نفطتقارير النفطرئيسية

النفط الفنزويلي يتدفق إلى أسواق جديدة بعد تخفيف العقوبات الأميركية

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • الأسواق العالمية بدأت تستقبل النفط الفنزويلي
  • العقوبات الأميركية فُرضت على النفط الفنزويلي لمدة 4 سنوات
  • خففت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن العقوبات المفروضة على كاراكاس في العام الماضي (2022)
  • استأجرت ترافيغورا سفينة لنقل شحنة زيت وقود في ميناء فنزويلي بعد تخفيف العقوبات
  • وقّعت شركة النفط الفنزويلية اتفاقيات جديدة لبيع منتجات

بعد طول غياب بدأت الأسواق العالمية استقبال المزيد من النفط الفنزويلي، في أعقاب تخفيف الولايات المتحدة الأميركية القيود المفروضة على صناعة النفط والغاز في البلد الواقع على الساحل الشمالي لأميركا اللاتينية.

واستمرت العقوبات الأميركية على كاراكاس طيلة 4 سنوات، تسببت خلالها في تراجع حاد بإنتاج البلاد وصادراتها من النفط الذي يُعد الشريان الرئيس الذي تعول عليه في عائداتها من العملة الصعبة، ما أدخلها في نفق اقتصادي مظلم، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وهبط إنتاج النفط الفنزويلي من قرابة 2.03 مليون برميل يوميًا في عام 2017 إلى 824 ألف برميل يوميًا في سبتمبر/أيلول (2023)، علمًا بأن فنزويلا تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم يُقدر بنحو 303 مليارات برميل، بحسب تقديرات.

وفي هذا السياق قاد التخفيف الكبير للعقوبات الأميركية المفروضة على صناعة النفط الفنزويلي إلى "زواج المصلحة" بين تجار السلع العالمية والوسطاء غير المعروفين الذين هيمنوا على صادراتها خلال مدة العقوبات، حسبما نشرت وكالة رويترز.

وفي أواسط أكتوبر/تشرين الأول (2023) أصدرت واشنطن ترخيصًا عامًا لمدة 6 أشهر يقضي برفع العقوبات المفروضة على إنتاج النفط الفنزويلي وصادراته حتى أبريل/نيسان (2024).

ولضمان انتخابات رئاسية عادلة، يبقى هذا الترخيص مرهونًا بالتوصل إلى اتفاقية بشأن الانتخابات بين حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من جهة وبين المعارضة السياسية في البلاد من جهة أخرى.

سياسة العصا والجزرة

قالت الولايات المتحدة الأميركية، إنها سترغب في رؤية تقدم عملي بشأن إجراء عملية انتخابية شفافة إلى جانب إطلاق سراح السجناء السياسيين بحلول 30 نوفمبر/تشرين الثاني (2023)، وإلا فإنها ستلجأ إلى إعادة فرض العقوبات على البلد العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك".

وخلال الأسابيع الأخيرة نجحت مجموعتان تجاريتان عالميتان على الأقل ممثلتان في ترافيغورا Trafigura وغنفور غروب Gunvor Group، في الوصول إلى شحنات النفط الفنزويلي عبر شرائه من الوسطاء المعتمدين من قبل شركة النفط الوطنية الفنزويلية "بي دي في إس إيه" (PDVSA)، وفق وثائق الشركة وتصريحات 4 مصادر مطلعة على مجريات الأمور، رفضت كلها الكشف عن هويتها، لكونها غير مصرح لها بالتحدث إلى وسائل الإعلام.

وقد تجاوزت عمليات الشراء الأصلية للنفط الفنزويلي من قبل وسطاء من شركة النفط الوطنية الفنزويلية نظام المناقصات التقليدية، وغالبًا ما كانت تخضع لمفاوضات بشأن السعر الثابت، لأن الشركة التي كانت ما تزال خاضعة لبعض العقوبات لم يكن لديها وصول إلى خدمات التسعير.

موقع نفطي في فنزويلا
موقع نفطي في فنزويلا - الصورة من رويترز

الدفع باليورو

طالبت بي دي في إس إيه بدفع جزء من المدفوعات المستحقة لها على الأقل مقدمًا باليورو، ما يفرض قيودًا على العدد الكبير من الشركات المشاركة، وفق اثنين من المصادر المطلعة الـ4 ووثائق الشركة.

وقد قادت الترتيبات غير العادية إلى فروقات كبيرة في الشروط، إذ قال مصدر إن "الفجوات السعرية من عرض إلى آخر لمنتجات متشابهة من الممكن أن تصل إلى 15 دولارًا للبرميل".

وبالنسبة لشركة النفط الوطنية الفنزويلية فإن الوصول إلى أموال نقدية إضافية يُعد حافزًا للحصول على عملاء جدد، والحد من عدد المبادلات النفطية، وصفقات النفط مقابل القروض التي كانت الخيارات الوحيدة المسموح بها بموجب نظام العقوبات الأميركية قبل ترخيص أكتوبر.

تحول في السياسة

فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على صناعة النفط الفنزويلي، في مسعى منها لإقالة الرئيس نيكولاس مادورو، الذي تصف واشنطن مسألة إعادة انتخابه بأنها "عار".

وخففت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن العقوبات المفروضة على كاراكاس في العام الماضي (2022)، في تحول لدى السياسات الأميركية تجاه البلد اللاتيني.

وفي الأسابيع الـ3 الماضية، وقّعت شركة النفط الفنزويلية اتفاقيات جديدة لبيع منتجات، من بينها زيت الوقود والأسمنت الأسفلتي مع شركات غير معروفة، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ولم تستعد "بي دي في إس إيه" بعد عقود الإمدادات التي كانت موجودة قبل فرض العقوبات، أو حتى الوصول إلى اتفاقيات طويلة الأجل مع عملائها التقليديين، غير أنها شرعت في المفاوضات ذات الصلة.

شركات مستبعدة

تظل معظم شركات التجارة العالمية مستبعدة من السجل التجاري لشركة النفط الوطنية الفنزويلية منذ تحريك دعوى أمام القضاء الأميركي في عام 2018، تتهم بعض التجار والبنوك والأفراد بدفع رشى إلى مسؤولين فنزويليين مقابل الحصول على معلومات داخلية وأسعار ثابتة وعطاءات مزورة.

وفي الأسبوع الماضي أرسلت شركة النفط الوطنية الفنزويية -التي كشفت في مارس/آذار (2023) عن أنها خسرت مليارات الدولارات بسبب مدفوعات شحنات فاشلة- بريدًا إلكترونيًا تذكر فيه المسؤولين التنفيذيين المسؤولين عن التجارة والإمدادات باتباع القواعد لمنح التخليص لأي عملاء جدد، بحسب أحد المصادر.

النفط الفنزويلي يتدفق إلى الخارج

بعد مدة وجيزة من تخفيف العقوبات في أكتوبر/تشرين الأول (2023)، استأجرت ترافيغورا سفينة لنقل شحنة زيت وقود في ميناء فنزويلي.

ويرتبط عقد التأجير بعرض قدمته شركة "بي دي في إس إيه"، لبيع ما يصل إلى مليون برميل من زيت الوقود، الذي تمتلك الشركة أكبر مخزونات متاحة منه.

ودلّت وثائق شركة النفط الوطنية الفنزويلية على أن شركة كي لو كي مغمت Ke Lo Ke Mgmt، المشهرة في رومانيا، هي من فازت بالعرض، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول (2023) شحنت الناقلة أول طرد يتألف من 100 ألف برميل في ميناء كاردون الواقع على الساحل الغربي لفنزويلا، وما تزال تنتظر تحميل شحنتها المتبقية البالغة 300 ألف برميل، وفق الوثائق وبيانات تتبع ناقلات الشحن.

ولم يتضح بعد إذا كانت شركة كي لو كي مغمت قد أبرمت صفقة بيع متتالية إلى ترافيغورا.

وبعد مضي أيام قدمت غانفور مليوني برميل من الخام الثقيل الفنزويلي إلى مصافٍ أميركية، وفق ما أوردته شبكة بلومبرغ (Bloomberg) وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.

وخلال الأسبوع الحالي فرضت "بي دي في إس إيه" قيودًا على قائمة وكالات الشحن المرخص لها بالعمل مع العملاء الذين يضطلعون بأعمال الشحن في موانئها، وفق الوثائق.

وفي هذا الصدد قالت إحدى شركات تجارة السلع: "هذه العروض لا تتطابق مع قواعد الامتثال في الكثير من شركات النفط الأخرى، فهي مخاطرة، وستصب في مصلحة بعض الشركات دون أخرى".

موقع نفطي تابع لشركة النفط الوطنية الفنزويلية
موقع نفطي تابع لشركة النفط الوطنية الفنزويلية - الصورة من ماركيت ووتش

النفط الفنزويلي يهدد الكندي

من ناحية أخرى يستعد اثنان من مشتري صادرات الخام الثقيل الكندي الرئيسين من ساحل الخليج الأميركي، لتعزيز وارداتهما من الخام الفنزويلي في أعقاب رفع مؤقت للعقوبات المفروضة على كاراكاس، ما قد يحل محل إمدادات الخام الكندية، وفق ما أورده موقع أرغوس ميديا (argus media).

واستأثرت مصفاة جييانغ Jieyang التابعة لشركة بتروتشاينا PetroChina الصينية، التي تلامس سعتها الإنتاحية 400 ألف برميل يوميًا في مقاطعة قوانغدونغ بجنوب الصين، بما نسبته 23.1% من صادرات شركات كولد ليك (Cold Lake)، وأكسس ويسترن بليند (Access Western Blend)، وكريستينا ديلبيت (Christina Dilbit)، من ساحل الخليج الأمريكي في المدة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب (2023)، وفقًا لبيانات صادرة عن شركة التحليلات فورتيكسا Vortexa، رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

كما تستحوذ مصفاة قرطاجنة التابعة لشركة ريبسول (Repsol) الإسبانية التي تصل سعتها الإنتاجية إلى 220 ألف برميل يوميًا، على ما نسبته 17.5%.

وتنخرط كلتا المصفاتين في مفاوضات لزيادة شحناتهما من النفط الفنزويلي الثقيل ذي الجودة المشابهة، بعدما رفعت الولايات المتحدة الأميركية مؤقتًا بعض العقوبات التي تستهدف صناعة النفط والغاز في فنزويلا لمدة 6 شهور تنتهي في 18 أبريل/نيسان (2024).

بتروتشاينا وريبسول تتأهبان

من المرجح أن تشتري بتروتشاينا (PetroChina) ما يتراوح من 260 ألفًا إلى 300 ألف برميل يوميًا من الخام من شركة النفط الوطنية الفنزويلية، وفق تجار.

ومن الممكن أن تحل تلك المشتريات محل نظيراتها كافة من النفط الخام الثقيل الكندي الذي اشترته مصفاة جييانغ في الأشهر الـ8 الأولى من عام 2023.

وفي إسبانيا تعمل ريبسول مع شركة النفط الوطنية الفنزويلية لزيادة إنتاج النفط والغاز في مشروعاتها المشتركة في فنزويلا.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة ريبسول جوسون جون إيماز، إنه "من المتوقع أن يُسهم تخفيف العقوبات الأميركية في زيادة إتاحة الخام الثقيل بالنسبة للمصافي لدينا"، في تصريحات أدلى بها في 26 أكتوبر/تشرين الأول (2023).

واستقبلت مصفاة قرطاجنة 241 ألف برميل يوميًا في المتوسط من واردات الخام الكندي الثقيل خلال المدة بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب (2023).

وكانت ريبسول قد استأنفت وارداتها من النفط الفنزويلي العام الماضي (2022) بموجب اتفاق النفط مقابل الديون بين ريبسول وشركة بي دي في إس إيه المملوكة للدولة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق