التقاريرالنشرة الاسبوعيةتقارير الغازسلايدر الرئيسيةغاز

لماذا تستورد مصر الغاز من إسرائيل؟.. 3 خبراء يطرحون خطة الخروج من المأزق

ياسر نصر

لماذا تستورد مصر الغاز من إسرائيل؟ ربما يكون التساؤل الأكثر طرحًا من قبل المواطنين مع تصاعد توترات الحرب في غزة، وتزايد عدد ساعات انقطاع الكهرباء في غالبية المحافظات.

ورغم إعلان الحكومة المصرية تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في الربع الأخير من عام 2018، فإنها لم تتوقف عن استيراد الغاز الإسرائيلي، في إطار خطط حكومية تهدف إلى تحويل القاهرة لمركز إقليمي لتجارة الغاز.

دفعت حرب غزة إسرائيل إلى خفض صادرات الغاز إلى مصر، إذ شهدت تراجعًا منذ السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول بعد وقف حقل تمار، وصولًا إلى وقف الصادرات حسب بيانات رسمية مصرية يوم الأحد 29 أكتوبر/تشرين الأول، لتخسر القاهرة 800 مليون قدم مكعبة يوميًا كانت تصلها من تل أبيب.

للإجابة على تساؤل: لماذا تستورد مصر الغاز من إسرائيل؟، استطلعت منصة الطاقة المتخصصة آراء عدد من الخبراء، الذين كشفوا حلولًا تستطيع القاهرة بموجبها تفادي الأزمة وتحقيق أمن الطاقة لديها.

واردات مصر من الغاز الإسرائيلي

شدد عدد من الخبراء على أن الأزمة التي تواجه مصر ليست فقط وقف صادرات الغاز الإسرائيلي، بقدر زيادة الطلب محليًا على الغاز والكهرباء مع تراجع إنتاج الحقول.

بدأت أزمة انقطاع واردات مصر من الغاز الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول، إذ أمرت وزارة الطاقة الإسرائيلية شركة شيفرون بإغلاق حقل تمار، الذي تقع منصة إنتاجه على بُعد 25 كيلومترًا فقط شمال غرب غزة.

وفي اليوم التالي، توقفت التدفقات عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط الذي يربط عسقلان الإسرائيلية والعريش المصرية، لأسباب تشغيلية تتعلق بإغلاق تمار.

لماذا تستورد مصر الغاز من إسرائيل

تستورد مصر نحو 7 مليارات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي سنويًا من حقلي تمار وليفياثان، يوفر 10% من استهلاك المحلي، تستعمله القاهرة في تلبية جزء من الطلب المحلي، وتوجّه بعضه إلى محطات الإسالة التي تستقبل الغاز عبر خطوط الأنابيب وتصدّره إلى أوروبا في صورة غاز مسال.

يعدّ تمار وليفياثان أكبر الاكتشافات قبالة سواحل إسرائيل خلال العقدين الماضيين، ويساعد الحقلان في تلبية الاحتياجات المحلية للبلاد، كما يسمحان بالتصدير إلى الدول المجاورة، مثل الأردن ومصر.

من جانبه، يرى الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة دوليًا شعيب بوطمين أنه على الرغم من أن منطقة النزاع في الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين ليست غنية بالنفط، فإنه يوجد إنتاج مُقَدَّر من الغاز الطبيعي، إذ إن إسرائيل تنتج أكثر من 21 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، يُستهلك أكثر من نصفه محليًا، بينما يُصدَّر الباقي -نحو 9.5 مليار متر مكعب- إلى الأردن ومصر.

وأضاف في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة أن جزءًا من واردات مصر من الغاز الإسرائيلي تُوجَّه إلى دول الاتحاد الأوروبي، لذا نرى كيف تأثرت أسعار الغاز في أوروبا وصعدت 40% منذ انطلاق الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأوضح أنه بالرغم من أن مخزونات الغاز الطبيعي داخل أوروبا تتعدى 90%، فإن الخوف من تأثّر الإمدادات جعل سوق الغاز في حالة عدم اليقين مما سوف يحدث في الأسابيع المقبلة، خاصة لو انخفضت درجات الحرارة الفصلية، مما يؤزّم الوضع.

الطلب المحلي على الغاز في مصر

قالت الرئيسة التنفيذية لشركة كريستول إنرجي لأبحاث واستشارات الطاقة، الدكتورة كارول نخلة، في ردّها على تساؤل: لماذا تستورد مصر الغاز من إسرائيل؟، إن الغاز الإسرائيلي يساعد مصر في تلبية جزء من احتياجات السوق المحلية، وتوجيه بعضه للصادرات.

وشددت على أن مصر لا تعتمد بشكل كامل على الغاز الإسرائيلي من أجل تأمين السوق المحلية والصادرات، إذ لا يشكّل انقطاع الإمدادات من تل أبيب الأزمة الأساسية التي تعاني منها مصر، لكن المشكلة الرئيسة هي النمو السريع في الطلب المحلي على الغاز، إذ إن سوق الغاز الطبيعي في مصر سوق ضخمة، والاستهلاك يشهد نموًا متصاعدًا.

وفي تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، ترى كارول نخلة أن الحكومة المصرية أخدت بعض الإجراءات والخطوات خلال السنوات الماضية من أجل ترشيد الاستهلاك، لكن هناك إجراءات أخرى يمكن أن تساعدها، تتمثل في تعديل أسعار الغاز من أجل تخفيف الاستهلاك محليًا.

كارول نخلة

انخفض متوسط استهلاك الغاز المصري في محطات الكهرباء والتدفئة خلال أول 8 أشهر من العام الجاري، على أساس سنوي بكمية 90 مليون متر مكعب، أي بنسبة هبوط 2.54%، إذ انخفض متوسط استهلاك محطات الكهرباء والتدفئة من الغاز الطبيعي إلى 3.45 مليار متر مكعب خلال المدة من يناير/كانون الثاني حتى نهاية أغسطس/آب 2023، مقابل 3.54 مليار متر مكعب في المدة المقارنة من 2022.

وأوضحت كارول نخلة أن نمو الطلب المحلي يأكل من قدرة مصر لتلبية الصادرات، الحل لا يعتمد على الإمدادات من إسرائيل، ولكن من خلال التركيز على السوق المحلية، وتخفيض النمو بالسوق المحلية، وتشجيع الاستثمارات والاكتشافات، فكلما حدث تسريع، زاد الإنتاج في المستقبل.

ودعت خبيرة الطاقة الحكومة المصرية إلى تنويع مصادر الغاز الطبيعي من منطقة الشرق الأوسط، لا سيما من قبرص، بالإضافة إلى إسرائيل، ومستقبلًا لبنان إذا نجحت في تطوير اكتشافات، ما يدعم خطط القاهرة لتكون مركزًا إقليميا لتجارة الطاقة.

تبعية الإمدادات الإسرائيلية

من جانبه، دعا الخبير شعيب بوطمين مصر إلى التفكير في حلول جذرية تغنيها عن التبعية لبعض الامدادات الإسرائيلية، لأن ورقة النفط والغاز أصبحت وسيلة ضغط يستعملها السياسيون لأغراض تفاوضية، على المدى الطويل، ومن مصلحة مصر الاعتماد على الطاقة المتجددة في توليد جزء من الكهرباء، بينما يُستعمل الغاز المحلي في تحريك العجلة الصناعية، وخاصة صناعة البتروكيماويات، لأنها المستقبل، نظرا لمردودها الاقتصادي.

وأشار إلى أن مصر يمكنها الاستثمار في سيناء عن طريق خلق شبكة كهرباء مصدرها الطاقة الشمسية لتصبح منبع الكهرباء المحلي، كما يمكن تصديرها إلى قطاع غزة.

وشدد في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة على ضرورة أن تكون هناك استقلالية طاقية خاصة في منطقة ليست بمنأى عن الصراعات الإقليمية، والعمل على جذب الاستثمارات الخارجية بمجال التنقيب عن النفط والغاز في مناطق بعيدة عن الصراع لإقناع المستثمرين، وهو ما يعدّ حلًا آخر من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، لأن النفط والغاز سيبقيان مصدرًا موثوقًا ولعقود، فيما يتعلق بتوليد الكهرباء، أو مصدرًا للصناعة فقط.

الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، شعيب بوطمين

يرى بوطمين في تصريحاته إلى منصة الطاقة، أنه في الوقت الراهن، يمكن لمصر الاعتماد على بعض الدول العربية، أو حتى الأفريقية، من أجل الحصول على شحنات من الغاز المسال من نيجيريا أو قطر أو الجزائر، إذ إننا على أبواب فصل الشتاء، ومعه يزيد الطلب على الطاقة.

وأشار إلى أن تأمين بعض الطلبات حالًا من شأنه تمكين مصر من التحرر من الغاز الإسرائيلي الذي أصبح مصدرًا ليس بالموثوق تمامًا نظرًا لتنامي الصراع، في ظل عدم وجود جدول زمني لإنهاء حالة الصراع، بالمقابل، هناك استهلاك محلي يحتاج إلى الغاز الطبيعي.

وكشف أن استقلال الطاقة في مصر من شأنه أن يحفّز المستثمرين المصريين للاعتماد على الإمكانات المحلية واستثمارها في الطاقات الأحفورية والمتجددة لبناء نظام طاقي متكامل بعيدًا عن أيّ ضغط خارجي.

وقال، إنه من الحلول القصيرة إلى متوسطة المدى دراسة مشروع استيراد الكهرباء من الجزائر، التي تنتج يوميًا 25 غيغاواط من الكهرباء، بينما الاستهلاك المحلي يتعدى متوسط 15 غيغاواط، لذا هناك وفرة يومية تُقدَّر بـ 10 غيغاواط في الشبكة المحلية، وتصدّر الجزائر جزءًا من الكهرباء إلى تونس، لذا يمكن ربط الشبكة مع ليبيا، ومن ثم التوصيل إلى مصر، وهذا من شانه ربط أواصر التعاون العربي.

استثمارات حقول الغاز

قال الباحث في مجال الطاقة بمعهد عصام فارس في الجامعة الأميركية ببيروت، مارك أيوب، إن وقف الإنتاج من حقل تمار، ومن ثم وقف التصدير منه إلى مصر، أتى في وقت حساس، إذ كانت مصر تتطلع إلى زيادة صادراتها من الغار الطبيعي المسال.

وأضاف، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن وقف واردات مصر من الغاز الإسرائيلي ترافقَ مع زيادة وضغط في الطلب الداخلي للكهرباء، وانخفاض الإنتاج من حقل ظهر خلال الأشهر الماضية.

مارك أيوب

وأشار مارك أيوب إلى أن كل ذلك يزيد من الضغط على أمن الطاقة المصري، ويدفع القاهرة للتفتيش عن بدائل ربما ستكون باهظة.

وقال: "على المدى المتوسط والطويل، على مصر العمل لتسريع عمليات التطوير وزيادة الإنتاج من الحقول المطورة حديثًا (غير ظهر) من أجل رفع القدرة الإنتاجية وتغطية حاجة السوق المحلية بعيدًا عن الاعتماد على الامدادات من حقول فلسطين المحتلة".

وتراجع إنتاج الغاز في مصر خلال أول 8 أشهر من 2023، بنسبة 10%، ما يعادل 560 مليون متر مكعب، مقارنة بالمدّة نفسها من 2022، إذ بلغ متوسط الإنتاج 5.06 مليار متر مكعب خلال المدة من يناير/كانون الثاني حتى نهاية أغسطس/آب الماضي، مقابل 5.62 مليار متر مكعب في المدة المقابلة من 2022.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق