تحديات أمام صناعة النفط في أفريقيا.. ومصفاة ضخمة تبدأ الإنتاج قريبًا
الطلب على النفط الأفريقي يرتفع 80% بحلول 2045
نوار صبح
- توفير الطاقة بأسعار معقولة لجميع الأفارقة يمثّل أولوية فورية ومؤكدة
- البلدان الأفريقية عملت على ضمان توفير الطاقة اللازمة للتصنيع والتنمية الاقتصادية
- أفريقيا ليست مسؤولة عن الجزء الأكبر من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم
- من المقرر أن تدخل مصفاة دانغوتي الضخمة في نيجيريا مرحلة التشغيل خلال الأسابيع المقبلة
- من المتوقع أن تظل أفريقيا مستوردًا صافيًا كبيرًا للمنتجات المكررة في المستقبل المنظور
حظيت صناعة النفط في أفريقيا باهتمام خاص من قبل القادة الأفارقة ووزراء الطاقة وممثلي شركات النفط، المشاركين في أسبوع الطاقة الأفريقي المنعقد بمدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا.
وأجمع المشاركون على ضرورة بناء صناعة المنتجات النفطية في القارة السمراء باسم العدالة الاقتصادية، خشية تغييبها وسط ابتعاد الغرب عن الوقود الأحفوري.
وقال الرئيس الناميبي حاجي جينغوب: "إن توفير الطاقة بأسعار معقولة لجميع الأفارقة يمثّل أولوية فورية وحتمية"، حسبما نشرته وكالة إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights).
وأضاف: "لقد عملت البلدان الأفريقية على ضمان توفير الطاقة اللازمة للتصنيع، وتنمية اقتصاداتنا، وأن نصبح تجّار الأمل لأكبر مجموعة سكانية في القارة - وهي شبابنا"، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي خطاب مسجّل سابقًا، أكد الأمين العام لمنظمة أوبك، هيثم الغيص، ضرورة معاملة أفريقيا بشكل عادل، وسط دعوات عالمية لانتقال الطاقة؛ لأن القارة ليست مسؤولة عن الجزء الأكبر من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم.
وقال الغيض: "لا ينبغي استعمال المقياس البيئي نفسه لمقارنة المناطق في مراحل مختلفة إلى حدّ كبير من التنمية"، مشيرًا إلى أن الطلب على النفط في القارة سيرتفع بنسبة 80% بحلول عام 2045.
وتكافح أفريقيا -التي يفتقر فيها 600 مليون شخص إلى الكهرباء- من أجل جمع التمويل في بيئة اقتصادية يتخلّى فيها العديد من الشركات الغربية عن الوقود الأحفوري، وتهدف سياساتها إلى تقييد تطوير النفط والغاز.
وما تزال المخاوف القائمة منذ مدة طويلة، بشأن الحوكمة في العديد من البلدان الأفريقية، تؤثّر في شهية المستثمرين.
صفقات قطاع النفط في أفريقيا
يتطلب تحقيق شعار مؤتمر الطاقة الأفريقية "إنهاء فقر الطاقة بحلول عام 2030"، مليارات الدولارات في صفقات الاستكشاف والإنتاج والتكرير والتصدير، التي قال المسؤولون الحكوميون المجتمعون، إنهم حريصون على توقيعها.
وحظيت ناميبيا بالكثير من الثناء في المؤتمر، إذ يبدو أن الاكتشافات النفطية الضخمة في حوض أورانج -التي ربما تكون تجربة التنقيب الأكثر أهمية في العالم- ستغيّر ثروات بلد يبلغ عدد سكانه 2.58 مليون نسمة فقط، وناتج محلي إجمالي يبلغ 12.6 مليار دولار، وفقًا لتقرير البنك الدولي.
ويمكن أن تمتلك الدولة الواقعة في منطقة أفريقيا الجنوبية 11 مليار برميل من موارد النفط، وفقًا للتقديرات الحكومية.
وقال الرئيس الناميبي حاجي جينغوب، رئيس الدولة الوحيد الذي حضر أسبوع الطاقة الأفريقي: "من الواضح أن ناميبيا توشك على تحقيق صناعة هيدروكربونية ذات أهمية عالمية"، مشيرًا إلى "أنها فرصة من المستحيل تفويتها".
وأضاف جينغوب أن 30% من جميع منصات الحفر البحرية في أفريقيا تعمل حاليًا في ناميبيا، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
على صعيد عمليات التكرير والتصدير، من المقرر أن تدخل مصفاة دانغوتي الضخمة في نيجيريا مرحلة التشغيل في الأسابيع المقبلة، وفقًا لما ذكره القائمون على بنائها، بعد سنوات من تجاوز التكاليف والتأخير.
ويرى المحللون أن من شأن المصفاة التي تبلغ قدرتها 650 ألف برميل يوميًا أن تجعل نيجيريا مكتفية ذاتيا من الوقود؛ ما ينهي سنوات من النفط الخام مقابل مقايضات الوقود التي منعت أكبر منتج في أفريقيا من جني الفوائد الاقتصادية من سخاء النفط.
وقد سعى كبار المنتجين الأفارقة، بما في ذلك أعضاء أوبك، نيجيريا وأنغولا وجمهورية الكونغو وغينيا الاستوائية، لتغيير اتجاه انخفاض الإنتاج في السنوات الأخيرة، بسبب مشكلات فنية في حقول النفط القديمة، ونقص الاستثمار المزمن.
مستقبل ضبابي
على الرغم من الدعوات الحاشدة للتحول العادل في مجال الطاقة، فإن مشروعات مثل خط أنابيب شرق أفريقيا للنفط الخام في أوغندا (إيكوب) تواجه أزمات كثيرة.
ويمثّل هذا الخط قناة بطول 1445 كيلومترًا و216 ألف برميل يوميًا تربط حقول النفط في حوض ألبرتين المتصدع في البلاد بميناء تانغا التنزاني، وما يزال يواجه مستقبلًا ضبابيًا وسط الاتجاهات البيئية السائدة، التي دفعت البنوك الغربية إلى تجنّب تمويل المشروعات كثيفة الكربون.
على هامش أسبوع الطاقة الأفريقي، قالت وزيرة الطاقة الأوغندية، روث نانكابيروا: "إنها ليست مستدامة -لا يمكنك خنق أفريقيا بعد الآن"، "يجب أن يكون انتقال الطاقة عادلًا وواقعيًا"، وفق تصريحاتها لوكالة إس آند بي غلوبال إنسايتس (S&P Global Commodity Insights).
وقد ردد هذه الرسالة وزير الموارد المعدنية والطاقة في جنوب أفريقيا، غويدي مانتاشي، الذي ندّد بـ"نفاق" الحكومات الغربية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال للصحفيين، إنه "لا ينبغي تخويف" أفريقيا بشأن التحول في مجال الطاقة؛ نظرًا لأن الاتحاد الأوروبي "زاد استهلاك الفحم من جنوب أفريقيا 8 أضعاف" بعد الحرب.
وعندما سئلت عن مصدر التمويل لمشروعات الطاقة المستقبلية، قالت نانكابيروا: "العالم كله ليس ضد أفريقيا، سوف يأتي بعض المنقذين".
وتُعدّ شركة النفط البحرية الوطنية الصينية أحد المساهمين في خط أنابيب شرق أفريقيا للنفط الخام (إيكوب) جنبًا إلى جنب مع توتال إنرجي الفرنسية وشركات النفط الوطنية في أوغندا وتنزانيا.
وأظهرت بيانات وكالة إس آند بي غلوبال إنسايتس أن الصين استبدلت القروض رخيصة الثمن باستثمارات في الطاقة في أفريقيا في السنوات الأخيرة، في محاولة لتعزيز نفوذها وتأمين الإمدادات المستقبلية.
وقالت نانكابيروا: "إن أفريقيا لديها مواردها الطبيعية، ونحن نصبح أكثر حكمة وذكاء"، مضيفة أن الدول تطرح قوانين جديدة تهدف إلى الحفاظ على عائدات النفط والغاز الأفريقية في القارة.
على صعيد آخر، أبرمت منظمة منتجي النفط الأفارقة شراكة مع البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير لإنشاء بنك الطاقة الأفريقي، الذي يتطلع إلى تمويل مشروعات الطاقة في القارة بدءًا من عام 2024، ويسعى للحصول على تمويل خارجي، بما في ذلك من صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط.
واردات الوقود
ترسم توقعات وكالة إس آند بي غلوبال إنسايتس صورة مثيرة للقلق، على الرغم من مطالبة القادة الأفارقة بمشروعات الطاقة المحلية لإنهاء فقر الطاقة.
ومن المتوقع أن تظل أفريقيا مستوردًا صافيًا كبيرًا للمنتجات المكررة في المستقبل المنظور؛ ما يفرض ضغوطًا هبوطية على العملات الأجنبية الحيوية، مع استمرار استهلاك الوقود في تجاوز العرض بكثير لسنوات مقبلة، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ومن المتوقع أن يرتفع صافي واردات الوقود من 1.9 مليون برميل يوميًا في عام 2023 إلى 3.2 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2050، وفقًا لتوقعات إس آند بي غلوبال.
وقال رئيس قسم الوقود والتكرير في وكالة إس آند بي غلوبال، دان إيفانز: "على الرغم من الطموح، فإنه يمثّل تحديًا كبيرًا لإدارة قرار الاستثمار النهائي في مصفاة جديدة"، مضيفًا: "نتوقع أن تستمر واردات المنتجات المكررة في أفريقيا بالنمو خلال المستقبل المنظور."
اقرأ أيضًا..
- هجمات الطائرات المسيرة تهدد البنية التحتية للطاقة
- أنس الحجي: النفط الصخري الأميركي غيّر العالم.. وهكذا ينافس الخليج
- 9 خبراء لـ"الطاقة": أسعار النفط قد ترتفع إلى 100 دولار مع تطورات حرب غزة