في الموازنة الاتحادية الروسية إلى النصف تقريبًا، إذ انخفضت من ذروتها البالغة 51.4% في عام 2014 إلى 28.3% فقط في عام 2023.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حصة إيرادات الموازنة الاتحادية الروسية التي تدوّن حساب النفط والغاز من عام 2011 إلى 2023:

العقوبات الغربية على النفط الروسي

وفي المدة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول 2023، انخفض إجمالي إيرادات الموازنة الروسية هامشيًا بمقدار 5.7 مليار روبل (0.03%) مقارنة بالمدة نفسها من العام السابق.

(الروبل الروسي = 0.011 دولارًا أميركيًا).

ويتمثل أحد العوامل المهمة وراء هذا الانخفاض في تراجُع إيرادات النفط والغاز بمقدار 1.5 مرة، وهو ما يعادل انخفاضًا قدره 2.93 تريليون روبل، ويرجع ذلك أساسًا إلى انخفاض متوسط أسعار النفط والغاز الطبيعي.

وتشير غرفة الحسابات لدى البنك المركزي للاتحاد الروسي إلى أن هذا الانكماش تأثّر بعدّة عوامل، بما في ذلك انخفاض إيرادات نهاية الخدمة وضرائب التصدير، والمناورة الضريبية المستمرة في صناعة النفط، والانتقال من الضرائب التقليدية القائمة على الودائع إلى نظام ضريبة إيرادات إضافية جديد.

إضافة إلى ذلك، فإن الانخفاض النسبي في إيرادات النفط والغاز يُعدّ نتيجة للزيادة السريعة في الإيرادات من غير النفط والغاز، الذي نما بنسبة 26% أو 2.93 تريليون روبل، مدعومًا بارتفاع إيرادات ضريبة القيمة المضافة، والرسوم الجمركية على الواردات، والأرباح من إدارة صندوق الثروة الوطنية، ورسوم التصرف.

ورغم أن النفط والغاز يظلان يشكّلان أهمية بالغة بالنسبة للاقتصاد الروسي، وأهمية الجهود التي يبذلها العاملون في مجال النفط، فإن اعتماد روسيا على هذه الموارد لم يعد بالغ الأهمية كما كان من قبل، الأمر الذي يشير إلى بنية اقتصادية متنوعة.

في المقابل، شهدت إيرادات كبار مصدّري النفط والغاز الروس انخفاضًا كبيرًا بنسبة 41% في المدة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول 2023، مقارنة بالمدة نفسها من العام السابق، وفقًا لمراجعة الاستقرار المالي التي نشرها البنك المركزي للاتحاد الروسي في 30 نوفمبر/تشرين الثاني.

ويعزو التقرير التراجع إلى مجموعة من العوامل: ظروف التسعير المعاكسة، وانخفاض أحجام صادرات النفط بسبب تصاعد العقوبات، والديناميكيات المتغيرة لسلاسل التوريد والمعاملات المالية، بالإضافة إلى ذلك، تشير بيانات البنك المركزي إلى أنه خلال الأرباع الـ3 الأولى من عام 2023، انخفضت صادرات النفط عبر نظام خطوط أنابيب ترانسنفط بنسبة 8%، بينما انخفض متوسط سعر خام الأورال بنسبة 26%.

وأشار البنك المركزي إلى أن تحديد سقف لأسعار النفط والمنتجات النفطية الروسية أدى إلى تسريع إعادة توجيه طرق التصدير نحو الأسواق الآسيوية والأفريقية، وأدى هذا التحول إلى زيادة النفقات اللوجستية وارتفاع تكاليف المعاملات.

من ناحية ثانية، يواجه القطاع مخاطر مستمرة تتمثل في فرض عقوبات ثانوية محتملة، ما قد يزيد من عرقلة عمليات صناعة النفط.

ويذكر التقرير أنه في الأشهر الـ9 نفسها، قام أكبر مصدّري النفط والغاز الروس بتخفيض صافي مبيعاتهم من العملات الأجنبية بشكل كبير بنسبة 58%.

* فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق