أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

كيف أثرت فنزويلا في صناعة النفط العالمية.. وما سر العداء لدول الخليج؟ (صوت)

أحمد بدر

أدت أميركا اللاتينية دورًا مهمًا بالنسبة إلى قطاع النفط العالمي، ولا سيما فنزويلا، صاحبة الدور المهم في الشرق الأوسط، وتأسيس منظمة أوبك، وعلى الرغم من ذلك، يشهد النفط الفنزويلي عقوبات دولية في الوقت الحالي.

وقال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن أميركا اللاتينية لها ارتباط وثيق بصناعة النفط، إذ إنها تاريخيًا كانت الأغنى، حتى أغنى من أميركا الشمالية التي اغتنت لاحقًا، لذلك كانت الهجرات القديمة، ومنها هجرات عربية، إلى أميركا اللاتينية بصفتها الأغنى في ذلك الوقت.

وأوضح، في حلقة جديدة من برنامجه "أنسيات الطاقة"، قدّمها بمنصة "إكس" (تويتر سابقًا) بعنوان "النفط بين العرب وأميركا اللاتينية"، أن فنزويلا لها دور كبير في تاريخ صناعة النفط، إذ إن أول برميل في التاريخ خرج منها عام 1539 متجهًا إلى إسبانيا.

وأضاف: "كان الإمبراطور تشارلز الخامس مريضًا بداء النقرس، وقيل له في ذلك الوقت إن هذا السائل الغامق الذي سيأتي من فنزويلا يساعد في الشفاء من المرض، ولم تكن هناك وسيلة لإرسال النفط الفنزويلي إلى إسبانيا إلّا البراميل، لذلك فإن أول برميل استُعمِل لنقل النفط كان من كاراكاس في 1539".

من هو الأب الروحي لمنظمة أوبك؟

أوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي أن فنزويلا عانت من مجموعة انقلابات تاريخية، بينما تأسس هناك حزب ديمقراطي من مجموعة شباب متعلمين، وشارك معهم في التأسيس شخص يحمل الدكتوراه اسمه "خوان بابلو بيريز ألفونسو"، وهذا الرجل يعدّ الأب الروحي لمنظمة أوبك.

وأضاف: "ألفونسو هو الأب الروحي لكل أفكار منظمة أوبك الأصلية، وقد ولد عام 1903، وتوفي في 1979، وكان يدرس الطلب، ولكن هذه المدة شهدت تغيرات سياسية عالمية كبيرة جدًا، واستهوته السياسة والتاريخ، فترك دراسة الطب ودرس التاريخ والسياسة، وأصبح بعدها فيلسوفًا".

أوبك

وتابع الدكتور أنس الحجي: "عندما ننظر إلى بيريز ألفونسو لا ننظر له بصفته وزيرًا، لكنه بالفعل فيلسوف بكل معنى الكلمة، وعندما أسس الحزب مع زملائه، دخلوا أول تجربة ديمقراطية بعد انقلابات الجيش، وفازوا بالانتخابات نهاية عام 1947، وتسلّموا الحكم في عام 1948".

ولفت إلى أن حكمهم لم يطل كثيرًا، إذ سرعان ما حصل انقلاب جديد، وسُجن بيريز أشهر عديدة، قبل الإفراج عنه بشرط أن يغادر البلد، فحصل على لجوء سياسي في الولايات المتحدة، ولكن التكاليف هناك كانت كبيرة عليه، فقرر الذهاب إلى المكسيك، وكان هذا قبل تأسيس منظمة أوبك بنحو 10 سنوات.

وقال، إن بيريز ألفونسو أصبح بعد ذلك قادرًا على دخول الولايات المتحدة والخروج منها عمومًا، ولكن إقامته الأساسية كانت في المكسيك، وهناك أهمية لهذه النقطة، لأنه أول تأميم للنفط في العالم حدث في المكسيك عام 1938، وكان المناخ العام هناك يتّسم بالحدة الوطنية.

ومن مظاهر هذه الحدة الوطنية، محاولة طرد الشركات الأميركية والأوروبية، فكان هذا الشعور الوطني قائمًا وتأثّر به بيريز ألفونسو بشكل كبير، ومن ناحية تأثّر بالأفكار الثورية، ولكن عندما كان في الحكومة الأولى كان وزيرًا للتنمية في فنزويلا.

ومن أهم إنجازاته في هذا المنصب، أنه تمكّن من إجبار الشركات على مشاركة الأرباح بنسبه 50%، وانتشرت حينها عبارة شائعة جدًا وهي "Fifty Fifty" أي "50 – 50"، ولكن الشركات عارضته وهددته، كما هددت حكومة فنزويلا الوليدة، بأنها ستزيد الإنتاج من دول أخرى وتخفض إنتاج النفط الفنزويلي.

دول الخليج وأثرها في النفط الفنزويلي

تساءل خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي: "ما هي الدول الأخرى التي اتجهت إليها الشركات العالمية؟" ليجيب: "إنها دول الخليج، لأنه في ثلاثينيات القرن الماضي كانت كميات كبيرة من النفط قد اكتُشفت، وبدأ التوسع في الإنتاج بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية، والخلاف مع فنزويلا حدث في 1948".

وأشار إلى أن تكاليف الإنتاج في دول الخليج كانت أقلّ بكثير من تكاليف إنتاج النفط الفنزويلي، إذ إنه مع رفع الضرائب والمشاركة في الأرباح بنسبة 50% قررت الشركات سحب استثماراتها من كاراكاس، وخفضت إنتاجها، وذهبت إلى دول الخليج.

النفط الفنزويلي

وفجأة، وفق الدكتور أنس الحجي، أصبحت دول الخليج هي العدو، عندما أُطيحَ بالحكومة الوليدة الديمقراطية في فنزويلا من قبل الجيش المدعوم من شركات النفط العالمية، فهم يريدون إيرادات النفط الفنزويلي، والآن الإيرادات انخفضت والقانون الجديد مُلزِم، وهم يريدون إيرادات أكبر في كل الحالات.

وأضاف: "هناك إشكال حدث قبل انتخابات ديسمبر/كانون الأول 1947 بنحو شهر، إذ حدث التصويت على قرار تقسيم فلسطين في نوفمبر/تشرين الثاني، وصوتت الحكومة التابعة للجيش -حينها- لصالح إسرائيل ضد العرب، وهو ما أدى في وقت لاحق دورًا مهمًا".

ولفت إلى أنه عندما نُفِيَ بيريز ألفونسو خارج فنزويلا، وذهب إلى أميركا ثم إلى المكسيك، حاولت الحكومة الفنزويلية العسكرية جاهدة أن تزيد إيرادات النفط، ولكنها لم تستطع، لأن التوسع في العالم العربي أو في دول الخليج كان كبيرًا، والشركات لم تكن لديها رغبة في أن تتوسع بإنتاج النفط الفنزويلي في ظل وجود القانون الجديد.

وتابع: "فالذين قاموا بالانقلاب -وسأقولها بشكل صريح، عندما نتكلم عن أميركا اللاتينية والأوروبيين البيض، وهم من مخلّفات هولندا وإسبانيا وربما دول أخرى، كانوا عنصريين وجلبوا العنصرية معهم من أوروبا، وينظرون لكل ما هو غير أبيض بعنصرية- فأصحاب الانقلاب في عام 1948 كانوا عنصريين جدًا، ونظروا إلى دول الخليج وإيران بعنصرية".

خدعة فنزويلية أبطلها الخليج

أوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي أن هناك أدلة على العنصرية، من ضمنها أنهم عندما درسوا الوضع وحاولوا تعزيز الإيرادات، اكتشفوا أن الحل الوحيد هو إقناع العرب والإيرانيين بتبنّي نظام الضرائب الفنزويلي، وربما أكثر، ومن ثم قرروا -وهذا التعبير مترجم حرفيًا- تعليم العرب.

على إثر ذلك، وفق الحجي، شكّل الفنزويليون وفدًا طار إلى المنطقة، بحجة الهبوط في عواصم عربية عدّة وطهران، لتعليم هؤلاء "المتخلفين من وجهة نظرهم" أنّ عليهم أن يرفعوا الضرائب ويشاركوا في الأرباح، وأن هذه المشاركة ستكون لصالحهم.

وقال الدكتور أنس الحجي، إن الهدف الحقيقي لم يكن لصالح العرب، وإنما كان محاولة لإعادة الشركات العالمية من دول الخليج إلى فنزويلا، فحاولوا زرع أيّ أفكار ثورية، ولكن هذا الوفد عندما ذهب إلى الوطن العربي رفضت كل الدول العربية استقباله، لأن كاراكاس كانت قد صوتت لصالح إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني 1947.

وأضاف: "احتار الفنزويليون أين يمكن أن يذهبوا، فاتجهوا إلى إيران، وتكلموا مع الشاه بعنصريتهم الشديدة، ولم يكونوا قد درسوا تاريخ طهران ووضع الشاه، ولم يعرفوا أنه موجود في الأساس بشروط معينة من البريطانيين، لأنه عندما احتلّت بريطانيا والاتحاد السوفييتي إيران، طردوا والد الشاه وسجنوه وعذبوه واتهموه بالجنون، لأنه تعاونَ مع حكومة هتلر وجلبَ الشركات الألمانية إلى بلاده".

وتابع: "عندما جاؤوا بالشاه محمد رضا بهلوي، كان عمره 20 عامًا، وشاهد بعينه إذلال أبيه وضربه وتعذيبه أمامه، وبناءً على ذلك تسلّم الحكم بالشروط التي وضعها البريطانيون، وهو ما لم يعرفه الفنزويليون، ومن ثم فهو لا يمكنه تنفيذ ما يريدونه، فهو يريد زيادة الإيرادات ومزيدًا من الأموال، ولكنه لا يستطيع زيادة الضرائب".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق