ما تكلفة السيارات الكهربائية.. وهل يسبب توقف نموها أزمة طاقة؟ (صوت)

يرى مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن تكلفة السيارات الكهربائية المرتفعة تجعل الأغنياء فقط هم من يمكنهم أن يشتروها.

وأوضح الحجي، في حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة" بمنصة "إكس" قدّمها بعنوان "توقّف نمو السيارات الكهربائية سيسبّب أزمة طاقة عالمية"، أن الأغنياء سيحصلون على حوافز بقيمة 8 آلاف و500 دولار من الحكومة الأميركية وأموال دافعي الضرائب، الذين هم من متوسطي الدخل والفقراء.

وأضاف: "من ثم، ننتهي إلى فجوة الدخل، إذ سيدعم الفقراء الأغنياء، ويسهمون في تكلفة السيارات الكهربائية، كما أن كثرة عدد السيارات الكهربائية -وفق دراسة أجرتها مؤسسة بحثية في تكساس- تمثّل ضغطًا على الشبكة، وهذا الضغط يزيد في أوقات حرجة، مثل الحر أو البرد الشديدين".

ولفت إلى أن ولاية كاليفورنيا، التي تعدّ الأكثر اخضرارًا في أميركا من حيث السياسات، ومتطرفة جدًا بشأنها، وهي نفسها التي تشجع على السيارات الكهربائية، كان أول طلب تطلبه من الناس في أوقات الذروة بفصل الصيف أن يتوقفوا عن شحن سياراتهم.

الضغط على الشبكة وارتفاع التكاليف

يقول الدكتور أنس الحجي، إن زيادة الضغط على الشبكة ترفع تكلفة السيارات الكهربائية على الشركات بشكل كبير، خاصة عندما تكون درجات الحرارة مرتفعة.

وأضاف: "هناك إشكال كبير في الدول الأوروبية الداعمة للتغير المناخي، وفي دول مثل أميركا، وحتى وفي ولاية تكساس، عندما ترتفع الحرارة كثيرًا، وتصبح درجة الحرارة 43 أو 44، بسبب عدم وجود هواء، إذ تتوقف طاقة الرياح".

ولفت إلى أن ولاية تكساس فيها أكبر سعة من طاقة الرياح في أميركا، لذلك عندما يتوقف الهواء تتوقف الطاقة، ويكون الحل اللجوء إلى محطات توليد الكهرباء بالغاز، ولكن لا يستطيعون الحصول عليها إلّا إذا ارتفعت الأسعار بشكل كبير.

وضرب الدكتور أنس الحجي مثالًا، قائلًا، إنه في الأحوال العادية يكون سعر الكيلوواط بحدود 100 دولار، وعندما تتوقف الرياح يرتفع السعر إلى أكثر من 3 آلاف دولار، لافتًا إلى أن الدراسة استنتجت أن تكلفة السيارات الكهربائية تزيد بسبب زيادة الطلب على الكهرباء بحدود 12 ألف دولار لكل سيارة، على مدى 10 سنوات، أي 1200 دولار سنويًا.

وتابع: "هذه الـ1200 دولار غير محسوبة في أيّ مكان، وهناك إشكالات كثيرة في هذا الموضوع، من بينها أن نحو 10 آلاف و500 دولار تكاليف للشبكة وشركات الكهرباء لا يدفعها مشتري السيارة الكهربائية على مدى 10 سنوات، ونحو 4 آلاف و900 دولار فقط في ولاية كاليفورنيا لا يدفعها مالك السيارة الكهربائية، بينما يدفعها دافع الضرائب".

بالإضافة إلى تلك البنود ضمن تكلفة السيارات الكهربائية في ولاية كاليفورنيا، قال الحجي، إن هناك بحدود 3300 دولار بسبب إعانات وشروط من وكالة حماية البيئة الأميركية، ونحو 19 ألفًا و900 دولار على شكل ائتمانات كربونية.

مقارنة مع سيارات الديزل والبنزين

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إنه عند النظر بأرقام تكلفة السيارات الكهربائية، ومقارنتها مع سيارات البنزين، نجد أن التكلفة الحقيقية مختلفة تمامًا.

وأضاف: "سعر غالون البنزين حاليًا في الولايات المتحدة -في المتوسط- يبلغ 3.60 دولارًا، فإذا أخدنا التكلفة للسيارة الكهربائية وحولناها لسيارات بنزين تصبح تكلفة الغالون 17 دولارًا، لذلك فإن من يروّجون للسيارات الكهربائية على أنها أفضل وأرخص، يعرفون أنها كذلك لمن يشتريها، ولكن ليس للمجتمع".

أوضح الدكتور أنس الحجي أن تكلفة السيارات الكهربائية بالنسبة للمجتمع هائلة جدًا، فإلى جانب البنود المذكورة هناك تكلفة التأمين، والتكاليف غير المحسوبة، بالإضافة إلى أن السيارات الكهربائية ثقيلة جدًا، ويبلغ متوسط الزيادة في الوزن لهذه السيارات -مقارنة بمثيلتها التقليدية- نحو 500 كيلوغرام.

وتابع: "فلو أن مئات الألوف، وربما لاحقًا مئات الملايين، من السيارات الكهربائية على الطرق التي لا تتحمل هذه الأوزان، ستكون هناك أزمة، والأزمة هنا ليست في الطرق نفسها، ففي الرياض وبعض المدن الخليجية هناك مواقف سيارات من أدوار عدّة، مصممة لأوزان معينة، فإذا تحولت كل السيارات إلى كهربائية، ستنهار المواقف، وهناك حوادث من هذا النوع بالفعل، إذ سقطت المواقف فوق رؤوس الناس".

ولفت إلى أن هناك بنودًا أخرى من تكلفة السيارات الكهربائية لم تُحسب، منها تبديل الإطارات، وهي أغلى بكثير من معدل تغيير إطارات سيارات البنزين، لأن وزنها الثقيل يجعل استهلاكها للإطارات أكبر، ولكن هناك محاولات لإقناع الناس بأنها أفضل بيئيًا، ولكنهم لا يحسبون الإطارات، وهي مصنوعة من النفط.

وأردف: "من ضمن الأشياء غير المحسوبة -أيضًا-، أن السيارات الكهربائية وبطارياتها تتطلب معادن، وهذه المعادن تتطلب مناجم ضخمة، وهذه المناجم لها آثار بيئية كبيرة، ولكن يبدو أن الأوروبيين والأميركيين لا مشكلة لديهم ما دامت المناجم موجودة في دول فقيرة بأفريقيا أو أماكن أخرى".

هل يسبب توقف النمو أزمة طاقة؟

قال الدكتور أنس الحجي، إنّ توقُّف نمو السيارات الكهربائية يعني زيادة مفاجئة في الطلب على البنزين والديزل، بينما ليست هناك كميات كافية منها في السوق.

من ثم، وفق الدكتور أنس الحجي، سيعاني العالم من أزمة طاقة ضخمة، ربما لعامين أو 3 وربما 4 أعوام، لحين حل هذه الأمور، ولكن الفكرة هنا أن الطلب على النفط والبنزين والديزل سيستمر، ومن ثم ستكون أزمة الطاقة مضاعفة، لأن هناك في الأصل نقصًا في الاستثمارات.

ولكن الكارثة الأكبر، بحسب الحجي، ستكون بسبب فشل بعض سياسات التغير المناخي، وتوقّف نمو السيارات الكهربائية، مضيفًا: "من غرائب القدر أنّ إنتاج أميركا من النفط الصخري بلغ 13 مليون برميل من 8.2 مليون برميل، وكثير من المحللين وإدارة معلومات الطاقة توقعوا توقُّف نمو إنتاج النفط الصخري".

وتابع: "إذا كان الحديث عن توقُّف نمو السيارات الكهربائية يومًا ما في المستقبل يعني زيادة الطلب على البنزين، فإن زيادة الطلب على البنزين تعني حياة جديدة للنفط الصخري الأميركي، لأنه من النوع الخفيف الحلو الذي ينتج كميات كبيرة من البنزين، ومن ثم سيكون الأمر لصالح منتجي النفط الأميركيين".

ولفت إلى أن الصين تركّز بشكل كبير على إنتاج وبيع كميات ضخمة من السيارات الكهربائية إلى دول مختلفة، لا يمكن تسميتها نامية وإنما "متخلفة"، ولكن هذه السيارات -التي تأتي بقوة 8 أو 6 سلندر- أشبه بالسيارات "سوزوكي" الصغيرة جدًا بقوة 2 سلندر.

وأوضح أن الصين ترسل هذه السيارات إلى دول في أميركا اللاتينية وأفريقيا، وهناك محاولات لنشر بعض هذه السيارات في أوروبا، ولكن هناك ردة فعل قوية من الأوروبيين، مضيفًا: "وجدنا في وقت ما الحكومة البريطانية تتكلم عن التجسس، والاتحاد الأوروبي الآن يحاول التخلص من السيطرة الصينية".

واستبعد الحجي دخولًا كبيرًا للسيارات الكهربائية الصينية إلى الولايات المتحدة، خاصة بعد دعم بايدن لشركات السيارات الكهربائية الأميركية الـ3 لمنافسة الصين.

موضوعات متعلقة..

• مقارنة بين تكلفة السيارات الكهربائية والعاملة بالبنزين
• متى تتساوى تكلفة السيارات الكهربائية مع التقليدية؟
• مرسيدس بنز تصدم مؤيدي السيارات الكهربائية بشأن حقيقة التكلفة

اقرأ أيضًا..

• إينوك لينك.. أول محطة وقود متنقلة تعمل بالطاقة الشمسية في العالم
• الغاز الطبيعي يمثل 24% من مزيج الطاقة بحلول 2050 (تقرير)
• كاتب بريطاني: فضائح التحول الأخضر تكشف عن تبديد المليارات في الهواء