تقرير يتهم شركات الوقود الأحفوري بتعمد تلويث أنظمة الغذاء العالمية
محمد عبد السند
- شركات الوقود الأحفوري متجذرة في أنظمة الغذاء العالمية
- التحول إلى الطاقة المتجددة ضروري لنظام غذائي عالمي صحي
- إنهاء العلاقة بين صناعة الوقود الأحفوري وأنظمة الغذاء ضروري لمواجهة أزمة المناخ
- يمكن أن تستهلك صناعة الألبان فائقة المعالجة كهرباء بمعدل يزيد 10 مرات عن الحليب الطازج
- من المهم تكثيف التعاون بين صناع السياسة والمستثمرين والممولين والمجتمع المدني
يرى تقرير بحثي أن العلاقة بين شركات الوقود الأحفوري وأنظمة الغذاء العالمية غير شرعية، محذرًا من التباطؤ في إنهائها، عبر التحول إلى استعمال الطاقة المتجددة في زراعة الأغذية ومعالجتها وتعبئتها، تجنبًا لتداعيات كارثية على صحة البشر والمناخ.
يأتي هذا في ظل وجود حاجة إلى كميات كبيرة من مصادر الوقود الأحفوري لتشغيل الآلات الزراعية الثقيلة، وتجهيز الأغذية، وتبريد الأطعمة في أثناء النقل، وإنتاج مواد التعبئة والتغليف، وتصنيع المدخلات الكيميائية ونقلها مثل الأسمدة والمبيدات الحشرية، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي ضوء تلك الخلفية الباعثة على القلق، حذر تقرير حديث من أن شركات الوقود الأحفوري أضحت متغلغلة في إمدادات الغذاء العالمية، مشيرًا إلى أن كيانات النفط والغاز الكبرى في العالم تتجه إلى إبقاء آثارها على المنتجات الغذائية خلال العقود المقبلة.
وأظهرت نتائج التقرير، أن قرابة 15% (ما يعادل 4.6 غيغاطن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون) من مصادر الوقود الأحفوري المستعملة سنويًا حول العالم لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بإنتاج الغذاء وعمليات النقل والتخزين، ما يزيد على الانبعاثات الكربونية المنطلقة من دول الاتحاد الأوروبي وروسيا مجتمعة.
ويمثّل التقرير الصادر عن مؤسسة "غلوبال آليانس فور زا فيوتشر أوف فوود" (Global Alliance for the Future of Food)، وشركة دالبرغ أدفايزورز (Dalberg Advisors) الاستشارية، المرة الأولى التي يجري فيها تحليل سلسلة إمدادات الغذاء بالكامل.
شركات النفط والغاز تناور
بينما تقود مصادر الطاقة المتجددة الهبوط في حجم الانبعاثات من قطاعي النقل والطاقة، يقول باحثون إن شركات الوقود الأحفوري "تناور من أجل مواصلة اعتماد الغذاء على المبيدات الحشرية والأسمدة والتعبئة البلاستيكية القائمة كلها على الوقود التقليدي".
ومن المتوقع أن يقود البلاستيك المستهلك بكثافة في تعبئة المواد الغذائية قرابة نصف نمو الطلب على النفط بحلول أواسط القرن الحالي (2050)، وفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأشار التقرير إلى أن المواد البلاستيكية والأسمدة تشكلان ما نسبته 40% من المنتجات البتروكيميائية.
وقال الباحثون، إن شركات الوقود الأحفوري قد أدركت قدرتها على النمو في صناعة الغذاء العالمية، مؤكدين أن لديها "مصالح خاصة في الحفاظ على الوضع الراهن".
معضلة الوقود الأحفوري
قال مدير البرنامج في "غلوبال آليانس فور زا فيوتشر أوف فوود" باتي فونغ، إن "أنظمة الأغذية الصناعية لديها مشكلة تتعلق بالوقود الأحفوري".
وأوضح فونغ: "التحول العاجل إلى مصادر الطاقة المتجددة، وتبني أساليب الزراعة المتجددة والزراعة الإنتاجية، ليس ضرورة بيئية فحسب، وإنما ضرورة حتمية للقدرة على مواكبة التكاليف، وتحقيق الأمن الغذائي، وتوفير فرص عمل، وتعزيز الصحة العامة، ومواجهة الجوع".
وتابع: "ولمنع انفجار أزمة مناخية كارثية، نحتاج إلى تخليص أنظمتنا الغذائية -إلى جانب القطاعات الاقتصادية الأخرى- فورًا من المواد المُنتَجَة من قبل شركات مصادر الوقود الأحفوري".
وواصل فونغ: "التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري نحو الطاقة المتجددة لن يحمي كوكبنا فحسب، وإنما سيجعل الغذاء ميسورًا أكثر".
ارتفاع متوقع في الطلب على الغذاء
توقع التقرير أن يسجل الطلب على الغذاء صعودًا بما يتراوح من 35-56% بحلول عام 2050، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
في غضون ذلك، حذر التقرير من أن مبيعات الأغذية المعالجة والمعبأة تستهلك كمية أكبر من الكهرباء، مقارنةً بالأغذية كلها.
فعلى سبيل المثال: يمكن أن تستهلك صناعة الألبان فائقة المعالجة كهرباء بمعدل يزيد 10 مرات، مقارنةً بالحليب الطازج، وفق ما أظهرته دراسة بحثية منفصلة نُشرت نتائجها في عام 2019.
علاقة غير شرعية
يؤكد التقرير أن إنهاء العلاقة بين شركات الوقود الأحفوري وأنظمة الغذاء العالمية هو الأساس في تجنُّب تداعيات التغيرات المناخية الكارثية.
وأوصى الباحثون حكومات العالم بوجوب ضخ استثمارات مكثفة في الترويج للأغذية المصنعة بالكامل، بدلًا من الأغذية المعالجة، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
كما طالب التقرير بأهمية الحد من الاستعمال الزائد للمواد الكيميائية الزراعية القائمة في تصنيعها على الوقود الأحفوري في الزراعة، لافتًا في الوقت ذاته إلى أهمية التشجيع على إيجاد بدائل مثل الأسمدة الحيوية والممارسات منخفضة الكربون.
النسبة الحرجة
كانت دراسة بحثية منفصلة نشرت نتائجها "غلوبال آليانس" قد قالت، إن تغيير الطريقة التي يُنتَج بها الغذاء من الممكن أن تقلل الانبعاثات 20%، وهي النسبة التي تكفي للإبقاء على متوسط درجات الحرارة العالمية عند المستوى الآمن نسبيًا والبالغ 1.5 درجة مئوية.
ومع بدء العد التنازلي لانطلاق قمة المناخ كوب 28 التي من المقرر أن تنطلق فعالياتها في دولة الإمارات العربية المتحدة نهاية نوفمبر/تشرين الثاني (2023)، يطالب التقرير صناع السياسات والمانحين بالتخلص من استعمال المواد الكيميائية الزراعية القائمة على الوقود الأحفوري، والتحول إلى الطاقة المتجددة في معالجة الغذاء، وإعادة تقييم الدعم الممنوح للغاز الحيوي ومنتجي الوقود الحيوي، بالإضافة إلى الحد من عمليات دمج الشركات بين صناعة الأغذية وشركات المواد الكيميائية والبلاستيك.
كما أوصى التقرير بضرورة تكثيف التعاون بين صناع السياسة والمستثمرين والممولين والمجتمع المدني، والباحثين بشأن قضايا الغذاء والطاقة.
موضوعات متعلقة..
- ملامح خطة الطاقة في التشيك حتى 2050.. خروج الوقود الأحفوري نهائيًا
- كيفية حساب انبعاثات غازات الدفيئة وعلاقتها بحرق الوقود الأحفوري؟ (مقال)
- الوقود الأحفوري ما زال صامدًا أمام المصادر المتجددة في مزيج الطاقة العالمي (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- سوق خلايا وقود الطائرات تلامس 6 مليارات دولار بحلول 2035
- أكبر 5 صفقات نفطية في أكتوبر تشهد أضخم استحواذين خلال 2023 (تقرير)
- تقرير يحذر من ارتفاع أسعار النفط فوق 150 دولارًا.. متى يحدث ذلك؟
- مصادر: 3 شحنات غاز مسال تغادر مصر رغم أزمة الكهرباء