هل تحقق مشروعات الطاقة الخضراء بين الإمارات وأذربيجان طفرة مستقبلية؟ (مقال)
أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح
- • صناعة الطاقة المتجددة في أذربيجان ما تزال في مهدها
- • معظم الكهرباء في أذربيجان يأتي حاليًا من الغاز الطبيعي
- • الاتفاقيات مع "مصدر" خطوة مهمة في رحلة أذربيجان نحو الطاقة المستدامة
- • التزام أذربيجان بالطاقة المستدامة تعززه الاتفاقيات مع "مصدر" الإماراتية
بتوقيعهما 3 اتفاقيات استثمارية، لإقامة مشروعات الطاقة الخضراء الجديدة، التزمت أذربيجان وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، المملوكة لحكومة أبوظبي، بمشروعات بقدرة 1000 ميغاواط.
وتشمل هذه المشروعات محطة للطاقة الشمسية بقدرة 445 ميغاواط في محافظة بيلاسوفار (الواقعة في جنوب شرق أذربيجان)، ومحطة للطاقة الشمسية قدرة 315 ميغاواط.
كما تشمل مشروعات الطاقة الخضراء -بموجب اتفاقيات البلدين- محطة لطاقة الرياح بقدرة 240 ميغاواط، ما يوضح عزم البلاد على تسخير مواردها المتجددة الوفيرة.
قطاع الطاقة المتجددة في أذربيجان
تُعدّ الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية وطاقة الكتلة الحيوية من بين مصادر الطاقة المتجددة العديدة التي تمتلكها أذربيجان، التي ما تزال صناعة الطاقة المتجددة لديها في مهدها.
في عام 2022، بلغت نسبة الكهرباء المولدة من مصادر متجددة في أذربيجان 7.04% فقط. وتريد الحكومة الأذربيجانية زيادة نسبة الطاقة المتجددة إلى 30% من المزيج الكهربائي في البلاد، بحلول عام 2030.
ولتحقيق هذا الهدف، نفّذت الحكومة العديد من التدابير المفيدة، على سبيل المثال: خطة تُعرَف باسم تعرفات التغذية لمشروعات الطاقة الخضراء، من المصادر المتجددة، والمزايا الضريبية لشركات الطاقة المتجددة وتخصيص الطاقة المتجددة لمزوّدي الكهرباء.
ومن المقرر أن تتوسع سوق الطاقة المتجددة في أذربيجان، بمعدل نمو سنوي مركب متوقع يبلغ 3.40%، ليرتفع من 7.90 غيغاواط في عام 2023 إلى 9.34 غيغاواط بحلول عام 2028.
ويعزز هذا النمو إمكانات الكتلة الحيوية الهائلة والطاقة الحرارية الأرضية والطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ضمن مشروعات الطاقة الخضراء.
وتتمتع مصادر الطاقة المتجددة البرية والبحرية في البلاد بإمكانات إنتاجية مشتركة تبلغ 135 غيغاواط و157 غيغاواط، مع ما يُقدَّر بنحو 27 غيغاواط من إنتاج الكهرباء المجدية اقتصاديًا من مصادر الطاقة المتجددة.
وتشمل تلك المصادر 3 آلاف ميغاواط من الرياح، و23 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية، و380 ميغاواط من الطاقة الحيوية المحتملة، و520 ميغاواط من الأنهار الجبلية.
وتبلغ قدرة الطاقة المتجددة المركَّبة في أذربيجان 1312 ميغاواط، أي ما يعادل 16.5% من طاقتها الإجمالية. وأعلنت البلاد إستراتيجية حكومية لاستعمال مصادر الطاقة المتجددة والبديلة، مع التركيز على أهمية إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.
في المقابل، ينصبّ التركيز الأساس للقطاع على الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح الصغيرة، مع نحو 300 ميغاواط من القدرات الجديدة قيد التخطيط أو التطوير.
وشرعت البلاد في مشروع لطاقة الرياح بقيمة 300 مليون دولار أميركي بقدرة 240 ميغاواط، بالشراكة مع شركة أكوا باور السعودية.
وعلى الرغم من أن معظم الكهرباء في أذربيجان تأتي حاليًا من الغاز الطبيعي، فإن طموح البلاد لتقليل استهلاك الغاز والنفط المحلي يتماشى مع الارتفاع المتوقع بحصّة المصادر المتجددة في مزيج الطاقة، ويعود هذا التحول إلى الإمكانات الكبيرة لمصادر الطاقة المتجددة، وخصوصًا الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما يجعل البلاد مركزًا واعدًا لتطوير الطاقة النظيفة.
الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في 2023
بالنسبة لأذربيجان، هناك اثنتان من تقنيات الطاقة المتجددة المحتملة، هما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وفي ظلّ متوسط سطوع شمسي سنوي يبلغ 1600 كيلوواط ساعة/م2/سنويًا، تتمتع البلاد بإمكانات كبيرة للطاقة الشمسية.
وتتوفر إمكانات رياح جيدة في أذربيجان، إذ تبلغ سرعة الرياح النموذجية 6-8 م/ث في أماكن مختلفة، مما يعزز إمكان إقامة مشروعات الطاقة الخضراء.
وتوجد عدّة أسباب تدفع أذربيجان إلى مواصلة نمو طاقة الرياح والطاقة الشمسية، بما في ذلك: موارد البلاد الوفيرة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وحرص الحكومة على النهوض بالطاقة المتجددة، وتخفيض أسعار تقنيات طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
على ضوء ذلك، يُعدّ الحدّ من اعتماد أذربيجان على الوقود الأحفوري أمرًا ضروريًا.
إسهامات شركة "مصدر" في أذربيجان
تقوم شركة "مصدر" -وهي شركة للطاقة المستدامة مقرّها أبوظبي- ببناء منشأة للطاقة الشمسية في أذربيجان بتكلفة 200 مليون دولار، وستكون هذه المنشأة التي تبلغ قدرتها 100 ميغاواط، ومن المقرر تشغيلها بحلول نهاية عام 2023، أول محطة رئيسة للطاقة الشمسية في أذربيجان.
بالإضافة إلى ذلك، أبرمت "مصدر" وشركة النفط الوطنية الأذربيجانية "سوكار" اتفاقيات لتطوير 4 غيغاواط من مشروعات الطاقة المتجددة، التي تشمل طاقة الرياح البحرية، والهيدروجين الأخضر، وطاقة الرياح البرية، والطاقة الشمسية.
ووضعت أذربيجان أهدافًا طموحة لإنتاج 30% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030، ما يعزز إنشاء مبادرات جديدة للطاقة المتجددة.
وتتمتع البلاد بإمكانات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، إذ توفر المصادر البرية والبحرية إمكانات تكنولوجية مشتركة تبلغ 135 غيغاواط و157 غيغاواط على التوالي.
ويقدَّر إنتاج الطاقة المجدية اقتصاديًا من مصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك 3000 ميغاواط من الرياح، و23 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية، و380 ميغاواط من الطاقة الحيوية المحتملة، و520 ميغاواط من الأنهار الجبلية، بنحو 27 غيغاواط.
تبلغ قدرة الطاقة المتجددة المركّبة في أذربيجان حاليًا 1312 ميغاواط، وهو ما يمثّل 16.5% من إجمالي قدرتها.
وعلى الرغم من أن معظم الكهرباء في البلاد يُوَلَّد حاليًا من منشآت الطاقة الكهرومائية المملوكة للقطاع الخاص، فإن هناك تحولًا واضحًا نحو مصادر الطاقة المتجددة.
ويتوافق التزام أذربيجان بهذا التحول مع هدفها المتمثل في تقليل الاستهلاك المحلي من الغاز والنفط.
إن الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها البلاد في مجال الطاقة المتجددة، لا سيما في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تجعلها مركزًا واعدًا لتطوير الطاقة النظيفة، مدعومة بمشاركة "مصدر" الكبيرة في بناء مشروعات الطاقة الخضراء ومرافق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
أهمية الاتفاقيات الأخيرة
تمثّل الاتفاقيات الأخيرة مع شركة "مصدر" الإماراتية خطوة مهمة في رحلة أذربيجان نحو الطاقة المستدامة، مع خطط لتنفيذ مشروعات الطاقة الخضراء بإجمالي 1000 ميغاواط، بما في ذلك محطة حيوية للطاقة الشمسية بقدرة 445 ميغاواط في بيلاسوفار، ما يسهم في تقليل انبعاثات غازات الدفيئة وتنويع موارد الطاقة.
وأكدت "مصدر" أهمية استثماراتها الأخيرة بمشروعات الطاقة الخضراء في أذربيجان، ما يدلّ على التزامها الراسخ بالنهوض بالطاقة النظيفة.
بعد افتتاح مجمع قاراداغ للطاقة الشمسية (بمنطقة آلات، باكو) -وهو خطوة رئيسة في سعي أذربيجان للحصول على حلول الحياد الكربوني- أُعلِنَت هذه الصفقات، التي يبلغ إجماليها 1 غيغاواط في مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البرية.
وكان حفل الافتتاح مناسبة مهمة حضرها وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس إدارة "مصدر"، الرئيس المعيّن لدولة الإمارات العربية المتحدة لقمّة المناخ كوب28، الدكتور سلطان الجابر، ورئيس جمهورية أذربيجان، إلهام علييف.
وتمّ التوقيع رسميًا على اتفاقيات الطاقة النظيفة بقدرة 1 غيغاواط من جانب وزير الطاقة في أذربيجان، برويز شهبازوف، ووزير الاقتصاد، ميكايل جباروف، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي لشركة "مصدر" محمد جميل الرمحي.
وأعربت "مصدر" عن فخرها بدعم أهداف أذربيجان في مجال الطاقة النظيفة، ولا سيما هدف الحصول على أكثر من 30% من إجمالي قدرتها من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وتمثّل هذه الاتفاقيات، التي أبصرت النور بفضل العمل الجماعي القوي، تقدمًا مهمًا في مسيرة أذربيجان للتحول إلى الطاقة المستدامة.
وتعزز الالتزام بالطاقة المتجددة في أذربيجان من خلال الاتفاقيات الأخيرة، التي تشمل بناء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 315 ميغاواط في منطقة "نفطجاله"، مكملة لمشروع الطاقة الشمسية.
ويستفيد موقع "نفطجاله" الإستراتيجي من موارد الطاقة الشمسية، بما يتماشى مع التحول العالمي نحو مصادر طاقة أكثر خضرة واستدامة.
في الوقت نفسه، تتقدم البلاد في مجال طاقة الرياح مع خطط لإنشاء منشأة لطاقة الرياح بقدرة 240 ميغاواط بالقرب من مدينة أبشرون-قاراداغ، لتسخير موارد الرياح لإنتاج الطاقة المستدامة.
وبعيدًا عن تلبية احتياجات الطاقة المحلية، تحمل هذه الاتفاقيات أهمية أوسع، إذ إنها تدل على تصميم أذربيجان في تقليل بصمتها الكربونية، والتوافق مع أهداف المناخ العالمية، وتعزيز المعركة العالمية ضد تغير المناخ.
إن من شأن استثمارات أذربيجان في مشروعات الطاقة المتجددة أن تجعل البلاد لاعبًا رئيسًا في تعزيز المسؤولية البيئية وأمن الطاقة في عالم يتحول نحو مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة، وتؤكد هذه المبادرات طموح البلاد في مستقبل أكثر استدامة وصديق للبيئة.
عند النظر في التوزيع الجغرافي لمصادر الطاقة المتجددة بالمقارنة مع حقول النفط والغاز في أذربيجان، من المعقول افتراض أنه كلما زادت المسافة بين هذه المواقع، كان مبرِّرًا لتطوير البنية التحتية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح أقوى.
ويرتكز هذا في المقام الأول على أن مصادر الطاقة المتجددة توفر بديلًا أكثر استدامة وصديقًا للبيئة للوقود الأحفوري، خصوصًا في المناطق التي تكون فيها احتياطيات النفط والغاز محدودة أو يصعب استخراجها.
علاقات أذربيجان المستقبلية مع الإمارات
مما لا شك فيه أنّ تحول الطاقة المتجددة واعتمادها سيؤديان دورًا محوريًا وواعدًا في تشكيل علاقات أذربيجان المستقبلية مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويتجلى التزام أذربيجان بالطاقة المستدامة من خلال الاتفاقيات المبرمة مع مصدر لتطوير مشروعات الطاقة الخضراء، التي تشمل مرافق كبيرة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتضع هذه الاتفاقيات الأساس لتعزيز التعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
من ناحية ثانية، يتقاسم البلَدان مسارًا مشتركًا، إذ يبتعدان عن الوقود الأحفوري بينما يشرعان في تحولات الطاقة لديهما.
وتعمل أذربيجان والإمارات العربية المتحدة بنشاط على خفض انبعاثات الكربون، والتخفيف من تأثير تغير المناخ، ودعم المبادرات العالمية للاستدامة البيئية باستعمال مصادر الطاقة المتجددة.
والتزامهما المشترك بالاستدامة يمكّن كلا البلدين من تبادل أفضل الممارسات والتكنولوجيا والخبرات، وتسريع تحولات الطاقة لديهما.
إضافة إلى ذلك، أصبحت الطاقة المتجددة ذات أهمية متزايدة للنمو الاقتصادي وأمن الطاقة بفضل تطور مشهد الطاقة العالمي، واستثمار أذربيجان في مشروعات الطاقة المتجددة يرسّخ ريادتها في هذا المجال، ويمهّد الطريق أمام تعاون أعمق في مجال الطاقة مع الإمارات العربية المتحدة.
على صعيد آخر، تتمتع هذه الشراكات بالقدرة على تعزيز الابتكار في قطاع الطاقة، ودفع التنمية الاقتصادية، وتعزيز العلاقات الدبلوماسية، ما يعد بمستقبل أكثر ازدهارًا لكلا البلدين.
ويمكن لمركز أذربيجان للطاقة المتجددة إعادة تشكيل علاقتها مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وتشكيل تحالف أقوى يقوم على الاستدامة المشتركة والابتكار وأمن الطاقة، إذ تستعد هاتان الدولتان معًا لوضع معايير عالمية جديدة لتنمية الطاقة المسؤولة.
* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- أكوا باور السعودية تدعم مشروعات الطاقة الخضراء في أوزبكستان بصفقتين جديدتين
- مشروعات الطاقة الخضراء تقود نمو ريلاينس الهندية في السنوات المقبلة
- مصر تستعد لقمة المناخ كوب 27 بمشروعات الطاقة الخضراء مع شركات أميركية (صور)
اقرأ أيضًا..
- قطع الغاز الإسرائيلي يربك حسابات مصر.. هل يهدد أمن الطاقة؟
- دفع ثمن النفط الروسي باليوان الصيني يضع الهند في ورطة (مقال)
- مستقبل الغاز الطبيعي في أحدث سيناريوهات وكالة الطاقة الدولية (تقرير)