الطاقة المهدرة في نقل الهيدروجين قد تصل إلى النصف.. أوابك تفاجئ الجميع
ياسر نصر
كشف دراسة حديثة عن أن الطاقة المهدرة في نقل الهيدروجين وتصديره قد تصل إلى النصف في بعض الخيارات والمسارات المقترحة للوقود الذي تعوّل عليه الكثير من الدول لأداء دور حيوي في خفض الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني.
وأكّدت الدراسة التي تنشرها حصريًا منصة الطاقة المتخصصة، أن نقل الهيدروجين يشَكِّل عاملًا مؤثرًا في الاعتماد عليه بوصفه مصدرًا للطاقة في المستقبل بسبب احتياجات الطاقة الكبيرة التي تتطلبها والتي تشكل في النهاية طاقة مهدرة.
"لكل طريقة من طرق نقل الهيدروجين مزايا خاصة وعيوبًا أيضًا قد تحد من التوسع في استعمالها، استنادًا إلى كثافة التخزين، وكثافة الطاقة، وعدد العمليات المطلوبة التي تستهلك بدورها قدرًا من الطاقة، ومن ثم تؤثر في كفاءة سلسلة توريد الهيدروجين إلى السوق المستوردة"، حسبما جاء في الدراسة التي أعدّها خبير الصناعات الغازية بمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك" المهندس وائل حامد عبدالمعطي.
وتتضمّن مسارات نقل الهيدروجين 4 طرق رئيسة، في مقدمتها النقل عبر خطوط الأنابيب بعد ضغطه (هيدروجين مضغوط)، كما هو الحال في خطوط نقل الغاز الطبيعي، أو إسالته إلى هيدروجين مسال عند -253 درجة مئوية ونقله عبر الناقلات، أو تحويل الهيدروجين إلى أمونيا سائلة ونقله بالناقلات، كما يمكن نقل الهيدروجين عبر تحويله إلى مركبات عضوية سائلة ونقلها بالناقلات ثم نزع الهيدروجين منها في ميناء الاستقبال، مثل مادة الميثيل سيكلوهكسان.
حساب الطاقة المهدرة في نقل الهيدروجين
استعرضت دراسة خبير أوابك حول "نقل الهيدروجين وتصديره.. الخيارات والمعوقات" طريقة لحساب كميات الطاقة في نقل الهيدروجين وفقًا لخيارات ومسارات النقل المقترحة للوقود النظيف.
وأشارت إلى أن جميع عمليات نقل الهيدروجين تستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة، وهو ما يتطلب تكاليف تشغيل عالية، تضاف إلى تكاليف إنتاج الهيدروجين نفسه؛ الأمر الذي يستلزم معرفة الجدوى الاقتصادية حسب حالة كل مشروع لتحديد الخيار الأمثل لتصدير إنتاجه من الهيدروجين بعد الأخذ في الاعتبار الكمية المراد نقلها وبُعد المسافة عن مراكز الطلب.
يقول المهندس وائل حامد عبدالمعطي: "إن نقل 1 كغم من الهيدروجين (الذي يحتوي على 119.93 ميجاغول) عبر خطوط الأنابيب، يستهلك نحو 10 ميجاغول في مرحلة النقل، أي ما يعادل نحو 7% من طاقة الهيدروجين المنقول، وهي الأقل مقارنة بباقي البدائل".
وأضاف: "يصل استهلاك الطاقة إلى 31% من طاقة الهيدروجين المنقول في حالة الأمونيا، أما في حالة الميثيل سيكلو هكسان؛ فتبلغ الطاقة المطلوبة نحو 37.6% من طاقة الهيدروجين المنقل".
وأشار إلى أن الطاقة المهدرة في نقل الهيدروجين تصل إلى أعلى قيمة لها في حالة الهيدروجين المسال التي قد تصل إلى 49.3% من طاقة الهيدروجين المنقول.
نقل الهيدروجين وتصديره
أشارت دراسة خبير أوابك، التي تُعَد الأولى من نوعها، وتنشرها حصريًا منصة الطاقة المتخصصة، إلى أن عدد العمليات التي تدخل على كل مسار من مسارات نقل الهيدروجين تؤثر في كميات الطاقة المهدرة، موضحًا أن عدد العمليات يكون أقل في حالة نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب لعدم وجود عمليات إعادة تحويل عند وصوله إلى السوق المستوردة.
وأشار عبدالمعطي إلى ضخ الهيدروجين بضغط عالٍ في الشبكة المحلية حسب المواصفات القياسية المتبعة، للوصول إلى القطاعات أو التطبيقات المستهلكة له.
وقال إنه في المسارات الأخرى الحاملة للهيدروجين، يكون عدد العمليات أكبر في سلسلة التوريد بسبب وجود عمليات لتحويل الهيدروجين من صورة إلى صورة أخرى، ثم إعادة التحويل مجددًا في السوق المستوردة.
وأوضح أنه قد تضم السلسلة في بعض الحالات عمليات تنقية، للحصول على الهيدروجين النقي القابل للاستعمال، وجميع تلك العمليات تحتاج إلى طاقة، وقد يصاحبها فقد نتيجة التبخر في أثناء عمليات التخزين والتداول.
ففي حالة الهيدروجين المسال، تتم عملية التحويل عبر إسالته في منشأة التصدير، ثم إعادة التحويل بعد تبخيره في ميناء الاستقبال إلى هيدروجين في الحالة الغازية، وكذلك في حالة الأمونيا والمواد العضوية السائلة الحاملة للهيدروجين، يتم التحويل إلى أمونيا أو ميثيل سيكلو هكسان، ثم إعادة التحويل إلى هيدروجين في الحالة الغازية، تعقبها عملية تنقية للتخلص من الشوائب الموجودة مع الهيدروجين، من أجل الحصول على منتج نقي مطابق للمواصفات.
الجدول التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، يوضّح المراحل التي يمر بها الهيدروجين عبر مسارات النقل المختلفة:
بدائل نقل الهيدروجين
شدّدت دراسة أوابك على أن كثافة التخزين الحجمية تُعَد من الخصائص الفيزيائية المهمة في المقارنة بين بدائل نقل الهيدروجين.
وتعرف الكثافة بأنها كمية الطاقة الكامنة في الهيدروجين لوحدة الحجم (ميجاغول لكل متر مكعب أو ميجاغول لكل لتر)، وتتغير بتغير ظروف الضغط والحرارة التي يُخزن أو يُنقل عندها الهيدروجين؛ فكلما ارتفع الضغط؛ ارتفعت قيمة كثافة الطاقة.
ويعد الميثيل سيكلو هكسان الأقل في كثافة التخزين الحجمية؛ إذ يحتوي 1 متر مكعب منه على 47.1 كيلوغرامًا من الهيدروجين، وترتفع في حالة الهيدروجين المضغوط (ضغط 100 بار، ودرجة حرارة 25 درجة مئوية) إلى 49.4 كيلوغرامًا من الهيدروجين.
ويحتوي واحد متر مكعب من الهيدروجين المسال على 70.8 كيلوغرامًا من الهيدروجين؛ أما في حالة الأمونيا، فيحتوي واحد متر مكعب منها على 120 كغم من الهيدروجين، وهي القيمة الأعلى مقارنة بباقي المواد الأخرى.
وأشار خبير أوابك في دراسته حول "نقل الهيدروجين وتصديره" إلى أنه على الرغم من التفاوت في كثافة التخزين الحجمية؛ فإن ثمة عوامل وخصائص أخرى ضرورية في المقارنة بين هذه البدائل، ومنها درجة الغليان (عند الضغط الجوي) التي تحدد كمية فاقد التبخر في أثناء تخزين الهيدروجين ونقله؛ فكلما ارتفعت درجة الغليان للمنتج؛ قَلَّ فاقد التبخر منه في أثناء النقل والتخزين.
وأوضح أنه على الرغم من أن الميثيل سيكلو هكسان الأقل في كثافة التخزين الحجمية؛ فإنه الأعلى في درجة الغليان التي تبلغ 101 درجة مئوية؛ الأمر الذي يقلل بشكل فعّال من فاقد التبخر على طول سلسلة التوريد الذي قد يتراوح بين 2.26 و2.56% من كمية الهيدروجين المنقول على طول السلسلة؛ كونه يظل سائلًا في درجات الحرارة العادية، كما أن الميثيل سيكلو هكسان لا يحتاج إلى استهلاك طاقة للحفاظ عليه في حالته السائلة، ويرتفع فاقد التبخر إلى 0.14-4% في حالة الهيدروجين المسال، ويصل في حالة الأمونيا إلى 1.42-2.66%.
يجب عند المقارنة بين بدائل نقل الهيدروجين الأخذ بعين الاعتبار الطاقة المستعملة في عملية التحويل (الإسالة، الهدرجة، تصنيع الأمونيا) وإعادة التحويل (التبخير، نزع الهيدروجين، تكسير الأمونيا)، وعملية التحميل والتفريغ في المواني، حسبما جاء في الدراسة.
ويقول خبر أوابك المهندس وائل حامد: "حتى تسهل المقارنة، يمكن الأخذ في الاعتبار كمية الطاقة المستعملة (ميجاغول) لكل كيلوغرام من الهيدروجين المنتج، علمًا بأن واحد كيلوغرام من الهيدروجين يحتوي على 119.93 ميجاغول".
وأضاف: "في حالة نقل واحد كيلوغرام من الهيدروجين في صورة غاز مضغوط باستعمال خطوط الأنابيب؛ فإن إجمالي الطاقة المطلوبة لضخ الهيدروجين يقدر بنحو 10 ميجاغول/كغم هيدروجين، وهي القيمة الأقل مقارنة بباقي بدائل النقل الأخرى".
وأشار إلى أن إجمالي الطاقة المطلوبة في حالة الهيدروجين المسال نحو 17.26-59.16 ميجاغول/كيلوغرام من الهيدروجين، بسبب الطاقة المستهلكة في مرحلة إسالة الهيدروجين، وتحميله على الناقلات، وفاقد التبخر في أثناء الرحلة، والطاقة المطلوبة لإعادة تحويله مجددًا إلى الحالة الغازية في بلد الوصول.
ويُقدَّر إجمالي الطاقة المبذولة لنقل الهيدروجين على صورة أمونيا بنحو 37.4 ميجاغول/كيلوغرام من الهيدروجين، وهي أعلى من الهيدروجين المضغوط لكنها أقل من نقله على صورة الميثيل سيكلوهكسان، والتي تحتاج إلى 45.17 ميجاغول/كغم من الهيدروجين.
موضوعات متعلقة..
- نقل الهيدروجين وتصديره عبر خطوط الغاز الجزائري يوفر 10% من احتياجات أوروبا
- خطوط أنابيب الغاز المستعملة تنقل الهيدروجين من بحر الشمال قبل 2030 (دراسة)
اقرأ أيضًأ..
- أسعار البنزين في مصر ترتفع 14%.. الأكبر منذ تحرير الوقود
- أرباح شركات النفط الكبرى في الربع الثالث 2023 (إنفوغرافيك)
- إسرائيل تستأنف ضخ الغاز إلى مصر تدريجيًا.. وطفرة خلال 24 ساعة (تحديث)