تقارير النفطرئيسيةنفط

محللون: صفقات النفط والغاز الكبرى قد تعزز الجهود المناخية

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • صفقات النفط والغاز تدعم جهود تحول الطاقة
  • صفقات النفط والغاز الكبرى تواجه انتقادات لاذعة
  • كبار المشغّلين الذين يمتلكون رؤوس أموال كافية لديهم موارد لتمويل برامج خفض الانبعاثات
  • إكسون لديها الأموال والتحفيزات لخفض انبعاثاتها الكربونية
  • تتمتع شركات النفط والغاز الكبرى بالمرونة المالية والمهارات الهندسية لخفض شدة الانبعاثات الكربونية

على نحو غير متوقع، قد تُسهم صفقات النفط والغاز الكبرى في تعزيز الجهود الرامية إلى تسريع تحول الطاقة، وذلك عبر التقنيات التي تَحرص الكيانات الجديدة -التي تشكلت من صفقات الدمج والاستحواذ- على استعمالها، لخفض الانبعاثات الكربونية المنطلقة من عملياتها التجارية؛ ما يُسهم في النهاية بتحقيق أهداف الحياد الكربوني.

ولطالما واجهت تلك الصفقات من العيار الثقيل سيلًا من الانتقادات، على أساس تراجع الجدوى الاقتصادية للأصول المتضمنة في تلك المشروعات، على المدى الطويل، وسط توجّه عالمي متزايد لاستبدال مصادر الطاقة المتجددة بنظيرتها التقليدية الحساسة بيئيًا، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وفي ضوء هذا السيناريو، يرى المحللون أن صفقات النفط والغاز الكبرى قد تؤدّي دورًا كبيرًا في المعركة التي يخوضها العالم لمكافحة انبعاثات غازات الدفيئة، وذلك على خلفية صفقتين ضخمتين أُبرمتا في الولايات المتحدة الأميركية في أكتوبر/تشرين الأول (2023)، وفق ما أوردته منصة "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights).

وتتمتع شركات النفط والغاز الكبرى بالمرونة المالية والمهارات الهندسية لخفض شدة الانبعاثات الكربونية من عملياتها، غير أنها تواجه مخاطر أن تصبح عالقةً في عمليات النفط والغاز والبنية التحتية التي ربما لا تكون ضرورية في ظل مستقبل منخفض الكربون.

صفقتا إكسون موبيل وشيفرون

في 11 أكتوبر/تشرين الأول (2023)، قالت إكسون موبيل (Exxon Mobil)، عملاقة الطاقة الأميركية، إنها قد توصلت إلى اتفاقية نهائية لشراء شركة بيونير ناتشورال ريسورسيز (Pioneer Natural Resources ) العاملة في حوض برميان، نظير نحو 60 مليار دولار، في أكبر استحواذ من قبل الأولى منذ أكثر من عقدين.

وبعد أقل من أسبوعين من إعلان إكسون موبيل، أعلنت مواطنتها الأميركية شيفرون (Chevron) توصّلها إلى اتفاقية لشراء شركة هيس كورب (Hess Corp)، نظير 53 مليار دولار.

وقال منتقدو الاتفاقيتين، إنه من غير المجدي بالنسبة للمستثمر أن يشتري أصولًا محفوفة بالمخاطر في وقت تتضاءل فيه الحاجة إلى إبرام مزيد من صفقات النفط والغاز، في ظل توجّه متزايد نحو استعمال مصادر الطاقة المتجددة ضمن إطار مساعٍ أوسع لتحقيق أهداف الحياد الكربوني.

في المقابل، اتفق بعض المحللين مع الشركات على أن كبار المشغّلين الذين يمتلكون رؤوس أموال كافية لديهم موارد لتمويل برامج خفض الانبعاثات والتقنيات على نطاق واسع.

وفي هذا السياق، تساءل محلل النفط والغاز في جيفيريز (Jefferies) لويد بيرن: "أين التحسن الأكبر الذي من المرجح أن يحدث في صفقات النفط والغاز الصغيرة، التي تُباع فيها الشركات الخاصة إلى نظائرها العامة؟ من يخضع للمساءلة من قبل المستثمرين؟ ومن يخضع للتقييم من قبل الخبراء الاستشاريين؟".

وأوضح بيرن: "الشركات الخاصة اعتادت على أن تستأثر بما نسبته 50% من إنتاج النفط الصخري بالولايات المتحدة الأميركية، وهذا تراجع ملحوظ، مع تزايد اندماج القطاع الخاص في القطاع العام"، وفق تصريحات أدلى بها عبر البريد الإلكتروني إلى "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس"، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

موظفة تباشر عملها في منشأة تابعة لشركة إكسون موبيل
موظفة تباشر عملها في منشأة تابعة لشركة إكسون موبيل - الصورة من الموقع الرسمي للشركة

أسعار الصفقات منخفضة

لم تُخطط أيّ من شركات النفط والغاز الكبرى لخفض نطاق عملياتها التجارية الرئيسة، غير أنها تمضي في زيادة المخصصات المالية الموجهة نحو مصادر الطاقة المتجددة، وتقنية الطاقة النظيفة، وفق ما قاله محلل النفط والغاز والطاقة المتجددة بافيل مولكانوف في تصريحات عبر البريد الإلكتروني.

وأضاف مولكانوف: "هذه الاستثمارات تمثّل الأموال الحقيقية المخصصة لكبح انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون؛ تمهيدًا للوصول إلى أهداف الحياد الكربوني".

وتُبرَم صفقات النفط والغاز نظرًا لانخفاض التقييمات السعرية لتلك الصفقات، إضافة إلى تراجع قيمة الشركات، بحسب مولكانوف.

تخارج المستثمرين

اضطُّر بعض المستثمرين المؤسسين إلى التخارج من أسهم النفط والغاز لاعتبارات بيئية، وتُعدّ تلك رياحًا معاكسة لأسعار الأسهم، وفق مولكانوف.

وستضيف إكسون موبيل وشيفرون مزيدًا من أصول النفط والغاز الصخري البرية حال إنجاز صفقات النفط والغاز التي أعلنتاها مؤخرًا، والتي من المخطط إنهاؤها في النصف الأول من العام المقبل (2024)

ومن السهل نسبيًا بدء وقف عمليات استخراج النفط والغاز، خلافًا لعمليات النفط والغاز البحرية التي تتمتع -عادة- بعمر وظيفي يستمر لعقود، وتمثّل مليارات الدولارات من الإنفاق الرأسمالي.

وتشجع كاربون تراكر إنيشاتيف Carbon Tracker Initiative -وهي مؤسسة مالية بحثية تركز على المناخ- المشغّلين على شراء تلك الأصول الصخرية.

وكاربون تراكر إنيشاتيف هي منظمة غير ربحية تعمل على مواءمة أسواق رأس المال مع خطة السياسة العامة بشأن تغير المناخ، وتبحث خصوصًا في التداعيات المالية للتحول إلى مصادر الطاقة منخفضة الكربون على المجتمع.

دورة إنتاج قصيرة

قال كبير محللي أبحاث الشركات لقطاع النفط والغاز في أميركا الشمالية في كاربون تراكر إنيشاتيف، نيل كواتش: "نحن نطالب شركات النفط والغاز بضخّ مزيد من الاستثمارات في دورة قصيرة من الإنتاج من شأنها أن تخفض المخاطر التي تتعرض لها في عملية تحول الطاقة؛ نظرًا لأنها تقلل فرص إنتاج النفط الذي سيؤثّر في سيناريو انخفاض الطلب بتحول الطاقة"، في مقابلة شخصية طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأضاف كواتش: "أقول -أيضًا-، إن شركات النفط والغاز الكبيرة تميل بوجه عام لأن تُظهر أداءً أفضل في تحقيق أهداف الانبعاثات".

موظفة في موقع نفطي تابع لشركة شيفرون
موظفة في موقع نفطي تابع لشركة شيفرون - الصورة من الموقع الرسمي للشركة

خفض الانبعاثات

جعلت شيفرون وإكسون مستهدف خفض الانبعاثات جزءًا من إعلاناتهما بشأن الصفقات والعروض التقديمية، وفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وفي هذا الصدد، أشار الناطق باسم شيفرون برادن ريدال إلى خفض نسبته 50% في انبعاثات غاز الميثان بحلول عام 2028.

وبالمثل، قال الناطق باسم إكسون موبيل ميشيل غراي في 6 نوفمبر/تشرين الثاني (2023)، إن الشركة قد عدّلت موعد تحقيق مستهدف بايونير بخصوص الحياد الكربوني في حوض برميان بواقع 15 عامًا، ليصبح في عام 2035 بدلًا من 2050.

وأضاف غراي: "صفقات الدمج المخطط لها تُسهم في تعزيز تحول الطاقة عبر جلب أفضل التقنيات والكفاءة التشغيلية إلى مصدر مهم من الإمدادات المحلية".

وتابع: "العمليات المجمعة ستكون أكثر كفاءةً، وأقلّ في الآثار البيئية الضارة".

بدوره، قال المدير التنفيذي لأبحاث وتحليلات الأسهم في منصة "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" ليسل برينكر، إن إكسون لديها الأموال والتحفيزات لخفض انبعاثاتها الكربونية، لا سيما في حوض برميان.

وأضاف برينكر: "هناك دافع أكبر بكثير لدى الشركات الكبرى المندمجة لتقليص انبعاثاتها الكربونية، والوصول إلى أهداف الحياد الكربوني؛ لأن المستثمرين يطالبون كثيرًا الشركات المندمجة بتحقيق مزيد من أهداف الانبعاثات العدائية".

من جهته، قال مدير شؤون المناخ والطاقة في صناعة النفط والغاز لمجموعة الدفاع عن المستثمرين سيريس (Ceres) آندرو لوغان، إن العالم سيحتاج إلى الحدّ من الانبعاثات الكربونية، وصفقات النفط والغاز الكبيرة تحوّل المواد الهيدروكربونية من جيب إلى آخر.

غير أن أهداف الانبعاثات في الأخبار المتعلقة بالصفقات هي علامة على تأثير المستثمرين، وفق تصريحات لوغان.

وتابع: "في تلك البيئة، صفقات الدمج تكون منطقية جدًا".

وأشار لوغان إلى أن التحول إلى الطاقة منخفضة الكربون "ستتّسم بالفوضى، وربما سيكون هذا التحول أطول مما يعتقده أحد".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق